|
باعَ أفراحَهُ في زمان الأسى |
باعَ حتى ترانيمهُ في المسا |
واشترى بالمواويلِ آهاتِهِ |
واشْتكى للمُنى حظَّهُ المُفلسَا |
ومضى يُنشدُ الليلَ أشعارَه |
ويُسامرُ أنجمَهُ الكُنَّسَا |
ويقُصُّ عليهِنَّ أخبارَهُ |
منذ أبحر في الوهمِ حتّى رسا |
قُلن: كيفَ تركت بلاطَ الهوى |
قال: قفرًا من الموحِشَاتِ اكتسى |
والذي سلطنتهُ عهودُ الصِّبا |
لم يجدْ في صبابتهِ مُؤنسا |
والزَّمانُ الذي غرَّهُ بالمُنى |
كلما أحسنَ الظنَّ فيهِ أسَا |
خلعَ العشقُ سُلطانَهُ بعدما |
بايعتْ روحُهُ الشَّادنَ الألعسا |
كيفَ ..حيكتْ مؤامرةٌ حوله |
صيَّرتْ قصر أحلامهِ محْبسا |
قيل ..دارتْ تفاصيلها كالرَّحى |
بين غدرِ الرجالِ وكيدِ النِّسَا |
ويحَهُ كيف أصغى إلى ساحرٍ |
لضلالةِ نبضاتهِ وسوسا |
ألمحتُنَّهُ يابناتَ الدُّجى |
قبسًا بانطفاءتِهِ أوجَسَا |
كان أغنى من الفجر إشراقَةً |
كانَ حتى الدجى حولهُ مشمسا |
هاهو اليومَ يسألُ عن ضوئهِ |
كُلّ من مرّهُ في دروبِ الأسى |
وإذا ماتنفَّسَ من حوله |
صبحُ آمالِهِ يأسُهُ عسعسا |
أعرفْتُنّهُ ياحمامَ الحِمى |
أم حسبتُنَّهُ بلبًلا أخرسا |
مَنْ تغنّى بهِ مجلسُ الأنسِ ..لم |
يَلْقَ عندَ تَلَفُّتِهِ مَجْلِسا |
خافقٌ مُزِّقَتْ فيه أوتارُهُ |
ماعسى أن يُغني لهم ماعسى |
أشعلوا نايَهُ ثُمَّ قالوا لهُ: |
ما أمرَّ الأنينَ وما أتعسا |
أسقيتُنَّهُ يازهورَ النَّدى |
كم سقاكُنَّ كوثرَهُ الأقدسا |
لاملامَ فمن جرَّعَتْهُ النّوى |
وارتوى كيفَ يستعذبُ الأكؤسا |
هاهو اليومَ يسْكُبُ أحْداقَهُ |
ويُعلِّلُ أضلُعَهُ اليُبَّسا |
كلَّما عتَّقَ الوقتُ أحزانَهُ |
ملأ القلبَ من صرفِها واحْتسى |
أيُّها العابرونَ سديمَ الرُّؤى |
أنتُمُ الموقدون لكي نَقْبِسَا |
أيُّ رُؤيا بنيرانِكُم أُجِّجَتْ |
أيُّ حُلْمٍ بأنوارِكُم نُفِّسا |
هل رأيتُم شريدًا إلى دارِهِ |
كان يُؤوي الأصائلَ والنَّورَسا |
هلْ رأيتُم غريبًا على بابهِ |
كانَ يسقي البلابلَ والنّرجسا |