جمـر
تحت متن القشة التي كَسر ظهر البعير حملها بعد أن هوت أيدي المنقدين لخفتها، بقيت النفوس لعبة تجار دم يوزعون صكوك الحياة أو فقدانها..
بقي التيه خيط طريق لكل من ينشد السلامة مقابل التسليم في حق الماء والثوب والغد آملا بالهواء فقط..
فليس من حق أحد بعد هذا مواجهة حكامنا الميامين واتهامهم بإبادة الصغار قبل بلوغهم سن الرشد، ولا بقتل النفوس عمدا وخطأ جراء حالة تناوش على المصالح !
وليس من حق أحد الوقوف في وجه من تبقوا من الجسد وهم يفزعون لما قد يصيبهم مستقبلا بأن سارعوا إلى بتر كل طرف قد ناله الورم وهم على غفلة منه !
ولا من حق أحد مواجهة قطاع الخير وبياعي ضمائرهم وأوطانهم مع آخر قطرة ماء من وجوههم، وإخبارهم بأن أقدار الرحمة تم تدوينها للسائرين نحو الجنان وحدهم من ينعمون بها !
وليس من حق أحد إيقاف الكثير من الأقلام الهدامة عن الكتابة، والكثير من مصابيح الظلام لتجاوزهم الحد المعقول من الخجل، ولحملهم الحطب على القنوات وفي كل محفل، والحال دماء !
وليس من حق أحد كشف الملفات السرية للكثيرين ممن مسكوا القرآن باليد اليمنى وهم يلقون الخطب بحماسة لا تقل عن حماستهم في جمع التراب باليد اليسرى !
وليس من حق أحد إيقاظ الكثير من الذكور الفاقدي البصيرة والأهلية لأن يصبحوا رجالا بأفعالهم، والصراخ بوجوههم بأن : الحياة المسئولة ليست كالشلل أو عدم القدرة على اتخاذ القرار !
وليس من حق أحد الصراخ بوجه الكثيرات من نساء اليوم، المائلات نحو كل تغيير مستهجن في سلوكهن، وإخبارهن بأن الذكر ليس كالأنثى، وما فضلها الله عليه من فوق سبع سماوات إلا لأن الحياة تقوم عليها ولا تستقيم من دونها !
وما بقي سوى حق نزاع النفس وجهادها علها تقبض على الخير ولو كان جمرا..