رسالةٌ إلى خيطٍ من الفرح
من بقعة حزنٍ تقطن ضفتي اليسرى، أرسلُ إليك أيها الفرح، باحثةً عنك بين ملامح الوجوه المستضعفة، وجوهٌ فقدت إيمانها بوجودك، بانتظار انقلابٍ منك أو لحظة عَودٍ بعد هجر طويل.. أكتب إليك لعلّك تعرجُ ذات لحظةٍ على قلبٍ أثقله ذاك الوجع، لعلك ترضى على أمّ أحرقت الشمس جدائل روحها و هي تنتظر بِكرها على أعتاب اللوعة و الترقب، لعلك تعرجُ على رجل قضى عمره في غربة متأملا عودًا حميدا لوطنٍ كسيرٍ و حزينٍ، لعلك تعرجُ على أنثى كبّلت يداها و هي بانتظار ذلك الذي وعدَ، خرج، و لم يعد...
لعلك تترفق بطفلٍ أشاح الطعامُ بوجهه عنه، و تشققت أطراف أنامله و هو يحفر الأرض باحثا عن لقمة تسدّ كفر جوعه، هل تراكَ مررت ببابٍ لم تطرقه يد الإحسان يومًا؟
لو أنك لم تفعل..فيا ليتك تفعل!
أناديك يا أيها الفرحُ و لا أنتظر دوري عندك، بل صرتُ أطرق أبوابك لأوقظك من غفوةٍ على سرير غيابك، أناديك من عمق حزني و لا أنتظر منك زادي..إنني اليوم زهدتُ عنك ، تأقلمتُ مع غربتي و احتضنت قلبي بأنامل شاخت على حزني، و قلم صار هو وطني الأكبر، فمعطفك الذي دثرتني به آخر شتاء قد تركته على أرض العراق، في خزانة ما تحمل كل ذكريات طفولتي و لحظات كانت معك كالربيع، قصيرة الأمد سريعة التبخر..!
.يا أيها الحلم الأكبر، مرورك من على مَن مدّوا للغيث أفواههم هو زادي، فانهض، أمطرْ عليهم و املأ قلوبهم بك، و لا تنسَ أن تعرج على وطني، و أن ترش عليه بعض عطرٍ، و من شوق أنفاسي..
يا أيها الفرح بلّغ بغدادَ سلامي، و لا تنسَ دمشق، القاهرة، تونس، صنعاء و غزّة و ثرى شهيد سقى أرض الوطنِ بدمهِ، و تذّكر يا أيها الفرح أن تحتض كل روح طيّبة تسعى في الأرضِ و كأنها حمامة سلام.
يا أيها الفرح إنني ناديت، و لستُ أدري لو أنك سمعت، لكنني سعيتُ إليك و ربي يشهد..
منى الخالدي
12.02.13