أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الليبرالية الجديدة

  1. #1
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي الليبرالية الجديدة

    الليبرالية الجديدة


    يظل موضوع تدخّل الدولة في الاقتصاد شائكًا ، ويلعب دورًا مهمًا في شرعنة مصالح الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة على مستوى الدول فيما بينهم(الخارج) وعلى مستوى الدولة الواحدة ( الداخل). حيث "الحرية" الاقتصادية محكومة بدور الدولة كمتدخّل ضامن ومسيطر في فرض الحماية لتلك الحرية فصرنا نسمع عن "الاقتصاد الحر" المسؤول عن الظروف المناسبة لتحقيق الأرباح للشركات "القومية" من منافسة الشركات المنافسة ، والواقع يرينا السياسي المتمثل بقوانين ( الدولة) وقد أصبح أداة بيد الاقتصادي على عكس ما شهدناه عبر التاريخ ، فقوّة الدولة وتفوقها مرهون بفرض شروطها على الدول الأخرى وذلك بغاية تحسين وضعها في المنافسة العالمية. وهذا مشروط بالبقاء على اقتصاد قوي لاتؤثر فيه المنافسة بل تزيد من قوته.
    قامت المدرسة الليبرالية بانتشار أفكار (آدم سميث )في كتابه (ثروة الأمم) عام 1776. حين دافع عن إلغاء تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، وطالب بإزالة جميع الحواجز والقيود على التصنيع وعلى التجارة ، وعدم فرض التعريفات الجمركية. وأدى غياب ملكية الدولة إلى تنظيم عمليات الصناعة والتمويل، وبالتالي خلق مرونة في أسواق العمل الدولية ..فالدولة الأقوى هي التي تفرض المناخ الدولي لنشاطها أمام الدول الأضعف من خلال وضع القيود لحماية ذاتها خصوصًا بعد انهيار الاشتراكية وتفرد النمط الرأسمالي وقد غدت حرية الاقتصاد تؤسّس لنفي الحرية ذاتها وذلك بإبتكار انماط الاحتكار تفضي إلى انهيار شركات دول اوربا وآسيا وتمركز أخرى في رأسمالية اميركية تستغل تلك الدول ، وهو ما شهدته شركات بالغة الضخامة (متعدية القومية) مارست احتكار دفع الشركات الأقل ضخامة إلى الإفلاس عبر الاندماج المبرمج في النمط الرأسمالي جعلها متفوّقة تستحوذ بالتراكم العلمي والمعرفي واستثمار سعة الأسواق لصالحها سواء تم تنفيذ ذلك عن طريق مؤسسات مثل (صندوق النقد ) و(البنك ) الدوليين أو عن طريق اتّفاقات الشراكة أوعبر الضغط السياسي أو العسكري لأميركا. فشهدنا تراجع الدخل العام للعمال والموظفين بل وحتى تشريد مئات آلاف منهم ، حيث أصبح الاقتصاد تابعا لقرار الرأسمال الإمبريالي ..
    في ثلاثينيات القرن الماضي ظهر الكساد العالمي ، فقام الاقتصادي البريطاني ( جون مينارد كينز) بوضع نظريته التي تقر بتدخل الحكومات والبنوك المركزية لزيادة فرص العمالة وانقاذ الموقف . وصمم الرئيس الأمريكي (فرانكلين روزفلت) وفق مقتضى تطبيق إصلاحات الاقتصاد لإنقاذه من الركود. فعادت الدولة لتلعب دورًا جوهريًا لضمان تحقيق النفع العام ، حتى جاءت الثمانينات من القرن الماضي ، ومعها تقليص معدلات الأرباح للشركات المملوكة من كبار الرأسماليين. وظهور الليبرالية الجديدة كعقيدة اقتصادية مسيطرة على الفكر الاقتصادي خلال الربع الأخير من القرن الماضي وحتى يومنا هذا وذلك عبر برامج واسعة تستهدف: خصخصة وحدات القطاع العام ، وإزالة القيود الحكومية ، والفتح الكامل لأسواق السلع ورأس المال ، وإتباع سياسات اقتصادية كلية متشددة ... واعتلى الليبراليون الجدد سدة الحكم في كبرى الدول المتقدمة والمؤسسات المالية الدولية.
    ومن أجل كل هذا ظهر مفهوم الليبرالية الاجتماعية كحركة إصلاحية ترى أن من واجب الدولة الليبرالية توفير فرص العمل والرعاية الصحية والتعليم كحقوق مدنية. وهي حركة تدعو إلى احترام الحرية الفردية وتهتم بقدرة الأشخاص على المشاركة في العمل وتعتبر أن حق العمل وحق أجر مناسب على العمل لا يقل أهمية عن حق التملك ، فكانت تسعى لتقليل نسب التضخم وتقليل البطالة لتحقيق موازنة بين الحرية الاقتصادية والمساواة بما يخدم الصالح العام..لقد ظهرت بعض الأحزاب الليبرالية الاجتماعية كحزب (الديمقراطيين الأحرار) في بريطانيا ليعالج تعارض أخلاق التسلط الليبرالي ويسعى لإشراك العمال والموظفين في صناعة القرار والقيام بتشجيع انشاء مؤسسات باحثة التوفيق بين الحرية والمساواة .. وخلال حقبة التسعينات من القرن الماضي، كان الضغط من أجل تطبيق برامج الإصلاح الليبرالية الجديدة على الدول النامية أشد وأوسع حين فشلت الإصلاحات التي تم تنفيذها في حقبة الثمانينات بعد أن زاد اعتمادها المالي على الدول المتقدمة وعلى مؤسسات التمويل الدولية. كما ساهم انهيار الشيوعية في تتبع فروض الليبرالية الجديدة. وهنا علينا تأمل القيود التي تربط أيادي حكامنا وهي مكبلة بتطبيقات الليبرالية الجديدة المفروضة من الخارج! لنعود إلى ما بدأنا به هذا المقال من أثر وتأثير تدخل الدولة في الإقتصاد .. حيث "الحرية" الاقتصادية محكومة بدور الدولة كمتدخّل ضامن ومسيطر في فرض الحماية لتلك الحرية .. ولكن وللأسف فإن دولنا محكومة بقرار خارجي مفروض عليها يصعب الفكاك عنه خصوصًا بعد الربيع العربي المشوش في رؤيته لأساسيات الأقتصاد لدولنا .
    الإنسان : موقف

