مشطور البسيط/منهوك البسيط/المجتث
مستفعلن فاعلن=مستفعلن فاعلن
يقول ابن المعتز، من قصيدة طويلة:
يا مقلَةً راقِدَهْ ** لَمْ تَدْرِ بالسّاهِدَهْ
كأنّما سُمِّرَتْ ** نُجومُها الرّاكِدَهْ
بَدَا سُهَيلٌ لَها ** فانحرَفَتْ عائِدَهْ
والصّبْحُ في أفْقِهِ ** ذو غُرّةٍ واقِدَهْ
تَهْوي الثُّرَيّا لهُ ** في غَرْبِها ساجدَهْ
يا نفسُ لا تَجزعي** قَدْ تَجِدُ الفـاقِدَهْ
أيُّ الوَرَى خالدٌ ** أنفُسُهمْ واحِدَهْ
والموتُ حَوْضٌ لَها** وهْيَ لَهُ وارِدَهْ
كمْ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ ** جُدُدُهُ قاعدَهْ
وهذا وزن آخر ليس له في عروض الخليل ذكر، ردّه الأستاذ عبد الحميد الراضي في شرح تحفة الخليل إلى (مشطور البسيط) وعدّه شاذّاً، وذلك بناءً على شكل البسيط الدوائري لا الشعري.
ومعلومٌ أن (البسيط الدوائري) ليسَ له في واقع الشعر أدنى نصيب، وإنما انبثقَ هذا عن الدائرة التي جمعته ببحرين آخرين، أعني: الطويل والمديد. والبيتُ أو البيتان اللذان تذكرهما بعض المصادر لا يُعطيان شرعيةً لمثل هذه الصورة، لأن واقع الشعر يرفضها تماماً، وتنفر الذائقة العربية. فقد نُقلَ عن الأخفش "أن أعرابياً سُئل أن يصنع بيتاً تامّاً من البسيط، فصنع هذا البيت:
وبلدَةٍ قَفْرَةٍ، تُمسي الرياحُ بِها ** لَواغِباً، وهْيَ ناءٍ عَرْضُها خاويهْ
قَفْرٌ عَقامٌ ترى ثَورَ النعاجِ بِها ** يَروحُ فَرْداً، ويُلْفِي إلْفَهُ طاوِيَهْ
أما ما كُتبَ على البسيط فمخبون العروض لزوماً، وضربه مخبون أو مقطوع لزوماً كذلك.
ولا يمتنع عندنا استخدامُ البسيط مشطوراً بضربيه المخبون أو المقطوع،
يقول محمد منلا غزيّل:
منْ جَذوةِ الشوقِ تذكو في دَمي شُعَلا
تسقي بِدَفْقِ السّنا مِنْ وهْجِها المُقَلا
تفتَرُّ عن بَوحِها الجيّاشِ مُبتهِلا
ينسابُ في القلبِ -في أعماقِهِ- نَهَلا
مِنْ لهفةٍ تزرعُ الإلْهامَ والجَذَلا
يقول عمر بهاء الأميري:
أدعوكَ يا ربّ من روحي ووجْداني
أدعوكَ منْ قلْبِ آلامي وأشْجاني
أدعوكَ منْ غَوْرِ إسْلامي وإيْماني
أدْعوكَ أدعوكَ يا ذا الْمَنِّ والشّانِ
مستعْجِلاً كَشْفَ ضرٍّ مسَّ إخْــواني
فليسَ (الشَّطْرُ) عندنا إلاّ التزام الشاعر قافيةً آخر الشطر.
فإذا ما عدنا إلى مثالنا: (مستفعلن فاعلن) فإن تسميته (بمنهوك البسيط) غير ممتنعة.
إلاّ أنّ إلْحاقَه (بالمجتث) أَولَى، علماً بأن (المجتث) عندنا من (مقصرات البسيط) لا غير.
إلاّ أن استقلال المجتث عن البسيط بحراً قائماً بذاته يجعلنا نفضل إضافة هذه الصورة إلى المجتث، لأنها أقرب إليه من البسيط.