أبو رغال بعباءة المتنبي !





مُنذُ نُعومةُ أظافري وأنا أمقتُ التَفريقَ بَينَ الأعراقِ والأجناسِ فِطرَةً و كَبرتُ على تَقييمِ الإنسانِ بِذَاتهِ دونَ الإلتفاتِ لعِرقهِ و جِنسهِ وآراءِ ولاتهِ ! فلم أكن مَناطِقياً في السابقِ واللاحقِ القريب . ولكنَّ هذهِ الأيقونةِ التي نَمتْ بِداخلي أُصيبتْ بِالتفسُّخِ والتَحلّلِ مَراتٍ ومَراتٍ كَيفَ لا وهذا الإنسانُ في غالبهِ حَقلُ تَجارُبٍ فَاشيَّةٍ لغَيرهِ وشيفونيَّةٍ لغَبائهِ المَمزوجِ بالغيِّ وبِعُهرِ القيمِ الإنسانيةِ الثابتةِ في ميزانِ فضيلةِ الضَحيّة !



وأنا أتَصفحُ مَنشوراً لشاعرٍ صديقٍ صَرعَني تَعليقُ شاعرٍ من صنعاءَ لهُ مكانتهُ الرائدةُ إعلامياً وأدبياً متباكياً على ما حَدثَ في مطار صنعاء من دمارٍ وتخريب ولكنهُ لمْ يُصرِّح بِمُقتضى غضبتهِ , فآثرتُ الولوجَ لمُتصفحهِ فهوَ مِنَ الصقورِ في قِممِ اللغةِ والأدبِ , وكانت الصاعقةُ أنَّ جُلَّ ما يَنشرهُ هذا الألمعيُّ كانت عبارةً عن صرخاتِ الإستهجانِ على العدوانِ السُعودي البَربري على اليمنِ وكأنَّ التتارَ يُعيدُ تأريخَ نَفسهِ بصنعاء مُتوشحاً بالشماغِ الأحمرِ ! ثُمَّ بَلعتُ حَسرتي على عَجالةٍ وأنا أعطي التبريرات الفَجَّة لهُ مِنْ أنَّهُ لرُبما أُصيبَ له عزيزٌ بغارةٍ جويةٍ قَتلتْ 50 سفاحاً و قتلتَ خطأٍ مجموعةٍ من الشعبِ المغلوبِ على أمرهِ هناك وقُلتُ في نَفسي : سَتعقبُ نَشراتهُ نشراتٍ تَطعنُ في عفاشَ وزبانيتهِ والمُرَّاني ومُر عَلقمهِ وسَتُمجدُ الأبطالَ في بَقيةِ المحافظات ولكنْ عُدتُ بِخُفَّي حُنين !



هوَ ليسَ إنفصاماً للضَميرِ وَحَسب , ولَيته العَمى الذي يَعثرُ المُبتلى بِهِ ، بَلْ آفاتٌ رعناءُ وانتكاسةٌ فِطريةٌ في الكثيرِ من المثقفين الذين تكثَّفوا في بابِ صنعاءَ القديمةِ واتَسعتْ الحلقةُ المساحيةُ كيفما شرّقتَ وغرّبتَ , ولكَ أنْ تَتَخيلَ أعدادَ من عَنيتهمْ بِكلامي الآنفِ الذِكر . الأمثلةُ الهوجاءُ لِمَن كُنَّا نَتَسابقُ لقراءةِ مقالاتهم الرنانةِ و قصائدهم الفنّانةِ أجلُّ مِن أنْ تُحصى فلقد انزلقوا لوطنيةٍ بَهيميةٍ تُمجدُ الجُحرَ والوَكرَ وتأبى تَحطيمهُ ولا تَذرفُ أعينهم المُتحجرةِ قطرةَ ألمٍ على آلافِ الأجناسِ مِثلهم مِمن سَممتهم وقَضَتْ عليهم ثعابين جُحورهم ولإنِ تُهدمُ الكعبةُ حَجراً حَجراً يا ..



لا أدري إلى مَتى يَقولُ قائلُهم (( إنَّ البَقرَ تَشابهَ علينا )) ويزيدون في التَعنُّتِ حَدَّ اللا جُزيء ذري في العَقلِ المُتخثرِ بِدياثةِ المُوقفِ ، ألا يُصابونَ بالنتانةِ في العُمقِ !



إنَّ أبا رغال لم يُشارك جَيشَ أبرهةَ الأشرم في خُطته الدنيئةِ لهدمِ الكعبةِ بل وهو العَربي الجلفُ لم يَظن وقتها أنَّه سَيُخلّدُ في مَزابلِ التاريخِ الأبديةِ جَراءَ خيانتهِ لأمتهِ حينَ دلَّ على السُبلِ المؤديةِ لمكةَ بأبخسِ الأثمانِ فباتَ قَبرهُ مَرجوماً عُصوراً ودهوراً ، واليوم لدينا ( نعجةُ دولي اليمنيةِ ) التي نَسخت لنا ألفَ أبا رغال و مئات الألوفِ من كذابِ بني حنيفة ومن كُلِّ صِنفٍ مَعتوهٍ و مُعتِّلِ النفسِ ومشلولِها ولكنَّهُ يخاطبنا بلسانِ الحجاجِ وفطانةِ إياس و بعلو لفظِ المتنبي فغدونا نسمعُ الكلمة ونسابقُ الآخرين إلى الحمامِ أعزكم الله من قَرَفِ ما سَمعنا وشاهَدنا.



لنا اللهُ وحده


معين الكلدي
4 / 5 / 2015