أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: أقصى الشقاء.................محمد محضار

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد محضار قاص
    تاريخ التسجيل : Nov 2011
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 217
    المواضيع : 84
    الردود : 217
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي أقصى الشقاء.................محمد محضار

    أقصى الشقاء ................محمد محضار
    أقصى الشقاء

    في ركن قصي من كوخ حقير بأحد أحياء الصفيح الهامشية اِفترشت صبية مصفرة الوجه ،بقايا حصير قديم وقد غطى جسدها لحاف رث وسخ , كانت عيناها الذابلتان تتراقصان وهما تراقبان الخيالين المنعكسين بفعل ضوء الشمعة الخافت عبر الستارة البيضاء التي تفصل ركنها عن مضجع أمها وزبونها ..كان لهاث هذين الأخيرين وتأوهاتهما يطرق سمعها فتسري في جسدها قشعريرة غريبة وتكتسي سحنتها بمظاهر الحزن والألم ..
    كانت يدها الصغيرة تفرغ ما يعتمل في نفسها من حقد , على الحياة بالضغط على حاشية اللحاف , وقدماها النحيفتان تتمددان في عصبية حتى تلامسان ارض الكوخ ...
    وشم الذكريات القاسية ما زال حيا يطبق على عقلها وفكرها, ناثرا بذور الشقاء في طريقها , وكأنها لم تخلق أصلا إلا من أجل الشقاء.
    رف على شفتيها شبح اِبتسامة حين تذكرت والدها , كان شابا قوي البنية , طيب القلب يحبها ويدللها باستمرار , رغم الفاقة وضيق اليد , فقد كان مجرد حمال بالسويقة يحمل صناديق الخضر على ظهره , وكثيرا ما سمعته يرددالحمال مجرد حمار بشري ...)وكانت هي ترد عليه ببراءة الطفولة: سأتعلم يا أبي وأعمل , ثم ترتاح أنت وأمي ..فيجيب :حقق الله أمانيك يا صغيرتي ...
    هذه أمور لم تعد تجديها الآن شيئا وأصبحت مجرد ماض لا يغني أو يسمن من جوع, فالوالد رحل عن هذا الوجود وِاختفى تحت التراب والحجارة, ...ذاكرتها تختزن دون شك أحداث مصرعه المفاجئ...فقد نشب ذات مساء بينه وبين جارهم موسى الأقرع صراع دموي عنيف..اِنتهى بموت الاثنين .. كان موتا باردا , وتلك عادة درج عليها بعض المسحوقين ..فهم يَقتلون ويُقتلون( برفع الياء) من أجل أشياء تافهة...
    بعد رحيل والدها تغيرت الأمور , وتبدل سلوك أمها , وتصرفاتها وكانت الصفعة الأولى التي وجّهَت لها ..هي حرمانها من متابعة الدراسة..أما الصّفعة الثانية فكانت أشدّ وأقوى ..لقد دخلت أمها عالم الدعارة ...وتحول الكوخ الصغير إلى ماخور فساد يرتاده طلاب اللذة الرخيصة من أبناء الحي ., وفقراء المدينة..
    كانت تنظر إلى كل ذلك بعين العاجز الضائع ولا تملك سوى ذرف الدموع السخينة كلما خلت إلى نفسها, فهي الآن تعرف المصير الذي ينتظرها غدا ..أو لم تقل لها أمها : تعلمي يا صبية حتى تعيلينني كما أُعيلك ،يوم أكبرُ..
    إذن كل شيء واضح , فليس أمامها سوى اِنتظار اليوم الذي تَرِث فيه عن أمها ايهاب العهر, ويصبح جسدها ملكا مُشَاعا لكل عابث وماجن...
    إن أمها مافتئت تذكرها اليوم تلو الآخر بأن السبيل الوحيد للحصول على لقمة العيش هو الذعارة..............
    تابت الطفلة الى نفسها وأمسكت عن التفكير ثم جرت الغطاء وانكمشت حول نفسها..لكنها سرعان ما أحست باختناق شديد وتسربت إلى خياشمها رائحة الدخان ...فاسرعت تزيح الغطاء عنها..كانت النار حولها تلتهم حطب الكوخ وأثاثه الوضيع ...وكانت أمها وزبونها يصرخان................

