صُبِّيْ عَلَيَّ الآهَ لا تَتَرَدَّدَيْ
مَا عَادَ يَعْبَأُ بالجَحِيمِ فُؤَادِيْ
عَلَّمْتُ قَلْبي أنْ يَكُونَ مُهَيَّئًا
لِلْجُرْحِ إنْ ضَاقَتْ عَلَيَّ بلادِيْ!
.
.
صُبّيْ عَلَيَّ النَّايَ إنِّيْ خَاشِعٌ
وَلْتَعْزِفِيْ بالسَّوْطِ وَالجَلَّادِ
يَا أنْتِ، يَا وَجَعَ اللُّحُونِ بمُهْجَتِيْ
كُفِّيْ نَشَاذَكِ وَالغِنَاءَ السَّادِيْ
إنْ كَانَ فِيْ عَزْفِ السِّيَاطِ عُذُوبَةٌ !
فَلْتَسْمَعِيْ: بيْ ألْفُ جُرحٍ شَادِيْ
.
.
لَمْ أبْتَهِجْ بالعُمْرِ مُنْذُ مُنِحْتُهُ
هَلْ أتَّقِيْ وَجَعَ الحِمَام يُنَادِيْ
سُبْحَانَ رَبِّيْ، لَمْ يُخَيِّرْ زَاهِدًا
بَيْنَ الرَّدَى، أوْ عَيْشَةِ اسْتِعْبَادِ
مَنْ ذَا يُخَيِّرُ رَاحِلًا، مَلأ الحَقَائِبَ
ألْفَ مَوْتٍ مِنْ دَمِ الزُّهَّادِ
لا شَأنَ لِيْ مِنْ أينَ جئْتُ وَلا إلى
أيِّ المَنَايَا قَدْ أجُرُّ حَصَادِيْ
.
.
بَيْنى وَبَيْنَ الحُلْمِ مَوْتٌ وَاحِدٌ
وَأخَافُ أنْ لا يَكْتَفِيْ بسَدَادِيْ!
فَأعُودُ أرْجُو اللهَ مَوْتًا آخَرًا
فَلَرُبَّمَا .. أدَنُو مِنَ المِيعَادِ
حَتَّى وَإنْ بَاءَ المَوَاتُ بدَمْعَةٍ
سَأصُبُّهَا فِيْ القَلْبِ قَبْلَ رُقَادِيْ
.
.
هَذَا أنَا يَا أنْتِ فَلْتَتَحَمَّلِيْ
مَا قَدْ فَعْلْتِ بفَلْذَةِ الأكْبَادِ
وَلَدٌ تَأبَّطَ حُلْمَهُ فَرَحًا، وَلَمْ
يَقْطفْ ثِمَارَ الضَّوْءِ كَالأوْلادِ
.
.
مَازِلْتُ رَهْنَ الإتِّقَادِ كَأنَّنِيْ
حَطَبٌ لِمِدْفَأةِ الجَوَى ببلادِيْ
مَازِلْتُ أخْطُو، وَالرِّمَالُ تَحُفُّنِيْ
كَيْ لا تَرَى الضِّلِّيلَ كَالمُعْتَادِ
فَأشُقُّ غَيْبَ الأمْنِياتِ بصَرْخَةٍ
مِمَّا أفَاضَ السُّهْدُ للسُّهَّادِ
لا صَوْتَ يَكْسِرُ حَاجزًا، إلا صَدَى
حَتَّامَ يَا أذُنَ السَّرَابِ أنَادِيْ ..!
.
.
أنَا لَيْسَ لِيْ أمٌّ سِوَى تِلْكَ الَّتِيْ
ضَاقَتْ عَلَيَّ بحِدَّةٍ ..!، وَعِنَادِ ..!
مِصْرُ القَصِيدَةُ، وَالنَّشِيدُ، وَكُلُّ مَا
قَالَ المُوَلَّهُ فِيْ الهَوَى وَالشَّادِيْ
مِصْرُ الرَّحِيبَةُ، وَالمِهَادُ، وَكُلُّ مَا
مَنَحَ الإلهُ لِمُقْبلٍ، وَلِغَادِ
ضَاقَتْ، وَلَيْسَ الذَّنْبُ ذَنْبَ بَسِيطَةٍ
الذَّنْبُ .. ذَنْبُ رُصَاصَةٍ وَزِنَادِ .!!!
أحمد البرعي