|
هات الغداء لقينا الجّوعَ والنَّصبا |
منْ رحلةٍ رصفتْ أوجاعنا سبَبَا |
حوت الشّباب ذوى من زادنا ضجراً |
في لجّة الدَّهْرفرّ النّونُ وانْسحَبَا |
في مكْتل العمْر أعْوامٌ لنا بقيتْ |
الشَّيبُ زيَّنها واقْتاتها رَهَبَا |
كنّا صغاراً وكان الحلْم يكْبرنا |
لا نعرفُ السَّقم الملعونَ والشَّجَبَا |
نسابق الرِّيح بالآمال نغْلبها |
نختال فوق حقولٍ نهتك القَصَبَا |
نتيه فوق إزار الحلم في صلفٍ |
ننثال تحت أساريرٍ لهُ عَجَبَا |
مات الرَّبيعُ وفصل الصّيف محْتضرٌ |
أمّا الخريف فخانَ الغصنَ وانْسحبا |
وللشِّتاءِ جفافٌ طال موْسمه |
أقعى حزيناً وأرخى الذَّيْلَ والذَّنَبَا |
ينزو على البرد في لؤمٍ ويقرصه |
وينكز الشمس في خبث إذا جذبا |
أوطاننا وأدت وصلاً على جزعٍ |
فاستنفر الشوق في أوصالنا ورَبَا |
ضرع السُّرور يجفّ الآن في بلدي |
ضاع الإناءُ وسال الدمُّ وانْشَخَبَا |
الهمّةُ انْتحرتْ من عجزها ترحاً |
كالواله انْقطعتْ أنْفاسهُ طَرَبَا |
نكابد الوجع المكْنوز في رَمَلٍ |
والهمُّ في نزق يغتالنا خببا |
اليسر في ذلّةٍ باع الهوى ومضى |
والعسر في صلفٍ من دارنا اقْتَرَبَا |
العُجْمُ تأسر قطعان العباد غوىً |
والكلب حارسنا من ضحكه انْقلبا |
العُضْبُ مسلولة في وجهنا طمعاً |
والسّيف يا وطني في راحتيكَ نَبَا |
تقنا صواع إباءٍ زان مِحْملُنا |
الحمْل ضاع جهاراً والبعيْرُ كبا |
شرُّ الرّجال أصمٌّ جاحدٌ غفلٌ |
باع الحداء وصرّ الوِرْق والذّهبا |
أقصى نوالٍ لنا في هجْرةٍ بَعُدَتْ |
ما أتعس المرء لو في الشّتات هَبَا |
نستوهب الكسل المسكون في طمعٍ |
والجدّ نمنحه بخساً لمن طَلَبَا |
العارُ يغرقنا في وحله لمماً |
يا ويح جيلٍ إذا في اللجوءِ حَبَا |
ويل النُّفوس إذا ما الهمُّ أرّقها |
والقلب من حُزنه بطْحاً غدا حَطَبَا |
تركتم الأرض بوراً صفصفاً يبَسَاً |
لكلّ من صَفَع القيعانَ واغْتصبا |
توبوا الى حضن أمٍّ ذابَ خافِقُها |
ما أطيب الوصل والإحسانَ والسَّقبا |
خلْب الوداد صدودً الزِّيْف أنْشبها |
ظِفْر الجَّفاءِ وكم من مهْجةٍ خَلَبَا |
الشّرع مقْصلةٌ البعض يرفعها |
في وجه من رفض الإجرام وانْتَدَبَا |
ويزرع اللحيَةَ الكثَّاءَ في صخبٍ |
كي يحرقَ التِّينَ والزّيتون والعِنَبَا |
دين الحنيفيّة السّمحاء رايتنا |
الرِّفقُ سيمته في رفعةٍ وَثَبَا |
أين الحقوق وحفظ النَّفس أعظمها |
أين المواثيقُ ربّي منْ عَلٍ كَتَبَا |
ديارنا حرّقتْ بالنار في عَنَتٍ |
من وهْد بغدادَ حتّى راسيات سَبَا |
دمشْق تنْدب موْتاها على عجلٍ |
والعلْجُ ينْحر في ميزابه حَلَبَا |
والقدس من دنس الأنجاس مرْهقةٌ |
والمسجد العمريّ الطاهر انْتَحَبَا |
لبنانُ وا أسفي للفرْسِ مرتهنٌ |
يغتاله جَعِدٌ , دربَ الخنا انْتَجَبَا |
أمّا طراْبلْسُ فانْهارتْ مودعةً |
إشراقة الثَّغْر والإصباحَ والشَّنَبَا |
ماذا دهانا, شبعنا ذلَّ هدْهدةٍ |
ماء المحيّا على أرْدافنا انْسَكَبَا |
ما همّنا زمنٌ , فألٌ ولا قَدَحٌ |
أو نعقُ صائحةٍ أو طائرٌ نَعَبَا |
متى نعرْبدُ كالرَّعْد الجَّسور فماً |
ونجمع الشَّمل والرَّايات والنَّسَبَا |
وننهز الفرقة الرعناء , نخنقها |
إن عضّنا رهبٌ في الزِّنْد أو لَسَبَا |
ويزهر النَّصرُ أفراحاً بنا ذبُلتْ |
كي يونع الثّغْرُ من أنفاسنا حَبَبَا |