أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: الخطاب القرآني والخطاب السلطاني

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    Lightbulb الخطاب القرآني والخطاب السلطاني

    الخطاب القرآني والخطاب السلطاني



    بقلم الدكتور/ حاكم المطيري

    كيف صار دين التوحيد الذي وحد العرب وحررهم من كل أشكال العبودية لغير الله وأخرجهم من الظلمات والجور إلى العدل والنور دينا يقر الافتراق ويبرر الاستبداد ويدعو إلى الاستسلام للاستعمار ويغض الطرف عن كل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان؟! وكيف صار العرب ـــ الذين حملوا هذا الدين للعالمين ينشرون العدل والحرية والمساواة بين أمم الأرض حتى قال الله فيهم (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقال فيهم المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) : (إن العالم لم يعرف فاتحين أعدل ولا أرحم من العرب) ــ أسوء أهل الأرض مآلا وأضعفهم حالا لتخلفهم وتشرذمهم وتظالمهم يرسفون اليوم في أغلال العبودية ويفتقدون أدنى معاني الحرية تتصرف بأوطانهم وثرواتهم يد الاستبداد ومن ورائها أيدي الاستعمار ويباعون في أسواق النخاسة الدولية كقطعان الغنم السائمة والإبل الهائمة فلا يبدون حراكا ولا يحاولون عراكا؟! ليقف المصلحون من علمائها وأبنائها حائرين في معرفة علتها وأسباب عثرتها فهي من أكثر شعوب الأرض قابلية للخضوع للاستبداد الداخلي والاحتلال الأجنبي هذا حالها منذ احتلالها وهو حالها بعد استقلالها؟!


    إن وراء ذلك بلا شك أسبابا اجتماعية وسننا إلهية لا تتخلف نتائجها عن مقدماتها كما قال تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وكما قال سبحانه( فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) وهي تحتاج إلى تدبر ونظر وأول ما يجب البحث فيه وكشف خوافيه ما طرأ على دينها من تحريف وتبديل وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله ( إذا تبايعتم بالعينة وتركتم الجهاد ورضيتم بالزرع سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تعودوا إلى دينكم ) مما يؤكد أن دين المسلمين اليوم ليس هو الدين الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وكان سببا لظهورهم على الأمم بل هو دين اختلط فيه الحق بالباطل بل طمست فيه معالم الخطاب القرآني بتأويلات الخطاب السلطاني الذي قام علماء السوء باختراعه من أجل إضفاء الشرعية على كل انحراف تقوم به السلطة حتى نجح الاستعمار نفسه في توظيف هذا الخطاب السلطاني في خدمة مخططاته الاستعمارية في أرض الإسلام باسم الإسلام فإذا الأمة تتقرب إلى الله بالاستسلام لعدوها وترى ذلك من طاعة الله ورسوله وهو ما لم يخطر على بال أعداء الأمة أن يجدوا الطريق أمامهم مفتوحا باسم الدين والإسلام والقرآن ؟! لقد تولى كبر هذه الجريمة الأحبار والرهبان وعلماء السلطان الذين قال فيهم الإمام عبدالله بن المبارك


    وهل أفسد الدين إلا الملوك 000 وأحبار سوء ورهبانها ؟!


    لقد ظهر البون شاسعا والفرق واضحا بين الخطاب القرآني والخطاب السلطاني في مضامينهما وغاية كل منهما وثمرتهما فقد جاء الخطاب القرآني ليحرر الخلق كافة من كل أشكال العبودية لغير الله تحت شعار (لا إله إلا الله) وليخرجهم من الظلمات إلى النور كما في قوله تعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) وجاء الخطاب السلطاني اليوم ليعيد المسلمين إلى حظيرة العبودية بكل أشكالها لخدمة الآلهة البشرية (الملوك والرؤساء) في الخضوع لهم وعدم الاعتراض عليهم والتذلل بين يديهم لكون طاعتهم من طاعة الله ورسوله مهما حاربوا الله ورسوله أو صادروا أحكام القرآن وحقوق الإنسان؟! وبلغ تأله الأصنام البشرية أن نازعوا الله في أخص خصائص الربوبية كما في قوله تعالى (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون) (وله الحكم وإليه ترجعون) كما تنازعه الآلهة الحجرية (القبور والأضرحة) بأخص خصائص ألوهيته (وإياي فاعبدون)؟!

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    جاء الخطاب القرآني بالتوحيد الخالص فلا إله إلا الله ولا ملك إلا الله ولا مالك إلا الله ولا خالق إلا الله ولا حاكم إلا الله ولا رب إلا الله كما قال تعالى (وله كل شيء) (له ملك السماوات والأرض)(ألا له الخلق والأمر) (إن الحكم إلا لله) فهو سبحانه (رب الناس ملك الناس إله الناس) وجاء الخطاب السلطاني ليجعل مع الله آلهة أخرى من الأصنام البشرية (الرؤساء والعلماء) يخضع الجميع لحكمهم ويسلموا لقولهم مهما بدا بطلانه واضحا وتناقضه فاضحا فتحالف الفريقان (السلطان والرهبان) ليعطلوا هدايات القرآن من أجل أهواء السلطان فإذا هم أرباب من دون الله كما في قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويشايعون أهواء الملوك فإن شاءوا صار القتال جهادا وإن شاءوا صار إرهابا فطاعتهم من طاعة الله ؟!

    جاء الخطاب القرآني بالعدل والقسط ( قل أمر ربي بالقسط) وجعل الغاية من أحكامه وتشريعاته أن يقوم الناس بالقسط ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) فالجميع تحت حكم الله سواء لا فضل فيه لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى وجعل سبب سقوط الأمم الظلم كما في الحديث (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) فجاء الخطاب السلطاني ليرسخ أسوء أنواع الطبقية والتظالم فالأمراء طبقات والعلماء طبقات والناس طبقات ولكل طبقة حقوقها ومخصصاتها ومميزاتها وامتيازاتها طبقات وظلمات بعضها فوق بعض؟!