    محضار 1979..
    رب ايتسامة طفل خير من كنوز الدنيا أجمع

  2. #2
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 2,069
    المواضيع : 373
    الردود : 2069
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    صورة كئيبة جليتها بأسلوب واضح
    ولقطة تصويرية رسمت المنظر بدقائقه فجلّت المكان والزمان
    وفاجأتنا ببؤرة الاقصوصة ، النار التي تحرق في الدنيا قبل الآخرة
    كثيرة هذه اللقطات الحيوية التي يعيشها الملايين في هذه الدنيا
    شكر الله لك فقد كنت مصوراً مبدعا

  3. #3
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد محضار مشاهدة المشاركة
    أقصى الشقاء ................محمد محضار
    أقصى الشقاء

    في ركن قصي من كوخ حقير بأحد أحياء الصفيح الهامشية اِفترشت صبية مصفرة الوجه ،بقايا حصير قديم وقد غطى جسدها لحاف رث وسخ , كانت عيناها الذابلتان تتراقصان وهما تراقبان الخيالين المنعكسين بفعل ضوء الشمعة الخافت عبر الستارة البيضاء التي تفصل ركنها عن مضجع أمها وزبونها ..كان لهاث هذين الأخيرين وتأوهاتهما يطرق سمعها فتسري في جسدها قشعريرة غريبة وتكتسي سحنتها بمظاهر الحزن والألم ..
    كانت يدها الصغيرة تفرغ ما يعتمل في نفسها من حقد , على الحياة بالضغط على حاشية اللحاف , وقدماها النحيفتان تتمددان في عصبية حتى تلامسان ارض الكوخ ...
    وشم الذكريات القاسية ما زال حيا يطبق على عقلها وفكرها, ناثرا بذور الشقاء في طريقها , وكأنها لم تخلق أصلا إلا من أجل الشقاء.
    رف على شفتيها شبح اِبتسامة حين تذكرت والدها , كان شابا قوي البنية , طيب القلب يحبها ويدللها باستمرار , رغم الفاقة وضيق اليد , فقد كان مجرد حمال بالسويقة يحمل صناديق الخضر على ظهره , وكثيرا ما سمعته يرددالحمال مجرد حمار بشري ...)وكانت هي ترد عليه ببراءة الطفولة: سأتعلم يا أبي وأعمل , ثم ترتاح أنت وأمي ..فيجيب :حقق الله أمانيك يا صغيرتي ...
    هذه أمور لم تعد تجديها الآن شيئا وأصبحت مجرد ماض لا يغني أو يسمن من جوع, فالوالد رحل عن هذا الوجود وِاختفى تحت التراب والحجارة, ...ذاكرتها تختزن دون شك أحداث مصرعه المفاجئ...فقد نشب ذات مساء بينه وبين جارهم موسى الأقرع صراع دموي عنيف..اِنتهى بموت الاثنين .. كان موتا باردا , وتلك عادة درج عليها بعض المسحوقين ..فهم يَقتلون ويُقتلون( برفع الياء) من أجل أشياء تافهة...
    بعد رحيل والدها تغيرت الأمور , وتبدل سلوك أمها , وتصرفاتها وكانت الصفعة الأولى التي وجّهَت لها ..هي حرمانها من متابعة الدراسة..أما الصّفعة الثانية فكانت أشدّ وأقوى ..لقد دخلت أمها عالم الدعارة ...وتحول الكوخ الصغير إلى ماخور فساد يرتاده طلاب اللذة الرخيصة من أبناء الحي ., وفقراء المدينة..
    كانت تنظر إلى كل ذلك بعين العاجز الضائع ولا تملك سوى ذرف الدموع السخينة كلما خلت إلى نفسها, فهي الآن تعرف المصير الذي ينتظرها غدا ..أو لم تقل لها أمها : تعلمي يا صبية حتى تعيلينني كما أُعيلك ،يوم أكبرُ..
    إذن كل شيء واضح , فليس أمامها سوى اِنتظار اليوم الذي تَرِث فيه عن أمها ايهاب العهر, ويصبح جسدها ملكا مُشَاعا لكل عابث وماجن...
    إن أمها مافتئت تذكرها اليوم تلو الآخر بأن السبيل الوحيد للحصول على لقمة العيش هو الذعارة..............
    تابت الطفلة الى نفسها وأمسكت عن التفكير ثم جرت الغطاء وانكمشت حول نفسها..لكنها سرعان ما أحست باختناق شديد وتسربت إلى خياشمها رائحة الدخان ...فاسرعت تزيح الغطاء عنها..كانت النار حولها تلتهم حطب الكوخ وأثاثه الوضيع ...وكانت أمها وزبونها يصرخان................

