أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: نهاية ظالم ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق

  1. #1
    الصورة الرمزية بوفاتح سبقاق أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2008
    العمر : 55
    المشاركات : 83
    المواضيع : 26
    الردود : 83
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي نهاية ظالم ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق

    كانت ليلة باردة جدا ، الدوريات العسكرية الفرنسية مازالت تمشط الشوارع و المنازل ، القصبة هذه الأيام تشهد الكثير من الأحداث
    إنها بالفعل حرب مدينة الجزائر التي إندلعت شرارتها بشدة ، في حين
    أن الثورة تسود كل المدن و الأرياف الجزائرية .
    في بيت معزول بشارع ضيق ، جلس الفدائي عمار ينتظر
    وصول رفقاءه ، يرتشف كوبا من القهوة و يطالع بكل إهتمام جريدة
    إستعمارية مليئة بالأكاذيب ، يا لها من عناوين مثيرة ، الإنتصارات في الميدان و ليست على صفحات الجرائد ، تحول المجاهدون الأبطال الى فلاقة و قطاع طرق ، و أضحت المعارك التي يقوم بها الثوار عبر كل نواحي الوطن ، أعمال شغب و حوادث معزولة .
    كلما زادت أكاذيب الفرنسيين إلا و ظهرت حقائق الميدان لتبين
    أن أيام المستعمر محدودة و الإستقلال آت لمحالة ، و فجأة سمع طرق خفيف على الباب و بطريقة مميزة جدا ، فعرف بأنه عيسى رفيقه في الكفاح .......
    - مرحبا عمار... هل جاء عبد القادر ؟
    - لم يأت بعد ، أنت تعرف أن عبد القادر يأخد إحتياطات كبيرة
    أثناء تحركاته ، إنه مازال متأثر بمحاولة القبض عليه المرة السابقة. .
    - سيدفع الثمن ذالك الخائن مسعود الجزار ، أنتظر أمر الجبهة بفارغ الصبر لكي أقضي عليه .
    - لا تشغل بالك به ، سيدفع الثمن قريبا ، و لكن التنفيذ أمر سري لا
    يعرفه أحد .
    - تفضل كوب من القهوة الساخنة ..
    - ربنا يكون في عون إخواننا المجاهدين في الجبال..
    - الدفء الحقيقي لا يكون سوى في الجزائر المستقلة ، مهما كانت الطبيعة قاسية معنا ، فإن قساوة المستعمر لا توصف ، قتل تشريد و تعذيب .

