يعتمد أهل الشيعة على آيتين لإثبات الإمامة، كمقام من مقامات التكليف الرباني (غير النبوءة و الرسالة) و هي سورة الأنبياء الآية 73 : { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين} و سورة البقرة الآية 124 من سورة البقرة: { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}، و يعدونها من المحكم من آيات القرآن الكريم في إثبات الإمامة لعلي رضي الله عنه. قاعدة العلماء الأجلاء، أن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا. قال ابن كثير: " والقرآن يفسر بعضه بعضا. وهو أولى ما يفسر به، ثم الأحاديث الصحيحة، ثم الآثار." فلنعرض هاتين الآيتين على كتاب الله، لنحاول أن نفهم هل الإمامة أصل من أصول الدين.
1-) سورة الأنبياء الآيتين72 و 73 : { ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين}
أ-) كما هو واضح من سياق الآيتين 72 و 73 من سورة الأنبياء، فقد نزلتا في اليهود . و المشهور عند اليهود أن يوشع بن نون هو الوصي، الذي حسب زعمهم نص الله تعالى عليه وصيا لموسى عليه السلام ، و منزلة الوصي كمنزلة النبي كما جاء في إسفارهم، الشيء الذي يوافق منزلة الإمام عند أهل الشيعة. فانظر كيف جاء ذكره في القرآن الكريم قال تعالى :{ وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ، فاتخذ سبيله في البحر سرباً فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا...سورة الكهف الآيات 60-61-62 } فلم يخص الله يوشع في كتابه بصفة الوصي و لا بصفة الإمام و هذا يكذب زعمهم و يبطل ادعائهم ويقطع على أهل الشيعة حجتهم.
ب-) لو كان في عقب إبراهيم أئمة غير الرسل و الأنبياء لجاء ذكرهم في القرآن فلا نجد في كتاب الله ما يشير إلى الإمامة بالمفهوم الذي يداوله أهل الشيعة يقول تعالى : { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض... سورة البقرة الآية 253 } و يقول تعالى : { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض...سورة الإسراء 55 } فكيف تكون الإمامة أصل من أصول الدين و لا يشير إليها القرآن صراحة ؟! و هو القائل عز و جل : { و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا لعلهم يتقون...سورة الزمر الآية 28 }.
2-) سورة البقرة الآية 124 : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}
أ-) لم يرد في القرآن ما يشير بوجه الخصوص و لا بوجه العموم على الولاية بالمفهوم الذي يداوله الشيعة في غير الأنبياء و الرسل. فمن ادعى أن الإمامة مقام غير مقام النبوة و الرسالة، فعليه البينة من القرآن مصداقا لقوله تعالى : {... ما فرطنا في الكتاب من شيء. سورة الأنعام الآية 38} و قوله تعالى: { و نزلنا عليك الكتاب تبانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين...سورة النحل الآية 89 }.
ب-) لو جاز لنا جدلا تأويل الإمامة بمفهوم التكليف من الله ، بمعزل عن النبوة و الرسالة، من الآيتين من سورة الأنبياء و البقرة، لجازت الإمامة في كل عبد مؤمن بدليل قوله :{ و الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماما ...سورة الفرقان الآيات 74 }.
فالمقصود بالإمامة في القرآن الكريم القدوة. و ما يحسم الأمر بشكل قطعي على أن الإمامة في القرآن هي القدوة قوله تعالى :{ فأخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين. و جعلناهم أئمة يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون. سورة القصص الآيتين 40-41 }
فهؤلاء أئمة يقتدى بهم في طاعة الله و فعل الخيرات و أولئك أئمة يوردون قومهم دار البوار.
خلاصة القول :
الإمامة في القرآن بمفهوم التكليف من الله محصور في الأنبياء و الرسل وحدهم وجاءت في غيرهم من المؤمنين بمفهوم القرب إلى الله تعالى بالتقوى والصلاح والإخلاص و فعل الخيرات و ما أشبه ذلك. و الله اعلم.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.