القصيدة الأولى عن القدس
(مَدِينةُ الأبْطَال)
نادَتْ ومن مثلهَا في ساحة الْخُطَبِ = قَالَتْ: أفيقِى وَهُبّى أمّة الْـعَـرَبِ
يا أمّةً نَصَرتْ بالأَمْسِ مَسْجِدَهَا = وحرّرَتْ قُدْسَهَا منْ كُل مُغْتَصِبِ
ألاَ فتًى عَرَبِـيٌّ ثَائِـرٌ بطـلٌ = يَمْضِى لِنُصْرَتِهَا بالسّمْرِ والْقُضُـبِ؟!
فِي قَلْبِـهِ وَطَـنٌ , فِي عَيْنِـهِ أَمَلٌ, = فِي كَفّهِ وَهَج ٌمِنْ سَيْفِهِ الضـّـرِبِ
القُدْسُ -مَسْرَى رَسُولِ الله -يَأْسِرُهَا = جُنْدُ اليَهُودِ وَجُنْدُ الظّلْمِ والصلـُبِ
حَمَامَةُ السّلْمِ يَا أَوْطَانُ قَدْ ذُبِحَتْ = زَيْتُونَةُ القُدْسِ قَدْ أَمْسَتْ مِنَ الحَطَبِ
هَلْ هبـّـةٌ كَهَزيِمِ الرّعْـدِ تَهزِمُهُمْ = تَمْضِى تَحُثّ الْـخُطى بالثأرِ والغَضَبِ؟!
حِطّينُ أنّى أَرَى حِطّينَ في زَمَنِـي = صَلاحُهَـا مُقْبِلٌ في الْبِيضِ وَالْيَلَـبِ؟!
وَخَلْفهُ أمـّـة في الأُفْقِ خَافِقُهَـا = تَجَمّعَـتْ خَلْفَهُ فِي جَحْفَلٍ لَجِـبِ
أنّتْ وَنَادَتْ فَمَا لبّى الندَا أَحَدٌ = أَوْ قَامَ يَنْصُرُهَـا سَـيْـلٌ مِنَ الْغَضَبِ !!!
يَا إِخْوَةً فِي رُبُوعِ القُدْسِ قَدْ وَقَفُوا = والصّخْرُ فِي قَبْضَةٍ كَالْجَمْرِ والّلهَبِ
الصّبْرُ فِيكُمْ وفِي أشْبَالِكُمْ خُلُقٌ = فِي كُـل ضَائِقَةٍ مِنْ سَالِفِ الْـحِقَب
أشْبَالُكُمْ شَربُوا مِنْكُمْ صُمُودَكُمُو = لَمْ يَرْشفُوا رَشْفةً لِلْهَزْلِ واللعِبِ
فالحرْبُ ملعبُهُمْ, والصّخْرُ عُدتهُمْ ,, = والنّصْرُ غايَتْهُمْ قَدْ لاحَ مِنْ كثَبِ
دَمُ الشهِيدِ جَرَى فِي القُدْسِ خَضّبَهَا = فَأَزْهَرَتْ ثَوْرَةٌ مِنْ نَهْـرِهِ السَـرِبِ
هُنَاكَ قَدْ أسْرَجَ الأبْطَالُ خَيْلَهُمُو = وَزَلْزَلُوا الأرْضَ فِي حِصْنِ العِدَا الأَشِب ِ
يَا لَلْبُطُولَةِ إِذْ هَبـّوا لِمَسْجِدِهِـمْ = يَا لَلْجَسَارَةِ إذْ ثَارُوا بِـلاَ رَهَـبِ
كالليثِ إذْ وَثَبُوا, والسّيْفِ إذْ نُدِبُوا ,= والسّيْلِ إذْ هجَمُوا في كل مُحْتَرَبِ
ألْفَوْا مَدِينَتَهُمْ والقَيْدُ كَبّلَهَـا , = وَالْقِرْدُ يَدْهَسُهَا فِي السّهْلِ والْـهِضَبِ