    - الحمد لله الجبهة قامت بدورها في الخارج و كل العالم أضحى يعرف فظائع المستعمر الفرنسي .
    بعد دقائق من الحديث حول ظروف عمل الجبهة في مدينة الجزائر
    و صل عبد القادر أخيرا ، حاملا معه أوراقا كثيرة ، تدل على أن الإجتماع سيكون مصيري و مهم جدا .
    كان عبد القادر القائد الفعلي للمجموعة ، يعرف خبايا القصبة و يدرك بأن المعركة ستكون حاسمة مع العدو ، تعليمات الجبهة واضحة ، لابد من تكبيد العدو أكبر قدر من الخسائر ، إن نقل المعركة من الجبال و الأرياف الى قلب العاصمة سيكون البرهان الساطع على نجاح الثورة .
    تصفح عبد القادر أوراقه بكل إهتمام و طاف ببصره عبر أرجاء الغرفة الضيقة ثم نظر الى رفقاءه قائلا :
    - تعرفون بأن الوضعية صعبة جدا ، بالأمس فقط قبضوا على فدائيين في أعالي القصبة و اليوم كما تعرفون تشن الشرطة الفرنسية هجوما مكثفا من كافة المداخل ، لابد من ضربة سريعة و خاطفة نستعيد بها سيطرتنا على هذه القلعة .
    - ربما يكون الفدائيون قد قاموا بعمليات ناجحة و لم نسمع بها بعد أضاف عيسى .
    - لم تصلني أي أخبار جديدة و لكن وصلتني أوامر من الجبهة للتخلص من ضابط شرطة كبير إسمه مورياك .
    - نحن جاهزون لأي عملية كما تعرف و أي قرار يأتي من القادة فحتما سيكون في مصلحة الجبهة و الجزائر .. قال عمار
    - المجرم مورياك قام بقتل و تعذيب عشرات الجزائريين بمركز الشرطة و رمى بالجثث في المزابل .
    - سيدفع الثمن غاليا هذا الوغد ..
    - لقد قام مورياك أيضا بتعذيب الطلبة في الإضراب الأخير و أصابهم بعاهات مستديمة ، يقولون إنه وحش في صورة إنسان .
    - أنني أتشوق لتفيذ حكم الجبهة فيه ...
    - كما تعرفون لكل عملية خطة و يتعين أن تكون خطواتنا مدروسة
    و محكمة ، العدو لن يرحمنا و الجبهة لن تتغاضى عن أخطاءنا ... أضاف عبد القادر .
    - تفضل أيها القائد نحن في الإستماع لمعرفة تفاصيل هذه الخطة التي ستكون ناجحة بإذن الله .. أردف عيسى
    - لقد قمت بمراقبة الضابط مورياك منذ أيام و عرفت كل برنامجه اليومي ، تأتيه دورية كل صباح تأخذه الى مقر الشرطة تتكون في الغالب من ثلاثة رجال شرطة بما فيهم السائق ، يبقى في مكتبه الى المساء حيث ينتقل من جديد الى مسكنه و في الطريق يقتني أحيانا بعد الحاجيات من متجر كبير و غالبا ما يدردش قليلا مع صاحب المحل ثم يواصل مشواره بحماية رجاله .
    - يمكننا أن نضع له كمينا في طريقه أو نهجم عليه أثناء خروجه من المنزل في الصباح . قال عيسى .
    - نسيت أن أخبركم بأن هناك حراسة دائمة على مسكنه ، حيث يتناوب على هذه المهمة شرطيان . أضاف عبد القادر
    - لابد من دراسة كل الإحتمالات الممكنة و لابد من توفير كل ضمانات النجاح ، الأمر يتعلق بمكانة الجبهة في نفوس كل الجزائريين
    تأكدوا بأن أي عملية ناجحة ستكون بمثابة خطوة صحيحة نحو تلاحم المناضلين و ترسيخ الإستقلال كهدف منشود .

