- ونبى يا ابنى تشوفلى المحمول دا ماله !!.
لم تكن هذه المرة الأولى التى يذهب فيها إلى مركزٍ لصيانة الهواتف النقالة ؛ فهو بالرغم من كبر سنه و ثقل خطواته و إجهادها عليه ، إلا إنه منذ فترة ليست بالصغيرة ، حريصٌ على ارتياد العديد من مراكز الصيانة. جميعهم فى نظره مجموعة من الفشلة الغير مؤهلين ؛ لِمَ لا يستطيع أحدهم اكتشاف العطل ؟! .. لقد ساءت المهنة و أصبح كل من هبَّ و دبَّ يفتتح مركزًا للصيانة ..
- دا أنا لفيت على محلات المحمول، مفيش فايدة، لحد ما ولاد الحلال دلونى عليك.
هاتفه ليس بالحديث إطلاقًا ، لكنه متماسك فى معظمه .. يحتفظ به من عشرات السنين ، بسعادةٍ تتجدد كلما أمسك به أو نظر إليه.. يرتبط به إرتباطًا شديدًا ، لم تراوده فكرة إستبداله مطلقًا .. و لن يحدث .. لا بأس من الإجهاد و التعب ..عليه أن يتحامل على نفسه و يجوب مراكز الصيانة على أمل إصلاحه ..
- محمول أصيل و الله ..
بس مش عارف إيه اللى حصله بقاله فترة كبيرة ؟!
يجلس ليستريح من عناء المشوار .. ينتظر بشغف مسئولَ الصيانة حتى ينتهى من فحص الهاتف .. مضى بعض الوقت .. يسند رأسه على عصاته .. يشرد بفكره .. تراوده ذكريات حصوله على عمل إضافى ليوفر دخلاً يستطيع من خلاله جلب هواتف نقالة لأولاده مثل زملائهم ، لا يجب أن يشعروا بالحرمان أبدًا .. من أى شىء .. لكن ؛ ما كان يجب عليهم أن يُكلِّفوا أنفسهم بشراء واحدٍ له ، فهو لا يقرأ و لا يكتب ، و لا يعرف سوى الرد على المكالمات ، هَديَّةٌ قيِّمةٌ كهذه لن يفرط فيه أبدًا.
ما يقطع شروده فجأة إلا صوت مسئول الصيانة يلفت إنتباهه ؛ ليخبره بأن هاتفه سليم تمامًا و لا يوجد به أى عطل بعد التجربة أكثر من مرة ..
- حتى أنت يا ابنى بردو معرفتش تصلَّحُه !!
تنتابه الحيرة الشديدة مجددًا ؛ مسببةً فى حزنٍ ينبع من قلبه حتى يحتل جميع ثنايا وجهه .. يعبس .. ينظر إلى مسئول الصيانة و هو يؤكد عليه سلامة الهاتف من أى عطلٍ فنى أو حتى عطلٍ فى الشبكة .. يطأطأ رأسه فى يأس.. بالفعل ؛ جميعهم حمقى ، لا فائدة منهم ..
يحاول جاهدًا أن يعتدل من جلسته .. يخرج على مهلٍ ، و هو يتمتم ..
- مفيهوش حاجة إزاى !!! ..
أمال يعنى مبتجنيش مكالمات من ولادى ليه ؟!!