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    جاء الخطاب القرآني ليقرر (إنما المؤمنون إخوة) وكلكم من آدم وآدم من تراب فعبر عن المساواة بأوضح معانيها وصورها باستعمال لفظ الأخوة التي تدل على المساواة المطلقة بين المؤمنين وجاء الخطاب السلطاني ليرسخ مبادئ الجاهلية فإذا في كل مجتمع إسلامي مسلمون بلا هوية ومواطنون بلا جنسية يمارس المجتمع ضدهم أبشع أنواع الظلم والاضطهاد ثم لا يجد أحبار السوء غضاضة من تبرير ذلك باسم المصلحة الوطنية؟!


    جاء الخطاب القرآني ليقرر حرية إبداء الرأي وحق نقد السلطة كما قال تعالى في وصف المؤمنين (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وكما في حديث البيعة الصحيح (وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) وحديث (دعوه فإن لصاحب الحق مقالا) وحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ تحريم نقد السلطة تحت شعار (أول الخروج الكلمة)؟!

    جاء الخطاب القرآني بمبدأ (وأمرهم شورى بينهم) وأكد مبدأ (الإمارة شورى بين المسلمين) وحرم اغتصاب السلطة كما قال عمر (من بايع رجلا دون شورى المسلمين فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه) فلا توارث فيها ولا استبداد ولا إكراه بل شورى وحرية ورضا واختيار وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ استلاب حق الأمة في اختيار السلطة وليرسخ سنن كسرى وقيصر وليضفي الشرعية على مبدأ توارثها (فمن غلبنا بالسيف فنحن معه)
    ؟!

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي


    جاء الخطاب القرآني بمبدأ (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وأوجب نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم كما في الحديث ( ولتأطرنه على الحق أطرا ) و( من قاتل دون ماله فهو شهيد ومن قاتل دون دينه فهو شهيد ومن قاتل دون عرضه فهو شهيد ) و( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر ) وجاء الخطاب السلطاني ليقرر مبدأ ( اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك ) وإن كان السلطان ظالما جائرا في الأخذ والضرب؟!


    جاء الخطاب القرآني بالقتال في سبيل الله ( وقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) وأوجب قتال من اعتدى على المسلمين فقال ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) وأوجب الجهاد دفاعا عن المستضعفين (وما لكم لا تجاهدون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) وجاء الخطاب السلطاني ليصادر على الأمة حتى حقها في الدفاع عن نفسها فلا قتال إلا بإذن الإمام وبما أنه لا يوجد إمام فلا قتال وإن احتل العدو الكافر الأرض وانتهك العرض فإذا الخطاب السلطاني صورة للخطاب القادياني؟!

    جاء الخطاب القرآني بوجوب جهاد الكفار والمنافقين (جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم) (لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى) وجعل شعاره (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وجاء الخطاب السلطاني ليوجب على المسلمين الخضوع للمنافقين والملحدين وجعل طاعتهم من طاعة الله رب العالمين؟!

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    جاء الخطاب القرآني بالوحدة وأوجب على المسلمين الاجتماع وحرم عليهم الافتراق (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وحرم السمع والطاعة لخليفتين (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الثاني) وجاء الخطاب السلطاني بترسيخ الفرقة وتجويز تقسيم دار الإسلام إلى خمسين دويلة كما أراده أعداء الأمة ولكل حاكم فيها بيعة وطاعة؟!

    وجاء الخطاب القرآني ليحفظ على الأمة ثروتها فحرم الاستئثار بأموالها ومنع من العبث بها (ولا تأتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) وأمر بتقسيمها تقسيما عادلا وفق مبدأ (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وجاء الخطاب السلطاني بتفويض السفهاء في ثروات الأمة فإذا ميزانيات دولها وأموال شعوبها التي تموت جوعا وتعيش فقرا تحت تصرف سفهائها وبيد أعدائها فلا يجد علماء السوء من أحكام الله ورسوله في شأن الأموال إلا جواز الأخذ من هدايا السلطان وأعطياته (فما جاءك من هذا المال بلا استشراف فخذه) فإذا هم شركاء للسفهاء في استباحة أموال الأمة ليصدق فيهم قوله تعالى (إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) وقوله (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)؟!


    لقد كانت ثمرة الخطاب القرآني ظهور هذه الأمة ــ التي كانت من أضعف الأمم حالا ــ على أهل الأرض قاطبة لتنشر العدل والحرية والرحمة وتقيم حضارة علمية وإنسانية استظلت البشرية تحت ظلها ألف عام وكانت ثمرة الخطاب السلطاني ــ الذي يحمل في طياته بذور فناء الحضارة ــ ما نراه اليوم من تخلف تلك الأمة وانحطاطها على نحو خطير كما تؤكده التقارير والدراسات الدولية مما يوجب على المصلحين المخلصين من أبنائها وعلمائها إحياء الخطاب القرآني وإعادته من جديد والتصدي للخطاب السلطاني الذي وظف الإسلام في خدمته عقودا طويلة حتى ضعف حالها وازداد اضمحلالها وصدق الله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : رفح
    العمر : 69
    المشاركات : 488
    المواضيع : 188
    الردود : 488
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي مصطلحات الحكم الجبري

