|
ياأيّــــها الفجــرُ إنّي مغرمٌ دنفُ |
متـيّـــمٌ مستـهامٌ عاشــــقٌ كلِـــفُ |
أستعذبُ الوصلَ لكن لستُ بالغه |
أيّـان يـأتي وحولي للنوى سُقفُ ؟ |
أجـود بالشوق ملتاعا لمن بعـدوا |
أكتّم الوجد ، فاستورى بيَ الشغفُ |
وهمّتــي همّـــةٌ مصروفة لهــــمُ |
وما علمت بـأنّ العمرَ منصــرفُ ! |
وبالهوى جـدتُ حتى قيل منذهلٌ |
يبغي المُحال وفي الإقبال لي كنفُ |
حتى سمعتُ أخا العشّاق يهتف بي |
هـوّن عليك ، فأنت الصابرُ الأنِفُ |
مازلتُ أهوى الذي تهواه مدّكـرا |
عهـدَ الوداد ، ومن كفّــيه أرتـشفُ |
لم أقفُ ما ليس لي علمٌ بـه أبــداً |
وهـا أنا في ذرى أعتابـــه أقــفُ |
ولا مررت بأهل اللغو مانظرت |
عينايَ غير جميلٍ زانــه الشرفُ |
لا تعجلنّ على شيءٍ ســتدركـــه |
مَن كان في القلب يدنو عنده الهدفُ |
والعُسرُ واليسرُ أرزاقٌ يمنّ بهــا |
ربُّ البريّة واسأل كلّ مَن نصفوا |
هوّن عليك سرور الروح ملهمنا |
كذاك بدرُ الغوالي ليس ينخسـفُ |
يا أيّها الفجرُ عِــظني قد ونى جسدي |
ماكان يُبري جراحي الصمتُ والأسفُ |
واستأنِ في الوصف ما الايّام باقيـــة |
فقد يُطمـأنُ قلبَ الصبّ ماتصفُ |
واستخرج الدرّ مـمّـا أنت مالكـه |
فالعِــقد منفرطٌ قـد ملّه الصَــدفُ ! |
هذا القريض بــه الأفكار تعذلني |
هذي الأناملُ - فرط الروع - ترتجفُ |
فــلا الزمان زمـانٌ في تظلّــمــه |
ولا المكـــان إلى إمكـاننا يـَـزِفُ |
ولا النخيـــلُ لـــه ظــلٌ ينادمنـــا |
ولا الغصونُ إلى الأزهار تـنعطفُ |
أجــل .. قد اختلفت أفلاكنا زمنـا |
فالشـعر مرتبــكٌ والقــول مخـتلفُ |
لكنّني يستفزّ الفجرُ عاطفتـــــــي |
غداة أحنو على الأعــماق أعتكفُ |
أطوي المسافات لا يأسٌ ولا تعبٌ |
أحــنّ لليل عــلّ الطيف يزدلفُ |
عــلّ الحبيب يرانـي في تفـقـــده |
فـنـلـتـقـي ويعــود الشــملُ يأتلفُ |
أقسمت أن نلتقي والصبح موعدنـــا |
حتى ولو طال ليلي أو نأى الجُرفُ |
يا أيّها الفجر دمع الحبّ منهمـــلٌ |
من مهجتي حين تفنى مقلتي يكفُ |
نام الجميـــع وقلبــي في تقلبــــه |
مستبصرٌ مســتفيقٌ عيـــنُه ترفُ |
أترتضي أن يعيق الدهر رؤيتــه |
أترتضي أن يردّ الموعدَ الخلفُ ؟ |
لا والذي عـطـّـرَ الأزهار مولدُه |
ما كنت عن جنّة الأحباب أنصرفُ |
ناشدتك الله هــل للوعد من أمــلٍ |
وهل يعود الرضا والوصل والترفُ ؟ |
وهل سنأتي الحمى من بعد غربتـنـا |
وشمسنا حين نحدو ليس تنكسفُ ؟ |
وقـد أجاب ، وهــذا صوته بفمي |
الباءُ غـنّى ، ولـبّـى اللام والألِــفُ ! |
إذاً فـديتــك أبزغ حــول أفــئـــدةٍ |
تهوى الخلاص ، بها يستـأنسُ اللهفُ |
فلو نظرتَ إلى الخـــلاّن متّـــئداً |
أضناهمُ الوجد ، من أكبادهم نزفوا |
رفقاً بهم فالتصابي زادَهم ألمــــا |
رفقاً بهم إنّهم في الحبّ ماضعفوا |
أدلَوا بدلوهمُ من كـلّ غاديــــــــةٍ |
لكنّهم غير سُهد الهجر ماغرفـوا |
آهٍ على زفرةٍ في النفس مؤلمـــةٍ |
آهٍ علــى جَمـــرةٍ بالقلب تلتحـفُ |
يا أيّها الفجر قد ألهبتَ عاطفتــي |
وحَـدّث الناسُ عنّا ثَـمّةَ الصحفُ |
أكـــاد أهلك والبيـــداء تنكرنـــي |
حتى بكاني الضحى والليلُ والنُطفُ |
كم في الحياة دخيـلٍ راح يعذلني |
كـم في الأنام ِصغيرٍ ليس يعترفُ |
بأنّني والصفا ســيّان منزلــــــــة |
ويعلــــم الله والفـــادون والسـلفُ |
وإنّني صادقٌ بالوعد ذو مِــــقــةٍ |
ولي شعورٌ تـناهت عنده الطّرَفُ |
ولم أكن رغم هذا غير مفـتـقـــرٍ |
لا كالــذي يتباكـى وهو منحرفُ ! |
ناهيك عن لغـــةٍ أسلوبـها سـلسٌ |
ذي مفرداتي بكلّ الحسن تتصفُ |
ذي مفرداتي شذيّاتٌ مواردهــــا |
كبيــرة ملؤها الإحسان والشرفُ |
لأنّها غير أهــل الذوق ماعرفت |
فكــلّ قــولٍ بهم يحلو ويــزدلـفُ |
يا أيّها الفجر : أعداءُ الهوى كثروا |
بكلِّ غِـــلٍّ وحقدٍ عندهم هتفــــوا |
ويزعمون وقــد ماتت ضمائرهم |
أنّ الوئــام لهم فــي سعيهم هدفُ |
ويكذبـــون على الدنيا مكابـــــرة |
والإمّعات سوى الأوهام ما عرفوا |
ويضحكون على الأذقان لا سلمــت |
جباههـــم ، حين مانوا أينما دلفــوا |
وكيف يصدق إنسانٌ بلا نســــبٍ |
الجهل مقصدُهُ واللهو والسرفُ ؟ |
وهل رأيت كذوبا صحّ مورده ؟ |
وهل رأيت حكيما زاده الصلفُ ؟ |