المحبة شرط من سبعة لا تتم الشهادة إلا بها جميعا وهي : العلم ، اليقين ، الإخلاص ، الصدق ، القبول ، والانقياد


أما عن دَلَالَةُ مَحَبَّةِ اَللَّهِ



قال تَعَالَى :

(وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر من بعد ذلك فاؤلئك هم الفاسقون )
( اَلنُّورُ : 55)

قَالَ اَللَّيْثُ عَنْ مُجَاهِدٍ : أي لا تُحِبُّوا غَيْرِي .





وَفِي صَحِيحِ اَلْحَاكم عَنْ عَائِشَةَ عَنْ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :


اَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ اَلذَّرِّ عَلَى اَلصَّفَا فِي اَللَّيْلَةِ اَلظَّلْمَاءِ ،

وَأَدْنَاهُ أَنْ تُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنَ اَلْجَوْرِ ،

أَوْ تُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ اَلْعَدْلِ ،

وَهَلْ اَلدِّينُ إِلَّا اَلْحُبُّ وَالْبُغْضُ ؟

قَالَ اَللَّهُ - تَعَالَى - : "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللَّهَ فَاتَّبَعُونِي يُحْبِبْكُمْ اَللَّهُ" آلُ عِمْرَانَ

وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ مَحَبَّةَ مَا يَكْرَهُهُ اَللَّهُ وَبُغْضَ مَا يُحِبُّهُ مُتَابَعَةٌ لِلْهَوَى

وَالْمُوَلَاةُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُعَادَاةُ عَلَيْهِ مِنْ اَلشِّرْكِ اَلْخَفِيِّ .




قَالَ اَلْحَسَنُ : اِعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تُحِبَّ اَللَّهَ حَتَّى تُحِبَّ طَاعَتَهُ

وَسُئِلَ ذُو اَلنُّونِ : مَتَى أُحِبُّ رَبِّي ؟

قَالَ : إِذَا كَانَ مَا يُبْغِضُهُ عِنْدَكَ أَمَرَّ مِنْ اَلصَّبْرِ



وَقَالَ بِشْرُ بْنُ اَلسَّرِيِّ : لَيْسَ مِنْ أَعْلَامِ اَلْحُبِّ أَنْ تُحِبَّ مَا يُبْغِضُهُ حَبِيبُكَ




وَقَالَ أَبُو يَعْقُوبُ النَّهْرَجَوْرِي :

كُلُّ مَنْ اِدَّعَى مَحَبَّةَ اَللَّهِ وَلَمْ يُوَافِقْ اَللَّهَ فِي أَمْرِهِ فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ .



وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ : لَيْسَ بِصَادِقٍ مَنْ اِدَّعَى مَحَبَّةَ اَللَّهِ, وَلَمْ يَحْفَظْ حُدُودَهُ .



وَقَالَ رُوَيْمٍ اَلْمَحَبَّةُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي جَمِيعِ اَلْأَحْوَالِ ، وَأَنْشَدَ :

وَلَوْ قُلْتَ لِي : مُتْ . مِتُّ سَمْعًا وَطَاعَةً

وَقُلْــتُ لِـدَاعِي اَلْمَـوْتِ : أَهْلاً ومرحبًـا



وَيَشْهَدُ لِهَذَا اَلْمَعْنَى أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى :

( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) ءال عِمْرَانَ : 31 .



قَالَ اَلْحَسَنُ : قَالَ أَصْحَابُ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :

يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّا نُحِبُّ رَبَّنَا حُبًا شَدِيدًا ؛ فَأَحَبَّ اَللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لِحُبِهِ عَلَمًا ، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ - تَعَالَى هَذِهِ اَلْآيَةَ



وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لا تَتِمُّ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اَللَّهُ إِلا بِشَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اَللَّهِ ،

فَإِنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لا تَتِمُّ مَحَبَّةُ اَللَّهِ إِلا بِمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ وَكَرَاهَةِ مَا يَكْرَهُهُ ، فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُحِبُّهُ وَمَا يَكْرَهُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدٍ اَلْمُبَلِّغِ عَنْ اَللَّهِ مَا يُحِبُّهُ وَمَا يَكْرَهُهُ

فَصَارَتْ مَحَبَّةُ اَللَّهِ مُسْتَلْزِمَةً لِمَحَبَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَصْدِيقِهِ وَمُتَابَعَتِهِ .



وَلِهَذَا قَرَنَ اَللَّهُ بَيْنَ مَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ فِي قَوْلِهِ :

(قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) اَلتَّوْبَةُ : 24


كَمَا قَرَنَ بَيْنَ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ .


وَقَالَ صلى الله عليه وسلم :

ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ اَلْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ اَلْمَرْءُ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اَلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اَللَّهُ مِنْهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي اَلنَّارِ .