    إن المتتبع لأحوال المسلمين اليوم لا يخفى عليه ما نمر به من أحوال سيئة بالغة الخطورة، ومن ضيق يكاد يلفنا من كل جانب. فقد جاء في الحديث الشريف واصفاً ما سيمر به المسلمون من مراحل فقال: "تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون" ذكر بعدها "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" بعد ذلك ذكر الملك العاض، والملك الجبري ثم ذكر "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".
    ومن هنا جاء محور المقالة هذه، حيث ذكر العصر الذي نعيش به، ووصفه بالحكم الجبري الذي نسأل الله أن نكون في نهايته.
    فهذا العصر الذي وصل فيه المسلمون إلى أسوأ حال، كثر فيه الحديث عن التغيير من قبل المسلمين للخروج منه، وعودة المسلمين إلى سابق عهدهم، وكثر فيه العمل أيضاً من قبل الكفار وأعوانهم، مستخدمين كافة الأساليب ومختلف الطرق، لمنع عودة الإسلام إلى الحكم، ومنع نهضة المسلمين، وإعادة الخلافة الراشدة.
    فقد استخدمت ألفاظ ومصطلحات كثيرة للتضليل، ولحرف المسلمين عن الطريق الصحيح، وتمييع العمل الإسلامي.
    وهذا ما أرت أن أسلط عليه الضوء في مقالتي هذه، حيث سأستعرض بعض ما استخدم من مصطلحات ومفاهيم من قبل الكفار وأعوانهم، وما استخدمه حملة الدعوة من مصطلحات أطلقت عليه مصطلحات الحكم الجبري أو مصلحات المرحلة.
    إن فهم المصطلحات والمفاهيم، ومعرفة مدلولاتها، والتمييز بينها وغيرها، يتطلب معلومات خاصة توضح ذلك، فلمعرفة المصطلحات لا بد من معارف لغوية تمكن من فهم هذه المصطلحات. والتمييز بينها يتطلب معارف من نوع آخر، مثل المعارف الشرعية والعلمية والثقافية، والناس متفاوتون فيها وفي إمكانية الحصول عليها، وكذلك متفاوتون بالذكاء والقدرة على إدراك الأمور، تبعاً لما أنعمه الله على الإنسان من عقل.
    وما دام هذا التفاوت قائماً فالاختلاف في الفهم طبيعي بين الناس، وكان بارزاً في فهم الأحكام الشرعية، وهذا ما حصل في حوادث كثيرة بين المسلمين، فإذا كان هذا الاختلاف في الأحكام قد حصل مع الصحابة، رضوان الله عليهم، في زمن الرسول وبعده، وهم يحملون وجهة نظر واحدة، فمن الطبيعي الاختلاف في الأمور الأخرى، فكيف يكون حال المختلفين في وجهة النظر كالمسلمين والكفار؟! فكل ينظر إلى الأمور بحسب وجهة نظره، وبالتالي فإن حدوث الاختلاف طبيعي. فكل مبدأ أو وجهة نظر تسعى إإلى شيئين لضمان استمرارية وجود الإنسان حياً، وضمان السعادة له "إشباع كل من حاجاته العضوية وغرائزه"؛ لذلك وضعت المبادئ مفاهيم ومصطلحات وأفكار، ودخلت في صراع فكري وصراع مادي مع بعضها بعضاً لتحقيق ذلك.
    قد جاء الإسلام بمفاهيم ومصطلحات لتحديد هوية المسلمين، وتحديد المقاييس والقناعات والأفكار التي يجب أن يلتزم بها ويدعو إليها حتى يكون شخصية إسلامية مميزة عن غيرها، تحمل نظرة شاملة لجميع شؤون الحياة. وهذا يدعونا إلى تحديد طريقنا وعدم الخلط بينها وبين الطرق الأخرى، والسير في طريق واضح خطّه الرسول ، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِيَ﴾ [يوسف 108] وهذا يتطلب منا أن لا نتنازل عن هذه المصطلحات والمفاهيم التي رضيها الله سبحانه لنا، وأن لا نرضى بغيرها، وأن لا نرضى بالحلول الوسط التي بدأت تظهر في بداية القرن التاسع عشر؛ لتواكب العصر، وتحرفنا عن الطريق القويم المرسوم لنا من قبل الله عز وجل. قال تعالى: ﴿إِنْ الْحُكْمُ إِلاّ لِلَّهِ ﴾ [الأنعام 57].
    فالإسلام طراز خاص في الحياة متميز عن غيره كل التميز، وحياة المسلمين لها لون ثابت معين لا يتغير. ويحتم الإسلام عليهم التقيد بهذا الطراز الخاص، ويجعلهم لا يطمئنون إلا لهذا النوع من العيش، ولا يشعرون بالسعادة إلا به، متخذين من عقيدته أساساً لوجهة نظرهم ومقياسهم الذي يبنون عليه أفكارهم ومفاهيمهم التي تحدد سلوكهم، قال تعالى: ﴿فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه].
    أما المبادئ الأخرى، غير الإسلام، فهي مبادئ وضعية من قبل البشر -لا تلتقي مع الإسلام- والتي أُنشئت الدول الكافرة على أساسها، والتي تسعى لهدف الاستيلاء على خيرات البلاد الإسلامية، فتعمل ليل نهار على تشويه الحقائق، وإبعاد المخلصين، وإشهار أتباعها من المنتفعين والظلاميين والمضبوعين بثقافتهم والمتآمرين على إسلامهم، الذين يعملون على طمس الحقائق، والتعتيم على العمل الجاد الصحيح، وإظهار الأفكار والطروحات التي تناسبهم وتخدم مصالحهم.
