الغربة
في غُربتي : عَضَّني نابُ الزَّمانِ ، وها
يُظِلُّني هازئاً (في العمرِ) أرْذَلـُهُ
سَبْعٌ (عُقوداً) مضتْ تَجري براحلتي ،
تضُمُّ مُتْحَفَ عُمْر ٍ ضاعَ أجْمَلـُهُ
والقلبُ تقذفه الأنواءُ (مُزْرَدَةً
بالقيدِ ) من شَظَفِ الدُّنيا ، تُكَبِّلهُ
فالقهرُ ينقلني للعوم في لُججٍ ،
والعمرُ يَخْذِلُه منْ كانَ يأمَلـُهُ
والرَّوعُ يقضِمُ أيماني هناكَ ، وها
هَنا : تقَصَّدَتِ الأقدارُ تَخْتِلُهُ
و مَركبي تائهٌ في اليمِّ تقذفـُهُ الـ
أمواجُ هائِجَةً ، والهمُّ يخزله
إذْ كنتُ أحْسَبُ أنِّي جئتُ مُزْدلِفاً :
أُنْساً ، يُجاذِبُني في الخَير أجْزَلـُهُ
لكنَّني لمْ أعُــدْ إلا بـِما سَلَـبَــتْ
مــِنِّي المَكائــِدُ : حُلْماً كنتُ أحمِلـُهُ
مادارَ في خَلـَدي أنَّ الهوى قدرٌ
يُفيضُ كاسِيَ من أمْسي ، وينهله
وما علمـْتُ بأنِّي مَحْـضُ ذاكرةٍ
تَعتادُ في غـَدِها ماكنْـتُ أهمله
***
ماذا تقولُ لمن تلقيهِ صفحتــُـه
كالطـَّير في قفصِ الدُّنيا ، وتعزلهُ
ما كنتُ أدلُجُها لو لمْ يكنْ قدَري
في أن أقيـمَ ببحرٍ ضاقَ ساحلـُهُ
قد جئتُ مرتـَحلاً بالقلبِ ناحيَـةً
، فمــا وَجـَـدتُ مكانــاً فيهِ أعقِلـُهُ
بلى ، وربكَ ، لولا أنْ علقتُ بها
ما غـالني في الهوى إلا تـَبَتـُّلهُ
فما حصَدتُ ثمارَ اللأيِ من يَدهِ
ولا ظفـَــرْتُ بمـا قدْ كنـتُ آمَلـُهُ
***
لا يُرهِبَنّكَ ( إنْ أُقْصيتَ عنْ أمَلٍ )
ما يفعلُ النَّاسُ ، بلْ ما كنتَ تفعلـُهُ
يـَدُ الصُّروفِ وليسَ النَّاسُ (إن حَظِيتْ
منـْكَ السِّهامُ بجرحٍ) مَنْ تـُنازلـُهُ
تنبو العزيمةُ ، إنْ زيفُ الحَياةِ بدا
زهــْواً يراوِدُ منْ قدْ كـانَ يَحْمِلُهُ
فالكلّ يحمل في أندائه أملَ الشَّـ
ـيـطــانِ ، ملتَحِــفاً بالوَهْمِ ، يُجْــزِلهُ
هي الحياة ، تديرُ العُمْرَ في سَفهٍ ،
وتـَرْفعُ المرءَ ما شاءتْ وتُنْزِلهُ
***
لو كان يُرْسَمُ لي في العِشْقِ مزدَلفٌ
: عَكفْتُ أقتـُلُ أوصابي ، وأقتلـُه
ولو يُراجِعنـُي في مِحْنَـتـي أمَــلُ
لرحــْتُ أرسمُــهُ قَبْراً ، وأنزلـُهُ
فما نِثـارُ زَمانِ الودِّ يُسْعِــدني
يومـاً ! فآخـِــرُهُ لهـوٌ وأوّلـُـــهُ
***