على الشعب الأمريكي أن يعي اليوم بصورة جلية لا لبس فيها وبجميع أطيافه ومكوناته حجم القتل و الدمار والخراب التي سببته الألة العسكرية الأمريكية منذو قيامها بغزو العراق في 20/3/2003 ولحد الأن وخارج كل قرارات الشرعية الدولية والمعاهدات والمواثيق التي تربط الدول مع بعضها البعض, وما فعله الجنود الأمريكان المنتشرين في عراق الإحتلال من إنتهاك واضح وصارخ , والتنكيل بالمواطن العراقي بسبب وبدون سبب , و خارج كل المثل والأعراف والتقاليد التي يدعيها الجيش الأمريكي بتعاليمه العسكرية, والتي تتم دراستها في كافة الكليات والمعاهد العسكرية المختصة , سواء في حالة السلم أو الحرب , ولكن مع الأسف لماذا بدأ ت تتساقط مثل هذه المفاهيم كشجرة أصابتها الأرضة ونخرها السوس من الداخل وخصوصآ أن مثل هذه المفاهيم طالما أمنا بها كأمريكيين حقيقيين ,وأنتم اليوم ترون شبح فيتنام قد ظهر في المستنقع العراقي بأبشع صوره , وخصوصآ بعد أن أسقطت حكومتكم العسكرية البوشية الجديدة , كل هذه المفاهيم والمثل التي طالما تفاخر بها الجندي الأمريكي والذي بدأ اليوم أسلوبه أشبه بالذئاب المتوحشة و المتعطشة لدماء العراقيين البريئة , والتي تمثلة بأبشع وجوهها المختلفة في أعقاب, نشر صور تعذيب العراقيين من النساء والأطفال والشيوخ في سجن أبو غريب سئ الصيت, كأن الزمن يعاد كما في السابق بأبشع تفصيلاته في هذا السجن الكئيب الموحش, وكأن حكم على المواطن العراقي أن يذوق طعم المرارة واليأس والأحباط والذل والمهانة , ولكن مع الأسف أتت الصورة مغايرة عن ما كان يراه هذا المواطن الأصيل المغلوب على أمره , الذي أنهكته سنين الظالم والطغيان والذي نخر عظامه المرض والجوع والحصار الظالم , مع العلم أيها الشعب الأمريكي أن هؤلاء المسجونيين لا ذنب لهم لا من بعيد ولا من قريب بما يجري من أحداث على الساحة العراقية (( هكذا كتب السياسيين الأمريكيين حول هذا الموضوع )) , والذي أختلطت فيها المفاهيم, وأصبحت مقاومة المحتل توصف بالأرهاب في زمن العجائب البوشية , لإننا نعيش اليوم بعالم أشبه بالغابة , حيث القوي يأكل الضعيف دون رحمة أو شفقة , زمن أصبح فيه التمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق ضربآ من الجنون والخيال , وهنا نقول أنه الوجه المظلم والأسود الذي تمثله الأدارة الأمريكية الحالية (( المحافظين الجدد )) , و جميع شعاراتهم التي رفعوها بواسطة صبيانهم قبل العدوان والغزو على العراق, أثبتت أنها كانت شعارات جوفاء الغرض منها بالدرجة الأولى تبرير الغزو الهمجي الغير أخلاقي للعراق , وليذهب بعدها شعبه إلى جهنم وبئس المصير , وأن الأحتلال الأمريكي لم يكن لتحقيق الديمقراطية أو الحرية أو السلام للمواطن العراقي كما يزعمون هؤلاء , وقد سقطت جميع هذه الشعارات المزيفة نتيجة هذه الأفعال المشينة ونحن كذلك أذ أننا نخاطب بصورة لالبس فيها الوجه الأخر والمشرق والمتمثل بمعظم الشعب الأمريكي برفضه مثل هذه السياسات التي تقوم بها حكومته سواء أكان في العراق بالدرجة