    تم إستعراض كل الخيارات الممكنة و النتائج المتوقعة ، و من الواضح
    أن الضابط الفرنسي يحظى بحماية دائمة ، لابد من إيجاد الثغرات المناسبة عبر كل الأمكنة التي يتواجد بها من أجل ضمان نجاح العملية.
    و فجأة تدخل عيسى بكل نرفزة و عصبية .
    - ضيعنا الوقت الكثير في مناقشة أمر هذا المجرم ، المهم أن يموت
    كما أرادت الجبهة ، نحن فداء هذا الوطن و لا يهمنا رد فعل رجال الشرطة المرافقين له ، نموت و يحي الوطن ..
    - حافظ على هدوءك يا أخي ، أنا لا أشك في وطنيتك و لكن كما تعرف
    فإن خروجنا سالمين من هذه العملية سيجعلنا نقوم بعمليات أخرى و نواصل الجهاد من أجل الوطن حتى نيل الإستقلال .. أجاب عبد القادر
    - كلامك صحيح ، نحن مستعدين أن نموت من أجل الوطن و لكن إن إستطعنا أن نبقى أحياء سنقدم خدمات أخرى جليلة لبلادنا ... أضاف عمار ..
    - يمكننا أن ننفذ هجومنا عليه ساعة خروجه من بيته في الصباح الباكر
    ستكون يقظة رجال الشرطة أقل ، أو نباغته في السيارة أثناء عودته أو ذهابه لمركز الشرطة ، واحد منا يتكفل بتغطية الإنسحاب و الهجوم و إثنان يطلقان النار على الضابط و مرافقيه .. لسيت لدينا بدائل أخرى .
    ما إن أكمل عبد القادر تدخله حتى ساد الغرفة سكون تام ، لم تقطعه سوى النوافذ التي تعبث بها الرياح ، لقد قامت المجموعة بعدة عمليات
    ناجحة و لكن علمتهم التجربة أن يأخذوا إحتياطاتهم عند التخطيط لأهداف جديدة .
    المستعمر لديه إمكانيات كبيرة و جواسيس في كل مكان ، الإرادة و التضحية و الكثير من اليقظة و حسن التدبير من أجل تحقيق النتائج المطلوبة ، رقعة المواجهات توسعت عبر كل أنحاء الوطن و جبهة التحرير لديها شبكة معلومات فعالة و عليه فإن نوعية و دقة العمليات يجعلان العدو يفقد توازنه و عندما يصل الى هذه المرحلة تكون الجبهة قد كسبت أوراقا جديدة .
    - لدي فكرة أخرى قد تقلب كل الموازين ، سنقضي على الضابط مورياك في مكتبه بمركز الشرطة ... ما رأيكم ؟ سأل عبد القادر
    - يا لها من فكرة غريبة ، الأمر ينطوي على كثير من الخطر ، و نسبة النجاح ضئيلة فمركز الشرطة كما تعرف به عشرات بل مئات من رجال الشرطة الذين يعج بهم المكان ، البطولة شيء رائع و لكن المغامرة الغير محسوبة قد تضرنا ، محاولة من هذا النوع قد تكون فاشلة ... قال عيسى ...
    - و لكن هل لديك خطة واضحة قابلة للتنفيذ ؟ سأل عمار .
    سكت عبد القادر ، في ظل هذا النقاش الساخن يتعين عليه أن يقوم بتجميع أفكاره الآن ، إن قتل الضابط المجرم في مكتبه سيكون ضربة قاسية إن نجحت العملية ، و لكن كيف سيتم الدخول الى مركز الشرطة؟ هذا هو السؤال الصعب الذي يتعين الإجابة عليه ، و فيما كان يفكر في الأمر و يتأمل رفاقه ، سطعت بذهنه فكرة ستقلب كل الموازين ... إرتشف ما تبقى من كوب القهوة و قال بكل ثقة :
    - سيقوم أحدنا بتفيذ حكم الجبهة على المجرم في مكتبه ، عيسى أنت
    لست محل بحث من طرف الشرطة الإستعمارية ، يمكنك أن تقوم بهذه المهمة .
    كان عبد القادر يملك إجابات لكل الأسئلة المحتملة ، إستمرت الجلسة عدة ساعات ، و عند قرب حلول الفجر ، تم الإتفاق على موعد التنفيذ و الخطة التي سيتم إتباعها .
    جاءت ساعة الحسم ، في هذا اليوم سوف يتحدد مصير مورياك ..
    هذا الأخير خرج من بيته كعادته مرفقا بحمايته المعهودة الى مركز الشرطة ، سيجد حتما في إنتظاره وجبة بشرية جديدة ، إنه مصاص
    دماء ، لا يمل ، التعذيب أضحى هوايته المفضلة ، لقد أبدع في تقنيات الإستنطاق فهو يحظى بدعم مباشر من قادته و خاصة و أن الغطاء السياسي قد توفر لممارسة التعذيب في الجزائر ، فقد تم إعتبار ما تقوم به السلطات الإستعمارية بمثابة رد فعل على التفجيرات التي تقوم بها الجبهة في الأماكن التي يرتادها المعمرون ، القبض على حاملي المتفجرات أضحى حق شرعي .
    في هذه الأثناء كان الفدائيون الثلاث يقتربون من المنطقة ، فقد حاولوا
    قدر الإمكان تفادي الشوارع التي توجد بها حواجز شرطة أو عسكر ستكون ناجحة ، الله معنا و الشيطان معهم ، هكذا حدث عبد القادر نفسه لقد نفذت المجموعة عدة عمليات في نواحي مدينة الجزائر و لكن اليوم سيكون الأمر إستثنائي نظرا لحساسية الهدف و نتائجه فالتخلص من مورياك سيكون ضربة تقضي كل طموحات رجالات فرنسا.
    الجهات العسكرية التي تشرف على قمع الفدائيين ستصاب بزلزال عنيف ، و الأمر كذالك سيفضح بكل تأكيد أكاذيبهم عبر الصحف الإستعمارية ، فقد تحدثوا كثيرا عن تفكيك الشبكة التي تقوم بالتفجيرات ، و لكن اليوم سيتم قلب كل الموازين ..
    عيسى كان متنكر بزي فلاح قروي يحمل قفة من التفاح الأحمر اللذيذ
    أصبح الآن يمشي وحيدا ، في حين تموقع عبد القادر و عمار على جانبي المركز في إنتظار إشارة الهجوم .
    واصل عيسى سيره حتى أصبح على بعد أمتار من المركز و لكن صراخ شديد أوقفه في مكانه .
    - قف أيها العربي الوسخ ، ما الذي أتى بك الى هنا ؟ سأله الشرطي الذي أشهر سلاحه .
    - إنني لا أحمل شيئا خطيرا ، أنظر القفة كلها تفاح لذيذ ، هل تريد واحدة ؟
    - لا أريد أيها الغبي ، هيا غادر المكان حالا و إلا سأطلق عليك النار في الحال .... أضاف الشرطي .
    تدخل شرطي آخر من بعيد ، كان يراقب ما يحدث.....
    - لا تخشى شيئا ، إنه فلاح مسكين يريد أن يهدينا الكثير من التفاح ليس كل الجزائريين أشرار ، الكثير منهم يحبوننا ، أظنك تعرف ذالك ..
    - إنها تفاحات لذيذة ، لقد قطفتها هذا الصباح من بستان السيد جورج أكيد أنكم تعرفونه ..
    - قل أنك سرقتها أيها العربي المقرف .... أضاف الشرطي الأول
    - أبدا ، إنها جزء من أجرتي لديه و كل ما أقوم به بعلمه .
    - و لكن هل إحضار هذه القفة ، هو السبب الوحيد لمجيئك ؟ سأل الشرطي الثاني ..
    - لقد جئت من أجل أمر خطير يا سيدي ....
    - هيا إسرع إخبرنا قبل فوات الأوان .... إقترب

