كتبت هذه القصيدة أرثي فيها والدي رحمه الله الذي توفي مع بداية فصل الربيع فأقفر البيت في زمن الخضرة ولا حول ولا قوة الا بالله... وانا لله وانا اليه راجعون
عد يا أبي فالبعد قد أضناني
ومكانك الخالي لقد أبكاني
عد فالديار حزينةٌ ترجو اللقا
ما كان ما قد كان بالحسبانِ
أبتاه قل لي يا حبيب بما جرى
أتراك ترحل دونما استئذانِ
أبنيّتي لا تجزعي وتصبّري
قومي اقرأي شيئا من القرآنِ
داعي المنون وقد دعا من قد مضى
إني أراه اليوم قد ناداني
أوصيك أمّك يا بنيّة إنها
ستعيش بعدي لوعة الحرمانِ
واستهدِ بالرحمن إن نزل القضا
فله البقاء وما سواه ففاني
حان الرحيل فإنما هي ساعةٌ
أمضي وعينكِ لن تعود تراني..
ما كنت أدري أن تكون سويعةً
عجفاء تحمل لوعة الأحزانِ
لو كان يجمعنا لقاءُ مودّعٍ
ما كان لي طلبٌ سوى الرضوانِ
أبتاه يذكرك المصلّى دائماً
والأهل يا أبتي مع الخلّانِ
أتراك ترجع يا أبي وتلمّنا؟؟
ويعود يجمعنا لقاءٌ ثاني؟؟؟
أنا يا أبي قد عدت بعدك طفلةً
ترنو لقبلة والدٍ بحنانِ
فأنا المتيّم والميتّم يا أبي
جفّت دموعي والسرور جفاني
قد فرّ طيب النوم عن عيني وقد
جثم الأسى وتحركت أشجاني
إن أدلج الليل البهيم رأيتني
أتحسّس الأحضان كالصّبيانِ
أهفو لصوتٍ منك يخمد لوعتي
أو بسمةٍ تطفي بها نيراني
إن دقّ باب البيت قلت أتى أبي
أو خلتُ طيفَك بعدُ قلت أتاني
ما عدت بعدك يا أبي في راحةٍ
ما عدت أشعر بعدها بأمانِ
قالوا لرأسي قد سلمتَ وكيـف ذا-
-ك وقد تهاوت في الورى أركاني
فلأنت رأسي والفؤاد وإنني
لأراك يا أبتاه كلَّ كياني
إما أتى الليل البهيم تصارعت
فيّ الهواجسُ والصراعُ كواني
ناديت أينك يا أبي وأخالهُ
وقد استبدّ بي الأسى لبّاني!!
هذي الليالي فوق صدري قد جثت
وغدوت من وطء الهموم أعاني
وأتى الربيع ودارنا قد أقفرت
والضّعف قبل أوانه وافاني
ما عدت أقوى أن أغالب أدمعي
أو أن أخبّئ بعدها أحزاني
أتكلّف الصبر الجميل على الملا
والعين تفضح ما طواه جناني
يا لائمي ذرف الدموع غزيرةً
فأنا ابنةٌ ترثي أباها الحاني
ما كنت جلموداً فتلك مشاعري
تحكي بدمعي قصّة الإنسانِ
سأعيش أروي من مدامعي الثرى
حتى يوارى في الثرى جثماني
ما كنت أهوى أن أراك ممددًا
وتلفّ يا أبتاه بالأكفانِ
أرثيك بالدمع الغزير وبالدما
إن سال فجّر بالأسى شرياني
ويراعيَ المنصوبُ بين أناملي
لو كان ينطق يا أبي لرثاني
وصريره الملتاع في زفراته
والدمع يغلب ما يخطّّ بناني
إن عزّ في الدنيا لقاءٌ يا أبي
فعزاؤنا أن نلتقي بجنانِ
سأظلّ يا أبتاه إثرك داعياً
ما كنت عن درب الوفا متواني
فعليك يا أبتاه رحمة ربّنا
وعليك فيضاً من رضى الرحمن
رباه عفوك إن جرحت إساءةً
فلأنت أهل العفو والغفرانِ
فارحم دموعي والأسى وتجلّدي
وأقل عثاري يا عظيم الشانِ.