  2. #2
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.65

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل حلاوجي مشاهدة المشاركة
    الليبرالية الجديدة



    وهنا علينا تأمل القيود التي تربط أيادي حكامنا وهي مكبلة بتطبيقات الليبرالية الجديدة المفروضة من الخارج! لنعود إلى ما بدأنا به هذا المقال من أثر وتأثير تدخل الدولة في الإقتصاد .. حيث "الحرية" الاقتصادية محكومة بدور الدولة كمتدخّل ضامن ومسيطر في فرض الحماية لتلك الحرية .. ولكن وللأسف فإن دولنا محكومة بقرار خارجي مفروض عليها يصعب الفكاك عنه خصوصًا بعد الربيع العربي المشوش في رؤيته لأساسيات الأقتصاد لدولنا .
    عندما كنت صغيرة كانت جدتي تسرد علينا حال نساء جيلها عندما بدأن حياتهنّ الزّوجيّة في ظلّ حمواتهنّ المستبدّات، حيث كانت الحماة تفرض على كنّتها العمل طيلة النّهار، وأن تقوم بخبز الخبز، وحينما يحين موعد الطّعام تقول لها: " كلي يا كنتي تا تشبعي، مقسوم لا تاكلي، وصحيح لا تقسمي"

    وهذا هو حال بلادنا وحكوماتها واقتصادها، يريدون لها الاقتداء بما لديهم من حريّات، ويحرمونها الحريّة في ذات الوقت، فكيف لفاقد الحريّة أن يفهم مدلولاتها.

    سيبقى اقتصاد دولنا مقترنا بالآخر ما دامت الكلمة الأولى والأخيرة تعود إليه. وما دام حكّامنا قيودا وضعها ذاك المحتلّ ليضمن ولاء الدّول إليه ما دام الحاكم يقبع فوق أعناقنا.

    طرح رائع ومعالجة ذكيّة لقضيّة جوهريّة

    بارك الله بك أستاذي.

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الأستاذة الكريمة : فاتن .. اشكر مرورك العطر ...
    ولعلنا نسلط الضوء على أثر كينز على ظهور الليبرالية الجديدة .




