يــُـعـد مجلس التعاون الخليجي واحدًا من أهم المجالس الاقتصادية لا في العالم العربي فحسب ؛ بل في العالم كله ؛ وما ذلك إلا للمكانة الراقية التي تميز بها هذا المجلس الكبير عن غيره من المجالس .
ويتكون هذا المجلس من دول الإمارات والبحرين والسعودية وعُمان وقطر والكويت ؛ طبقـًا لترتيب الحروف العربية .
والإمارات العربية المتحدة عاصمتها أبو ظبي وعملتها الدرهم ، والبحرين عاصمتها المنامة وعملتها الدينار ، والسعودية عاصمتها الرياض وعملتها الريال ، وعُمان عاصمتها مسقط وعملتها الريال ، وقطر عاصمتها الدوحة وعملتها الريال ، والكويت عاصمتها الكويت وعملتها الدينار ، وإن اختلفت الأنظمة الحاكمة في هذه الدول فما ينبغي أن تختلف الأهداف والغايات .
ولقد تميزت دول مجلس التعاون تميزًا كبيرًا في الناحية الإنسانية ، وما يُنكر ذلك إلا جاحد ؛ فلقد راحت تؤسس قواعد التعاون والتكامل لا مع دول العالم العربي فحسب بل في العديد من دول العالم ؛ توطيدًا للعلاقات المتميزة في الناحية الخارجية .
ولقد فقهت هذه الدول أن أعمال البـِـرِّ لا تخص الأشخاص فقط ، بل تخص الدول والبلدان أيضـًا ؛ فراحت تطور ثقافة مواطني البلدان المختلفة من خلال وسائل الإعلام المتنوعة ؛ ويمكن أن نذكر في هذا السياق الإعلام القرائي في مجلتي العربي والوعي الإسلامي وكتاب عالم المعرفة في الكويت ، ومجلة دبي الثقافية في الإمارات ، ومجلة الدوحة في قطر ، والمجلة العربية في السعودية ، وكما تعددت المجلات والصحف تعددت الصالونات الفكرية الخاصة بالخليج ومن أشهر هذه الصالونات الفكرية صالون الخليل بن أحمد الفراهيدي الخاص بسلطنة عُـمان .
ومن الجدير بالذكر أن هناك أناسـًا من بيننا يسيرون خلف مبدأ يقول ( وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً... وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا ) ، وما علم هؤلاء أنه إذا حدثت لنا مصيبة من مصائب الدهر فسوف نشرب كلنا الماء الكدر ، وسوف يُوضع الطين فوق رؤوسنا ، والرغام فوق أنوفنا ، والذل على نواصينا ، بل ستصير نواصينا كلها كاذبات خاطئات إلا من رحم الله .
لقد فرض الله الزكاة على الأغنياء ؛ سواء أكان هؤلاء الأغنياء من الأشخاص أم من الدول والبلدان ، وما ذلك إلا رغبة في التقارب بين الطبقات وبعضها البعض ، وزيادة للمحبة والسلام ، وكبتـًا للغيرة وأمراض القلوب ، وشكرًا لله على نعمه الظاهرة والباطنة في المرتبة الأولى .
وقد ضرب الله المثل لجاحدي النعم من الأفراد عند ذكر قارون ؛ حيث قال - تعالى – (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) وقد ضرب الله المثل للقرى والمدن والأوطان عند ذكر سبأ اليمنية ؛ حيث قال – جلَّ شأنه – ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ )
وإن الشكر لا يكون إلا بالعمل ؛ قال تعالى ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) وقد ذكر الله أن الشكر يستوجب الزيادة حين قال (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ، والكفر ها هنا يعني جحد النعمة .
ومن الجدير بالذكر أن دول مجلس التعاون سعت إلى أعمال الخير والبـِـرِّ في العديد من دول العالم عن حب وتقدير ، وكأن مبدأها الذي سارت عليه قول الله ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) ، وقول الله ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
وإن استهزأ بعض الناس بقبيلة قريش في أضحوكاتهم فإن لقريش مكانة كبيرة في قلوب العقلاء ؛ لأنها قبيلة النبي المُكرمة من الله ، وهي القبيلة الوحيدة على ظهر الأرض التي لها اسم سورة في القرآن ، وقد ذكر الله رحلتي الشتاء والصيف فيها ، ورحلة الشتاء كانت إلى اليمن ( حفظها الله ) ، ورحلة الصيف إلى الشام ( وحـَّـد الله كلمته ) ، وقد أنعم الله على المملكة العربية السعودية بوزارة فريدة على سطح الأرض ألا وهي وزارة الحج السعودية ؛ فالشكرَ الشكرَ لكي يكون المزيد .