أشْجَارُهَا حُرِقَتْ,وَالطّيْرُ قَدْ ذُبِحتْ, = والدّورُ قَدْ هُدِمتْ , والنَّاسُ في وَصَبِ
والقُدْسُ أرْضُ الفِدَا كَالطودِ صَامِدَةٌ, = والرّيحُ عاصِفَةٌ بالصخرِ والكُثُبِ
مَا اهْتَزّ جَانِبُهَا ,يَوْمًـا وَلاَ وَهَنَتْ , = كَمْ غُيبَتْ دُوَلٌ وَالْقُدْسُ لَمْ تَغِـبِ
يا عزّ أمْسٍ إذِ الأوْطَانُ في صَعَدٍ = والْـمُعْتَدُونَ وأهلُ الظّلْمِ فِـي صَبَبِ
يا أمّـةَ الْـمَجْدِ والتارِيخُ يَذْكُرُهَا = بِأَحْرُفٍ مِنْ مِـدَادِ النورِ وَالذّهَبِ
صَالَتْ وَجَالَتْ خُيُولُ العُرْبِ يَسْبِقُهَا = فرْسَانُهَا فِي زَمَانِ الْمَجْدِ وَالْغَلَـبِ
مِنْ مَشْرِقِ الأرْضِ حتّى طَرْفِ مَغْرِبِهَا = غَنى لواءٌ لَنَا فِي رُفْقَـةِ السّحـُبِ
وَالْعَدْلُ مُنْتَشِرٌ, وَالْجَيْشُ مُنْتَصِـرٌ, = والْقُدْسُ بَاسِمَةٌ فِي حَوْزَةِ العَـرَبِ
هَلْ تَذْكُرُونَ سَنَا أَمْسٍ وَعِـزّتَنَا = مَا بَالنَا الْيَوْمَ قَدْ حِـدْنَا عَـنِ الأَرَبِ؟!
كُـنّا صُقُورَ الذرَا حَامَتْ عَلَى قِمَمٍ = وَالطّيْرُ مِنْ حَوْلِهَـا بَاتَتْ على رِقَـبِ
عَجِبْتُ يَا أُمتِـي والأَمْرُ مُنْقَلِبٌ = وَصَقْـرُنَا قَدْ غَدَا يَخْشَى مِـنَ الْخَـرَبِ!
كُنّا أُسُودَ الشّرَى فِي الْغَابِ قَدْ زَأَرَتْ = وَالْيَوْم أُسْدُ الشّرَى فِي معْقلِ الْهَرَبِ
مَاذَا أقُـولُ لَكُمْ والْقُدْسُ تحْرِقُهَا = نَارُ الْيَهُودِ وَ أَرْضُ الْعُرْبِ فِي رَحَـبِ
عَيْشُ الْفَتَى فيِ رِدَاءِ الذّل يَفْضَحُه ُ = وَالْمَوْتُ فِي الْعِز فَخْرُ السّادَةِ النّجُـبِ
لاَ عُذْرَ يَا قُدْسُ إنّا مِنْكِ فِي خَجَلٍ = كَمْ عِشْتِ أَسْرًا وَكُنّا عَنْكِ فِي حُجُبِ
لَنْ تُـرْجِعَ الْقُدْسَ أَشْعَارٌ وَلاَ خُطَـبٌ = إنّا مَلَلْنـَا مِنَ الأَشْعَارِ وَالْخُطَـبِ
بَلْ يُرْجِعُ الْقُدْسَ سَيْفٌ قَامَ يَنْصُرُهَا = فيِ ظُلْمَةِ الْهَوْلِ وَالإعْصَارِ وَالْكُـرَبِ
-----
القصيدة الثانية على البحر الوافر
(سلامًا يا ربا مصر)
سَلامًا يا رُبا مِصْرٍ سَلامَـا = سَلامًا قَلْعة الدّنيا سَلامَـا