    ولذلك يجب بيان طريقة الإسلام وتمييزها عن غيرها، يقول سيد قطب في الظلال "إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح، واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات. ذلك أن أي غبش أو شبه في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبه في مواقف المؤمنين وفي سبيلهم. فهما صفحتان متقابلتان، وطريقتان متفرقتان، ولا بد من وضوح الألوان والخطوط. قال تعالى: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾.
    ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين، ووضع العنوان المميز للمؤمنين، والعنوان المميز للمجرمين، في عالم الواقع لا في عالم النظريات، فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم، ومن هم المجرمون. وتحديد سبيل المجرمين وفهمهم وعلاقتهم بحيث لا يختلط السبيلان، ولا يتشابه العنوانان، ولا تلتبس المعالم والسمات بين المؤمنين والمجرمين.
    وقد ظهر تيار آخر كحلٍ وسط بين الإسلام المبدأ الإلهي والمبادئ الأخرى المتمثلة بالجاهلية أو الطاغوت. وقد نادى بهذا الحل بعض المعاصرين المشتغلين بالسياسة والتاريخ، بتأثيرات أجنبية غير إسلامية، طرحت أفكاراً مخالفة للشرع الإسلامي، معتقدة بأن هذا هو الحل الصحيح في الوقت الحالي، وهي لا تخلو من أحد احتمالين: إما الجهل، وإما الضلوع في المؤامرة على هذا الدين من قبل أعداء الإسلام للقضاء عليه والحيلولة دون عودته إلى الحكم، وكل سير في تأييد هذا الاتجاه والاعتماد على أصحابه هو موالاة لأعداء الإسلام الطامعين بالنفوذ في بلاد الإسلام وفي خيراته.
    ومن هنا فان على المسلمين أن ينتبهوا جيداً لما يجري حولهم من طروحات تعمل على محاربة هذا الدين باسم خدمته وتجديده. فبدأوا بإطلاق المصطلحات والمفاهيم التي سنطلق عليها اسم مصطلحات المرحلة. وهؤلاء المأجورون قد حذرنا الرسول منهم حيث قال: «أخوف ماأخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان» وقد أصبحت هذه المصطلحات تتناول من قبل أبناء الأمة الإسلامية، وخاصة الذين تلقّوا ثقافتهم في الدول الغربية الصليبية وعادوا بثقافته وعقليته، ويضاف لذلك إشراف الغرب المباشر وغير المباشر على وضع المناهج التدريسية المشتملة على هذه المصطلحات والتي تهدف إلى إبعاد المسلمين عن دينهم وتمييع مجتمعهم، بالإضافة لإفهام أقوامهم عن الإسلام المشوه، وقد بدأ هذا بالاستشراق الذي بدأ بعد انتهاء الحروب الصليبية، لدراسة الإسلام والرد عليه والكيد للمسلمين، فاستطاع أن يزعزع العقيدة الإسلامية في بعض النفوس عند المسلمين، وإقناعهم بعدم صلاحية الإسلام لهذا العصر.
    وحتى تكتمل الحلقة فقد نشأ دعاة أطلق عليهم اسم (المغرّبون) وقد نادوا بالتغريب، وسُموا المستغربين قياساً على المستشرقين، وهؤلاء وجه آخر من وجوه المستشرقين، ولكنهم أخطر، إذ إن ما يطرحه دعاة التغريب هو الإصلاح، والمهادنة، والحلول الوسط، وقد لبسوا ثوب المصلحين الأتقياء، وادعوا الغيرة على الإسلام، ولكنهم كانوا مسيرين من الكفار، ونادوا بفكرة عصرنة الإسلام لتتفق مع العصر، فروجوا إلى أن ما عند الغرب هو من أصل إسلامي، فيجب أن نأخذ به، وخلطوا بعض المصطلحات، إما قصداً، أو جهلاً بين الحضارة والمدنية، وما يؤخذ وما لا يؤخذ؛ لإضفاء صبغة دينية على مفاهيم الغرب وأفكاره، مع إضافة بعض التزيين والتلميع أو "الماكياج. وهي مصطلحات كثيرة يحتاج الواحد منها لكتاب لشرحه، وسأكتفي بالمرور على بعضها.
    ومن هذه المصطلحات الجديدة التي سنطلق عليها مصطلحات المرحلة أو مصطلحات الحكم الجبري.
    العلمانية: التي هي نقيض الدين، اللادينية، وهي مفهوم لنظام يعمل على إلغاء دور الدين في مختلف الأصعدة. والعلمانية ليست مشتقة من العلم، ولكن للخداع والتضليل، يقولون إنها بناء حياة وأنظمة قائمة على العلم؛ لأن العلم هو مطلب الجميع.
    حقوق الإنسان: فهو مصطلح غربي له مدلول نابع من وجهة نظر رأسمالية، أي نابع من فكرة فصل الدين عن الحياة، وهي عقيدة المبدأ الرأسمالي، وهي العقيدة التي تتناقض مع عقيدة الإسلام وتخالف أحكامه؛ لذلك يجب أن لا نستعمل هذا المصطلح؛ لأن هذا المفهوم يعني أن حقوق الإنسان هي من وضع الإنسان لتنظيم علاقاته وحياته، والأجدر بنا أن نستعمل مصطلحاً بدلاً منه، وهو الحقوق الشرعية للإنسان، النابعة من أن الإنسان عبد لله خلقه ووضع له نظاماً ينظم له حياته. ومفهوم حقوق الإنسان قد اتخذ من قبل الدول الكافرة بقيادة أميركا، ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، ومظهراً آخر من مظاهر الاستعمار.
