أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: جــــرسٌ وذكرى

  1. #1
    الصورة الرمزية دموووع عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Apr 2003
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 955
    المواضيع : 59
    الردود : 955
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي جــــرسٌ وذكرى


    نظر الى وجهه في المرآه فراى خطوط الزمن وبعض التجاعيدعلى جبينه، تلك الخطوط التي استثارت الذاكرة للرجوع بعيدا
    الى الخلف ..... ارتسمت على محيّاه ابتسامة عريضة عندما تراءى في مخيلته صورة صديق طفولته ( ســامي )
    كان جمال طفلا ليس كبقية الأطفال، فلم تكن طفولته ملأى باللعب والجري المتواصل مع الأصحاب في الحي .... فقد كان للهو
    جزء يسير من طفولته ، أما البقية فكان يقضيها مضطرا تحت ظلال الأشجار التي حفظ محاضرات والده عنها .... وعن اهميتها كمصدر رزق له ولإخوانه الستة الذي كان هو أصغرهم ..
    وكان بين الحين والآخر يغتنم الفرصة ليذهب خلسة مع صديقه سامي فيستأجرا دراجتين للعب في شوارع الحي .
    كان ( سامي ) أوفر منه حظا ، فقد كان يذهب الى المدرسة
    أحب جمال المدرسة من خلال سامي الذي كان يحدثه عنها كثيرا .. وبدأت معاناته عندما طالب والده بحقه في التعليم ، حيث كان والده يرى أن الدراسة مضيعة للوقت ويجب عليه وعلى أخوته أن يعملو في المزرعة ليتمكنوا من الإعتماد على أنفسهم فيما بعد .
    وبعد الحاح من جمال .... وافق الأب ولكن بشرط ألا يتعارض ذلك مع عمله في المزرعة.فوافق
    واستمر جمال على تلك الحالة خلال مراحل دراسته حتى الثانوية .. حيث فاجأه القدر بما لم يحسب حسابه ..... وتوفي والده
    أمضى فترة طويلة من الزمن يحاول استيعاب هذا الوضع الجديد ..خاصة وأنه أصغر اخوانه
    وذات ليلة ... وبينما كان مستلقيا على فراش الياس ، ويقلب ناظريه في ماضي حياته ومستقبلها ،، دخلت عليه أمه
    وخاطبته بصوت متهدّج:
    بني .... أود الرحيل إلى منزل أحد أخوتك المتزوجين .
    بُهت جمال : ولكنك يا أمي تعانين من سوء معاملة زوجاتهم لك وقد شكوت ذلك الي مرارا
    ردت مبتسمة :: لا عليك يا جمال فقد أصبحن يحببنني .
    كانت الأم تريد أن تطلق يد ولدها ، فقد أحست أنها اصبحت قيدا ، أدركت بأنها باتت عبئا ثقيلا عليه ، فهو لايستطيع السفر
    الى الجامعة التي يرغب في الإلتحاق بها ..... يريد أن يبقى بجانب والدته لرعايتها
    وسلّم جمال بالأمر تحت الحاح والدته .... ورحلت الأم
    ورحل جمال حيث الجامعة
    كان يعمل مساءا ليوفر أجرة الكتب الدراسية ، وأسباب العيش
    وكان يعمل أثناء الإجازات الأسبوعية ليضمن لقمته ويوفر بعض النقود ليرسلها إلى أمه ويدخل بها السرور على قلبها
    الملائكي الطاهر ، أو ليحمل معه بعض الهدايا عند زيارته لها
    مرت أيام عصيبة كان رفيقه الوحيد فيها ( سامي ) الذي كان كلما وهنت عزيمة جمال شدّ من أزره ورفع من معنوياته وفتح له نافذة يطل من خلالها على المستقبل الزاهر بإذن الله .
    انقضت سنون الدراســـة
    وعاد إلى أمه حاملا شهادته .... وعرضا مغريا من إحدى الشركات التي ترغب في تخصصه النادر ،
    فرحت به الأم كثيرا ، وضمته الى صدرها ، وكأنها تشكو له بصمت العذاب والمعاناة الذين قاستهما من تعسف زوجات ابنائها
    وضيق ذات اليد التي لم تشعر بها أحدا من ابنائها خوفا عليهم ، ضمته الى صدرها الذي كان يؤلمها جراء التهابات مزمنة أخفت أمرها عنه ، فقد كان صغيرا لايقوى على احتمال مثل هذه الأمور .
    كانت مستعدة لتحمل الكثير ... لكنه فاجأها بقوله ::
    أتعرفين لماذا جئت الى هنا اليوم يا أماه ؟؟
    قالت :
    نعم ... جئت لتبلغني بنجاحك
    قال : وشيء آخر
    ... ماهو يابنيّ ؟ ردت وذهنها لم يسعفها بأي توقع
    قال :
    جئت لآخذك الى شقتي الجديدة ، ستكون قدمك أول قدم تطأها ،، حتى قبل قدم أريــج
    ضحكت الأم مستبشرة ومدّت يدها لتداعب خصلات شعره :
    ومن هي أريـــج أيها الشقي ؟؟
    .... هي أخت صديقي أخترتها زوجة لي طبعا بعد أن توافقين وها أنا جئت لتذهبي معي فهي تودّ رؤيتك بحق ، وتتوق
    الى ذلك ، وأنا انتظر رأيك على أحر من الجمر .
    انحدرت الدموووع من عينيها
    كان جمــال مستغرقا في الماضي عندما أرجعه صوت جرس الهاتف الى حاضره (( يا الهي ... هل كنت أحلم ))
    ورفع السماعه فإذا به صديقه سامي :
    ألم تخرج حتى الآن ياجمال ؟ لقد تأخرنا
    قال جمــال :
    لاعمل اليوم ياسامي ....سوف نستأجر دراجتين ونجوب بهما الشوارع والطرقات ،،
    سادت لحظات من الصمت حتى استوعب سامي كلام جمال
    ثم انفجرا ضاحكين
    قال سامي :
    نعم ... وهو كذلك ، تأهب ، سآتيك بالدراجه لنذهب سوية
    استعد بسرعه .. وغادر ، فاذا به وعند الباب يسمع تمتمات اعتاد عليها كل يوم ، انها والدته تودعه بالدعاء
    التفت اليها وقبّل يدها وهو يقول :
    هل مازالت أريج تعجبك يا أمي كما رأيتها أول مرة بعد تخرجي ؟؟
    نظرت الأم اليه باستغراب ، لكنه لم ينتظر منها جوابا
    بل ابتسم ابتسامة عريضة بادرته بمثلها وقال :
    أراكِ على خير
    وغادر وهي تدعو له بالتوفيق


