بسم الله الرحمن الرحيم.
ايها السادة الافاضل ، ايتها السيدات الفضليات.
أهدي اليكم من التحية غصنا طريا، وورداً جنيا، أحمله أنفاس الشمال ... كما أهدي اليكم من السلام ما يفوت العد، ولا يقف عند حد. سلام عليكم كأخلاقه العذاب، ومحاسنه الرحاب.
صحافة غربية تعودنا ـ نحن العرب ـ على قراءتها و سماعها بشغف ظنًّا مناّ انها على الحياد التام . فإذا هي عصارة لؤم، في قرارة خبث. و في نقل الاخبار و الحوادث فهي كالكمأة لا أصل ثابت، ولا فرع نابت . قد أرضعت بلبان اللؤم، وتربت في حجر الشر والشؤم ... و نحن نلهث وراء ما يأتي به اعلامهم . و نصدق كل ما قيل عنا و يقال .
و إلاّ بما بماذا نفسر تصريح محامي صدام حسين عن الطريقة التي اعتقل بها الرجل... فأزاح ماكان مستورًا عندما حاولت الادارة الامريكية ترسيخه طيلة الاشهر الماضية في ادهان الرأي العام العربي قبل الامريكي من أن صدام كان داخل " غار " يوم توقيفه ... و الهدف بطبيعة الحال معروف ، و الغرض مكشوف ، و هو احداث أحدّ الانكسارات في الذات العربية ، التي كان جمهورها يتابع بألم و حسرة التدمير الشمولي لواحد من أهم و أكبر الاقطار العربية... حتى و ان كان مثل ذلك الغار ليس عيبًا على الاقل عند الاخوة الجزائريين . لأنه يمثل في الذاكرة الجماعية عندهم الغار الذ ي احتمى به و اختبأ بداخله مجاهدو جيش التحرير ، ابان حربهم التحريرية ضد القوات الاحتلال الفرنسية ...
و بهذه يتبين و للمرة الالف ان شجاعة الادارة الامريكية على الكذب بلا حدود...
و لكن ما يهمنا في هذا الموقف ليس هذه الادارة " التي لا يمكن ان تكون الاّ طاعونًا " كما وصفها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش . و انما يهمنا الاعلام الامريكي الذي يفترض ان يكون ارقى من مستوى ادارة بلده المريضة. فروّج قبل الحرب العدوانية على العراق ، و " لخطر اسلحة الدمار الشامل " العراقية بشكل هستيري و محيّر ، ليتبين بعد الحرب ان لا اثر لهذه الاسلحة ، مثلما تبين ان العراقيين أشرف من ان يستقبلوا محتل بلدهم بـ " الورود ".
اما اثناء الحرب ، فقد غطى مجريات العدوان ستمائة صحفي امريكي من على ظهور الدبابات الامريكية ، فروجوا لما لا يمكن تصوره من اكاذيب جنرالات الحرب ، و عندما وجدوا انفسهم في وضع لا يليق بمقام اعلام كيان يرفع شعار الديمقراطية و عقيدة التعددية في الرأي و في الموقف ، اعتذر بعضهم عن الدور الذي لعبه في هذه الحرب .
و السؤال الذي يطرح نفسه ، هــــو : هل الاعلام الذي استطاع كشف اسرار دقيقة حدثت في البيت الابيض ، كما هو الشأن لفضيحة " ووتر غيت " و بطلها ريتشارد نيكسون ، و اسرار " مونيكا " مع بيل كلينتون ، لم يكن باستطاعته التأكد حقيقة من ان لا وجود لأسلحة دمار شامل في العراق الذي ظل لأكثر من عشرية كاملة تحت رحمة اقمار التجسس الامريكية و تعسف لجان التفتيش الاممية ؟!...
و هل كان هذا الاعلام عاجزًا بالفعل ، عن معرفة الطريقة التي قبض و اوقف بها صدام حسين ، و هو الاعلام تربط الكثير من وجوهه علاقات وثيقة بجنرالات الحرب ؟...
ان الاعلام الامريكي يعرف كل " شيء " لكنه مع ذلك على استعداد للعب أقذر الادوار و احقرها مثله مثل ساسة بلـــده.
و لله في خلقه شؤون .