أخي اللأستاذ الحبيب : عدنان الإسلام
أحسنت وأجدت بارك الله فيك وفيما عرضت أو عارضت في أدب جم وأسلوب راقٍ يليق بأهل العلم ممن ينشدون الحقيقة ويبحثون عما يدعم ما عندهم دون جنوحٍ إلى التكفير أو طعن في العقيدة وخاصة في الأمور التي هي موضع نقاش لا واختلاف .
ـ أما بخصوص السيد الإمام محمد علوي المالكي الحسني ـ رحمه الله وأحسن إليه
فهو من علماء المسلمين الكبار ومن أساتذة الجامعة وعلماء الحرم ومثل المملكة العربية السعودية في الكثير من المؤتمرات
وبعد صدور كتاب ابن منيع ( حوار مع المالكي في رد مفترياته وضلالاته )
صدر أكثر من بيان وقرار من أكثر من جهة علمية للرد على ما فب الكتاب وقرارات اللجنة وقد أورد ذلك في كتابه ( مفاهيم يجب أن تصحح ) وقد قدم لهذا الكتاب جملة من أئمة الإسلام على مستوى العالم الإسلامي
ـ الإمام الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق ـ رحمه الله تعالى ـ ومستشار الملك عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ كما صادق على ما كتبه المستشار الهاشمي مستشار سمو الشيخ زايد ـ رحمه الله تعالى ـ
ـ الشيخ الخزرجي وزير الأوقاف بدولة الإمارات المتحدة
ـ عبد الله بن كنون شيخ علماء المغرب واحد أوصياء العرش الملكي
ـ مجلس علماء الحديث بالأزهر الشريف
ـ الدكتور الشاذلي النيفر في جامعة تونس
وغيرهم من العلماء
وقد صدر كتاب أيضاً اسمه ( انصاف المالكي لجماعة من علماء أهل السنة والجماعة ) ضم كوكبة من العلماء من جميع أقطار الأمة الإسلامية
ـ كتاب للدكتور عمر عبد الله كامل عن كتاب المالكي ( الذخائر بين المؤيدين والمعارضين ) قدم له الدكتور على جمعة مفتي مصر والدكتور الكبيسي والشيخ عبد الله فرج الشريف
ـ أما من ناحية موضوعنا فإليك الآتي :
جاء في كتاب الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي المكي : " وسئل نفع الله به : هل تمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ؟
فأجاب بقوله : أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق فق أخبر بذلك من لا يتهم من الصالحين بل استدل بحديث البخاري " من رآني في المنام فسيراني في ليقظة " أي بعيني رأسه ، وقيل بعين قلبه ، واحتمال إرادة القيامة بعيد من لفظ اليقظة على أنه لا فائدة في التقييد حينئذ لأن أمته كلهم يرونه يوم القيامة من رآه في المنام ومن لم يره في المنام ؛ وفي شرح أبي جمرة للأحاديث التي انتقاها من البخاري ترجيح بقاء الحديث على عمومه في حياته ومماته لمن له أهلية الاتباع للسنة ولغيره قال : ومن يدعي الخصوص بغير تخصيص منه صلى الله عليه وسلم فقد تعسف ثم ألزم منكر ذلك بأنه غير مصدق بقول الصادق وبأنه جاهل بقدرة القادر وبأنه منكر لكرامات الأولياء مع ثبوتها بدلائل السنة الواضحة ، ومراده بعموم ذلك وقوع رؤية اليقظة الموعود بها لمن رآه في النوم ولو مرة واحدة تحقيقاً لوعده الشريف الذي لا يخلف ، وأكثر ما يقع ذلك للعامة قبل الموت عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاءً لوعده ، وأما غيرهم فيحصل ذلك لهم ذلك قبل ذلك بقلة بقلةٍ أو بكثرةٍ يحسب تأهلهم وتعلقهم واتباعهم للسنة إذ الإخلال بها مانع كبير ... وفي كتاب [ المنقذ من الضلال ] لحجة الإسلام ـ يقصد الإمام أبا حامد الغزالي ـ بعد مدح الصوفية وبيان أنهم خير الخلق حتى إنهم وهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد : ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجاتٍ يضيق عنها نطاق الناطق ؛ وقال تلميذه أبو بكر بن العربي المالكي : ورؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم ممكن للمؤمن كرامةً وللكافر عقوبةً . وفي [ المدخل ] لابن الحاج المالكي رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة باب ضيق ن وقل من يقع له ذلك إلا من كان على صفةٍ عزيزٌ وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالباً مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله في ظواهرهم وبواطنهم ... "
ـ فتوى ابن مغيزيل :
ألف الإمام ابن مغيزيل كتاباً عنوانه ( الكواكب الزاهرة في اجتماع الأولياء يقظة بسيد الدنيا والآخرة ) صلى الله عليه وسلم
ذكر ابن مغيزيل ـ رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه هذا وتحت عنوان ( سبب تأليف الكتاب ) : " ومما وقع في الفتاوى سنة إحدى وتسعين وثمان مائة السؤال عن رؤية النبي ـ صلى اله عليه وسلم ـ يقظة هل تقع كرامة للأولياء أو لا ؟
فأجبت : بأن ذلك ممكن مكن وقوعه شرعاً ، فضلاٍ عن جواز وقوعه عقلاً ثم إن جماعة من علماء عصرنا وقع خلاف بينهم في ذلك : فبعضهم أنكر إمكان ذلك ؛ لعدم اطلاعهم على نقول الأئمة وأخبار السلف . وبعضهم قال بالإمكان ، لكن فهم من إطلاق تصريح بعض العلماء بالرؤية إمكان رؤية الجسد الشريف . وهو خطأ مردود على قائله . بل الصواب الذي صرح به المحققون من العلماء قاطبةً أن الروح الشريفة تتشكل شكلاً مثالياً كصورته ـ عليه السلام ـ بدليل حديث المعراج ؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة : أن ما كان معجزة لنبي ، جاز أن يكون كرامة لولي بشرط عدم التحدي . فيراه الصالحون حينئذٍ دون غيرهم على سبيل الكرامة ؛ ولأن مشاهدة الموتى في اليقظة نوع من الكشوفات التي خص الله تعالى بها أولياءه ، كما صرح بذلك حجة الإسلام الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال " وتبعه الإمام اليافعي المترجم في طبقات الإسنوي : بأحد الأئمة الأعلام الجامعين بين الفقه والتصوف في كتابي " خلاصة المفاخر " و " روض الرياحين " . وأما القول برؤية الجسم نفسه ، فهو قول سخيف لا عبرة به على تقدير ثبوته ، ويلزم على هذا القول الفاسد خلو القبر عن الجسم الشريف لو رآه أحد في غير مكانه ، وكذا لو رآه شخصان أحدهما بالمشرق ، والآخر بالمغرب في زمن واحد . وهذا من المحالات عقلاً ، كما هو صريح في " بهجة النفوس " للشيخ أبي محمد ابن أبي جمرة ؛ ويشهد لذلك ما نص عليه علماء المعقول ، وهو أن الجسم الواحد لا يمكن أن يجعل في مكانين في آن واحد ، كما هو مقرر في القواعد العقلية . والله أعلم " انتهى كلام ابن مغيزيل ـ رحمه الله ـ وهو فيما أعلم الصواب لأنه حل بذلك جميع الألغاز والله أعلى وأعلم وصلى آله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم