أنفاس قصيدة ليلية
سأكتبُ الزمانَ :
آخرُ العامِ .. كانونُ أولّ
مساءً .. والمكانُ أنا
والطقسُ الآن دافئ :
امرأةٌ تعدُّ الكستناء على جمرِ
اللهفةِ والإنتظارْ .. ونبيذٍ
يداعبُ بدمعهِ عينيْها فَتَحْمرُّ وجنتاها
" كل شيء جاهز " – تهمس –
والموسيقى تنبعث ُ..
تزحفُ على ثوبها الأسود
تعبثُ بِشعْرِها وتَرَفِ جَسَدِها
تعلو .. تهبط
ساكسفون يراقص شَجَرة
تقفزُ من أزلِها صخرة
" الموسقى في هذا الليل لي
لا أريد وَجَعَ العودِ – تقول –
ولا إيقاع الأرض ِ ونايُ الجرح العتيق
لَتكُنْ لنا في هذه الليلة فقط
بعيداً عنكَ وعنّي .. "
نقطةُ عِطْرٍ تفي بالنون
ويَجْهزُ كل شيء ٍ
" كل شيء جاهز " .. تؤكد مرآتها بتعبٍ وأدب ..
تَدُقُ الساعة ُ وتدق
يتبدّلُ الطقس :
بردٌ .. بردْ
رجفةُ قلبْ
" أين أنتْ ؟ " – تسأل –
لا مَهْرب من مَسْرَبِ الوقت
مزيداً من الصبر وتنتظر ..
أين هو ؟
هناكَ .. هنا
تبحثُ عنهُ .. .
تـــشــِمُّ رائحتَهُ في نهديْها
في الشرفةَ والباب ِ ..
والنافذةِ في السرير ِ ..
لا أثَر .. لا أحدٌ يأتي ..
تهاتِفُهه أخيراً
رنينٌ .. رنين .. . ثم رنين :
أينَ أنتْ .؟
...
. ..
يزدادُ البرد
تَصِلها رعشةُ حبٍ ليسَ بحب
تَهزُّها هزاً ..
لا يجيب عبدُ الخسران العائد ِ
من خارج اللحظة
بارداً .. جافاً .. لاهثاً
إناءً صينيّاً مُقَلَّداً .. مُهشَّما
رخيصاً في سرير رخيصة ..
فمن تجْمعْ الركامَ والهشيم ؟
بردٌ .. بردْ
وهي في عُمق ِ اللحظة ِ السحيقِ
تُغلِقُ قلبها في وجه ثائرٍ أحمقْ
أزْهَقها وطناً مُزيَّفاً ..
ترتجفُ .. تَقَعُ ..
ثم تحترقُ وتحترقُ وتحترقْ ..
لتنبعث من جديد مُخلِّفَةً فوقَ العبث ِ والرماد :
أنا وطني
وما أنا إلاّ أنا
ولن أكون إلاّ لي ..