عامٌ مضى .. ومازالت جذوة ٌ تسرّي في عروقي تشعلها ناراً بالرغمِ من برودةِ المَكان ويَسكنُ روحي ألمٌ فظيعٌ موجف مترهل..
أجرِي نَحو البَاب أتطلّع إلى الشوارعِ الباردة لانعَاش روحي ,أبحث عن شيءّ ما .. لاأجده .. تَضِيعُ مشاعري برعشةٍ
لاشيءّ هُنا يُشبّهني , شعري الأسوَدُ الفَاحِم , عِيناي السّودَاوان , لونِي الذّهبي كحقولِ القمحِ, وحجابي الأسْوَد.
عِينَاهُم تَرمّقنِي بحقدٍ دفينٍ و تخنّقني عِبَارات التّهكُّم ..ماالذي جَاء بها إلى هُنَا ؟! مَدِينة الضّباب كقلوبهم تماماً يعلُوّها الصّدأ ..
" العقلية التي يرى بها الغربي المسلم مجرد ناقة يريد أن يستَخلصُ لبنَها إلى آخرِ قطرةٍ "
فيَهطلُ الوَدَقُ أتشَرّبُ أبتل برَّذاذ الوَدَق وأردّد من جاء بيّ إلى هُنا! أليس هم من عبَّدوا الطّريق وأسكنوا اليهود لنضيع نحن في الأرضِ
ونعلن الحِداد ليوم النّكبة ونقف على الحدودِ على أملِ العودة .. ونَغضبُ هُنا ثمّ ننام حتّى العامِ القَادم ..
وبشوقٍ أزليّ أحنُّ لقريتي,أفتقِدُ بقَايا رُوحي وأجزَائِي .. وبأنفَاسِي المُتَهدّجة أُنَاجي الله لأعُود .
آخر .. يبصُق عن شمالهِ وببذخٍ ساخرٍ ,لاجئُون .. فَيَرمِي سَهمُه في كَبدِي , حِينَها تَمُوتُ أزهَارُ الأقحُوان في جدبِ صَدري بالرغمِ من كَثَافةِ الوَدقِ .
تستفزّنِي كَلِمَاتهم ..تَكُويني نَظَرات التّهكُّم في أعينِ المَارة فأطأطئ ذلاً وعجزًا ,وأردّد بقهرِ من جَاء بيّ إلى هُنا ؟
آخر..يُحدّق فيِّ ثمّ يَزْفِرُ من أقصَى الحَلقِ , كيف خِيام البَدو السّوداء في أوربا؟!
يقهقهُ ثمّ يُتَمتَمُ من جَاء بكِ إلى هُنا ؟؟
تَتَدَافَعُ الدّماءُ وَتَتزاحَمُ بل وتَترَاكمُ في عُروقي كِدْتُ أن أقترفَ عَملاً غير لاَئِق أن أَصْفَعُه على وجههِ الوقحِ .
حَالة حَادّة مُدْوِيّة لانشطَاردُموعِي تَتَنَاثَرُفي الشوارعِ وتَذهبُ بعيداً بعيداً.. بحُرِيةٍ مقتُولةٍ.
وفَجأة .. شَيءّ ما يُشبّهني هُنا .. طفلٌ يَجرِي وَ وَراءه خَمسَة أطفال يهتفُون مُسلمٌ ..ارهَابِيّ ..عَربِيّ ..غَبِيّ ..
أتَجَرّعُ الذّل بمرارة إغراقاً في معمعةِ الألمِ مَشهد مُثِير للبُكاء والشّفَقة , ويسقطُ الطفلُ فَيرمُونَ عَليه إحدَى عَشَرةَ قََارُورةً مَكسُورةً و مئة قَاذُورة من النُفَاياتِ
ويَهتفُون من جَاء بكِ إلى هُنا ؟؟! صُورة بَاهتة ممزقة لخرِيطة أَنهَارالدّمُوع عَلى وَجهِي ..
أسقط في وهادِ التّشردِ وَالشّتاتِ وبسَنابكِ صَرخَتِي أردّد من جَاء بنَا إلى هُنا؟ من جَاء بنَا إلى هُنَا ؟؟ .