عدم تكامل عناصر المنهج في استراتيجيات القرائية الخاصة بالمفردات
(1)
مم يتكون المنهج؟
يتكون المنهج من عناصر هي: الأهداف، والمحتوى والوسائل التعليمية وطرق التدريس، ويأتي عنصر التقويم فيؤكد السابق أو ينفيه.
ومَنْ يتابع هذا الاهتمام الكبير باستراتيجيات القرائية، ويلحظ دوراتها التدريبية، ويقرأ أدلتها الإرشادية- يتيقن من أهميتها المطلقة لدى وازرة التربية والتعليم؛ مما يؤكد تضامن كل عناصر المنهج لتحقيق غاياتها، لكن الواقع ينفي ذلك.
كيف؟
يظل تأكيد تدريس الاستراتيجيات الخاصة بالمفردات مستمرا طوال العام الدراسي وطوال أيام التدريبات، ثم تختفي هذه الاستراتيجيات الخاصة بالمفردات في الاختبارات، ويأتي الاختبار في صورته التقليدية التي تطلب مرادفا ومضادا، ويخلو من أي إشارة إلى أي استراتيجية قرائية.
ويجعل هذا الواقع مَنْ يتابع حائرا متسائلا: لماذا يحدث ذلك الانفصام في الخطوة الأخيرة التي يجب أن تؤكد ما قبلها من خطوات؟
إن الاختبار هو العنصر الأقوى في واقع التلاميذ والمعلمين وأولياء الأمور؛ فمعلوم من واقع الناس أن الجميع - تلاميذ ومعلمين- يركز في شرحه واستذكاره على أنماط أسئلة الاختبارات، ويكثر السؤال الآتي من الجميع: هل ستأتي هذه المعلومة في الامتحانات؟ وإن المعلم الذي يتوقع أسئلة الاختبارات ترتفع قيمته عند التلاميذ في كل مرحلة تعليمية، ويزداد الإقبال عليه، ويستخدم ذلك في دعايته لنفسه.
لِمَ تخلو الاختبارات من استراتيجيات المفردات؟
إن فكرت وأطلت التفكير فلن تجني إلا ظنونا!
كيف؟
ستقول ظانا: أيكون السبب أن إدارة القرائية في المديريات والإدارات التعليمية لا علاقة لها بتوجيه اللغة العربية الذي يصنع الاختبارات؟
لا، ليس هذا هو السبب.
لماذا؟
لأن معظم مدربي القرائية من موجهي اللغة العربية، وبقيتهم دُرِّبوا عليها.
إذا، أيكون السبب خلو نماذج رصد الإتقان التي ترد في الأدلة الإرشادية من أي إشارة إلى أي استراتيجية من استراتيجيات القرائية الخاصة بالمفردات؟
(2)
هل تخلو الأدلة الإرشادية في الرصد الإتقاني من استراتيجيات المفردات؟
نعم.
كيف؟
الدليل الإرشادي للصف الثاني الابتدائي، الفصل الدراسي الثاني، ديسمبر 2014م- يحصر الرصد في الصفحات الممتدة من 43 حتى 51 في مهمات أربعة هي: الأصوات، وأساليب وتراكيب، وفهم قرائي، وإملاء.
أين المفردات؟
لا مفردات على الرغم من أن الصفحات السابقة على رصد الإتقان تعالج أنشطة الكتاب، وتأتي فيها استراتيجيات المفردات.
وكذلك يحدث في الدليل الإرشادي للصف الثالث الابتدائي، الفصل الدراسي الأول، سبتمبر 2013م- في الصفحات الممتدة من 41 حتى 44. ويحدث أيضا في الدليل الإرشادي للصف الثالث الابتدائي، الفصل الدراسي الثاني، ديسمبر 2013م- في الصفحات الممتدة من 55 حتى 60. ويخلو الدليل الإرشادي للصف الرابع الابتدائي، الفصل الدراسي الأول، سبتمبر 2014- من أي رصد إتقاني.
(3)
هذا هو واقع الرصد الإتقاني الذي تنتجه الوزارة آخر الأدلة الإرشادية، وهذا هو واقع الاختبارات كما شهدتها في إدارتي التعليمية، وأظن الأمر لا يختلف كثيرا في الإدارات الأخرى؛ فلماذا كل هذا الجهد المبذول في تدريس استراتيجيات المفردات طوال العام الدراسي ما دامت النتيجة تجاهلها في الاختبارات؟
قد يقول قائل: ليس المهم أن تأتي استراتيجيات المفردات بصورتها المعهودة في الاختبارات، بل المهم أن تاتي المهارات التي وُجدت من أجلها.
وأقول: لا، ليس الأمر هكذا؛ فهذا ينطبق على كل عناصر القرائية.
وإِنْ سلّمنا جدلا بهذا فإننا سنجد الأدلة الإرشادية ذاتها تنفيه.
كيف؟
إن للقرائية مقررا يُشرَح من خلاله مقرر اللغة العربية، وإننا إن يممنا صوب منهج القرائية المذكور في صدر الأدلة الإرشادية فسنجد النص المجمل في إرشادات الاستخدام والنص التفصيلي في خطة قرائية الصف وفصله الدراسي- على استراتيجيات المفردات.
كيف؟ وماذا يُذكر في مقرر القرائية في الصفوف المختلفة بشأن استراتيجيات المفردات؟
يَذكر مقرر القرائية على الصف الثاني الابتدائي كما ورد في دليل الصف الثاني المشار إليه آنفا تحت عنوان "إرشادات هامة لاستخدام هذا الدليل"- محاوره في ص 5 فيقول:
( يتضمن برنامج القرائية في الفصل الدراسي الثاني خمسة محاور "مكونات" هي:
1- الأصوات: وتشمل ....
2- الأساليب والتراكيب، وتشمل: ....
3- المفردات، وتشمل: خريطة المفردات- عائلة الكلمة- مفاتيح السياق- المعاني المتعددة- إضافة صفة- شبكة المفردات.
4- الفهم القرائي، ويشمل: ....
5- الطلاقة ....).
وهذا هو ما نجده في دليل الصف الثالث للفصل الدراسي الثاني المشار إليه آنفا ص5، وهذا ما نجده في دليل الصف الرابع المشار إليه آنفا ص3 وص5.
ولا تكتفي الأدلة بذلك النص المجمل، بل تذكره مرة أخرى مفصلا في خطط القرائية التي تبين فيها استراتيجيات القرائية الخاصة بكل درس من دروس وحدات المقرر الدراسي.
إذا، عنصر المفردات باستراتيجياته جزء أصيل من منهج القرائية لا يقل أهمية عن أي عنصر من العناصر الخمسة المذكورة أعلاه؛ فلِمَ لا يذكر في الاختبارات مثلها؟
(4)
لماذا يخلو الرصد الإتقاني والاختبارات من استراتيجيات المفردات؟
لن يتبقى لنا بعد السابق إلا الظن الآتي المتمثل في أن يكون سبب ذلك الإلغاء وهما جديدا من الأوهام الخرافية التي لا تجد لها سببا منطقيا يجعلك ترضى وتقبل ذلك الفصل الحاد بين التخطيط والتنفيذ وبين قياسهما؛ فمعلوم أن التقويم يقيس مدى تنفيذ الأهداف التي صمم المقرر على وفقها.