    أما المساواة: وهي شعار يطلق كل يوم في وسائل الإعلام المحلية تحت عناوين كثيرة مثل: نضال المرأة للتأكيد على حقوقها، وأهمية مطالبها، وهذه المطالب نشأت بعد أن أصبحت المرأة سلعة ومتعة يلتهي بها الرجل، فهي عندهم مهضومة الحقوق، منحطة القدر. فمفهوم المساواة مفهوم غربي صُدّر على العالم الإسلامي لمحاربة أحكام الإسلام التي تتعلق بالمرأة في الإسلام. وفي الإسلام لا يوجد شيء اسمه مساواة، ولم يوجد في كتب الفقه، فالإسلام يقارب بين الناس ولا يساوي، ويستحيل أن توجد المساواة بين الناس في هذه الحياة. أما ما تطبقه الدولة على الأفراد، وما تعطيهم من حقوق، فهو من باب العدل. وليست المساواة بين الرجل والمرأة ذات بال في الشرع الإسلامي؛ لأن العلاقة بين الرجل والمرأة يحكمها نظام اجتماعي، جاء به الوحي من عند الله، يوفر السعادة الحقيقية للرجل والمرأة باعتبار أن كلاً منهما إنسان، وجاءت التكاليف الشرعية التي تعاجل تصرفات كل منهما، فقد جعل الإسلام للمرأة حقوقاً، وجعل عليها واجبات، ولم يبحث موضوع المساواة.
    الزواج المدني ومحاربة تعدد الزوجات: الزواج المدني يقوم على عدة أمور، منها منع تعدد الزوجات، وإباحة أن يتزوج الكافر من المسلمة، وإباحة التبني، وإباحة التوارث بين المسلمين والكفار، ومنع الطلاق بالتراضي، وهذا يؤدي إلى تفكك الأسرة المسلمة، حيث إنه يحارب أحكام الإسلام المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية، مما يؤدي إلى إقامة العلاقات بين الرجال والنساء على غير الشريعة الإسلامية، واتخاذ الخليلات.
    وقد عقدت عدة مؤتمرات بهذا الشأن، فمثلاً مؤتمر الأسرة في بكين، ومؤتمر السكان في القاهرة، بدعم من الأمم المتحدة؛ لتقوية الهجمة العالمية لمحاربة الإسلام، وإبعاد أحكامه الباقية المتعلقة بالنظام الاجتماعي بدعوى الحريات.
    الحريات: نشأت عند الغرب من فكرة فصل الدين عن الحياة التي أعطته حقه في أن يعيش حياته كما يرى، ولا يستطيع أن يمارس حياته هذه إلا إذا تمتع بحريته الكاملة: حرية الاعتقاد، وحرية التملك، وحرية الرأي، والحرية الشخصية. هذه الحريات التي أوصلت من يمارسها إلى درجة بهيمية منحطة لم تصل إليها البهائم، قال تعالى: ﴿إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾ [الفرقان] أما في الإسلام فلا توجد حرية سوى الانعتاق من العبودية والتي هي الرق، فالمسلم يفتخر بأنه عبد لله وحده، الذي جعل له نظاماً لا يجوز أن يتحول عنه.
    الحوار: مصطلح جديد عند السياسيين الذين يتبنون المفاهيم الغربية، وله واقع محسوس وغايات يراد تحقيقها، فهو يقوم على الديمقراطية، واحترام الرأي الآخر ولو كان كفراً. أما غاياته فهي إحداث الميوعة والتموج في المبدأ الإسلامي؛ لحرف المسلمين عن أهدافهم ومبدئهم؛ لخدمة الكفار، وإضفاء الشرعية على وجودهم، ومن أساليبهم إيجاد قواسم مشتركة بين الحركات الإسلامية والحركات العلمانية؛ لتتعايش سوياً بشكل متوافق.
    الديمقراطية: هي نظام كفر من إفرازات النظام الرأسمالي، وهي أن يمارس الإنسان إرادته، ويضع له نظاماً كما يشاء، وتستخدم من قبيل الضلال والتضليل؛ لإضفاء الشرعية على أنظمة الحكم التي لا تمثل الأغلبية كما يدعون.
    المعارضة: والتي هي من متطلبات النظام الديمقراطي. فتفاوت القدرات من إنسان لآخر ينشأ عنه اختلاف في النظرة إإلى الأمور، وفهم الوقائع والموقف الذي يجب أن يتخذ حيالها، بالإضافة إإلى تناقض المفاهيم، ووجهة النظر تحتم الاختلاف بين بني البشر. فالمعارضة هي اختلاف في المفاهيم ينتج عنها اختلاف في السلوك، وهي من متطلبات الديمقراطية، فلا بد من وجود حزب حاكم، ولا بد من وجود معارضة حتى تكتمل العملية الديمقراطية. فالمعارضة هي رأي الأقلية المخالف لرأي الأكثرية كما يدعون.
    وقد استغلت دول الكفر مفهوم المعارضة في بلاد المسلمين، ومكنت عملاءها من السلطة، وحرصت على دعمهم، وإضفاء الشرعية على وجودهم، فعملوا على إنشاء أحزاب المعارضة العاملة ضمن الدستور الوضعي لاحتواء المعارضين السياسيين المناوئين للسلطة. والمعارضة اليوم، أو الأحزاب السياسية المعارضة، هي جزء من السلطة، وقد استطاع الحكام، ومن خلفهم الدول الكافرة، احتواء بعض الحركات التي قد سارت حسب مفهوم المعارضة هذا. ضمن الدستور الوضعي، ووصفتهم بالمعارضة، حتى إن أحد الحكام قال: «لو لم يكن هناك معارضة لأنشأت أنا المعارضة». أما الحركات التي تلتزم بالأحكام الشرعية كاملة، وتحاسب الحكام وتكشف تآمرهم، فقد سميت بالحركات -المتطرفة والأصولية والإرهابية- لأنها لا تريد الحوار والتعايش مع أنظمة الكفر؛ لأنها مسألة حلال وحرام، جنة أو نار. فلا يجوز الارتماء بأحضان الحكام الخونة أو التفاهم معهم، فلا بد من محاربة فكرة الحوار، أو التعايش، أو المعارضة، أو التعددية الحزبية، حسب مفاهيم الكفر، ويجب كشف مضامينها.