والحق إن دول مجلس التعاون الخليجي دول سخية كريمة رفيعة العطاء ، وإن المواطنين فيها يتنافسون في أعمال البر منذ زمن الجاهلية إلى وقتنا هذا ؛ والدليل على ذلك قول أبي جهل ( تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعَموا فأطعمنا ، وحمَلوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسي رِهان ، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك هذه ؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه !)
وما ينبغي أن تكون الغيرة بيننا قائمة على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بُعث في أرض السعودية ولم يُـبعث في غيرها من الدول العربية ؛ لأن الله يقول ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ، كما أن فضل الله يعطيه من يشاء من الدول والشعوب .
وفي الحقيقة لقد تنافس قادة دول الخليج فيما بينهم تنافسـًا شريفـًا في تكريم المبدعين والمفكرين ومنح الجوائز في شتى مجالات الحياة ؛ وما زالوا يتنافسون في أعمال الخير والبر داخل أوطانهم وخارجها .
و من جوائز الإمارات :
جائزة الشيخ زايد للتفوق
وجائزة الشيخ زايد للآداب
وجائزة الشيخ زايد لطاقة المستقبل .
وجائزة الشيخ زايد للرواية .
وجائزة الشيخ زايد للبيئة .
وجائزة الشيخ زايد لأدب الأطفال .
وجائزة الشيخ زايد للكتاب .
وجائزة خليفة التربوية .
وجائزة خليفة للتميز الحكومي .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للغة العربية .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم لإعداد القادة .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتصوير الضوئي .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم لدعم مشاريع الشباب .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم لداعمي الفنون .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإدارة العربية .
وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي .
وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للتصوير الضوئي .
وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للتميز .
وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للبحث التربوي .
وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للحكومة الذكية .
وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية .
و من جوائز البحرين :
جائزة الملك حمد العالمية للاختراع العلمي .
وجائزة الملك حمد للتنمية الزراعية .
وجائزة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة للتفوق الصناعي .
وجائزة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة للتميز في الأداء التعليمي .
وجائزة ناصر بن حمد للإبداع الشبابي .
وجائزة ناصر بن حمد لإبداعات ذوي الإعاقة .
وجائزة ناصر بن حمد للبحث العلمي في المجال الرياضي .
و من جوائز السعودية :
جائزة الملك عبد العزيز الدولية للقرآن الكريم .
وجائزة الملك عبد العزيز للجودة .
وجائزة الملك عبد العزيز للإبل .
وجائزة الملك عبد العزيز للموهوبين .
وجائزة الملك عبد العزيز للترجمة .
وجائزة الملك فيصل العالمية .
وجائزة الملك فهد للترجمة .
وجائزة الملك فهد للجودة .
وجائزة الملك فهد للعمارة الإسلامية .
وجائزة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.
وجائزة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحرس الوطني .
وجائزة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة .
وجائزة الملك سلمان بن عبد العزيز لطلاب الدراسات العليا .
وجائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة .
و من جوائز عُمان :
جائزة السلطان قابوس التقديرية .
وجائزة السلطان قابوس للتميز في الحكومة الإلكترونية .
وجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب .
وجائزة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم .
وجائزة السلطان قابوس لحماية البيئة .
وجائزة السلطان قابوس للسلام .
وجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي .
ومن جوائز الكويت :
جائزة صباح الأحمد للجودة .
وجائزة سالم العلي الصباح للمعلوماتية .
ولقد رأت مصر أن أمن الخليج خط أحمر ما ينبغي تعديه ؛ لأنه ليس من صالح العرب أن يـُـمس الخليج العربي بأي سوء ؛ لأن قادة دول الخليج العربي عملوا – بما لا يدع مجالاً للشك – في الارتقاء بالأوطان والمواطنين ، ولهم - من غير أي مجاملة – أيادٍ بيضاء على الدول المختلفة ، والشعوب المتباينة في شتى مجالات الحياة .
ولقد أثبت العالم العربي بتعاونه وتكامله في المعجزة العسكرية العربية الكريمة الخاصة بحرب أكتوبر المجيدة أننا إذا كنا يدًا واحدة تبني وتعمر ، وعقلاً ناضجـًا يفكر ويدبر ، وقيادة متعاونة تخطط وتنفذ فالنجاح سيكون حليفنا ، والقوة ستكون سبيلنا في مختلف الميادين ، وشتى المجالات ، ... حفظ الله دول الخليج من كل سوء ، وكتب لأوطاننا العربية التقدّم والرقي في ضوء مناهل العلم ، ومناهج المعرفة ، وتعاون الأوطان العربية من المحيط إلى الخليج ؛ لما فيه صالح البلاد والعباد .
مـُـرَاد مـُـــصـْـلـِـح نـَـصـَّـار .
مـِـــــــــــــصـْــــــ ـــــــــــر .