    فتح الشرطي القفة و تأكد من محتوياتها و ظهرت على محياه إبتسامة و إستدار الى صاحبه مشيرا الى الفلاح المزيف ...
    - إنه بالفعل صادق ، يريد أن يهدينا تفاح لذيذ ، نبدأ بها هذا اليوم الجديد ..
    - و لكن هات ما عندك ؟
    - لدي معلومات خطيرة قد تفيدكم في القضاء على مجرمي جبهة التحرير ..
    - تكلم لا تخف ، ستكون لك جائزة إن صدقت معلوماتك .
    - لن أتكلم إلا مع رئيس المركز .... قال عيسى
    - و لكن نحن سنخبره بكل ما ستقوله لنا إطمئن من هذا الجانب .. قال الشرطي الأول .
    - الضابط مورياك لا يستقبل الحشرات أمثالك ، إنه لا يهتم سوى بالقضايا الكبيرة ... قال الشرطي الثاني .
    - يا سيدي أنا أيضا جئته من أجل أمر هام جدا ، هل القبض على زعيم مدبري تفجيرات الجزائر ، ليس قضية كبيرة ؟ قال عيسى

    إقترب الشرطي من زميله و همس في أذنه :
    - يبدو أن الأمر يستدعي الأهمية ، سأذهب حالا و أخبر مورياك بالأمر ، لا تتركه يفلت منك ، إنه فرصتنا للحصول على إجازة الى فرنسا إن صدقت معلوماته .