    أما في الشريعة الإسلامية فيوجد ما يسمى بالمحاسبة التي هي فرض فرضه الله على المسلمين، والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة جداً، وهي أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد فرضه الله على الأفراد، وعلى الأحزاب، وعلى الأمة.
    العولمة: مفهوم غربي رأسمالي، ذو طابع اقتصادي في ظاهره استعماري في غايته، وظهرت هذه الكلمة في بداية التسعينات من القرن الماضي، وهي عبارة عن دمج وتطويع الاقتصاديات المحلية ضمن الاقتصاد العالمي، وهذا يقتضي إزالة جميع القيود والحواجز أمام انتقال الأموال والبضائع، وهي كلمة مشتقة من العالمية، والعالمية المقصودة هنا هي عالمية الرأسمالية.
    الخصخصة: هي تحويل المؤسسات الصناعية والمنشآت والمرافق، من ملكية الدولة أو الملكية العامة، إإلى ملكية الأفراد أو الملكية الخاصة، وتحجيم دور الدولة الاقتصادي.
    نشأت هذه الفكرة في الثمانينات من القرن الماضي وهي فكرة ابتدعها مستشار الرئيس الأميركي ميليون فردمان، والمستشار الاقتصادي لرئيسة وزارة بريطانيا فردريك هايك. وهي وجه من أوجه الاستعمار، حيث إنها تفتح الأبواب أمام دخول رأس مال الأجنبي للاستثمار "نهب ثروات العالم الثالث" وقد تهافتت بعض الدور لسن القوانين والتسهيلات للمستثمرين الأجانب (اللصوص البريئين الحريصين على اقتصاديات العالم الثالث) فهذه القوانين من شأنها أن تجعل مقدرات البلاد، من صناعة وموارد طبيعية، سهلة للسلب والنهب من قبل الدول الكافرة، والحكام المأجورين، الذين يسعون من هذا العمل؛ لزيادة رصيد أموالهم في البنوك الأجنبية، حيث تحول أثمان هذه الشركات والموارد.
    والشرع الإسلامي قد حدد الملكيات من عامة وخاصة وملكية الدولة، وجعل لكل منها أحكامها الخاصة للحفاظ عليها، فلا يجوز للدولة أن تتصرف بالأموال العامة وأموال الدولة إلا من خلال الأحكام الشرعية، فقد حرم الإسلام تحويل الملكية العامة إإلى ملكية خاصة حسب ما يدل عليه مفهوم الخصخصة، ومن جهة أخرى فان للدولة أن تمنح للأفراد من ملكيتها أو تبيعهم ما تشاء، ولكن إذا كان ذلك من قبيل رعاية شؤون الناس، وكان ممن لا يملك من قبل الأفراد، وإذا كانت هذه الممتلكات تتعلق بها حقوق عامة المسلمين فلا يجوز للدولة أن تبيعها أو تهبها لأحد، فالماء والبترول والملح والساحات العامة لا يجوز أن تعطيها للأفراد، وإن كان يجوز استخدامها من قبلهم.
    الشرعية: الأصل في هذه الكلمة أنها مصدر منسوب إإلى الشرع، الذي هو عند المسلمين شرع الله المستمد من دينه، ولكن لما غاب حكم الإسلام بغياب دولة الخلافة، لم يعد شرع الله هو المحكم، وحلت محله أحكام أنظمة الكفر، فأصبحت كلمة شرعي وشرعية تعني ما لا يتناقض مع القانون المطبق، علماً بأن هذا القانون مخالف للشرع الإسلامي، وأصبحت القوانين المستمدة من أحكام غير إسلامية متبناة من قبل ما يسمى بهيئة الأمم المتحدة التي تقوم على الكفر، واستبعاد الناس باسم الشرعية بالدولية التي تخدم الدول الكافرة المسيطرة عليها، فأساس الشرعية هو القوانين الغربية التي وجدت لمحاربة الإسلام والقضاء عليه.
    بطل: وقد دخلت بعض المصطلحات مثل كلمة بطل التي كان لها مفهوم متعلق بقادة المسلمين أمثال خالد بن الوليد، وأبو عبيدة..، وصلاح الدين...
    أما اليوم فقد ارتبط هذا اللقب بممثلين يظهرون على الشاشات ووسائل الإعلام، فصار الممثل بطلاً في حين أن القعقاع بن عمرو بطلاً، والممثل والراقصة تسمى بطلة في حين أن خولة بنت الأزور كانت بطلة، ولكن بطريقتهم الخاصة!! حتى إن صورهم قد وزعت بشكل كبير، وعلقت في الأسواق والبيوت، حتى أصبح الشباب اليوم يلبسون الملابس المكتوب عليها بعض الأسماء والصور لتخليد ذكراهم أو ترويج أعمالهم، فتغيرت المفاهيم والمصطلحات.
    القومية: فهي دعوة للترابط على أساس العرق أو السلالة للسيطرة والوصول إإلى الحكم، وهي فكرة غامضة مبهمة لا تصلح لجميع بني البشر، فهي دعوة إقليمية ضيقة لا تصلح أن تكون رابطة لأنها من الإنسان، بل هي فكرة لإيجاد النـزاعات والصراعات والحروب، ووجدت هذه الفكرة عند الغربيين، وحاربوا الدولة الإسلامية عن طريق هذه الفكرة، واستطاعوا هدم الخلافة. والإسلام قد حاربها عندما صهر جميع الشعوب التي حكمها المسلمون دون تفريق ولا استغلال، فلا يوجد في الدستور الإسلامي ما يسمى بالتركي، أو العربي، أو الهندي.. وإنما أمة إسلامية واحدة.
    [motr]من اراد الله به خيرا فقهه في الدين[/motr]

