االقدس عاصمة لاسرائيل.. ؟
لا ثمة علاقة ـ اية علاقة ـ بين القدس واسرائيل
ان اسرائيل التي نعرفها الآن في بداية الالفية الثالثة هي مستعمرة للصهاينة من شذاذ الآفاق الآتين من بلاد شتي.
وهؤلاء لا ينتمون الي العقيدة كديانة سماوية
كما ان العقيدة هنا لا تنتمي الي هؤلاء الآتين وهم يحملون معهم طائرات الاباتشي الامريكية وطائرات ال اف16 وقلوبا غليظة ودمارا وذبحا ورعبا لم يعرف التاريخ له مثيلا..
ان امريكا تتحدث عما لا تملكه لمن لايستحقه
فكما ان لمملكة بوش الابن الآن عام2002 تاريخا وحشيا في السيطرة علي الهنود الحمر وابادتهم قبل قرون ثلاثة, فان لمملكة الصهاينة الآن ـ الآتين من اقطار شتي وبقرارات غربية آثمة ـ تاريخا وحشيا مازلنا نعيشه في السيطرة علي الفلسطينيين من اهل البلاد ومعاملتهم معاملة تفوق معاملة الامريكيين للهنود بمراحل
ان المؤسسة العسكرية الامريكية تهب للمؤسسة العسكرية الصهيونية
ـ الامريكان او الصهاينة ـ لايملك ما يمنحه او يمارسه الآن باي اسم..
فمن يحاول ان ان يتحدث عن القدس للغير او للذات لايملك شيئا من التاريخ
ان الصهاينة الذين يعيشون الآن في الارض المحتلة ليسوا هم يهود التوراة, كما انهم ليسوا يهود التاريخ, فكيف ـ اذن ـ نسمع لمن يتحدث عن القدس علي انها عاصمة لمن هم خارج التوراة ـ كعقيدة ـ وخارج التاريخ ـ كزمن ـ, ثم نسمع لمن يتحدث عن القدس ـ زيفا ـ علي انها عاصمتهم التاريخية في حين ان التاريخ يتحدث عن يهود آخرين انثربولوجيا, ويهود اخرين عقيديا..
ان العلاقة بين من يستعمرون الارض العربية الآن والعقيدة اليهودية علاقة نفي
كما ان العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي علاقة اثبات..
وهنا ياتي الحديث عن هذه العلاقة الاخيرة.
ياتي بعد ذلك تلك العلاقة الاكيدة في القرآن بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي
بين مكة حيث اقيم الآن وبين بيت المقدس حيث ارنو..
وهذه العلاقة تصورها لنا الآية القرآنية التي نجدها في الآية الاولي من سورة الاسراء:
( سبحن الذي اسري بعبده ليلا من المسجد الحرام الي المسجد الاقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير)
الآية الكريمة اذن تمنح اقتناعا بالعلاقةبين المسجدين, وهي علاقة دينية تاريخية لا ريب فيها( بين يدي الآن عشرات من المصادر التاريخية في مكتبة المسجد الحرام التي تؤكد مثل هذه العلاقة:علي سبل المثال من المصادر القديمة.. الاثر في الطبري28/15 وابن الجوزي9/5 والدر المنثور165/4 والثعالبي ج3 والامام جعفر النحاس ج4 ومن المصادر الحديثة الطاهر بن عاشور, التحبير والتنوير ج3 الخ لخ)..
وهناك الكثير من المصادر والمراجع التي تؤكد هذه العلاقة الاكيدة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي
, ان هناك حديثا ينتهي بمصادره عديدة الي الرسول ـ ص ـ فحين يسال ابي ذر: قال قلت ياسرسول الله: اي مسجد وضع اول, فقال المسجد الحرام, قلت: ثم اي ؟ قال: ثم المسجد الاقصي, قلت: كم بينهما؟ قال اربعون سنة
ثم ان ـ وهذا استطراد بدهي لابد منه; فان العلاقة بين المسجد الاقصي وبيت المقدس علاقة عضوية.
اضف الي هذا ـ في تاكيد العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي هذه العلاقة الفريدة التي تصورها لنا الآية الكريمة في وصف ما حول المسجد الحرام( الذي باركنا حوله), فهي الدائرة حول بيت المقدس مهما تتسع اقطابها تظل مباركة, وهي ليست دائرة ضيقة تخص المسجد الاقصي كنطاق جغرافي فحسب, وانما تمتد الي المدينة نفسها( بيت المقدس)..
اضف الي هذا ان القرآن الكريم يذكر ان القدس كانت ـ في اول الامر ـ قبلة للمسلمين في الصلاة, فالرحلة من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي تتلازم بالرحلةمن القدس الي السماء بمايعرف( بالمعراج), وقد كان يمكن ـ كمايذهب الكثير من المفسرين ـ أن يجعل الله ـ عز وجل ـ رحلة الرسول( ص) الي السماء مباشرة من المسجد الحرام دون الذهاب الي الاسراء, اي الي المسجد الاقصي اولا, ثم ـ في هذا السياق ـ تتحدد الاهمية اكثر حين تتقرر الصلاة علي المسلمين وان يتقبل صلوات المسلمين في المسجد الاقصي الذي يتجه اليه المصلون وهم يتجهون اليه كقبلة ويستحضرون الله عنده في الصلاة..
