أزاحت خصلة شعر من فوق جبينها , ورفعت رأسها إلى السماء , رأتها تمتلئ بالنجوم
فى كل نجمة وجه لطفل , أطفالا كثيرة تنظر إليها .. حدقت في الوجوه ــ خيل إليها أنها
تعرفها , حاولت أن تتذكر أين رأتها ؟؟ فى الحولة ربما , أو في الترميسة , أو درعا
أجلب .. دمشق .. أطفال تتسربل فى دمائها .. مذبوحة ــ مشوهة ــ محروقة ..
عيونهم تنظر فى دهشة , وغضب , وعلى أفواههم تساؤل : لأي ذنب انتهكت طفولتنا ؟!!
وبإى ذنب قتلنا ؟!!
ملأت الدموع عينيها, وانهمرت على خديها , فأغمضتهما وهى تشعر إنها تغرق فى دوامة
من الأسى ــ مست كتف رفيقها وقالت هامسة : انظر .. انظر إلى السماء .. هل تراهم ؟؟
رفع رأسه وتأمل .. نعم إنه يرى .. يرى وجه أبيه الذي ذبح أمام ناظريه.. يرى وجه أخيه الذي
دفن حيا .. يرى وجه أمه التي أنهار عليها المنزل أثر قذيفة غادرة فغابت تحت الأنقاض ..
يرى وجوه لأصدقائه غيبوا فى السجون بعد أن نزعت أظفارهم , واقتلعت عيونهم .
قال: نعم أراهم .. وجوههم مغمورة بالحزن , مشربة بالأسى .
همست : لما ينظرون إلينا .. هل يطلبون الثأر ؟؟
هز رأسه نافيا : بل ينتظرون النصر .