    أسرع الشرطي بالدخول الى المركز لإخبار الضابط مورياك بالزائر الغريب ، في حين أخد عيسى يوزع التفاح على كل شرطي يمر بقربه محاولا أن يستميل كل الوجوه في إنتظار الفرصة المواتية لتنفيذ مهمته ، كان الشرطي الذي بقربه يلتهم تفاحة كبيرة بكل شراهة ، تأمله عيسى بكل إهتمام محدثا نفسه ، تقتلون العباد و تأكلون الخيرات و سفنكم تنقل كل المحاصيل الى فرنسا لابد من تحرير البلاد سيأتي يومكم أيها الأوغاد.
    لاحظ الشرطي نظرات عيسى الغريبة نحوه فحاول إستدراك الموقف :
    - في الحقيقة لا يسمح لنا بقبول الأكل من الغرباء ، فقد يكون مسموما أنت تعرف الوضع خطير جدا هذه الأيام ، و لكن يبدو أنك فلاح طيب و هذا التفاح جاء مباشرة من الأشجار و لا أظن أن البساتين تكره الفرنسيين .
    - بالهناء و الشفاء أيها الشرطي الرائع ، السم لا يوضع سوى في القهوة أو الشاي ... أضاف عيسى .

    كان عبد القادر و عمار يراقبان عن بعد ما يحدث ، كل المؤشرات الأولية تدل على أن الأمور تسير على ما يرام ، إذا وفق عيسى في مقابلة الضابط مورياك سيقضي عليه بدون شك ، فقد زوده عبد القادر بمسدس صغير و فعال و خبأه بإحكام داخل لباسه ، القفة أسالت لعاب رجال الشرطة و لم يقوموا بتفتيشه بدقة و تم الإتفاق على أن يتم الهجوم بالرصاص و القنابل بمجرد سماع الطلقات الأولى من مسدس عيسى .
    و فجأة حضر مورياك شخصيا الى مدخل المركز ، و عليه علامات
    النرفزة و الغضب .
    - كل معتوه يأتي الى هنا ، تصدقونه ، اللعنة عليكم أيها الاوغاد
    قلت لكم ألف مرة لا مجال للثقة في الجزائريين كلهم أعداءنا بدون إستثناء ، أين هو هذا العربي الوغد ؟
    - إنه هنا تحت حراستي سيدي ... قال الشرطي الذي إنتهى منذ لحظات من أكل التفاحة الشهية .
    - هل تم تفتيشه جيدا ؟
    - نعم يا سيدي ، لا يحمل معه سوى قفة بها تفاحات لذيذة ... أضاف الشرطي.
    إقترب مورياك من عيسى و أمسكه من رقبته بشدة صارخا :
    - أي معلومات لديك ، هيا إسرع ليس لدي وقت .. سأل مورياك
    - لقد رأيت بالأمس آثار أقدام غريبة في مزرعة السيد جورج ، يبدو أن المجرمين يختبئون هناك .... أجاب عيسى
    - يا له من خبر رائع ، و هل هذا الأمر خطير ، لتأتي هنا و تضيع وقتي أيها النذل ...
    قام مورياك برمي عيسى على الحائط بشدة ، فسقط أرضا و أمسك بطنه متظاهرا بالألم ، يبدو أن مورياك جاء الى حتفه برجليه ، لن يضيع عيسى هذه الفرصة و في هذه الأثناء كان عمار و عبد القادر في كامل الإستعداد لبداية المعركة .
    - هيا إبعدوا عني هذا الكلب لو لم تكن قاعة التعذيب محجوزة اليوم لأدخلت هذا اللعين و طبقت عليه كل أساليب التعذيب القديمة و الجديدة .
    و حين أراد الشرطيان الإقتراب من عيسى ، أوقفهما مورياك بكل حدة .
    - لحظة ، هذا الفلاح الحقير أزعجني اليوم ، دعوني أتفحص القفة قد أجد فيها ما ينسيني غضبي ، قد تكون التفاحات أنظف من حاملها ..