تَحِيّة أمـة وسَلاَم شَعْبٍ = وَقُبْلَـة عاشِقٍ يـا مصْر هَامَـا
ألا يا مِصرُ كَمْ عِشْنَا جَميعًا = عَلَى وَادِيكِ حُبّـا وابْتِسَامَـا
شَربْنَا الْحُب مِن نِيلِ الأمَانِي = وَذُقْنـَا عِنْدَ شَاطِئِـهِ الغَرَامَـا
لِوَاؤُكِ يَا بِلادِي كَانَ دَوْمًـا = يُرَفْـرِفُ فَوْقَ أُمتنَا غَمَامَـا
فَكَانَتْ دِرْعَ أُمتِهَا وَكَانَتْ = إذَا خَاضَتْ مَعَارِكَهَا الْحُسَامَـا
وإنْ جَنَحَ العِدَا للسّلْمِ كَانَتْ = يَدًا خَضْرَاءَ تَغْمُرُهُمْ سَلاَمَـا
وَمَوْجُ البَحْرِ يَوْمَ النّوْءِ هَوْلٌ = يُثِيرُ الرّعْبَ يَضْطَرِمُ اضْطِرَامَـا
وَلَكِنْ يَوْم يَصْفُو فَهْوَ ظَهْـرٌ = يَطِيبُ لِمَنْ عَلَيْهِ إذَا أقَـامَـا
فَمِصْرُ البَحْرُ في هَوْلٍ وَصَفْوٍ = وفِي الحالَيْنِ طَابَتْ لِي مقَامَـا
بُذُورُ الشّـوْكِ ألْقَاهَا عَدُوٌّ = فَأَثْمَرَ شَوْكُـهُ فِينَا خِصَامَـا
وأشْعَلَ غَادِرٌ في مِصْرَ نَـارًا = فَأَمْسَتْ بَيْنَ جَنْبَيْنَـا ضِرَامَـا
رَبيعٌ كَاذبٌ زَعَمُوهُ زَهْـرًا = وَلكِنْ كَانَ شَوْكًا وانْتِقَامَـا
فَوَارَوْا غَدْرَهُمْ في طَوْقِ زهرٍ = وَشَدّوا حَوْلَ غَدرِهِمُ الّلِثَامَـا
فَيَالَيْتَ الرّبيعَ الْحَـق يأتِي = ويا ليتَ الزّمَـانَ الْحُلْو َدَامَـا
عدُوُّكِ وَاحدٌ مِنْ أَلْـفِ عَامٍ = وَهَا هُمْ أَطْلَقُوا عَنْهُ اللجَامَـا
عَـدُوُّكِ خِنْجَـرٌ في كل قُطْرٍ = تقطّـرَ بين أضلعنا سِمَامَـا
خُذِي يَا مِصْرُ حِذْرَكِ وَاسْتَعِدّي = فَإِنَّ غُرَابَهُمْ فِي الأُفْقِ حَامَا
يُمَني نَفْسَهُ بِدِمَـاءِ شَعْبٍ = وَيَنْتَظِرُ الفَرِيسَةَ وَالطّعَـامَـا
أهَابَ النّورُ يا مِصْرِيُّ فَاسْلُكْ = طَرِيقَ الحَقِّ لا تَسْلُكْ ظَلاَمَـا
وَدَعْكَ اليَوْمَ مِنْ خُلْفٍ وَ كُرْهٍ = وقمْ واغْرِسْ رُبَا مِصْرٍ وِئَامَـا
وَقُمْ ضَمّدْ كِـلامَ أخِيكَ وَاتْرُكْ = جِدَالاً فِيهِ أَكْثَرْنا الكَلاَمَـا
فَمِصْرُ الْيَوْمَ تَسْأَلُ عَنْ بَنِيهَا = وَتَرْجُو مِنْهُمُ الْحُرّ الْـهُمَامَـا
----
د. محمد محمد أبو كشك
16-4-2014