خُذْ مِنْكَ حَوْلَكَ وَاتَّخِذْكَ قَبِيلا
وَأَعِدَّ خَيْلَكَ مَا اسَتَطَعْتَ سَبِيلا
أَطْلِقْ صَوَارِيخَ التَّأَذُّنِ غِيلَةً
وَاضْغَطْ زِنَادَ البُنْدُقِيَّةِ غُولا
وَاصْفَعْ بَنِي صُهْيُونَ دُكَّ حُصُونَهُمْ
وَاسْفَعْ بِنَاصِيَةِ النِّفَاقِ وَبِيلا
وَامْدُدْ يَدَ العَزَمَاتِ إِنَّ يَدَ العُلا
تَأَبَى لِمِثلِكَ أَنْ يَغُلَّ بَخِيلا
يَا مَنْ عَرَكْتَ نُهَى نَصِيرِكَ دَهْشَةً
وَتَرَكْتَ خِصْمَكَ مُهْطِعًا مَخْبُولا
قَدْ عَبَّ يخْرقُ جُرْفهُ كَأْسَ الرَّدَى
فَهَبَبْتَ تَحْرِقُ عَصْفَهُ المَأْكُولا
وَانْقَضَّ بِالهَوَجِ الأَثِيمِ على الرُّبَى
فَرَدَدْتَهُ بِعَتَادِهِ مَغْلُولا
طَارَتْ أَبَابِيلُ الشُّمُوخِ تَسُومُهُ
سُوءَ العَذَابِ وَتَرْشُقُ السِّجِّيلا
لَمَّا اخْتَرَقْتَ إِلَى الجُنُودِ خُطُوطَهُ
شَقُّوا الجُيُوبَ تَوَسُّلا وَعَوِيلا
مَا زِلْتَ تَبْغَتَهُ المَنِيَّةَ زَوْرَةً
حَتَّى تَوَهَّمَ فِي الرُّجُومِ خُيُولا
فَأَغَارَ يَخْصِفُ مِن قَذَائِفِ نِقْمَةٍ
عَبَثًا يُوَارِي حِقْدَهُ المَفْلُولا
وَاجْتَاحَ يَنْسِفُ فِي المَدَائِنِ وَالقُرَى
حَتَّى غَدَتْ كَالأَرْخَبِيلِ طُلُولا
قَصْفٌ لَوَ انَّ الصَّخْرَ حَسْحَسَ نَارَهُ
لامْتَدَّ مِنْ زُبَرِ الحَدِيدِ سُيُولا
أَغْرَى بِهِ سَرَفُ النِّكَايَةِ فَافْتَرَى
لَمْ يُعْفِ قُرْآنًا وَلا إِنْجِيلا
وَاحْتَدَّ مِنْ عَجْزٍ فَمَزَّقَ نِسْوَةً
بَينَ الدَّمَارِ وَصِبْيَةً وَكُهُولا
لَكِنَّ شَأْوَكَ لا يَزَالُ عَلَى الذُّرَى
وَأَنِينَ حُزْنِكَ شَامِخًا وَنَبِيلا
مَا زَالَ قَيْدُكَ يَشْتَكِي وَجَعَ الخُطَى
وَسَرَابُ صَبْرِكَ يَحْتَسِي التَّأْجِيلا
مَا زِلْتَ رَغْمَ الجَرْحِ شَوْكَةَ عِزَّةٍ
وَعَلَى جَبِينِ بَنِي الوَرَى إِكْلِيلا
جَدَبُ الهُطَولِ عَلَى السُّهُولِ تَجَنِّيًا
يَهَبُ الفُصُولَ جَدَاوَلا وَحُقُولا
سَبْعِينَ خُذْلانًا جَرَعْتَ وَلَمْ تَزَلْ
فِي الدَّرْبِ وَحْدَكَ تَحْمِلُ القِنْدِيلا
تَمْشِي عَلَى حَسَكِ القَضِيَّةِ صَامِدًا
وَتُدِيرُ فِيهِمْ بَأْسَكَ المَسْلُولا