الأولى أو في مختلف مناطق العالم الأخرى, وخير مثال على ما نورده أعلاه هي حملة (( عائلات من أجل السلام )) التي قامت بها عائلات الجنود الأمريكيين , الذين قتلوا في مدن مختلفة من العراق, وكذالك أثناء أحداث(( 11/9 )), بقيامهم بالمساهمة الفعلية بأرسال مساعدات لأهالي مدينة الفلوجة المدمرة ((عروس المدن العراقية المقاومة)) , والمشردين أهلها الأن و البالغ عددهم حوالي 350 ألف مواطن , وخير مثال كذلك , ما قاله أحد الأباء (( فيرناندو سواريز ديل )) الذي قتل أبنه مؤخرآ في العراق (( قلوبنا مع أهالي الفلوجة وجميع أبناء الشعب العراقي الذين عانوا من الأحتلال لبلادهم ... جئنا اليوم إلى العراق لإظهار الوجه المشرق للشعب الأمريكي )) ...وقامت الأسر بمشاركة العراقيين في أحزانهم وخسارة أبنائهم ممن راحوا ضحية القصف الأمريكي الوحشي على مدينة الفلوجة مؤخرآ ونتيجة القنابل الأمريكية العنقودية والتي بلغ عددها أكثر من 20 ألف قنبلة لم تنفجر غير أقل من 20% منها فقط , مما يتسبب في المستقبل في خطورة هذه القنابل على العائدين من السكان في الفلوجة , ويضيف قائد الحملة فيرناندو (( ومن خطورة هذه القنابل أنه شاهد هذه القنابل العنقودية , التي تناثرت بالمئات على شكل قنابل صغيرة الحجم على مساحة واسعة لإحداث أكبر قدر ممكن من التدمير , وهي تقتل أطفالآ عراقيين ملأوا المستشفيات العراقية , أذا أن القنابل صغيرة الحجم وتشبه كرات التنس مما يجذب الأطفال إليها ويحاولون الإمساك بها فتنفجر فيهم )) , وتقول أحد الأمهات الذي قتل أحد أبناءها في العراق حيث تصرح (( على الرغم من كل ماعاناه العراقيون أثناء الحرب وإثناء الأحتلال فأننا وجدنا الأمر مدهشآ للغاية أن يقابلوننا بالصبر والتحمل وكذلك الود , أننا في أشد السعادة أن نعرف أن مساعدتنا لهم تساعد في إنقاذ الحياة وتساعد الأطفال , ولكن أهم شئ هو أننا نساعد في إنهاء ذلك الأحتلال البغيض الأثم الذي جلب الموت والمعاناة على الجانبيين , وأنها أسوأ أوضاع أنسانية يمكن تخيلها في هذه المدينة / الفلوجة )) , وهنا أيتها الحكومة الأمريكية الجديدة سنحاول أن نقتبس ونذكر بما جاء من قبل المثقفين والكتاب الأمريكيين بعض ما كتبوه بخصوص إحتلالكم, يقول هيوارد زين (( أي رؤية ( علمية ) للموقف في العراق أو أي وصفة لما نفعله ، يجب أن تبدأ من فهم حقيقة أن وجود الإحتلال العسكري الأمريكي في العراق غير مقبول أخلاقيآ , فبعد عام من الغزو أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرآ قالت فيه / يقتل عشرات الأشخاص غير المسلحين بسبب الأستخدام المفرط وغير الضروري للأسلحة المميتة من جانب قوات الأحتلال ضد المظاهرات الشعبية وفي نقاط التفتيش وعمليات المداهمة للمنازل , ويضيف التقرير كما أعتقل الأف المواطنيين تحت ظروف إعتقال قاسية وبشعة في أغلب الأحوال ويمتد الأعتقال لفترات طويلة وغالبآ ما لا يعترف بأعتقالهم أو وجودهم , والكثيرون منهم يتعرضون للتعذيب أو لسوء المعالمة وقد لقي من جراء ذلك الكثير من المعتقلين