    دموووع

  2. #2

  3. #3
    الصورة الرمزية عبد الوهاب القطب شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2003
    الدولة : الولايات المتحدة
    المشاركات : 3,212
    المواضيع : 122
    الردود : 3212
    المعدل اليومي : 0.42

    افتراضي

    اختي دموووع

    يا لروعة التعبير والوصف والسرد

    وما ابدع الكتابة التي انستني

    ان اتنفس احيانا.

    لقد اعدت لي ذكريات طفولتي في فلسطين الحبيبة

    عندما كنا نستأجر الدراجة فنلركبها شوطا او شوطين

    فلم يكن في اليد حيلة.وكنا نستمتع بتلك الايام كلما توفر لنا الاستمتاع.

    هل كانت اريج تنتظر بطل القصة في السيارة؟

    بانتظار المزيد من ابداعك

    المخلص

    ابن بيسان
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    نعم دموووع كما قال أخي ابن بيسان .... شعرت بعبق الطفولة في فلسطين حيث المراتع ولكني لم أكن محظوظاً فما تسنى لي اللعب كالأطفال ولا حتى ركوب الدراجة إلا بعد أن تعديت الشباب.

    هي الحياة مليئة بحلوها ومرها وهو الطموح الذي يوصل لكل خير وهي الصداقة والوفاء نكهة الحياة ومتعتها.


    تحياتي وتقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,694
    المواضيع : 78
    الردود : 2694
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي



    هى الحياة فى الطفولة والشباب
    وهى الحياة فى الاحزان والافراح
    تنقلنا الايام وتتناقل بنا ولكننا هنا لا نعلم
    هل ستكون كل النهايات سعيدة هكذا
    اتمنى ذلك للجميع كما اتمنى لك كل السعادة
    لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين


  6. #6

المواضيع المتشابهه

  1. نُهَدٌ وذكرى
    بواسطة فتون حسين سلمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 23-02-2014, 09:54 PM
  2. بين النصر وذكرى الألم . (أكتوبر)
    بواسطة خالد الريامي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-10-2010, 06:19 PM
  3. رحيل قلب .. وذكرى محب
    بواسطة إيمان دلول في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-04-2007, 11:25 PM
  4. عرار - وفاء وذكرى .. تركي عبدالغني
    بواسطة تركي عبدالغني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 14-02-2007, 03:41 PM