الكاكاو سبب حزنها ! كانت تحبه حتى اللوعة ! وهي في العاشرة لم يكن لديها كل يوم مال لتشتري به تلك اللذة( كاكاو) ، وفي يوم لمحت بضع ريالات في جيب أبيها فامتدت إليها يدها دون شعور واستمتعت بأكله وحدها ، وبعد أيام أجبرها إدمانها على أن تستلف ريالات أخرى من درج أمها ! لم يمرّ أسبوعان حتى جلست الأسرة تناقش بغير قصد فقدان أفرادها لبعض المال من مصروفاتهم المالية البسيطة ،للعم مائة ريال للأخت خمسون ومائة ريالٍ و للأب مائتا ريال ...... أصبح الأمر مقلقا وفي الصباح التالي كانت الفاجعة ! أمها تجرُّها من يدها وهي تقول أتعلم أين الأموال التي تحدثوا عنها البارحة بعد العشاء ؟ إنها مع ابنتك ! كانت الطفلة مستسلمة للموقف، قلبها الصغير يبحث كالعصفور عن مكان في صدرها فلا يجده وعقلها مشتت بحيث لم تتمكن سوى من النظر خلسة إلى وجهي أبيها وأمها وهما يقلبان طاقة الغضب ويحيلانها عقابا و كانت الأم غاضبة جدا ، وامتقع لون الأب وهو يستفسر من زوجته كيف تم اكتشاف ذلك ؟ فقالت الأم:- زوجة عمها فقدت بضع مئات بعد خروجها من غرفتهم مباشرة ! احمرّ وجه واقفا الأب وهو يوجه لطمة قوية إلى وجه الطفلة ويبحث عن مروحة يد في الغرفة . لا تدري الطفلة كيف أصبحت مروحة اليد في يد أبيها عودا قويا يوجهه الأب بكل قوة إلى جسدها الصغير ! ضربات متتالية في كل مكان من جسمها لا يركّز الأب وهو يضرب أين تقع ضربته فهي تارة في مؤخرتها وتارة في يدها وتارة في أعلى جسمها أو في أسفله وهي تصيح وتبكي وتصرخ وتقفز من الألم دون أن يغيثها أحد ،كان الأب مشغول الذهن في تخيلاته عنها وهي كبيرة تبيع عرضها من أجل اللذة العابرة بسبب ضعف إرادتها وتارة ينشغل بفكرة حديث إخوته وزوجاتهم عنه في فشله في تربيتها وكلما أراد التوقف عن ضربها جاءته فكرة جديدة أشعلت غضبه ليزداد عتوا في الضرب ! أصبحت أمها حجرا من المشاعر المشدودة والمتفاجئة في زاوية الغرفة لا تتحرك. مشاعر حجرتها الدهشة وأثقلها الغضب وأصبح الأب جلادا قاسيا أعماه الغضب والغيظ عن رؤية أي شيء سوى تنفيس غضبه وغيظه وتخيلاته في جسدها النحيل ! ساعة كاملة من الضرب المبرح مرت كسنوات طويلة تذكرت خلالها بحسرة وندم كل ثانية لذيذة في تناول الكاكاو اللعين وعندما تقع الضربة على عظم تتذكر بألم صوت كسر بالبندق واللوز في الكاكاو !! وأخيرا فتر جسمها ولم تعد تحس بألم الضربات ! لم يتوقف الضرب حتى انكسر عود المروحة وليته انكسر قبل هذا الوقت ؟ هنا بدأ الأب يستخدم يده فقط وعندما لامست يده وهي تلطم وتصفع جسدها أفاق الأب من غضبه فتوقف عن الضرب أخيرا. وما إن توقف حتى أجهشت أمها بالبكاء وهي تخبئ وجهها بين ركبتيها كالأطفال . وأدار الأب وجهه عن ابنته وهو يغالب دموعا تحاول التسلل من مآقيه .
وأصدر بصوت متحشرج الكثير من القرارات الإضافية ، لا خروج من البيت.. ولا كاكاو بعد اليوم ،كما على أمها أن تفتش حقيبتها وثيابها بل تفتش فيما بين أسنانها لتشم رائحة الكاكاو وترى مخلفاته بين الثنايا ! ظلت الطفلة تبكي وتبكي وتتألم دون أن ينتبه لألمها أحد فلم ينكسر فيها عظم ولم يظهر فيها ورم سوى علامات حمراء في كل مكان ستذهب بعد أيام ، وعلامات أخرى سوداء داخل نفسها لن تذهب مهما طالت بها الأعوام ، كلما جلست وحدها وتذكرت ذلك العقاب الشديد كانت تبكي وتبكي وتبكي وعندما لاحظت أمها كثرة بكائها هددتها بأبيها فكانت تدخل الحمام وتبكي وتبكي وتبكي ، بعد أسابيع من البكاء لاحظت أنها تشعر بسعادة كلما بكت . كان عقلها يعجز حقا عن تفسير ذلك الغضب الذي انتاب أباها وجمّد أمها في ركن الغرفة وهي تشاهد ابنتها تعاقب بهذه القسوة دون أن تفعل شيئا . وتحول الكاكاو المفضل لديها إلى الدموع والبكاء . انقلبت سعادتها حزنا عميقا وتحول حزنها العميق إلى سعادة تستمع به وحدها كلما رسمت دموعها السعيدة خطين في خديّها الأسيلين! وأصبحت تتلذذ بالبكاء من متابعة مشهد حزين في عمل تلفزيوني أو سماع قصة مؤثرة من شخص ما! أو منظر حزين خلال موقف مؤثر في واقع الحياة فإن لم تجد ما يثير سعادتها الباكية تذكرت تلك الساعة المباركة التي ألهم الغضب فيها أباها بصنوف من أنواع الضرب المبرح المتنوع المؤلم حتى تسيل دموعها الحزينة فتخرج رقراقة دافئة دفء مشاعر الحزن السعيد! لتكتمل تقاسيم وجهها الحزين بجمال الأنوثة المستمتعة بحزن النفس الطويل.