    إقترب مورياك كثيرا من عيسى ، محاولا أخد القفة من يده اليسرى
    و لكن ما إن لامسها حتى وجد اليد اليمنى تطلق عليها ثلاث رصاصات في القلب ، فهوى على الأرض صريعا و في نفس
    الوقت أمطر عبد القادر و عمار مدخل المركز بالرصاص و القنابل و سقط الشرطيان بدون حراك .
    و إستطاع عيسى أن ينسحب سريعا الى شارع جانبي و كل رجال الشرطة الذين حاولوا اللحاق به وجدوا أنفسهم تحت مرمى النار .
    مورياك يسبح في بركة دماء ، و أخيرا وصل المجرم الى نهايته
    المحتومة ، لقد تمتع بتعذيب الجزائريين و لم يكن يدري بأنه سيكون ضحية قفة تفاح .
    يبدو أن الجبناء كثيرون داخل مركز الشرطة و لم يتمكن أي واحد
    منهم من تجاوز مدخل المركز و فجأة تعالى الصرخات من داخله .
    - الله أكبر ... الله أكبر ... تحيا الجزائر ... تحيا الجزائر



    إنها أصوات المعتقلين داخل المركز ، معاناة التعذيب لم تمنعهم
    من التعبير عن فرحتهم بنهاية المجرم مورياك ، و تعالت فيما بعد زغاريد النسوة من العمارات المجاورة ، إنه يوم أسود للمستعمريين
    و في لمح البصر إستطاع عمار و عبد القادر أن ينسحبا كل على حدى ، يبدو أن خروج مورياك من مكتبه ساهم في سرعة تنفيذ العملية ، وصلت التعزيزات الأمنية متأخرة ، و إجتمع عشرات من رجال الشرطة حول الضابط مورياك ، الذي شاءت الأقدار أن لا يكمل برنامجه التعذيبي هذا اليوم .




    بعد ساعة إلتقى الفدائيون الثلاث في القصبة ، الغرفة الضيقة و النافذة التي تتلاعب بها الرياح ، لم يتغير شيئا في المكان ، ماعدا
    نشوة النصر التي بدت على الجميع .
    - الحمد لله لقد نجحنا و قضينا على المجرم مورياك و خرجنا بدون خسائر .... قال عبد القادر .
    - كنت أفكر في كيفية قتله في مكتبه و لكنه خرج الى أجله
    إنها نهاية كل طاغية ... أضاف عيسى
    - يا إخوتي إنني أحس اليوم أن الإستقلال أضحى قريبا جدا
    أحلم باليوم الذي نعيش فيه بسلام و نتمتع بخيرات بلادنا ... قال عمار.
    - على ذكر الخيرات .. هل بقيت تفاحات في القفة يا عيسى ؟ سأل عبد القادر..
    - تصوروا بالرغم من كل التفاح الذي وزعته بقي معي أربع تفاحات
    تفضلا ، إنها بالفعل لذيذة ، يبدو أن نوعيتها المميزة ساهمت في نجاح عملية اليوم .... قال عيسى
    - سبحان الله حتى التفاح يقاتل معنا المستعمر ، إنها بالفعل أرض الثوار ... قال عمار متعجبا ...
    - لدي مفاجأة أخرى لكم .... قال عيسى
    - لقد توالت الأفراح هات ما عندك يا بطل .....
    أدخل عيسى يده تحت لباسه و أخرج مسدس جديد ..
    - لقد أخذت مسدس مورياك قبل إنسحابي ...
    - رائع إنها غنيمة رائعة ، سوف تسر القيادة كثيرا بهذه الأنباء
    سلاح إضافي معناه عمليات أخرى تسند لفدائيين آخرين ... قال عبد القادر .
    رائحة التفاح تملأ المكان و أخذ الفدائيون يستعيدون الأحداث و يحاولون تذكر كل التفاصيل ، الإنتصارات لا تهرب من الذاكرة و تبقى دوما في الأذهان ، تفاحة واحدة بقت فوق الطاولة ربما هي الأخرى تستعيد أمجادها و تفكر في مهمات جديدة أو أفواه جديدة .
    - أنتظر بفارغ الصبر جرائد الغد لمعرفة رد فعل السلطات الإستعمارية ...
    - لا تشغل بالك يا عمار ، لن يعترفوا بشيء ، أنت تعرف بأن الصحافة الإستعمارية تمارس الكذب الفاضح .... قال عيسى

    و فجأة سمعت دقات سريعة على الباب ، فتسمر الجميع في أماكنهم
    بإستثناء عمار ..

