ارتعشت وانتفض جسدها كله من لمسة يديه, فرفع عينين غاضبتين متسائلتين
ـ ما بك؟؟ قالت هامسة .. ولكن بصدق : أصبحت غريباً عني.
ـ أنا زوجك.
ـ طير مسافر هجر وكره منذ زمن.
ـ من أجلك ومن أجل أولادي.
حدقته بنظرة غاضبة, واكفهر وجهها .. لا تقل أولادك, هم أولادي وحدي
بم سميتهم أولادك ؟؟ أشاركت أحدهم فرحة ؟ أمسحت دمعة حزن ؟ أسهرت بجوار
مريض ٍ ؟ أعلمت أحداً منهم حرفاً ؟
لم تفعل شيئاً .. ذهبت وانقطعت أخبارك.
ـ مشاكل عديدة واجهتني ـ كان طريقي صعباً .. ظل الفشل يلازمني
جعت .. تشردت ـ بت أياماً بلا مأوى .
ـ كان بيتك موجوداً, ينقصه أنفاسك تدفئه, وذراعيك تلملم بها تشرذمنا.
ـ أقسمت أن أقهر فشلي ـ لا عودة قبل أن أنجح.
ـ ونجحت؟؟
ـ بذلت الجهد حثيثاً , وشققت في الصخر طريقاً , كانت أيامي شاقة.
ـ شاقة كانت أيامي , وبرودة اجتاحت روحي , وأسئلة في عيون أولادك لم أدرِ كيف أجاوبها.
ـ ثم ابتسم لي الحظ أخيراً.. وبدأ النجاح تظهر علاماته
بدأت أحوالي تتحسن.. وجاء المال أخيراً.... أَخبرتُكِ.
ـ قلت لك كنوز الدنيا لا تغنينا عنك .. يكفي ما حققت .. يكفينا غربة .. عد
ـ كان غباء أن أترك بعد ما نجحت ـ أن لا أجني ثمار ما زرعت, بعد ما عرف المال طريقي.
ـ فأصبح طريقك غير طريقي.
ـ سنين ألملم وأجاهد ـ ولما أحسست أني ملكت الدنيا عدت.
ـ أصبحت غريبا عني.
رفع عينين مخضلتين بالدمع قائلاً: سأنسيك كل عذاباتك.
ـ من حيث أتيت عد.
ـ ماذا؟
ـ عد واحضن أموالك , لعلها تؤنسك فيما تبقى من أيامك.