فَجَعَلْتَ مَنْ سَخَرَ العَتَادَ مُسَخَّرًا
وَجَعَلْتَ مَنْ رَكَلَ الهُدَى مَرْكُولا
أَرْهَبْتَ يَا شَعْبَ البُّطُولَةِ مَنْ بَغَى
وَوَهَبْتَ غَزَّةَ عِزَّةً وَقُبُولا
إِنْجَازُكَ الإِعْجَازُ أَرْغَمَ أَنْفَهُ
حَتَّى رَأَى مِنْهُ الكَثِيرَ قَلِيلا
سَطَّرْتَ مِنْ دَمِكَ الزَّكِيِّ حِكَايَةً
لِلمُسْتَحِيلِ فَلَمْ تَكُ المَقْتُولا
قَاوَمْتَ فِي حَرَجِ التَّأَجُّجِ بَاسِلا
وَالنَّاسُ حَوْلَكَ يُبْلِسُونَ خُمُولا
وَصَفَعْتَ مَنْ بَلَعَ السَّنَابِلَ خَانِعًا
بِصُمُودِ مَنْ بَلَغَ السَّنَا وَاغْتِيلا
شَأْوُ انْتِصَارِكَ فِي حِصَارِكَ أَدْهُرًا
مَلَكَ القُلُوبَ مَهَابَةً وَذُهُولا
وَسَمَوتَ فِي الشَّرَفِ الأَشَمِّ بِأُمَّةٍ
لا تَبْتَغِي لَكَ فِي الوُجُودِ بَدِيلا
لا فُلَّ شَأْسُكِ يَا حَمَاسُ وَلا دَهَتْ
نُوَبُ الزَّمَانِ حُسَامَكِ المَصْقَولا
هَذِي كَتَائِبُكِ الأَبِيَّةُ أَرْعَدَتْ
فِي الأُفْقِ غَيثًا يَسْتَهَلُّ هُطُولا
تِخِذَتْ بِفَلْسَفَةِ الخَنَادِقِ حِيلَةً
وَمِنَ البَنَادِقِ عُقْدَةً وَحُلُولا
وَتَوَضَّأَتْ بِالمَكْرُمَاتِ وَأَكْثرَتْ
فِي دَرْبِهَا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلا
هَذَا مَقَامُ البُشْرَيَاتِ وَمَا ارْتَقَى
إِلا الأَبِيُّ المُسْتَقِرُّ أُصُولا
وَلَرُبَّ صَوْتٍ مُؤْمِنٍ بِقَضِيَّةٍ
مِنْ كَثْرَةِ التَّرْدِيدِ أَحْيَا الجِيلا
يَا شَعْبَ غَزَّةَ مَا لِحَادِثَةٍ عَدَتْ
فِي الدَّهْرِ إِلا زَادَتِ التَّأْهِيلا
دَعْ عَنْكَ عَذْلَ المُخْبِتِينَ وَعَدْلَهَمْ
فَالَسَّيفُ لا يَفْري الرِّقَابَ كَلِيلا
مَاذَا تُؤَمِّلُ فِي السِّبَاعِ إِذَا طَوَتْ
فِي الأَسْرِ إِلا أَنْ تَهُزَّ ذُيُولا
وَعَلامَ تَنْتَدِبُ التَّعَجُّبَ وَالهُدَى
مُتَكَلَّفًا فِي أَهْلِهِ مَرْذُولا
قِفْ شَامِخًا لا تَأْسَ مِنْ غَدْرِ الذِي
غَلَبَ اليَهُودَ دَنَاءَةً وَجُفُولا
لَمْ يَكْفِ مَنْ لَعَنَ الظَّلامَ تَخَاذُلا
حَتَّى أَتَى مَنْ يَلْعَنُ القِنْدِيلا
هُوَ مِنْ حَدِيثِ المُرْجِفِينَ عَلَى المَدَى
