أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الديار

  1. #1
    الصورة الرمزية هيثم السليمان قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Feb 2009
    الدولة : سوريا _ العشارة
    العمر : 41
    المشاركات : 199
    المواضيع : 23
    الردود : 199
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي الديار

    الــديـــــــــــــار



    أمرُّ على الديار ِ ديـارِ ليلى === ====== *** أقبلُ ذا الجـدارَ وذا الجدارا
    وما حبُّ الديارِ شغفنَ قلب *** ولكن حبُّ من سكنَ الديارا

    هذانِ البيتانِ كانا نشيداً يترددُ على لسانِ قيسٍ لا يفارقانِ شفتيهِ حتى وهو نائمٌ ، فقد كانَ حبُّ ليلى قد أخذَ بلبِّه وسيطرَ على كلِّ أحاسيسهِ ، وامتلكَ كلَّ جوارحهِ ؛ فغدا هائماً بها تتراءى له صورتها في كلِّ حين ، أين َ ما ذهبَ .
    لقد انطبعتْ في ذاكرتهِ وصارتْ جزءاً من عقلهِ الذي لم يعدْ يفكرُ إلا بها .
    كانَ قيسٌ دائمَ البكاء ِ ، ملتهبُ الحنيِن ، كلما ذكرتْ ليلى فاضتْ أنهارُ عينيهِ لتروي بستانَ وجنتيه الذي غدا شاحباً لملوحةِ تلكَ المياهِ .
    إنهُ الحبُّ الذي لامسَ شغافَ قلبهِ ، وأسرَ بجبروتهِ كيانَ عقلهِ ، فجعلهُ مجنوناً يجوبُ الطرقاتَ وهو ينشدُ أجملَ أشعاره ِ في حبِّ ليلى ، فقد كانَ لا يفتأُ يتنقلُ في هذا المكان الذي سكنته ليلى علَّه يرى شخصها ، أو يسمعَ صوتها ، أو حتى يسمع ذكرها ممن يجاورونها ، لكنَّ الصمتَ كان هو المسيطرُ على هذا المكان ، فكيفَ يسمعُ صوتَ من في القبور ؟ وكيفَ يرى شخصَ ليلى وقد واراهُ الترابَ منذُ أكثرَ من شهرين ؟ لكنه كانَ يعللُ النفسَ كي تصبَر على ما أصابها .
    فمنذُ استشهادِ ليلى في المجزرةِ الرهيبةِ التي ارتكبها النصيرية في حمص وهو لا يغادرُ المقبرةَ التي دفنتْ فيها ، فقد أصبحتْ ديارَ الحبيبةِ ومسكنها .
    بقيَ قيسٌ على هذه الحالةِ عدةَ أشهرٍ وهو مقيمٌ في المقـبرةِ يبكي ليلى الـتي كانتْ أغلى عليـه من روحه ، لكنهُ كانَ يشعرُ بالغيضِ والحنقِ على من قتلوا حبيبته ، فلا بدَّ له من الانتقامِ لروحها الطاهرِ ولو كلفهُ ذلكَ حياتهُ .
    أصبحَ همهُ الشاغلُ الآن هو الانتقامُ ، فليسَ ثمةَ شيءٌ يضحي به من أجلِ ليلى أغلى من روحهِ ، الذي غدا معذباً بعدَ رحيلها .
    قررَ أن يلتحقَ بالمجاهدين ، فهم سبيلهُ إلى تحقيقِ ما يصبو إليه ، ولكن هل الانتقامُ لليلى هو الذي دفعهُ إلى هذا الأمر ؟ فكرَ مليَّاً في هذا الموضوعِ، فهو ذاهبٌ إلى طريق ٍ لا رجعةَ منها ، فهل حبُّ ليلى هو الدافعُ الوحيدُ لخوضِ هذه التجربة ؟
    تراءتْ له صورٌ كثيرةٌ كانتْ في مخيلته ، فليستْ ليلى وحدها التي استشهدتْ في هذه المجزرةِ ، أو غيرها ، فهنالكَ كثيرٌ ممن ماتوا دونَ ذنبٍ اقترفوه سوى أنهم مسلمون ( أهل سنة وجماعة ).
    حسمَ الأمرَ مباشرةً ، فالقضيةُ أكبُر من ليلى وديارها ، إنها قضيةُ شعبٍ وأمَّة ٍ ولدَ فيها ، فعليه أن يضحي من أجلها لا من أجلِ ليلى ، فحيَن يقاسُ حبُّ الوطنِ بحبِ الحبيبةِ يتلاشى هذا الأخيرُ ليغدو جزءاً من الحبِّ الكبير ِ ، فهو الجذوةُ التي ما تلبثُ أن تشتعلَ لتنيرَ الكونَ .
    أخذَ سلاحه ُ ، الذي كانَ مرمياً في دارهِ منذ وفاةِ والدهِ ؛ والذي أوصاهُ به وسألهُ أن يصونهُ كما يصونُ أهلهُ ، لكنَّ حبه لليلى كانَ قد شغلهُ عنه وعن الوصيةِ ، وانطلقَ ليلتحقَ بالمجاهدين .
    كانَ متشوقاً جداً للقتالِ ، فمازالَ طيفُ ليلى يغذي فيه روحَ العزيمةِ والإصرارِ على تطهير ِ أرضهِ من رجسِ هؤلاءِ الأوغاد ِ .
    وما هي إلا أيامٌ حتى جاءتهُ البشارةُ التي انتظرها طويلاً ، فقد تمَّ اختيارهُ للمشاركةِ في عمليةٍ استشهاديةٍ ضدَّ المجرمين .
    كانَ في غايةِ السرورِ ، فقد حانَ وقت ُ الانتقامِ لليلى ومن جاورها من الذينَ ماتوا دون ذنبٍ سوى أنهم مسلمون .
    مرَّ على قبرها مودعاً حياته ، ومبشراً إيَّاها بقدومهِ الذي لم يعدْ ببعيد .
    أسمعها آخرَ قصائده ِ بها ثم وعدها بأنهُ سيبيتُ ليلتهُ بالقرب منها ، فقد فرغَ صبرهُ وآنَ للمحزونِ أن يلتقي بمنْ يهوى .
    بعدَ ساعةٍ سُمعَ دويُّ انفجارٍ عنيف ٍ في إحدى الحواجز المجرمة كانَ ضحيتهُ عشراتُ النصيرية الأوغاد ... وجثمانُ قيسٍ الذي وجدوهُ على هيئتهِ البهيَّةِ ، وهو يرسمُ ابتسامةً عريضةً على شفتيهِ ، وفي يدهِ قصاصةٌ من الورقِ كانت النيرانُ قد التهمتها ، ولم يبقَ منها غير جزءٍ صغيرٍ مكتوبٌ عليه :