    نظرية كينز:


    المفهوم الاقتصادي التقليدي يرتكز على تجميع الثروات الذي هو مقياس للتقدم الاقتصادي ؛ فهدف أي إنسان هو تكوين وجمع الثروة ( مفهوم القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود ) ، والدول كانت مخدوعة بهذا المفهوم فغايتها : تحقيق فائض في ميزان المدفوعات ينتج عنه تدفق الثروات من خارج البلاد لغرض رفاهية الداخل.
    وقد تنبه الناس بعد الكساد العالمي سنة 1929م والذي استمر حتى عام 1933م فجاء عالم الاقتصاد البريطاني كينز (المتوفى 1946م) في كتابه: "النظرية العامة في التشغيل والفائدة والعملة" ليقترح على الحكومة البريطانية زيادة الإنفاق الحكومي العام ؛ بهدف تنشيط الطلب وبحسب زعمه أن تراخي الطلب هو سبب مباشر للانكماش. وكانت غاية كينز : اجتناب البطالة بمواصلة إنعاش الاستثمار من قبل الحكومة و ينصح بثلاثة إجراءات : 1. إحياء الطلب الفعلي. 2. تسهيل توظيف الأموال في الإنتاج بتخفيض سعر الفائدة. 3. زيادة الإنفاق العام حيث يترجم إلى أجور ودخول تسهم في إنعاش الطلب.
    وهكذا تدخلت الدولة لزيادة الإنفاق العام كما إبقت على سعر الفائدة في أدنى مستوى ممكن



    فشل رؤية كينز ... وخطورة ذلك :


    لأن ارتفاع سعر الفائدة سرعان ما أدى إلى انتقال الثروة من الفقراء إلى الأغنياء. وارتفاع تكلفة السلع وبالتالي ارتفاع اسعار السلع فوق قدرة أصحاب الدخل المحدود ، وبالنتيجة الاحجام عن الاقتراض لأن الربح الذي يتوقع الحصول عليه من زيادة الاستثمار سيكون أقل من سعر الفائدة.... ولأنّ الحكومة تمول مشترياتها من الضرائب والقروض ، فإنها حين تزيد في الطلب ستسبب انخفاض القوة الشرائية للنقود عندما لا تقابل الزيادة في الطلب زيادة تماثلها في العرض.. لذا جاءت الليبرالية الجديدة بمفهوم جديد ملخصه : أنّ الاستهلاك أهم من الاستثمار وهذا وفق رؤية الأبحاث للعالم (كوزنيتش ) حيث يشترط أنّ الدخل الموجه للاستهلاك سيؤدي إلى ارتفاع مستوى المعيشة إلى درجة كبيرة ولاحظ معي كيف انحسر مفهوم ( ترشيد الإستهلاك ) وهذا ما شهدته اميركا في التوسع في الإنفاق على سلع الاستهلاك المعمرة أدى إلى امتصاص المدخرات.
    وهكذا ومع مجىء رئاسة وزراء بريطانيا بيد المرأة الحديدية مارغريت تاتشر عام 1979 التي سارعت إلى تبني نظرية ( الحرية المطلقة ) - تأثرًا برؤية الرئيس الأميركي رونالد ريغان - فمنحت الشركات الكبيرة دوراً مهيمناً في إدارة الاقتصاد ، وتراجع دور الدولة إلى مستوى التنظيم فحسب . في تحول جذري خطير بدأ بخصخصة قطاعات رئيسية .. فتضخمت أعمال الشركات الكبيرة، وأصبحت دولة داخل الدولة ، وفي نهاية الأمر تحولت إلى مؤسسات تتلاعب بالأنظمة والتشريعات الاقتصادية ، وتهمِّش دور الدولة اقتصاديًا ، وأصبح البلد محكوم بعوامل السوق المطلقة دون رقابة أو ضابط
    واليوم ونحن نتابع اوباما في الآونة الأخيرة يسعى إلى إعادة الاعتبار لدور الدولة في الاقتصاد لعل ذلك يوقف الانهيار المالي في الولايات المتحدة وباقي دول العالم . لعلنا نشهد نظرية جديدة توازن دور الدولة وتبرمج تدخلها في صنع القرار الإقتصادي وبالتالي مصير المليارات الستة التي تعيش فوق الأرض .. محكومة بقرار اقتصادي خاطئ !!

المواضيع المتشابهه

  1. خواطرمُغَرَّبْ في رأس السنة الجديدة
    بواسطة محمد حيدر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 01-03-2016, 04:58 PM
  2. الأندلس الجديدة ... والطاغوت على أبواب المدينة
    بواسطة مهند صلاحات في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-12-2004, 03:47 PM
  3. باركوا للفنانة الرائعة أميمة توليها متابعة دوحتنا الجديدة
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى أَخْبَارٌ وَإعْلانَاتٌ
    مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 22-09-2003, 04:08 PM
  4. تعالي يا فتاتي – بمناسبة الطفلة الجديدة
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-05-2003, 01:41 AM