اعتصرَخلجاتِه حبْراً وبسطَ قلبَهُ صَفحاتٍ أسالَ عليها سُطورَ روايته الأخيرة.. لكنّهم ردّوها إليه وقالوا..أيّ برجٍ عاجيٍّ ذاك الذي اتخذتَهُ حتّى تسيحَ في عالم الخيال.. فلا ترى الناسَ ولا تشعر بآلامهِم ...أين الواقعيّة؟
أطرقَ رأسَه و أطرقتْ معها أفكارُه ..
ارتدّ إلى بيتهِ يرسلُ ساقيهِ بينَ حجُراتهِ في تجوّلٍ متبعثر..
توجّهَ نحو الزاوية الشرقية الجنوبيةِ من فناءِ بيتهِ حيثُ ينتصب ميزاب المطرِ مرتفعاً شبرا ً عن الأرض و يمتدّ من أسفلهِ إلى الجهة الغربية من سور البيت أخدودٌ بسيطٌ في الأرضيّة المتآكلةِ شقّه جريانُ ماء الميزابِ عبْرَ السنين.. تسكنُ الأخدودَ أسرابٌ من النمل في سعيٍ دؤوبٍ لا يراوحُ مكانَه ..حتّى إذا جرى الماءُ اختفتْ أسرابُ النمل الى حين ،بينما يجري الماءُ إلى خارج فناءِ البيت ليسيحَ هباءاً عبرَ الطّريق..
تأمّلَ هذا المشهد ،ثمّ اتخذَ لنفسهِ مقعداً من خشبٍ جعلَ ظهره للميزاب ووجهَه للاخدود ليسطّر روايتَه (الواقعيّة) بينما حبّات المطر تقرعُ رأسه!