أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: رسائل محترقة

  1. #1
    الصورة الرمزية الدكتور أحمد قاسم العريقي قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    المشاركات : 99
    المواضيع : 47
    الردود : 99
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي رسائل محترقة

    رسائل مُحترقة
    إلى مَنْ سكن فيّ ولم يدرِ:
    حين عرفتك كُنت فراشة، اضطجع في فراش النقاء، أنسج حلمي من خيوط القمر ليلاً قبل المنام؛ ليُهدهدني كحضن أُمي لأنام.
    كنت أحلم بأنني فراشة أرفرف مع سِرب الفراشات ، نطير بعيداً نحو المروج، نداعب الزهور، لم نكن نخاف، إلّا من الطيور الجارحة التي تزهو بافتراس الجمال؛ وتشعر بالسعادة حين تقتات منه. أحياناً كُنت أستيقظ من منامي مفزوعة ومُجهدة ، بعد مُطاردة ضارية، من جارح ضارٍ ، يطاردني.
    كنت افرّ منه إليك ،أحوم حولك، لكنك كنت تفرّ من أمامه أنت أيضاً خوفاً من بطشه. أتذكر يوماً أنني نهضت ليلة مفزوعةً من منامي بعد أن جثم عليّ جارح رمادي؛ لافتراسي بمنقاره ، فاتت أمي بعد سماع صراخي، وقرأت القرآن حولي تعوّذني من الجن. كنت حين ذاك وردة مُغلقة، لم تتفتح أكمامها ، ولم يفُح عطري بعد ، حتى أتى في الصحو من كان يطاردني في المنام، ــــ لكنه غيّر شكله ــــ ، يود أن ينسمني، ويزهو بعطري ليثمل به بقية عمره، لا يعنيه الأمر إن صرتُ ممرضته، ثم أرملته مبكراً ، فهو يبني سعادته على أنقاض سعادة الآخرين. كُنتَ تعرف أنني أهواك، من رسائل طرف العين، وبسمة الود لتنقذني، لكنك لم تفعل شيئاً، لأنك كُنتَ غُصناً طرياً، سهل الكسر.
    بعد أن قُدمتُ إليه، باقة ورد ، وضعني جوار سريره، يكفيه لمسي واستنشاقي؛ ليرد أنفاسه المتهالكة، لم يبق إلا أنفه الذابل ليستمتع به. كنت ادهن جسمه بالزيت ؛ ليستلذ بنعومة يديّ الطريتين ، وأساعده بتخضيب لحيته بالحناء. صرت أُمّاً بعد أن غمس فيّ مِنقاره المعكوف، وابنتي الأن في حضني تبدو يتيمة الأب.
    عِشت فترة زمنية أحصي أنفاسه، لعلّ أحظى بُحرية شبابي المُتقد تحت الرماد، وأزيل عنه غبار الزمن، الذي يخنق أنفاسي، وأعود إليك لتغسله عني، لكن انتظاري امتد لسنوات عِدة ؛ ليطول عذابي. كنت أقول أن عهد النخاسة ووأد البنات وعصر الجواري أنقضى، لكنه ما زال يسود بطرق أخرى، فها هو أبي قايضني بحُفنة من المال ، لم أكن أعرف حين اشتراني هذا المُتهالك....، أنّ نهر الشباب، حين يتدفق في المرء تصاحبه نارٌ تطفو عليه، تحتاج إلى نهر آخر ليُطفئها . نعم يحاول مَن اشتراني أن يطفئها بماء الذهب؛ لكن هيهات ذلك ولو نهر منه .
    لو كُنت في سن الرشد حين اشتراني هذا المتهالك لرفضت مُقايضة الشباب بالذهب، وفضلّت أن انتظرك ولو عِشتُ معك تحت الصفيح، فالعيش تحت ظل الصفيح مع السعادة، خيرٌ من العيش في ظل قصرٍ مع التعاسة !. وفي الأخير ها هي رسالتي التي لن تصل إليك ، تحترق بين يديّ، بنظرات ابنتي التي هي أغلا شيء عندي من كل شيء.. وإلى اللقاء في رسالة أخرى مُحترقة.....

