الآن يدرك حمدين صباحى فداحة خطئه مع الاخوان عندما وقف مع النظام القديم ضد حكمهم المنتخب بطريقة ديمقراطية ، ويدرك أهمية منح القيادة التى أتت باختيار الشعب فرصتها وان لم تنجح فى انجاز ما وعدت به ، وأهمية المنافسة الشريفة الشرعية عن طريق الانتخابات ، وأهمية التوحد فى مواجهة من يسعون لاعادة الديكتاتورية والاستبداد ، فقد ضعف الاخوان عندما انحاز حمدين وفصائل الثورة لأجنحة النظام القديم فانهار حلم المصريين سريعاً ، واليوم يضعف حمدين وحده فى مواجهة تلك الأجنحة عندما يتخلى عنه الاخوان على خلفية أحداث الشهور الماضية بسبب مرارات كان حمدين نفسه أحد غصَصِها . ثورة مصر العظيمة استطاعت اسقاط أعتى فراعنة العصر فى ثمانية عشر يوماً ، ثم اختلف المناضلون على الغنائم قبل حسم المعركة وعصفت الأنانية السياسية بمكتسبات الثورة ، واليوم لا مفر من المواصلة يزحفون بدمائهم وجراحاتهم تصحيحاً للأخطاء وتكفيراً عن الذنب وصولاً للنصر " وتلك الأيام نداولها بين الناس " . لا وقت للتحسر والعتاب والتلاوم فالوقت ضيق والجميع أخطأ وتناوشته الأطماع وخرج من الصف بحثاً عن نفسه ومصالحه ، ولا مفر من تحمل المسئولية التاريخية وتجاوز مرارات الماضى من أجل التوحد انقاذاً للثورة . أخطأ الاخوان عندما توهموا القوة بمفردهم وانفصلوا عن الجسد الثورى وخسروا عندما وقفوا فى منازلة غير متكافئة وحدهم فى مواجهة أقوى أجنحة النظام القديم والدولة العميقة وخسروا أهم ظهير لهم وهم الشباب وشركاء الثورة . وكذلك أخطأ الثوار والتيارات الشبابية العلمانية عندما كرروا خطأ الاخوان الذين هم جزء من نسيج الثورة فسهل على تلك الأجنحة القوية من النظام القديم هزيمتهم وتهميشهم وتجاوزهم ، واليوم يدرك الجميع أنه لا غنى لأحدهم عن الآخر ، وأنه وحده بدون دعم الآخر ضعيف ومهزوم لا محالة . اتسعت الشروخ فى معسكر الثورة فتم احتلال ميادينها ودخل النظام القديم وعاد بكامل قوته ، ولن يستطيع الاخوان بمفردهم ولا حمدين ومن معه من تيارات شبابية ثورية بمفردهم مواجهته ودفعه والانتصار عليه . اليوم تبنى المؤسسة العسكرية على ما أنجزته فى البداية بدهاء شديد عندما أوهمت الصف الثورى بأنها ستساعد فى اسقاط حكم مبارك ، ورثى العالم لحال ثورة يستلم فيها أجنحة النظام السلطة بعده ، اثر وصية رأس السلطة المخلوعة بذلك . تخلى مبارك وتسلم المجلس العسكرى ، ثم تفكيك فى سنوات معدودات للصف الثورى أسهم فيه المناضلون أنفسهم من علمانيين واسلاميين بسبب الأنانية والطمع ، ثم عودة من جديد لوصية مبارك بعد التلميع فى جانب والتشويه فى جانب آخر ، ليعود الوضع القديم بقبول شعبى ومجتمعى . أخطاء مشتركة وقع فيها الاخوان والاسلاميون والعلمانيون والناصريون وحمدين وتياره والليبراليون الثوريون ، وقد اعترف الدكتور مصطفى النجار بكثير من أخطاء شباب الثورة ، ويبدو التيار الليبرالى الثورى أكثر فصائل الثورة اتساقاً وتواضعاً وانحيازاً للنقد الذاتى والمراجعة بما فيها مواقف البرادعى وحمزاوى والدكتور وحيد عبد المجيد وغيرهم ، لكن يبقى الناصريون والتيار الشعبى وحمدين من جهة والاخوان والاسلاميون من جهة ، وهما الأهم والأولى بالمسارعة للاعتذار والتصحيح وصولاً للتوحد أمام أخطر تحد للثورة والمصريين جميعاً اليوم . أجنحة النظام القديم ستنعم بنصر مكتمل على الثورة عما قريب ان لم تفق قوى الثورة جميعاً وتنتفض وتعود الى مواقعها وتتحمل مسئولياتها الوطنية والتاريخية ، فاليوم تكون الثورة أو لا تكون ، والاعتذار الحقيقى الذى يقدمه أبناء الصف الثورى بعضهم للآخر ومبادرة الصلح الحقيقية هى فى العودة الى المواجهة المؤئرة والحقيقية وموصلة النضال السياسى متوحدين ، وترك مواقع جمع الغنائم والحضور فى مواقع الدفع والدفاع والمنازلة السياسية لأجنحة النظام القديم . لا تصارع سمك القرش فى البحر ، لكن استدرجه ليابسة السياسة والانتخابات والمنافسة الجماهيرية ، فهناك هزيمته الحقيقية