عايشت طوال عمرى القصير قصص شهداء ضحوا بأعمارهم وقدموا أرواحهم ، ليس فقط طلباً للشهادة ، انما أملاً فى رفعة الأمة ونهضة الأوطان . أصدقائى من الشهداء الذين لا أنساهم ما حييت سواء من الجماعة الاسلامية فترة التسعينات أو من الاخوان الآن أو من الثوار ، حلمهم ليس فقط الجنة انما استرداد العزة والكرامة وأن تروى دماؤهم أساس البناء لمستقبل أكثر رفاهية وعدلاً ، خالياً من المفسدين والجبارين والمنافقين وحملة المباخر والأفاقين والحنجوريين وعديمى المواهب الذين أساءوا لسمعتنا فى الداخل والخارج . قصة هؤلاء الشهداء الذين أعرفهم هى قصة شهداء الأمة من جميع التيارات والاتجاهات منذ بداية النهضة الى يومنا هذا ، يقدمون أرواحهم ونعيش روعة الاستشهاد ، ونفشل كأمة وجماعات وحركات وتيارات فى تحقيق أحلامهم وما ماتوا من أجله من بناء ونهضة وتمكين ومنعة وتحرر وخلاص . هى قصة لا تنتهى من تضحيات تتلوها تضحيات تتلوها تضحيات ومئات الآلاف من الشهداء الأبرار ، دون ترجمة لها بمشروع بناء تكميلى برؤية واقعية تستثمر الجهاد الكبير وتوظفه لتحقيق مكاسب سياسية برؤية نافذة وعقول فتية قادرة على استيعاب مقومات قوة الأمة الحضارية . ربما نجح سعد زغلول ومصطفى النحاس فى تحقيق الاستقلال لكنهما فشلا فى بناء الدولة ، وناضل جمال عبد الناصر وقدمت مصر آلاف الشهداء لدحر المحتلين المهاجمين لكنه فشل فى بناء الدولة العربية وحتى المصرية التى وعد بها المصريين . ناضلت فتح وحماس والجهاد الاسلامى وجبهات التحرير وقدمت فلسطين شهداء لا عدد لهم ، ويظل السير حثيثاً فى الاتجاهين ؛ نجاح فى النضال والمقاومة وفخر كبير بالتضحيات والشهداء النبلاء الذين لا تمتلكهم ولم تقدم مثلهم أمة فى التاريخ ، وفشل فى تأسيس الدولة والبناء ، وغاية ما نحظى به مقاطعتان محاصرتان من جميع الاتجاهات فى رام الله وغزة . وفى أفغانستان دروس للعالم فى روعة الاستشهاد ونبل التضحيات وقصص لآلاف البطولات النادرة ، ومقدرة على المواصلة فى ساحات الفداء فى مواجهة المغتصبين المحتلين مهما كان جبروتهم ومهما عظمت قوتهم ، لكن فى اختبار التأسيس الحضارى للدولة الحديثة والمقدرة على التعاطى مع التحديات السياسية والمتغيرات لاستثمار البطولات والانجازات الجهادية على أرض الواقع ؛ ففشل ذريع ، وعجز دائم عن بناء ما نريد بعد هدم ما لا نريد . وكذلك حال الاخوان والجماعة الاسلامية وتجربة الاسلاميين على وجه العموم فى مصر فى العصر الحديث الى اليوم ؛ قدم الأبطال أرواحهم ودماءهم ، ولا مثيل لما قدمه الاسلاميون من تضحيات ، وأمل الشهداء أن تنتصر الأمة وأن تتحرر من الاستبداد والفساد الداخلى ومن الاستعمار وذيوله ومخلفاته ومن التبعية المهينة ، لكن تظل القصة كما هى دون تغيير ؛ قصة الشهيد الناقصة ، التى لا تكتمل بامتلاك مقومات القوة الحضارية التى يمتلكها الخصوم ، والخطة الواضحة المرحلية المتدرجة لمواجهة مشكلات الداخل وتحديات الخارج ، والفكر السياسى الناضج القادر على المناورة والابداع والتحرك فى مساحات لا تخطر على بال الخصم ولا يتوقعها ، ولا تتيح له معاودة الانقضاض على تركة المناضلين وتشويه تاريخهم والاجهاز على تاريخ مديد من الثورة والصمود فى ثوان معدودات بسبب أخطاء بالية وغلطات مملة معادة . أدرك جيداً جداً ما يشعر به شباب الاسلاميين اليوم ، فهى نفس مشاعرى القديمة الجديدة حيال شهداء الأمة وتضحياتها دون انجازات موازية لتكريم الدماء وراحة الشهداء . لا تلومونا وتعتبوا علينا ، دعونا ننعم حتى ولو بمشاعر الاحباط واليأس .