والمعروف ان قبلة المسلمين الاولي كانت في المسجد الاقصي قبل ان تنزل الآية الكريمة بتحويل هذه الوجهة:
ـ قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره(144/2)
ـ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه
للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون(149/2)
ـ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام
وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره(150/2)
وقد يكون من المهم ان نشير الي امر بدهي, يسعي البعض الي تزييف الوقائع التاريخيه فيه, وهو ما يمثله عدد كبير من الكتاب الصهاينة اليوم, ممن يدعون ان المسجد الحرام ليس في القدس( وهو ما تردده كتب الاستشراق الصهيوني), فمن البدهي ان بين المقدس هو المكان الذي وجد في المسجد الاقصي, وكتاب معاني القرآن الكريم للامام ابي جعفر النحاس, كما ان البخاري وعديدا من كتاب الاحاديث الصحيحة يؤكدون هذا المعني, ففي بعض هذه الاحاديث نقرأ من قول الرسول صلي الله عليه وسلم قال: قمت في الحجر لما كذبني قومي, ليلة اسري بي, فانثنيت علي ربي, وسآلته ان يمثل لي( بيت المقدس) فرفع لي فجعلت الفت لهم آياته وهو ماجاء في البخاري ومسلم والترمزي بمعني قريب من هذا نقرأ في كل مرة( حديث صحيح حسن)
وحتي الاحاديث التي تذكر الاية الكريمة( ليلا من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي) تتفق جميعا علي انه بيت المقدس( تتفق في هذا تفسيرات الطبري4/15 والبغوي127/4 والقرطبي206/10 والرازي146/200..الخ).
ومن يراجع الاحاديث والتفسيرات القديمة والمعاصرةيعثر علي هذه الحقيقة: ان المسجد الاقصي هو بيت المقدس, ويخصص لسورة الاسراء بشكل خاص مساحات كبيرة بهذا المعني في المصادر القديمة والحديثة, ولاهمية هذه السورة نجد اسمها في المصاحف القديمة انها سورة بني اسرائيل بينما تاتي في المصاحف الحديث بالاسم( الاسراء) وسورة( سبحان) يتفق في هذا الطاهر بن عاشور حديثا وقبله الترمزي يثة.
ويلاحظ هنا بشكل خاص ان الطاهر بن عاشور كان اكثر من غيره من المفسرين ممن توقف عند هذه العلاقة الاكيدة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي بهذا الشكل, فهو يشير الي الدلالة الدينية في فائدة ذكر مبدأ الاسراء ونهايته فضلا عن التشريع الاجتماعي(يمكن العود هنا الي التحبير والتنوير خاصة ج3 ص16) راصدا هذه العلاقة الاكيدة بين المسجدين في هذا السياق
ان المسجد الاقصي هو ثاني مسجد بناه ابراهيم ـ عليه السلام ـ كما ورد ذلك عن النبيـصـ ففي الصحيحين عن ابي ذر قال قلت يارسول الله اي مسجد وضع في الارض اول؟ قال المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الاقصيـ قلت: كم بينهما قال: اربعون سنة) فهذا الخبر قد بين ان المسجدالاقصي بناه ابراهيم لانه حدد عبره هي من مدة حياة ابراهيم ـ عليه السلام ـ وقد قرن ذكره بذكر المسجد الحرام.
ورغم ان الطاهر بن عاشور يسقط في محظور الاسرائيليات في التفسيرات السابقه, ويتمهل احيانا عند التوراه ليوسع من تفسيره, فلا يلبث ان يرتد الي العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي اولا, ثم يؤكدعلي ان المسجد الاقصي هو كنايه عن بيت المقدس وليس منفصلا عنها كما يذهب العديد من المستشرقين الصهاينه المعاصرين الذين ينتمون الي الاجهزة لمخابراتية والمؤسسة العسكرية الصهيونية في آن واحد.
وهل نحتاج الي برهان لنذهب الي ان المسجد لاقصي هو القدس
وان قرار الكونجرس الاخير هو قرار طبيعي
انما غير الطبيعي فيه الا نلتفت الي العلاقة الاكيدة بين المسجدين.
وان العلاقة بين المسجدين هي التي يجب ان تدفعنا الي التنبه ـ اكثر واكثر ـ الي ان القدس ليست مدينة عربية فحسب, وانما هي مدينة تحمل رموزا عقيدية كثيرة تجاوز كل الاحداث المعاصرة
ان العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصي لا تحتاج لبرهان, إن الذي يحتاج الي برهان هو من يقول لنا متي يصحو هذا( العالم) الاسلامي متي؟؟!
منقول