|
وداع..! |
استَودُعُ اللهَ نُورًا غَابَ عَنْ بَصَرِي |
استَودُعُ اللهَ رُوحًا مَاتَ صَاحِبُها |
وَذِكْرُهُ رَوضَةٌ فَوَّاحَةُ الزَّهَرِ |
هَذَا الطَّريقُ الّذي مَنْ كانَ وِجْهَتهُ |
فليسَ يُرْجَى لَهُ عَوْدٌ منَ السَّفَرِ! |
رُوحِي هُنَا بينَ تَسْليمي وَفَاجِعتي |
تَذُوبُ حَتَّى وَلَوْ قُدَّتْ منَ الحجَرِ |
وَنَزْفُ قَلبِي بِمِنْديلِ الفِراقِ فَرَى |
مَا خِلتُ مِنْ جَلَدٍ عِندِي وَمِنْ خَوَرِ |
وَضَعْتُ خَدِّي عَلَى كَفِّيكَ مُلْتَمِسًا |
فَيْضَ الحَنَانِ الّذي أَوْلَيتَ من صِغَري |
لوْ باخْتياري وأمرُ اللهِ يُسعفُني |
دَخَلْتُ قَبْلَكَ في نَزعي ومُحتَضَري |
لكِنْ إِلى اللهِ أَحزَاني، وَلي أَمَلٌ |
أنْ قدْ رَحَلْتَ إلى الجنَّاتِ والنّهَرِ |
فَوقَ الثَّمانينَ يا أبَتي وَمَا نَضُبَتْ |
تِلكَ اليَنَابِيعُ منْ وِرْدٍ ومنْ صَدَرِ |
تُقَطِّعُ اللّيلَ تَسْبيحًا إلى وَطَنٍ |
لاهمَّ فيهِ وَقَدْ أمَّلتَ في الظّفَرِ |
ولا تَزَالُ هُنا الأَرجَاءُ عَاطِرةً |
ممّا تَركتَ منَ الأذكارِ والسّوَرِ |
لا غروَ أنْ تُغمِضَ الأَجْفَانَ مُبتَسِمًا |
إذْ كنتَ من زَهْرةِ الدُّنيا على حَذَرِ |
علّمتني يا أبي أنّ الحياةَ منىً |
وَأَنَّها قَلَّما تَصْفو منَ الكَدَرِ |
فَهَا أَنَا كُنتُ مَغبوطًا بأنَّ مَعِي |
رَفِيقَ دَرْبٍ إِلى الفِردُوسِ في سَفَري |
يَدلُّني حَيثُ لا زادٌ يُبلِّغُني |
إلاّ رِضَا اللهِ عن دِيني وعنْ خَبَري |
كمْ آنسَ اللهُ قلبي بعدَ وَحْشَتِهِ |
بصوتكَ العذبِ والتَّرتيلِ في السَّحَرِ |
والآنَ أمْضي وَحِيدًا كلّ جارِحةٍ |
تضجُّ حُزنًا وجيشُ الهمّ في أثَري |
يَا هَدْأةَ اللّيلِ هَلَّا ظَلْتِ شَاهِدةً |
عَلَى الّذي بَينَنَا منْ لَذَّة السّمَرِ |
ما قُلتُ أُفٍّ ولكنّي على وَجَلٍ |
فَهَلْ خفضْتُ جَنَاحَ الذّلِّ في الكبَرِ |
إذْ كان قلبي على ضِيقِ الحَياةِ فضا |
فما أحسَّ بِمثقالٍ مِنَ الضَّجَرِ |
للهِ ما تَفْعَلُ الأَحزانُ في خَلَدِي |
وقَدْ أَهابَتْ لَيالي الفقْدِ بالسّهَرِ |
يَظَلُّ ذِكْركَ فِي الوجْدَانِ يَا أَبَتِي |
أَنِيسَ قَلْبِي وَإِنْ قُلِّبْتُ فِي العُمُرِ |
عَليكَ مِنّي سَلامُ اللهِ ما بَزَغَتْ |
شَمسٌ ومَا نَاحَ قُمْرِيٌّ عَلى شَّجَرِ |