لَمْ يُبْقِ أَيُّ البُهْتِ إِلا قِيلا
مَا جَاءَ يُوسُفُ بَالمَكَارِمِ إِخْوَةً
إِلا رَأَى فِي مَكْرِهِمْ قَابِيلا
وَالحِقْدُ مِقْصَلةُ الضَّمِيرِ فَإِنْ طَغَى
قَدَّ الرَّشَادَ وَقَدَّسَ التَّضْلِيلا
سَيَظَلُّ مُنْجَزُكَ العَظَيمَ وَإِنْ بَدَا
فِي عَينِ أَشْبَاهِ الرِّجَالِ ضَئِيلا
وَيَظَلُّ نَصْرُكَ فِي المَدَى أُسْطُورَةً
وَحَقِيقَةً لا تَقْبَلُ التَّأْوِيلا
فَانْفُضْ رَمَادَكَ وَاشْرَئِبَّ مُجَلْجِلا
وَانْهَضْ بِعَنْقَاءِ الإِبَاءِ جَلِيلا
قَاوِمْ تَقُمْ لَكَ فِي عَدُوِّكَ رَهْبَةٌ
وَيَخِرُّ صَوْتُ الخَائِنِينَ قَتِيلا
هَلْ كَانَ أَضْيَعُ لِلدُّرُوبِ ضَلَالَةً
مِنْ أَعْوَرِ الخُطُوَاتِ يَحْدُو الحُولا
لَو كَانَ فِي نَقْرِ الدُّفُوفِ بَلاؤُهُمْ
لَتَنَازَعُوا صَدْرَ الصُّفُوفِ الأُولَى
أَوْ كَانَ فِي صَخَبِ المَلاعِبِ صَوْتُهُمْ
لَتَدَافَعُوا نَحْوَ الهتَافِ فُلُولا
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرِّ مُضَلَّلٍ
مَنْ قَامَ يَعْبُدُ بِالهَوَى الضِّلِيلا
اللَّيْلُ مُطَّلِعٌ عَلَى نَزَوَاتِهِ
وَالوَيْلُ يَهْرِفُ بَالأَسَى التَّخْذِيلا
وَلَئِنْ نَبَتْ شَفَةٌ وَأَنْبَتَ حَنْظَلٌ
فَالنَّصْرُ يَرْقُبُ فَجْرَهُ المَعْسُولا
حَسْبُ الكَمِيِّ مِنَ الفَضِيلَةِ هَمُّهُ
وَبَأَنَّهُ مَنْ يَفْقَهُ التَّنْزِيلا
مَا كَانَ أَنْ يَخْشَى المَلامَةَ مَا أَتَى
مَا دَامَ يَرْعَى عَهْدَهُ المَسؤُولا
أَمَّنْ يَمُدُّ إِلَى النَّوائِبِ مَا افْتَرَتْ
كَفَّا تَجُوسُ وَسَاعِدًا مَشْلُولا
أَمَّنْ تَمَرَّدَ فِي النِّفَاقِ وَلَمْ يَزَلْ
فِي القَوْمِ يَذْرَاُ فِي النَّهِيقِ صَهِيلا
وَالسَّطْوُ بِالصَّلَفِ الأَصَمِّ عَلَى الرُّؤَى
يَذَرُ القَبِيحَ مِنَ القَبِيحِ جَمِيلا
أَمَّنْ تَبَارَى فِي الْخُنُوعِ لِكُلِّ مَنْ
يَنْدَسُّ فِي عَرَقِ الشُّعُوبِ غلُولا
لَمْ يُدْرِكِ المُغْتَرُّ أَنَّ بِلادَهُ
أَحْرَى وَلاءً أَنْ يَخُصَّ فَصِيلا
أَمَّنْ إِذَا قَالَ السَّفَاهَةَ حَاكِمٌ
سَاقُوا إِلَيْهِ العُذْرَ والتَّحْلِيلا
