بعد سبعة عشر عاماً من الخدمة الطويلة والمضنية .. غادرت غسالتنا القديمة جدارن منزلنا ..
اذكر انني يومها حزنت كثيراً على مصيرها القاسي ,, لقد رميت في ممرنا الداخلي الطويل كخرقه باليه لاتعني لأحد شيئاً !!!
وما اغضبني فعلاً ,., ان تلك الغسالة كانت بعمري ,, لقد اشترتها امي حينما ولدت أنا يوماً .. ان امي في الحقيقة لاتذكر يوم ميلادي !! ولكنها تذكر تفاصيله .. وكانت قد اخبرتني تفاصيل الحكاية ووكررتها علي كفصول السنين التي لاتمر.. كالأيام المبتسمة بذاكرة جميلة حتى حفظتها .. اكثر من حفظي لدروسي وتخرجت من الثانوية لأصدم برحيل غسالتي
عنت لي تلك الغسالة كثيراًَ.. كنت اغسل بها رغم ان فأراً مجرماً استل سيفه وهاجمها عدة مرات ,, اكل من احشائها ما اكل ,, وظلت صامدة ,, مؤديه لعملها وفيه لربة بيتها ,, وفيه لكل شيء ,, لكل التفاصيل التي جمعتنا ,, والايام المرة التي تجرعناها سوياً
حينما كنت ابكي ,, كنت اجرب البكاء في اماكن جديدة مرة على وسادتي ,, ومرة على سجادتي ,, وتارة على الهواء لتتساقط دموعي في الفراغ ومرة اخرى على صدر تلك الغسالة كوعاء بلل احشائها وجفف مابي من حزن والم
كنت ُ اشعر بها ككائن لطيف حساس .. يحملني ويشبهني في اشياء وتفاصيل كثيرة .. وكانت النهاية ان القت بها الحبيبة والدتي في احتفالها بنجاحي ,, وفي الوقت الذي كنت حائرة فيه بين الجامعات والتخصصات ,, كانت تلك تعيش لحظاتها الاخيره لبست انا معطفي الأبيض ولبست هي كفنها الأبيض ,, فكان أن ودعتها بعناق طويل واكتفت امي ( بشكراً كرسالة جليدية لم تذب برودتها من ذاكرتي .. ابداً