أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: عبادة الرجال // التقليد الأعمى

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : أرض الاسلام
    العمر : 61
    المشاركات : 368
    المواضيع : 53
    الردود : 368
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي عبادة الرجال // التقليد الأعمى

    التقليد الأعمى وعبادة الرجال !



    من ضمن المصائب التي ابتليت بها خير أمة أخرجت للناس ، مصيبة التقليد الأعمى وعبادة الرجال ، وتذكرني هذه المصيبة بقول ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه الإمام أحمد : " أراكم ستهلكون أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر ".


    ونحن هنا لا نقول بحرمة التقليد كما هو مطروح في علم أصول الفقه بضوابطه الشرعية الصحيحة ، ولكننا أمام نوع سقيم من أنواع التقليد ، حوّل بعض الناس من اتباع شرع الله إلى اتباع أشخاص لذواتهم ومناصبهم الحزبية والسياسية، وأصبحوا لا يطيقون سمعاً لآيات الله تعالى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تدل على ما يخالف قول هؤلاء الأشخاص ! ويجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم ثم يولوا مدبرين مستكبرين!


    فقد ابتلى الله هذه الأمة الكريمة ببعض من يُطلق عليهم اسم علماء أو مفكرين أو قادة ، تجاوزوا كل الحدود المتصورة وغير المتصورة في التجرؤ على دين الله تعالى ، ولم يكتفوا بجعل المصلحة العقلية وكأنه مصدر التشريع الوحيد تقريباً ، فهو يخصص ويقيد وينسخ القطعيات الراسيات ، بل تجاوز الأمر إلى أنه حتى هذه المصلحة العقلية أصبحت لا تسعفهم خصوصاً إذا كان الكلام عما يسمى بمصلحة الوطن لأن المناط أصبح مصلحة الحزب أو الجماعة، وتركوا شرع الله وراءهم ظِهرياً قائلين هذه مسألة سياسية بعيدة عن الحل والحِرم !!


    وعندما يأتي أحد حملة الدعوة يبين لأحد هؤلاء المقلدة المبتدعة حكم الله في المسألة مستدلاً بقول الله تعالى أو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعبس وجهه ويقدح الشرر من عينه قائلاً : أأنت أعلم من فلان ؟! وإذا قيل له هذا قول الله ورسوله وزعيمك لم يأت بدليل ، قامت الدنيا ولم تقعد !


    فهل يثق هؤلاء بقادتهم وزعمائهم أكثر مما كان يثق المسلمون بأبي بكر وعمر ؟! ومع ذلك غضب حبر الأمة ابن عباس عندما كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعارضه أحدهم بقوله قال أبو بكر وقال عمر ! وشنّع عليهم كما في رواية أخرى قائلاً : توشك السماء أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر .

    لماذا ؟

    لأننا نتبّع القرآن والسنة ولا نتبّع أشخاصاً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .


    وقد رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه لما نازعه بعض الناس في بعض السنة قال : هل نحن مأمورون باتباع عمر أم باتباع السنة ؟


    فهل المسألة مسألة قلة ثقة بأبي بكر وعمر ؟ لا وربي ولكنها مسألة اتباع الشرع دون الشخص.




    ولا يوجد رجال معصومون في دين الله سوى الأنبياء ، ولا يوجد في دين الله الحق رجال وكأنهم نائبون عن الله في الأرض وكأنهم ينطقون وحياً ..


    صحيح أن من مرجحات العامي الثقة في علم وتقوى من يقلد ، فيأخذ العامي برأي من يقلده دون معرفة الدليل ، ولكن عندما يُبيّن له بالدليل الواضح وبالتبسيط والشرح بعرض الآية أو الحديث وتبيان وجه الدلالة ، فإنه الأصل عند المقلد العامي أن يأخذ بالرأي الذي قد سمع دليله ويترك الرأي الذي لم يسمع له دليلاً شرعياً ، وعندما يكون الأمر من المعلوم من الدين بالضرورة كحرمة الربا وحرمة الحكم بغير ما أنزل الله وفرضية الجهاد فإن المقلد يأثم عندما يُبيّن له بالدليل الواضح خطأ قول مرجعه ويبقى على تقليده إياه .


    فهل يثق هؤلاء بقادتهم – مرة أخرى – أكثر مما يثق الصحابة بعمر من الخطاب رضي الله عنه ، الخليفة الثاني الراشد بعد أبي بكر رضي الله عنه ، والذي نزل القرآن غير مرة مؤيداً لقوله ، والذي لُقب بالفاروق ، والذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " لو كان بعدي نبي لكان عمر " والذي قال عنه أيضاً : "والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك." ناقشته إمراة من عامة المسلمين في تحديد المهور واستوقفته ، وهو خليفة المسلمين الراشد المبشر بالجنة .


    ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلأعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم قال: كم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت يا أمير المومنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم قال: نعم فقالت أما سمعت ما أنزل الله في القرآن، قال، وأي ذلك. قالت: أما سمعت الله يقول: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًاالآية ﴾قال. فقال: اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل .إسناده جيد قوى.


    أما مقلدة هذا الزمان فإنهم ينزهون قادتهم عن مجرد أنهم يمكن أن يخطئوا !

    وكذلك ناقشه الصحابة وطالبوه بالدليل عندما لم يقسّم سواد العراق، وهو عمر ! فكيف برجال اليوم ؟!


    فما يفعله هؤلاء عبارة عن عبادة للرجال لأنهم يطيعونهم طاعة عمياء، ولا يقبلون النصوص الصريحة إذا خالفت أقوال زعمائهم، ولا يلتفتون للنصوص إلا إذا وافقت أقوالهم !


    وكلنا يعرف قصة عدي بن حاتم الطائي حيث روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير " ... فدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة وهو يقرأ هذه الآية ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ قال: فقلت إنهم لم يعبدوهم فقال: بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم. " .

    فكانت العبادة هي الطاعة دون قيد في التحليل والتحريم، وهذا في دين الله أمرٌ جلل.


    فمن يُصر على تقليد رجل بعد أن يُؤتى له بالدليل الصريح من نص القرآن أو السنة على خطأ قول المرجع الذي قلده ، ولم يرجع عن تقليده ، فإنه في هذه الحالة يكون ليس عبداً لله وإنما عبداً لذاك المرجع !


    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وكثير من المتفقهة وأجناد الملوك وأتباع القضاة والعامة المتبعة لهؤلاء يشركون شرك الطاعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما قرأ : ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾فقال : يا رسول الله ، " ما عبدوهم فقال ما عبدوهم ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم " ، فتجد أحد المنحرفين يجعل الواجب ما أوجبه متبوعه والحرام ما حرمه والحلال ما حلله والدين ما شرعه إما دينا وإما دنيا وإما دنيا ودينا ، ثم يخوف من امتنع من هذا الشرك وهو لا يخاف أنه أشرك به شيئا في طاعته بغير سلطان من الله وبهذا يخرج من أوجب الله طاعته من رسول وأمير وعالم ووالد وشيخ وغير ذلك ".مجموع الفتاوى (1/98) .


    رحم الله علماءنا الأفاضل كم كانوا يغضبون في مثل هذه الحالة ، مثل غضبة ابن عباس وغضبة الشافعي الذي يُروى أن رجلاً سأله فأفتاه فقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ، فقال الرجل : أتقول بهذا يا أبا عبد الله ! فقال الشافعي: رح، أرأيت في وسطي زناراً ؟ أتراني خرجت من كنيسة ؟ أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول أتقول بهذا؟!

    فلنتق الله أيها الناس جميعاً، ولنعبد الله لا نشرك بعبادته أحداً لقوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾.

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي بسم الله الرحمن الرحيم

    جزيت خيرا أيها الأخ ، فقد أوضحت في إيجاز بلاء ؛ و أي بلاء .
    فو الله إن من أمرّ ما نحن فيه اتباع الرأي بالنظر إلى أصحابه لا إلى شرع الله فيه .
    نحتاج إلى الكثير من الشجاعة حتى نتعلم أن نقول " لا " بملء الفم يوم تفرض خطة ضيم علينا .

    بارك الله بك .

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : رفح
    العمر : 69
    المشاركات : 488
    المواضيع : 188
    الردود : 488
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخي محمد وليس لدي ما اضيف الا هذا البيت:
    [blink]لقد اسمعت لو ناديت حيا .................ولكن لا حياة لمن تنادي[/blink]
    [motr]من اراد الله به خيرا فقهه في الدين[/motr]

المواضيع المتشابهه

  1. التقليد
    بواسطة الطنطاوي الحسيني في المنتدى القِصَّةُ القَصِيرَةُ جِدًّا
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 15-06-2021, 06:52 PM
  2. التقليد والتفكير
    بواسطة الـورّاق في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-02-2015, 11:45 PM
  3. الموضة وفن التقليد
    بواسطة سامي محمود عبدالغفار في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 31-01-2007, 01:25 PM
  4. عبادة التفكر ....الدخان
    بواسطة اسكندرية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 14-10-2004, 03:03 PM
  5. مع عبادة التفكر (النجوم)
    بواسطة اسكندرية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-08-2004, 10:28 PM