عندما كنت أحيك حبل الرجاء وأنا ألوك انتظاري كنت تلهث خلف الوهم مهووسا بالبحث عن المستحيل
من يراك متنقلا بين الوكالات( البيع والمراهنات) أوغارقا في الجرائد يستغرقك التفكير والبحث عن المجهول يعتقدك اينشتاين يبحث عن حل لمعادلة رياضية مستعصية...
وأنا خلتك الفارس المعنى الباحث عن حصان يمتطيه ساعة الحسم، لذلك ما بقيت على الهامش وإنما قبلت- بكل فخر واعتزاز- أن أعلن انتمائي إليك واخترتك دون الناس أجمعين، وانبريت معك للبحث عن حصان أصيل يعيد تاريخ الأشقر والمحبر .... وقد انطلق خيالي الواسع حتى ما ميزت بينك وبين حمزة أو ضرار...
وكنت كلما سمعت مناديا يقول: خالد .. أصدق أنك وابن الوليد واحد... وكم كانت فرحتي كبيرة عندما اقتنيت ذلك الحصان الأدهم الأصيل ... فقد أحسست بأنني أهديتك البراق..
ما كنت أدري بأننا في زمن الخيول بدون خيالة لأن الفرسان ما عادوا فرسانا؛ استقالوا وتركوا الأحصنة تساق للقمار، واستلذوا لعبة التشخيص قانعين بدور هامشي في سيناريو التدجين والبطولات المزيفة...
-حبيبي، مررت اليوم أتفقد الأبجر فما وجدت سوى رسنا غريبا يعتبر عيبا في غرة حصاننا الفائز..
-ألم أخبرك، حبيبتي، بأن الأبجر قد ارتقى ونال شرف النزال في حلبة الزعيم؟
-ويح تعبي وانتظاري، أبعد كل ما أنفقنا من مال وجهد يؤول به الوضع إلى الرق في إسطبل الغريب؟
-صه، حبيبتي، اخفضي صوتك، فقد قامرت به وخسرت الرهان. ولكن لا تحزني، ففي القريب سأعيد أبجا إليك ومعه فالدور أيضا.
-أبعدما تغيرت وغيرت الأبجر إلى أبجا، أرجو خيرا؟ وكيف ذلك والسبيل أمامي شائك ومظلم ؟ أأتمنك على نفسي وقد خنت العهد ولم تصن الأمانة إذ بعت الأبجر وواصلت المراهنة على كل شيء...
-لا عليك سأعيد كل ما خسرت..
-متى؟
-قريبا .
-بالتحديد...
-إن لم يكن الليلة فغدا أو بعد غد أو...
-حبل انتظاري قد انفرط وما عاد بي حيل، أخشى إن بقيت أن تراهن عليّ بعدما خسرت البيت وآخر إسورة كانت لي.
-حبيبتي أنا واثق من الربح هذه المرة.
-وبماذا ستلعب؟
-لماذا تعقدين الأمور؟
-بماذا ستلعب؟
-لماذا لا تثقين بي؟
-بماذا ستلعب؟
-كيف تستهينين بي؟
-بماذا ستلعب؟
-......... !!!!!!
-وهل ستلعب؟
-بالطبع حبيبتي، لأنني واثق من الربح هذه المرة، فأنا كما تعلمين أحسن التخمين والمراهنة على الحصان الرابح...
-أحدنا مخطئ حبيبي.
-أنت، حياتي. أما أنا فقد أصبحت خبيرا في البحث عن الأحصنة الرابحة...
-صدق ظني، أنت محق وأنا المخطئة، أعترف لك بأنني منذ البداية راهنت على فارس/ فرس خاسر كان طوال الوقت يغمرني همّا؛ وكلما انفرج قلبي عاجلني بهمّ وليد يجعلني أبتلع حبي وبوحي ...
والآن أطلق العنان لصوتي ليردد اختلاج صدري بأنني راهنت على جواد أدمن الكبو وأتقن دفن المكارم لما ابتغى عيشة يحكمها مزاج التخمين والمداهنة.
يا لسخرية الأقدار، يترجل الفارس عن صهوة عزه وبكل هدوء يتنازل عن سينه ليصبح مجرد فار غير كامل يرفل في الذل وكأنه في النعيم..
رحمك الله يا متنبي فكيف لا ينعم الجاهل وهو لا يفرق بين سرج السابح وكرسي المراهن...
حبيبي، قبل توديعك لا بد أن أهنئك بفروسية هذا الزمن وبكل خيوله الرابحة، وأن أخبرك أنني قد كبرت عن ركوب المكنسة على أنها حصان...