قَدْ كَحَّلُوا عَيْنَ الرِّضَا تُبْدِي لَهُ
رَغْمَ القَذَاةِ الوُدَّ وَالتَّفْضِيلا
لَوْلا تَدَارَكَتِ الشُّعُوبُ قَرَارَهَا
كَي تَسْتَبِينَ مَصِيرَهَا المَجْهُولا
مَا عُذْرُ مَنْ رَفَعَ العَزِيزُ جَبِينَهُ
أَنْ خَرَّ يَسْجُدُ لِلطُّغَاةِ ذَلِيلا؟
قَدْ جَفَّ فِي الأُرْدُنِّ نَخْوَةُ يَعْرُبٍ
وَالعَدْلُ فِي بَرَدَى يَخِبُّ أُفُولا
وَالرَّافِدَانِ مِنَ العِرَاقِ تَبَرَّآ
وَالزَّيْفُ فِي الفِرْعَونِ خَانَ النِيلا
وَالزَّيتُ أَغْرَى المَسْجِدَينَ فَأَنْكَرَا
لِلثَّالِثِ الأَقْصَى دَمًا مَطْلُولا
بَلْوَى البِلادِ مِنَ المِرَاءِ وَذُلُّهَا
مِنْ كُلِّ مَنْ جَعَلَ الذُّبَابَةَ فِيلا
فَتَرَاهُمُ عِنْدَ العَدُوِّ دَوَاجِنًا
وَعَلَى الشُّعُوبِ أَسَاودًا وَفُحُولا
فَرَضُوا الحِصَارَ لِلاحْتِضَارِ وَإِنَّمَا
أَحْيَا الحِصَارُ سَوَاعِدًا وَعُقُولا
وَالأَخْرَقُ المُحْتَالُ يَسْخَرُ كُلَّمَا
ظَنَّ المَعَابِرَ تَقْطُفُ التَّذْلِيلا
وَالأَحْمَقُ المُخْتَالُ يَنْفُجُ عَابِسًا
لَمْ يَرْضَ إِلا أَنْ يَكُونَ عَمِيلا
يَا شَعْبَ غَزَّةَ وَالقَصَائِدُ فِي فَمِي
خَجْلَى وَفَخْرِي عَبَّقَ المِنْدِيلا
مَاذَا يُفِيدُ الشِّعْرُ مَدْحَ أَشَاوِسٍ
جَعَلُوا الصُّمُودَ عَلَى الشُّهُودِ دَلِيلا
الفَخْرُ أَغْنَى بِانْتِسَابِي أَحْرُفِي
وَالنَّخْلُ أَحْنَى رَأْسَهُ تَبْجِيلا
أَنَّى تُجَازِيكَ المُنَى يَا نَبْعَهَا
وَمَتَى نَرَى لَكَ فِي البِلادِ مَثِيلا
لا يُدَّعَى المَجْدُ الأَثِيلُ وَلا أَرَى
إِلا بِأَنَّ المَجْدَ قَبْلَكَ عِيلا
هِيَ مِحْنَةٌ لِمَنْ اسْتَقَامَ وَمِنْحَةٌ
حَتَّى نَحُفَّ القُدْسَ مِيلا مِيلا
أَنْتُمْ وَعِيدُ اللهِ وَعْدُ كِتَابِهِ
وَكَفَى بِرَبِّكَ نَاصِرًا وَكَفِيلا
لا تَعْجَزُوا إِنِّي رَأَيْتُ ثَبَاتَكُمْ
عِبْئَا عَلَى كَيْدِ العَدُوِّ ثَقِيلا
مَنْ كَانَ يَكْلَؤُهُ العَزِيزُ بِرُكْنِهِ
لَنْ يَسْتَطِيعَ لَهُ الوَرَى تَزْيِيلا
وَسَيَفْتَدِيكِ اللهُ يَا ابْنَةَ هَاشِمٍ
وَكَمَا افْتَدَى بِالذِّبْحِ إِسْمَاعِيلا