  2. #2
    الصورة الرمزية سهى رشدان شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2009
    العمر : 32
    المشاركات : 2,118
    المواضيع : 74
    الردود : 2118
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    سردْ متميز
    وممتع ْ
    يا لها من رسالة محترقة
    شعّ رمادها جمالاً
    كل تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    رائعة رسالتك ليتها تصل لمن يبتاعون فلذات أكبادهم مقايضة بحفنة من المال وكأنك تقول لهم أيها الآباء اتقوا الله في بناتكم
    واعملوا بما أوصاكم به رسولنا الكريم حين قال " رفقا بالقوارير "
    أسلوب شائق ماتع أديبنا الفاضل
    أغلى
    دام ألقك
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية الدكتور أحمد قاسم العريقي قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    المشاركات : 99
    المواضيع : 47
    الردود : 99
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أشكرك أخت آمال المصري على متابعة نتاجنا الأدبي وأحب ان اقول أن الأدب الحقيقي هو رسالة إنسانية وشكراً

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    فكرة انسانية كتب فيها الكثير وما تزال منارة إلهام للكتاب
    ونص شاعري الصورة
    لكنه اشتكى بزعمي إسهابا وحاجة لمراجعته

    دمت أديبنا بألق

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.00

    افتراضي

    أخي الأكرم الدكتور أحمد
    أسعد الله أوقاتك
    قصّة مؤثرة لشابّة زُوّجت عجوزاً غنيّاً ، على حين كانت - ومن طرف واحد - مشغوفة بآخر من لداتها ، متحرّقة لجسده ! سُردت القصة بصيغة رسالة منها وبضمير المتكلم ، مما أسبغ عليها صدقاً عاطفياً لم يكن ليكون لوكان بضمير آخر .
    النصّ ممتع أدبياً ، ولكنْ لي كلمة تعبر عن رأيي وحسب :
    لم تقدم القصة نموذجاً نبيلاً للمرأة الزوجة ، وهي لذلك لم تكن سامية ترتقي بأخلاق وسلوك قرائها . تطرح القصّة قضية زواج الكبير بالصغيرة وكأنها جريمة ، وهي في شرع الله حلال ، وقد فعلها المسلمون من قبل وبلا حرج ، من الصحابة إلى من تبعهم ...حتى دخل الفكر الغربي الغريب إلى تشريعنا وعُرفنا عن الزواج فخرّب العقول ، وهدم البيوت ! لم تذكر القصّة أن زوجها العجوز هضمها من حقوقها التي يقدر عليها ، على حين كانت هي تلهث وراء الشهوة وجوعة الجسد ... ماذا لو كانت صابرة عفيفة وقدمت نموذجاً للزوجة الصالحة المتعففة المحتسبة ، مع بثّها حبها الدفين لنفسها ؟ لو صورت كذلك - في رأيي - لكانت القصّة سامية المعنى ، كما كانت فاخرة المبنى .
    تحياتي وتقديري
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  8. #8
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,124
    المواضيع : 317
    الردود : 21124
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أعجبتنى القصة والأسلوب والسرد الراقى , وطرح هذه القضية الحساسة
    و الظاهرة الموجودة فى كل مجتمع , وبصورة واسعة والتى تنتهى أحيانا
    بالطلاق لعدم وجود تكافؤ بين الزوجين فى الثقافة والأفكار .
    ومع ذلك يفضل الكثير من الفتيات الأرتباط بزوج يكبرهن سنا , ويعللن ذلك
    بأن الرجل الكبير يملك الخبرة فى الحياة , والعقل الراجح , والحكمة ..
    بعكس الشباب الذين لا يقدرون الحياة الزوجية , ولا يعرفون قيمة المرأة .
    فى نظرهن إن الزواج من عاقل ناضج , جاهز ماديا , قادر على تحقيق
    ما يحتجن من متطلبات , ودلال وحنان هو الحل الأمثل .
    التوافق فى السن والعمر ليس هو المهم .. وإنما المهم هو التفاهم والعقلية
    المتقاربة والرضا بالعيش المشترك .. ولنا فى رسول الله صل الله عليه وسلم
    وأم المؤمنين عائشة أسوة حسنة , فرغم الفارق الكبير فى السن بينهما كانت
    أحب زوجاته إليه , وكانت أسعد الناس معه .
    لكن المهم فى الأمر أن لا يكون الزواج بالأكراه ــ أى أن يرغم الأب ابنته على
    هذا الزواج ( كما حدث فى قصتنا هذه ) لأنها سوف تخسر حياتها , وسوف
    يتسبب لها فى التعاسة مدى الحياة.

    أسجل إعجابى وتقديرى بقصتك وبطرحك
    تحياتى وتقديرى .

  9. #9
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    المرأة ليست سلعة تباع وتشترى
    والذين يبيعون بناتهم لمن لا يريدون من عجائزز او حتى شبان يشوهونهن
    يشوهون أخلاقهن وليس فقط أعمارهن

    قصة مؤثرة أخي

    شكرا لك

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. أحلام مُحترقة
    بواسطة أحمد فؤاد في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 25-07-2022, 09:31 PM
  2. فصولٌ محترقة
    بواسطة ميرفت إدريس في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 21-02-2019, 08:14 PM
  3. رسائل .. فى بريد القلب!
    بواسطة الأندلسي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1132
    آخر مشاركة: 30-11-2006, 10:18 PM
  4. ثلاث رسائل لشباب....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-01-2003, 11:07 PM