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : رفح
    العمر : 69
    المشاركات : 488
    المواضيع : 188
    الردود : 488
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي تابع مصطلح الحكم الجبري

    وفي المقابل فقد قامت حركات وأحزاب للرد على هذه الأفكار والمصطلحات وتبيان بطلانها ومخالفتها للشريعة الإسلامية.
    فظهرت مصطلحات جديدة في هذه المرحلة من قبل العاملين لإنهاض هذه الأمة أو لوصفهم، مثل مصطلح:
    حمل الدعوة: الذي هو تبليغ الإسلام إإلى الكفار، ويكون من قبل الدولة، ومن قبل الأفراد، ومن قبل الجماعات، فقد قامت الأمة الإسلامية بالدعوة إإلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة عن طريق الجهاد، أما حمل الدعوة إإلى المسلمين فيكون لإقامة الخلافة الإسلامية التي تطبق عليهم أحكام الإسلام لاستئناف الحياة الإسلامية.
    الوحدة الإسلامية: ويقصد بها توحيد البلاد الإسلامية في دولة واحدة، وحكمه أنه فرض على المسلمين، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون] وقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران 103]، وأعداء الأمة الإسلامية يدركون أن سر حياة المسلمين وسر قوتهم إنما هو في اعتصامهم بالقرآن الكريم الذي يتخذ دستوراً لهم. وقد حاول الكفار الغربيون، بعد هدم الخلافة، محاربة الإسلام والمسلمين ووحدتهم، مستخدمين مصطلح الوحدة أو الاتحاد، أيهما أفضل؟ لإلهاء المسلمين عن سر وحدتهم وهو: الخلافة الإسلامية، وهذا ما قاد، وبتعاون تام مع عملاء الاستعمار، إلى فكرة الجامعة العربية أو الجامعة الإسلامية، وأيهما هو الأفضل؟ وكان هذا إلهاءً للرأي العام في البلاد الإسلامية، تمخض بعد البحث عن تأسيس ما يسمى بالجامعة العربية ورابطة العالم الإسلامي، كبديل للرابط الأساسي الذي يحفظ وحدة المسلمين وهو الخلافة الراشدة. الذي أصبح مطلباً عاماً لمعظم المسلمين في العالم.
    استئناف الحياة الإسلامية: وهذا المصطلح الذي جرى على ألسنة حملة الدعوة والمخلصين، وهو يعني العمل على تطبيق أحكام الإسلام وإيجاد دار الإسلام بإقامة خليفة عليهم "الإمام جُنة يقاتل من ورائه ويتقى به"، وقد جعل الإسلام طريقة لاستئناف الحياة الإسلامية، وهي الحكم بالالتزام بطريقة الرسول بالوصول إلى الحكم.
    الكفاح السياسي: الذي هو الدخول في صراع مع صاحب السلطان ومن بيده مقاليد الأمور، وكفاحه دون الصراع الدموي بقصد التغيير الكلي أو الجزئي، وقد ظهر هذا الاصطلاح عند العاملين المخلصين لإعادة الحكم بما أنزل الله وإعادة الخلافة الراشدة، وهو الطريقة التي يصلح بها فساد المجتمع وفساد الدولة، إلا أن هذا قد جوبه من قبل السلطات، وأطلقوا على من يدعو له بالأصولية والتطرف.
    الأصولية: ظهر هذا المصطلح في أوروبا عندما حصل التقدم العلمي والصناعي، وكان يعني الحركات الدينية التي تعارض التقدم الصناعي والعلمي والفني، الذي حصل من جراء تطبيق النظام الرأسمالي. وأطلق هذا الوصف على كثير من الحركات الإسلامية، وعلى المنتمين لها من قبل السياسيين الغربيين، ثم جرى هذا المصطلح على ألسنة بعض المسلمين مجاراة لهم. والغاية منه محاربة هذه الحركات بإيجاد رأي عام ضدهم، لكون الأصولية تعني التخلف عندهم، وبمجرد وصف أي حركة بالأصولية أو التطرف يكفي لاعتبارها خطراً على الحضارة والإنسانية، وعلى حياة الناس.
    وقد ألصق هذا المصطلح فقط بالمسلمين، وهو وصف خاطئ لا ينطبق على واقع الإسلام والمسلمين الذين يعملون لعودة الإسلام إلى الحياة، وتغيير واقعهم السيئ، على عكس عمل الحركات الأصولية النصرانية التي جاءت لتحافظ على الواقع السيئ الذي يعيشه النصارى قبل الرأسمالية.
    الإرهاب: الذي ألصق أيضاً بالحركات الإسلامية لكونها فقط تعمل لإعادة الإسلام إلى الحكم وإلى واقع الحياة، ولا يسلم من هذا الوصف أي حركة إسلامية تتخذ من الأعمال المادية طريقاً لتحقيق أهدافها أو لا تتخذ، فمجرد مخالفة القانون الدولي تنعت الحركة أو الحزب بالإرهاب.
    هذه بعض المصطلحات التي نسمعها بالإضافة إلى مصطلحات مثل: الاختلاف والجدل، وتطوير الخطاب الديني، والتجديد والعصرنة، والمصلحة، والاشتراك في الوزارة، والمهادنة، والجماعة والتفرق، والاستعانة بالكفار، والوسطية، والتطبيع والتدرج في تطبيق الأحكام، هذه المصطلحات وغيرها تدل على طبيعة المرحلة التي نمر بها، وهي مرحلة الحكم الجبري الذي يتميز بالصراع بين الإسلام والكفر.
    ومن جهة أخرى هناك مصطلحات كانت في ظل الدولة الإسلامية، نجدها مسطرة ومفصلة في كتب الثقافة الإسلامية، سنذكرها دون شرح للتذكير بها:
    فكان مصطلح الجهاد، ونشر الإسلام، وحمل الدعوة، والشهادة في سبيل الله، والجاهلية، والطاغوت، والإيمان والكفر، والإنفاق في سبيل الله، والفتوحات، والمعارك، والانتصارات والغزوات، والمعاهدات، والجزية، والطاعة والمعصية، ودار الإسلام، ودار الكفر، ودار الهجرة، ولقاء العدو.
    وبعد هذا نلاحظ أن المصطلحات في عصرنا تصدر من أكثر من جهة، فهناك مصطلحات يروج لها الاستعمار، وأعوانه من حكام، وعلماء السوء، ومثقفين مضبوعين بثقافته، وهي مصطلحات كفر عرضة للتغيير والتبديل حسب مقتضيات الوضع وكونها من البشر. ومن هنا نجد مصطلحات يدعو لها حملة الدعوة والعاملين لإعادة الحكم بما أنزل الله واستئناف الحياة الإسلامية، وهي مفاهيم ثابتة لا تتغير لأنها نابعة من شرع الله الحنيف.
    وهناك مصطلحات يروج لها خط يدعو إلى الوسطية، ويحاول التوفيق بين الإسلام والمبادئ الأخرى. وهذه المصطلحات يمكن أن نطلق عليها مصطلحات الحكم الجبري، أو مصطلحات فترة الانحطاط. في حين كانت هناك مصطلحات قد استخدمت في عهد الرسول ومن بعده في ظل دولة الإسلام، وهذه يمكن أن نسميها مصطلحات النهضة.
    ومن هنا نرى أن طبيعة المرحلة تتميز بمصطلحاتها ومفاهيمها، التي تصارع لتفرض نفسها وأفكارها، مستخدمة كافة الأساليب لتحقيق أهدافها.
    فهذه نماذج لبعض ما يروج لنا من مصطلحات، تدل على طبيعة الهجمة الشرسة على الإسلام، وما نتج من مصطلحات صحيحة من قبل العاملين المخلصين للإسلام، الذين بذلوا كل ما في وسعهم لمحاربة هذه المصطلحات، وإرجاع المصطلحات الصحيحة التي كانت سائدة في الدولة الإسلامية، أي مصطلحات عصر النهضة، وإزالة كل أثر لمصطلحات الانحطاط والحكم الجبري رغم كل ما ينفقه الكفار لترسيخ هذه المفاهيم في عقول المسلمين.
    وهذا الصراع يثبت أن هناك فئتين: فئة على الحق، وأخرى على الباطل؛ لذلك فلنحرص على اتباع فئة الحق، والوقوف معها، والعمل لنصرتها. وهذا يدعونا كأفراد وكجماعات وكحملة دعوة للبحث والنظر عمن نأخذ مفاهيمنا ومصطلحاتنا، وأن لا نستعمل أي مصطلح دخيل علينا حتى لا نقع في الإثم، وأن نحارب كل مفهوم ومصطلح غربي، أو أي مصطلح لبس ثوباً إسلاميا للتضليل، روى البخاري عن النبي قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم». والكفار لا يألون جهداً عن حرب المسلمين بكافة الوسائل والطرق لحرفهم عن دينهم، وينفقون أموالاً كثيرة للصد عن سبيل الله، وإبعاد أفكار المسلمين عن أذهانهم؛ لذلك وجب على المسلمين أن لا ينخدعوا بما يصدر عن المفتين وعلماء السلاطين، وأن لا يكون نظرهم محصوراً بكبر العمائم، ولا بطول اللحى، ولا بحجم الشهادة، ولا بعلو المنصب، قال : «شركم من باع دينه بدنياه، وشر منه من باع دينه بدنيا غيره» فلنحرص عن من نأخذ ديننا، ولنكن على قدر التحدي في سبيل الله، ونتصدى له بكل ما أوتينا من قوة.
    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ [الأنفال 36]، ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال].

