الحرمة المنتهكة ( المسجد الأقصى الشريف )
************************************************** ************************************************** **********
.................................................. .................................................. ..............

ما من بقعة طاهرة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة أفضل من بيت المقدس أو القدس الشريف . ومامن مسجد بعد المسجد الحرام والمسجد النبوى أفضل من المسجد الأقصى .
ومدينة القدس تسمى " زهرة المدائن " وهى أرض مقدسة بنص كتاب الله . يقول عز وجل :
{ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ }

بُنيت وشُيدت فوق تل صخرى وعلى مرتفعات من الجبال يحيط بها مجموعة من الوديان والتلال . أول من سكنها هم العرب الكنعانيون ( اليبوسيون ) وكان يطلق عليها حينئذ
إسم " يورو سالم " أو " أور شالم " بمعنى الإله سالم ومن هذا الإسم اشتقت كلمة " أورشليم " . ثم سكنها العبرانيين وقسّموها إلى مملكتين :
مملكة يهوذا : وعاصمتها أورشليم . ومملكة اسرائيل : وعاصمتها السامرة ( نابلس ) .
قضى الآشوريون على مملكة اسرائيل . وقضى البابليون على مملكة يهوذا . ثم جاءت الإمبراطورية الرومانية وهيمنت على المملكتين وقامت بضمهما وأطلقت عليهما
اسم " فلسطين " وغيرت اسم أورشليم إلى مدينة ( إيليا العظمى ) أو مدينة ( إيليا كابتيولينا ) .
...
قصدها خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام ونزل بها سيدنا لوط وسيدنا يعقوب وسيدنا اسحق وسيدنا يوسف وسيدنا داود وسيدنا سليمان وسيدنا زكريا
وسيدنا يحيى وسيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهم جميعاً أفضل صلاة وأزكى سلام . وأسرى بالنبى المصطفى صلى الله عليه وسلم إليها فى ليلة إسرائه ومعراجه .

بوأ الله فيها لسيدنا إبراهيم حدود المسجد الأقصى . دلّه على مواضعه سيدنا جبريل عليه السلام . مساحته ليست مستطيلة الشكل ولا مربعة من الجنوب حوالى 281 متراً .
ومن الشمال 310 متر . ومن الشرق 462 متراً . ومن الغرب 491 متراً . كل ما تضمه هذه المساحة من مساجد ومواضىء ومصاطب ومدارس ومن قباب وأسبلة
وبوائك ومن ساحات وباحات تعد من المسجد الأقصى والحرم القدسى الشريف .

هذا الحرم هو حرم لكل المسلمين وجب علينا جميعاً حمايته والدفاع عنه لعدم انتهاك حرمته أو تدنيس قدسيته .
( الحرم هو ما لايجوز ولا يحل انتهاكه ويحميه الرجل ويدافع عنه ومنه الزوجة فهى حرم لزوجها يقوم بحمايتها والدفاع عنها وعدم انتهاك حرمتها ) .
دأب أعداء الدين من الصليبيين واليهود على التهوين من شأنه فى قلوب المسلمين وإيهامهم بعدم قدسيته ووالاهم فى ذلك الأفاقين والمنافقين وأشاعوا بأن
تسمية المسجد الأقصى ب " ثالث الحرمين الشريفين " تسمية خاطئة بهدف تثبيط الهمم عن حمايته والدفاع عنه إذا ماتم اغتصابه وانتهاك حرمته .
...
تم فتح مدينة القدس فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب وأتى إليها رضى الله عنه وصلى بالمسجد الأقصى وأمر ببناء مسجد بالجزء الجنوبى منه وهو ( المسجد القبلى )
كما أمر ببناء مسجد فى موضع الصخرة المقدسة وهو ( مسجد قبة الصخرة ) . وأعاد تسمية المدينة إلى " بيت المقدس " حيث ورد اسمها كذلك على لسان رسول الله
صلى الله عليه وسلم فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (... حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ .. ) رواه أحمد فى مسنده .
وقام بتقنين الجزية على كل من كان قاطناً بها من غير المسلمين وهو مايعرف ويطلق عليه المؤرخون ب" الوثيقة العمرية أو العهدة العمرية " .

ولقد أحكم عمارة المسجد الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان ومن بعده ابنه الوليد .
قاما بتشييده من الداخل والخارج بفن وإتقان عز نظيره وقلما يوجد مثيله على وجه الكرة الأرضية .