    إذا ما مُتُّ في يوم خذوني *** إلى ليلى أجاورها الديارا

  2. #2

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.50

    افتراضي

    في استدعاء القصص التاريخي والمزاوجة بين قيس التاريخ وقيس الحاضر ما أضفى على النص جمالية التنفيذ
    غير أن النص شابه من الهنات ما كان يستحق من الكاتب مراجعة وتنقيحا لضبطه

    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.91

    افتراضي

    الماضي والحاضر
    الوطن وحب الحبيبة
    وديار خلت من أصحابها
    قلوب تفجرت قبل الأجساد
    وحرف رسم الوجع بحرفية
    دمت بخير
    تقديري

  5. #5
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.79

    افتراضي

    جاء تناص الجرح مؤثّرا جدا!
    تتكرّر المشاهد وتزداد المآسي كلّ يبكي ليلاه وقد يخسر دنياه!
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  6. #6
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,793
    المواضيع : 393
    الردود : 23793
    المعدل اليومي : 4.02

    افتراضي

    نعم الديار هي
    مزج موفق بين قيس الماضي وقيس اليوم وليلى كليهما وزخم من المآسي التي يعيشها قيس زمانه
    وقعت في المباشرة واحتاج النص بعض اختزال وقوة البيان ليكتمل البهاء
    شكرا لك
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,701
    المواضيع : 345
    الردود : 21701
    المعدل اليومي : 4.89

    افتراضي

    فالقضيةُ أكبُر من ليلى وديارها ، إنها قضيةُ شعبٍ وأمَّة ٍ ولدَ فيها ،
    فعليه أن يضحي من أجلها لا من أجلِ ليلى ، فحيَن يقاسُ حبُّ الوطنِ
    بحبِ الحبيبةِ يتلاشى هذا الأخيرُ ليغدو جزءاً من الحبِّ الكبير ِ ،
    فهو الجذوةُ التي ما تلبثُ أن تشتعلَ لتنيرَ الكونَ .


    راق لي تلك المزاوجة بين الماضي والحاضر
    قصة غنية بفكرتها
    دمت بكل خير. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. حماة الديار
    بواسطة خليل ابراهيم عليوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 23-10-2011, 06:39 PM
  2. ::::: .... لمن الديار.... :::::
    بواسطة أحمد عيسى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 22-08-2009, 05:01 PM
  3. طاوي الديار
    بواسطة يحيى السماوى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 17-02-2008, 09:23 AM
  4. على أبواب موسم الحج ... :" قصيدة " كم أشتاق إلى تلك الديار ؟؟؟
    بواسطة إيمان رمزي بدران في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-01-2006, 03:55 PM
  5. مفتي الديار
    بواسطة محمد البهلوان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-10-2005, 01:36 AM