    - إنه إسماعيل ، أعرف جيدا دقاته ...
    إستعد عبد القادر و عيسى لمواجهة أي طارئ و توجه عمار الى الباب بكل حذر ، و بعد ثواني عاد رفقة الفدائي إسماعيل .
    تبادل السلام مع الجميع و جلس معهم و بدى واضحا أنه يحمل أنباءا أو تعليمات جديدة .
    - يا إخوتي قيادة الجبهة تبلغكم سلامها و تهنئكم على نصر اليوم
    و إن شاء الله تعود علينا هذا الإنتصارات بالهدف المنشود ، الذي لن يكون سوى الإستقلال .
    - نحن في خدمة الجبهة و الجزائر ، مورياك دفع ثمن جرائمه و كل المستعمرين أمثاله سوف يدفعون الثمن ... أضاف عبد القادر .

    - لقد أتيت أيضا لأطلعكم على العملية الجديدة التي ستنفذونها بالجزائر و التي ستزيد من هزائم المستعمر .... قال إسماعيل .
    - نحن مستعدين يا أخي و لكن قبل الدخول في التفاصيل
    تفضل هذه التفاحة التي بقيت من عملية اليوم ، أظنها تريد أن تبقى لتشارك معنا في العملية القادمة ... قال عيسى
    ضحك الجميع كثيرا لكلام عيسى الغير متوقع ، كانت الثورة تسري بين البشر و الحجر و الشجر ، من أجل هدف واحد طرد المستعمر و إستقلال البلاد
    __________________
    مدونتي:

    http://sebgag.maktoobblog.com/


  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    كأنك عمدت الى المباشرة في سردية القصة بطريقة جعلتها أكثر ميلا للخبرية كنص رغم ما احتوت من عناصر قصصية جميلة
    خطوات طيبة على طريق الأداء القصصي الجميل


    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.28

    افتراضي

    قصة تناولت الحدث بشكل كلاسيكي واعتمدت السردية المباشرة كوسيلة لنقل الأحداث ببشكل ممتابع وموصل للنهاية المحتومة لكل ظالم وطاغية.

    أحسنت في الطرح لولا بعض ضعف في اللغة وبعض مباشرة في الطرح وبعض إسهاب في بعض مواضع بلا داع!

    دمت متألقا محلقا!

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    اكثر ما نخرج به من الحرب مع الألم هو القصص الملونة بوجعنا وفرحتنا ونصرنا وهزيمتنا
    قصة من أرض الواقع موقعة بنصر الابطال وتعطينا أمل في شروق شمس الحرية على وطننا يوما
    سرد شائق وان طال وأسلوب ماتع مع حبكة شدتنا ونهاية مفتوحة لقصة أخرى
    جميلة ومعبرة
    بوركت

  5. #5
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    قصة نضال وجهاد بأسلوب تقريري تسجيلي واقعي وبأسلوب ماتع
    وصف دقيق للأحداث، وقدرة فائقة على شد الإنتباه ، والسفر يالمتلقي إلى
    النهاية الحتمية لكل ظالم طاغي.
    دمت بكل خير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. خيانة زوجية ... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30-04-2019, 08:27 AM
  2. إعترافات رجل مهم ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 04-12-2015, 11:57 PM
  3. الوفد المرافق له...قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-09-2014, 02:52 PM
  4. نهاية مديرعام ..........قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-07-2014, 10:16 PM
  5. الوفد المرافق له .... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-07-2008, 11:38 PM