    محضار 1979..
    ---------------
    أخي الأكرم الأستاذ محمد
    أسعد الله أوقاتك
    صورة لما يجري في جانب من مجتمع مهمّش ، فيه الفقر ، والجهل ، والرذيلة .. وهي نتاج طبيعيّ لتلك البيئة .
    الفكرة مطروقة ، لكنك أضفيتَ عليها من قلمك الومضة الخاتمة : احتراقهما ..
    تصرف الشخصيات مقنع ، وهو أيضاً مكرور في القصص التي تناولت هذه البيئة
    لفت نظري حدثٌ غريبٌ في القصّة ، وهو موت الأب وغريمه معاً ! ولم يبيّن الكاتب كيف حدث ذلك .. كما فعل حين مات الزاني والزانية احتراقاً
    السرد كان بسيطاً مفصّلاً أكثر من اللازم ، لم يترك للقارئ فسحةً ليتخيّل .. والنص بوجه عام افتقر إلى اللغة الفاخرة ، ولم يخلُ من بعض
    الصور الجميلة
    تعلمي يا صبية حتى تعيلينني كما أُعيلك ،يوم = حتى تُعيليني
    تحياتي وتقديري
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    تجتمع آفات المجتمع الثلاثة الجهل والفقر والمرض على مائدة الشقاء تقتات من أجسادهم .. فلاهم ببشر يعيشون الحياة كغيرهم
    ولاهم ببهائم لاتعقل حتى يغفر لهم المجتمع ممارساتهم التي اخترقت قوانين البشر
    حمل لنا النص كما من الوجع الذي تعيشه بعض البيئات الفقيرة التي لاتحظى من الحياة إلا بالهوامش
    وكانت الخاتمة موفقة حيث أخذ الجناه عقابهم بالدنيا قبل الآخرة
    أبدعت أديبنا
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    النص موجع

    يصور حياة أناس انسحقوا تحت وطأة الفقر والجهل ، فانسحقت قيمهم واخلاقهم ..

    أمها وزبونها في النار يحترقان ، نار الدنيا قبل الآخرة

    تصوير رائع ..

    السرد كان سلسلاً ..

    اتفق مع الاستاذ مصطفى حمزة بأن ( النص بوجه عام افتقر إلى اللغة الفاخرة ) ..



    الاستاذ الكريم محمد محضار

    دمت مبدعاً ..




    تحياتي ..






    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  6. #6
    الصورة الرمزية لانا عبد الستار أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    العمر : 53
    المشاركات : 2,496
    المواضيع : 10
    الردود : 2496
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    في القاع الاجتماعي نجد الكثير من المآسي لطرقها
    والكاتب الماهر هو الذي يجيد تشويق القاريء لمواضيع القاع المطروقة
    وكنت ماهرا جدا هنا
    أشكرك

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,106
    المواضيع : 317
    الردود : 21106
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    بلغة سلسة متمكنة رسمت بالكلمات صورة لقاع المجتمع حيث الفقر والعوز
    حيث القيم تسحق , والأخلاق تنتهك .. فصورت صورة من واقع حقيقي مؤلم
    لمشاعر بطلتنا التي تتقلب في أقصي الشقاء .. شقاء الفقر , وشقاء الخوف
    من مصير محتوم لا تقبله .
    وجاءت النهاية الواعظة , حيث النارتطهر الدنيا من الرذائل , وتعاقب الجناة
    قبل عقاب الآخرة .
    بوركت والقلم .

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    كثير مايحدث هذا في مجتمعات مسلمة بسبب الفقر , كذلك الجهل بالدين يجعلهم يلجاون لهذا الفعل الشنيع , لاأربح الله الرؤساء الذين كانوا اكبر سبب في فقر شعوبهم والتنكيل بهم
    قصة فكرتها واعي قوية وردت فيها بضعة صور جميلة
    دمت بخير

  9. #9

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    نص احتوى بفكرته أدوات البؤس ووظفها بإجادة وفهم اجتماعي ، وتحذير وعظي برهبة النار التي التهمت الضائعين
    وبرغم البداية التي انطلقت بمهارة من مشهد الفتاة تلتحف غطاء يحكي بؤسها، فقد جنحت القصة للمباشرة في سردها

    ويبقى أن رسالية القصة وهدفها التربوي الكبير كانت قوية وسهلة الوصول

    أهلا بك أيها الكريم في واحتك

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

المواضيع المتشابهه

  1. اطفال الشقاء
    بواسطة حسام السبع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 12-03-2013, 09:09 PM
  2. لاتتجاوز موضوعين أسبوعيا بحد أقصى
    بواسطة ثروت الخرباوي في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-01-2007, 09:12 PM
  3. أزف إليك يا أقصى سلامي
    بواسطة خالد عمر بن سميدع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 05-09-2006, 06:45 PM
  4. إغتيال الفتى القادم من أقصى المدينة ..!!
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 06-11-2004, 11:55 PM
  5. من أقصى القلب لأقصى البعد...
    بواسطة رحاب في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 02-08-2003, 05:18 AM