  8. #8
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : lebanon
    العمر : 40
    المشاركات : 150
    المواضيع : 20
    الردود : 150
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أختي الفاضلة نعيمة الهاشمي

    جزاك الله خيرا وبارك فيك على نقل هذا الكلام الهام جدا

    وجزى الله الفاضل محمد الفاتح خيرا



    يا من يريد نجاته يوم الحسا***ب من الجحيم وموقد النيران

    اتبع رسول الله في الأقوال والأ***عمال لا تخرج عن القرآن

    وخذ الصحيحين الذين همـ***ـا لعقد الدين والايمان واسطتان

    واقرأهما بعد التجرد من هوى*** وتعصب وحمية الشيطان

    واجعلهما حكما ولا تحكم على*** ما فيهما أصلا بقول فلان

    واجعل مقالته كبعض مقالة الأ***شياخ تنصرهما بكل أوان

    وانصر مقالته كنصرك للذي*** قلدته من غير ما برهان

    قدر رسول الله عندك وحده*** والقول منه اليك ذو تبيان

    ماذا ترى فرضا عليك معينا *** إن كنت ذا عقل وذا ايمان

    عرض الذي قالوا على أقواله*** أو عكس ذاك فذانك الأمران

    هي مفرق الطرقات بين طريقنا*** وطريق أهل الزيغ والعدوان


  9. #9

  10. #10
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    لقد كانت ثمرة الخطاب القرآني ظهور هذه الأمة ــ التي كانت من أضعف الأمم حالا ــ على أهل الأرض قاطبة لتنشر العدل والحرية والرحمة وتقيم حضارة علمية وإنسانية استظلت البشرية تحت ظلها ألف عام وكانت ثمرة الخطاب السلطاني ــ الذي يحمل في طياته بذور فناء الحضارة ــ ما نراه اليوم من تخلف تلك الأمة وانحطاطها على نحو خطير كما تؤكده التقارير والدراسات الدولية مما يوجب على المصلحين المخلصين من أبنائها وعلمائها إحياء الخطاب القرآني وإعادته من جديد والتصدي للخطاب السلطاني الذي وظف الإسلام في خدمته عقودا طويلة حتى ضعف حالها وازداد اضمحلالها وصدق الله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. التعبير القرآني:المستشار الأدبي:حسين علي القرآني
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-05-2016, 05:44 PM
  2. ثورة 25 يناير والخطاب الأدبي .. السبب والنتيجة
    بواسطة أحمد عبد المنعم سرساوى في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 25-04-2011, 12:15 AM
  3. العلاقات السيميائية في النص القرآني دراسة في دلالة الحسي المشاهد على المجرد الغائب
    بواسطة عطية العمري في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-10-2006, 08:59 AM
  4. الإعجـــاز القرآني
    بواسطة علي قسورة الإبراهيمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 31-12-2003, 10:09 PM
  5. الإعجـــاز القرآني
    بواسطة علي قسورة الإبراهيمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-01-2003, 01:51 AM