حتفهم داخل سجون الإحتلال )) , ويقول كاتب أخر في رفض مثل هذه السياسات القمعية في العراق من قبل قوات الغزو, السيد جون برادي كيسلنج (( الحقيقة أن الشخص الوحيد الذي يمكنه جمع العراقيين من حوله , هو ذلك الشخص البطل الذي يماثل ـــ جورج واشنطن ـــ ليقود العراقيين في حرب إستقلالهم عن الإحتلال الأمريكي , فالفارس العراقي (( المقاوم , الجندي المجهول )) الذي يأتي على حصانه الأبيض ليطرد الأمريكيين يستطيع بسهولة كبيرة دعوة الأمم المتحدة مرة أخرى إلى العراق كضيوف وليس كستارة للولايات المتحدة , وستتمكن أجهزة الأمن الخاضعة لهذا الرجل من فرض الأمن والقانون في العراق , في الوقت الذي عجزت فيه قوى الإحتلال عن فرضه )) ,ونورد كذلك ما كتبه القس الأمريكي أندرو كريلي في صحيفة (( شيكاغو صن تايمس )) وترجمها بتصرف ماجد الجميل , تحت عنوان (( لاسلام في أرض تشهد حربآ غير عادلة , حيث يكتب بمقالته / أسباب الحرب تغيرت ,من أسلحة الدمار الشامل , إلى الحرب على الأرهاب , ثم الحرية والديمقراطية لشعب العراق ( المزعومة ) وبعدها فشل المصداقية الأمريكية في العراق , جميعها خداع وتضليل , كل هذه الحكايات غير قابلة للتصديق , والحرب الإجرامية اللا أخلاقية قد خطط لها قبل هجمات 11/9 والتي لم يكن العراق طرفآ فيها , لكن أولئك الذين قتلوا ( من الجنود الأمريكيين في العراق ) راحوا ضحية كذبة كبيرة , إنهم إعتقدوا أنهم يقاتلون لمنع هجوم إرهابي أخر ضد الولايات المتحدة , إذن هم ليسوا مجرمي حرب , مجرمو الحرب هم ـــ ألهة النار ـــ كما يحلو لفريق السياسة الخارجية التابع لإدارة بوش الأبن أن يسمي نفسه , من أمثال بول فولفيتز , أحد أبرز مهندسي الحرب , ورامسفلد , وكونداليسا رايس , هؤلاء هم المجرمون الذين ينبغي أن يواجهوا تهمآ بأعتبارهم مجرمي حرب ـــ ويضيف كذلك ـــ أما الحقيقة , فالحرب التي خدعونا بها أصبحت مستنقعآ يصعب علينا الأن الخروج منه )) , وكذلك علينا أن نتذكر بكل فخر الموقف الشجاع الذي أتخذه المخرج العالمي الليبرالي الأمريكي ما يكل مور وفلمه الوثائقـــي فهرنهايت 11/9 , وكشفه عن الأسلوب الذي أعتمدته القيادة البوشية بالتضليل وتشويه الحقائق وتقديمها للشعب الأمريكي بخصوص هذه الأحداث , وكذلك ما فعله الكاتب الأمريكي الشهير سيمور هيرش الذي تصد لكل محاولات الأدارة البوشية بقيامها بأخفاء وتدليس المعلومات والتقارير وتهديد للصحفيين و قيامها بخلط الأوراق وكشفه للتقار ير المفبركة والدعائية ويكفي لهذه الحكومة في السابق أنها نجحت بالإنتخابات بواسطة التزوير , وحسب الأحصاءات الأمريكية الرسمية الأخيرة حيث صوت 57 مليون مواطن أمريكي ضد تجديد الفترة الرئاسية الثانية , هؤلاء نحن اليوم نقف لنخاطبهم بأعلى صوتنا من العر اق الجريح المحتل عسى أن يصل صدى الصوت إلى مسامعهم