وأحاط الخليفة العثمانى السلطان سليمان القانونى مدينة القدس الشريف بسورٍ حجرى وجعل لها سبعة أبواب وقام بتحصينها بأربعة وثلاثين برجاً
لحمايتها والدفاع عنها وعدم انتهاك حرمتها .
يصفها محمد بن أحمد المقدسى فى كتابه : " أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم " فيقول عنها :
( ديار النبيين . ومركز الصالحين . معدن البدلاء . ومطلب الفضلاء . بها القبلة الأولى . والرباطات الفاضلة . والثغور الجليلة . والجبال الشريفة . مهاجر إبراهيم وقبره .
وديار أيوب وبئره . ومولد المسيح ومهده . ومحراب داود وبابه . وعجائب سليمان ومدنه . وتربة اسحق وأمه . وقرية طالوت ونهره . ومقتل جالوت وحصنه .
وصخرة موسى . وربوة عيسى . ومحراب زكريا . ومعرك يحيى . ومشاهد الأنبياء . وقرى أيوب . ومنازل يعقوب . به عين سلوان ووقْف عثمان . ومدينة عسقلان .
وموضع لقمان . ووادى كنعان . وباب حطة ذو القدر والشان . ومدائن لوط . ومساجد عمر . والباب الذى ذكره الرجلان . والمجلس الذى حضره الخصمان .
والسور الذى بين العذاب والغفران . ومشهد بيسان . وقبر مريم وراحيل . ومجمع البحرين . ومفرق الدارين . ومشاهد لاتحصى وفضائل لا تخفى .. )
...
ومدينة القدس الشريف فى وقتنا وعصرنا الحاضر هى : " البلدة القديمة أو القدس الشرقية ".
تعرضت عبر فترات التاريخ من مختلف الممالك الصليبية إلى التدنيس والإحتلال وقام الصهاينة واليهود باغتصاب أرضها وتشريد أهلها .. أقاموا حول قبر سيدنا داود
وقبر سيدنا زكريا وقبر سيدنا يحيى عليهم السلام كنيسة سموها " كنيسة الجثمانية أو الجيسمانية " . وحوّلوا مسجد النبى داود إلى كنيس وأزالوا منه الكتابات
والآيات القرآنية واستبدلوها بكتابات صليبية وعبرية . وقاموا بتقسيم المدينة والأرض المقدسة إلى أربعة أحياء هى :
حى إسلامى .. وحى أرمنى .. وحى مسيحى .. وحى الشرف أوحى المغاربة " الحى يهودى " .
الحى الإسلامى : هو الحى الذى يوجد به المسجد الأقصى الشريف ويقطنه ويسكنه أهل المدينة ..
الحى المسيحى : وبه " كنيسة القيامة " التى يطلق عليها " كنيسة القبر المقدس " وهى الكنيسة التى بنيت على جبل أكر بالقرب من الحرم القدسى الشريف حيث زعمت
هيلانة الحرانية ( أم الملك قسطنطين ) كذباً وإفكاً وبهتاناً بأنها قد عثرت فى تل الجلجثة أو تل الجلجلة أو تل الجمجمة على الخشبة التى صلب عليها يسوع المسيح
سيدنا عيسى عليه السلام فتبركت بها وغشّتها بالذهب واللآلىء وعظمتها وقامت ببناء كنيسة فى موضعها سمتها " كنيسة القيامة " وأمرت بزخرفتها وتزيينها ووضع التصاوير بها
وبناء قبر فارغ فيها بزعم أنه هو موضع ومكان القبر المقدس الذى قتل وصلب ودفن فيه سيدنا عيسى عليه السلام وأنه قام فى اليوم الثالث من موته وصعد منه إلى السماء .
والحى الأرمنى : هو الحى الذى يوجد به " كنيسة سانت جيمس " وقد استوطنه الأرمن بعد نزوحهم من أرمينيا .
حى الشرف أوحى المغاربة : ويسمى " الحى اليهودى " بعد أن قام اليهود بتشريد أهله واحتلال واغتصاب أرضه . ويوجد به " باب المغاربة " و " حائط البراق "
وهو الحائط الذى يطلقون عليه اسم " حائط المبكى " لاعتقادهم أنه الجزء والأثر الباقى من التابوت الذى نزل من السماء وحملته الملائكة آية لهم على أن طالوت هو ملكهم
الذى سيقودهم لقتال جالوت وجنده . يأتون إليه ويقفون أمامه ينتحبون بالبكاء والعويل لما أصابه من دمار وخراب على أيدى البابليين والآشوريين
ويتخذون من ساحته منطلقاً لحفرهم وينقبون بأسفله للعثورعلى أى أثر لهذا التابوت والهيكل لكى يشرعوا فى إعادة بنائه .
ويتوهمون أنهم بعثورهم على جزء منه سوف يصبحون مملكة لاتهزم وأنه سيوحد صفوفهم ويكون به ذروة خلاصهم وسيجلب النصر لهم أينما كانوا .
ويوهمون الصليبيين بأنه بمجرد العثور على جزء من أجزائه أو أثر من آثاره فإن المسيح عيسى سوف يظهر ويقوم من موته ويتولى هو بناء الهيكل .
...
والحرم الإبراهيمى يوجد بمدينة الخليل بداخله مغارة تسمى " مغارة المكفيلة " مدفون بها سيدنا إبراهيم وزوجته سارة . وسيدنا إسحق وزوجته . وسيدنا يعقوب وزوجته
عليهم جميعاً أفضل صلاة وأزكى وأطهر سلام . تبعد عن القدس حوالى 38 كيلومتر تقريباً . كانت تسمى قديماً ( مدينة حبرون ) .
يقول الحافظ بن حجر :
ولم تعلم مقابرهم بأرضٍ يقيناً غير ما سكن الرسول ....... وفى حبرون ثَمّ غارٍ به رسل كرام والخليل
.................................................. ........................
************************************************** ************************************************** *******
سعيد شويل