|
عيون المها بين الرصافةِ والجسرِ |
جلبن الهوى من حيث أدري ولاأدري |
كذلك قلبي ياعليُّ أصبْنَهُ |
وحملْنَهُ مالايطيقُ من الوزرِ |
نفثْن الهوى في عقدةٍ من لواحظٍ |
تزمُ بقايا الليل في حضرةِ الفجرِ |
فما حاجبٌ قد جُز من حلة الدجى |
فقيّدَ شمساً في جبينٍ من التبرِ |
سوى راهبٍ قد حاصر الماءُ ديرهُ |
ترى ثوبهُ يطفو على صفحةِ البحرِ |
فلله هندٌ حين أرختْ خمارها |
سقتْ مهجتي بالحبِ كأساً من الخمرِ |
أرى وجنتيها أُلبستْ ثوبَ محرمٍ |
عليه دماء الهدي تنسابُ كالعطرِ |
تمتع بالتفاح والتوت خدها |
ولا يُقرنُ الإثنانِ إلا على الثغرِ |
أفاض أديم الجيد إذ طاف حوله |
على غيَدٍ يثنيهِ سعياً على النحرِ |
فما ماسةُ العقدِ التي فوق صدرها |
سوى رأس ظبيٍ قد تدلّتْ إلى النهرِ |
وخصر بدى للعين ..عذراً سأكتفي |
بما لاح للعينين من ذلك السحرِ |
ولولا أخاف الله فيما اجترحته |
لما صدني عن وصفِ هندٍ سوى شعري |
فيا ويح نفسي كيف أزرى بها الهوى |
وقد كنتُ ذا شأنٍ ولي في الورى قدري |
ولو يعلم ابن الجهم ما بي من التقى |
لعاد بقرن التيس من بادئ الأمرِ |
سلامٌ على النهرين في أرض بابلٍ |
فإن لها حباً تدفّقَ في صدري |
فبي شجنٌ مثل الذي قد أصابها |
سوى أنني أخفيهِ في القلبِ كالسرِ |
أنا الشاعرُ المكلوم قد هدني الأسى |
فذوّبتُ نزف القلب والدمع والحبرِ |
سأكتبُ عن هندٍ وحزني وحبها |
إلى أن يشيعني يراعي إلى القبرِ |
وما حب هندٍ غير مسٍ أصابني |
فلم يجدني طبٌ ولم يجدني المقري |
وهبتُ لها قلبي على أن ترده |
ولكنها فرتْ به دون أن تدري |
فقولوا لهندٍ حين همتْ بمقتلي |
بربك من أغراكِ بالعاشقِ الغرِ؟ |
أعيدي إليهِ قلبهُ كي يعش به |
فإن الردى قد مل من كذبةِ الصبرِ |
ففي كل يومٍ يرقصُ الموت حوله |
ويبقيه إكراماً لذاك الهوى العذري |
دعوها فإني قد نذرتُ لها الحشا |
حلالاً عليها لا تراجع في نذري |
كفاني بأني عشتُ موتي بقربها |
فإن عذبتني زاد تعذيبها عمري |
فهاكِ فؤادي يا هنيد اصنعي بهِ |
لروحك درعاً كي يقيك من الدهرِ |
وحسبي افتخاراً أنني متُ بالهوى |
وأبقيتُ حبي رافعاً رايةَ النصرِ |