وعلينا كذلك أن لاننسى ونحن نشاهد كل يوم الحرب الهمجية الجنونية من قبل قوى الإستكبار العالمي المتمثلة بدول العولمة الإستعمارية الجديدة , والتي خلفتها ظروف وتداعيات الحرب الباردة والتي تدور رحاها وبشكل واسع الأن في العراق وخصوصآ أن الأوضاع تسير من سيء إلى أسوأ , بهدف تطبيق مثل هذه النظريات المشبوهة , والقوالب الجاهزة المصنوعة في دهاليز المخابرات الغربية وأعلامه الموجه وفي مختلف مجالات الحياة سواء السياسية منها أو الأجتماعية أوالإقتصادية وحتى التعليمية , وأن لا ننسى حقيقة هامة لايغفلها إلا الذي في قلبه مرض وشعور بالنقص والدونية تجاه الأخر , مفادها أن هذا العراق العظيم بلد الحظارات والثقافات المختلفة يعيش الأن حالة حرب مستمرة مع رمز الإستكبار العالمي والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة بألتها العسكرية التدميرية للحرث والنسل وبصورة هسترية وجنونية والتي تتمثل بأبشع صورها اليوم في العراق والذي أمتد منذو الحصار الظالم الذي فرضته هذه القوى الغاشمة عام 1991 على الشعب العراقي تحديدآ وليس على نظام حكم صدام حسين السابق , وقد صمد خلال الحصار الجائر هذا الشعب وأعاده ما دمرته ألته العسكرية ولكونه بلد عظيم ولا يستسلم بسهولة لمثل هذا الأرهاب العالمي الذي تقوده دكتاتورية أمريكا العسكرية لجميع شعوب العالم المستضعفة , فقد قاوم الشعب العراقي الأبي وصمد بوجه جميع التحديات والظروف القاسية التي مر بها رغم عنف وقساوة النظام السابق والذي لايضاهي بمثيله الأن سوى حكومة العملاء والخونة والمنصبة من قبل الإحتلال الأمريكي , والذي فاقت بجرائمها الأن ما فعله النظام السابق بالشعب العراقي والمستمر إلى يومنا هذا , فذلك الصمود البطولي والأسطوري والمتمثل بالمقاومة العراقية الوطنية الحقيقية, والذي أعترف بها بوش الأبن بتصريحه لمجلة باري ماتش الفرنسية (( أن العراقيين الذين يقاومون الإحتلال ليسو إرهابيين )) , والتي تستمد قوتها من التراث الحقيقي العلوي الأصيل بأل البيت ( ع) وصحابته الأخيار , وهو مما يوغل في صدور أعداءه الغزاة وذيولهم وعبيدهم ومن لف لفهم من سقط المتاع , وينفثون سمومهم وحقدهم الأعمى ويجعلهم في حالة من الهستيريا العصبية والجنون العقلي للمنجزات التي حققتها المقاومة العراقية على أرض الرسالات الخالدة المتمثلة بفتيان أبابيل وسجيل وشنعار والتي يتم تشويه صورتها كل يوم بتفجيرات مفتعلة صادرة وفق تعليمات محددة من المنطقة الخضراء ... ومن هذا المنطلق فنحن اليوم نقف لنتذكر مع قدوم العام الجديد , والإحتلال إلى زوال مع عبيده وذيوله إن شاء الله , تلك المدن المقاومة التي صمدت بوجه الغزاة الأنكلو ساكسونيين وصمود أهلها الأبطال الميامين والذين كانوا يدافعون عن أرض الرافدين العظيمة ... ولكن يبقى لدينا سؤال أرجو أن نجد الأجابة عليه لدى الحكومة الأمريكية الجديدة (( هل أن جورج واشنطن !!! الذي قاده الثورة التحريرية التي أنتهت بإعلان إستقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 4/7/1786 عن بريطانيا العظمى حينها , هل كان أرهابيآ ؟؟؟ أم كان مقاومـآ؟؟ )) نتمنى أن تكون الأجابة بعيدآ عن التقية الأمريكية الجديدة ؟؟؟

صبـاح البـغـدادي
كاتب وناشط سياسي عراقي