أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 14

الموضوع: الشعر الصوفي و وحدة الوجود ؟

  1. #1
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي الشعر الصوفي و وحدة الوجود ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المقدمة :
    إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا
    عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ...:
    حدثتْ لي حادثة من حوالي سبعة أعوام نبهتني إلي أن التصوف الوجودي ما يزالُ حيا و كنت أعتقده في عداد الموتى الأبديين و الموميات الأدبية و مفادها:
    كان لي صديق من دولة عربية يعمل معلما و كنت أكمِّل في المدرسة التي يعمل بها يومين في الإسبوع ، و شدني إليه سمته و حسن تعامله و عرفت أنه يسكن بقريتنا فكنت أصلي في المسجد الجامع حيث يصلي ،
    و في ليلة و بعد صلاة العشاء عرضت عليه أن نتمشى قليلا بالسيارة فوافق و كان بالسيارة شريط لأناشيد صوفية اشتريته من( دمشق) فجاء هذا المقطع:
    ( من نورِ ربي خُلقَ محمد)
    فقلت لصاحبي : ما أجملَ هذه الأصوات! لولا أنها تقول بالكفر.
    فقال لي : كيف؟
    فقلت : هؤلاء المتصوفة يرددون في غنائهم أو( مديحهم) عبارات و هرطقات ابن عربي و الحلاج و من على شاكلتهم من أن النبي ليس بشرا مثلنا خلقه الله من طين بل يرونه جسما نورانيا و و أنه مخلوق من نور الله .
    فغضب مني و قطع الفسحة و طلب مني أن أعيده لمنزله بعد دفاع مستميت عن هؤلاء الزنادقة، و من حينها كان ينصرف عني و أنا أنصرف عنه .
    و زاد شغفي بمعرفة المزيد عن هذا الاتجاه الصوفي في الشعر تصادمي مع شعراء الصوفية في المنتديات الأدبية حيث المساجلات الطويلة فيما بيننا و رأيت من تعصبهم و شدة تمسكهم بباطلهم ما يجعل المسلم يقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فالتصوف دين غير دين الإسلام .

    و غاية البحث أن نجيب على جملة من الأسئلة منها:
    -هل للشعر الذي يسمونه الشعر الوجودي أو الشعر العرفاني أو شعر الحقيقة أو العشق الإلهي صلة بالتصوف الفلسفي ؟ ،
    _ و ما الغاية من كتابة مثل هذا الشعر ؟،
    _و ما أبرز سماته التي تميزه عن غيره من مظاهر الشعر المتعارف عليها؟
    _هل يوجد من يعيش بين ظهرانينا و يكتب هذا النمط من الشعر؟

    وأسأل الله لي و لكم التوفيق و السداد ؛ فالله هو المستعان و عليه التكلان و لا حول و لا قوة إلا بالله.


  2. #2
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    المبحث الأول: هل للشعر الذي يسمونه الشعر الوجودي أو الشعر العرفاني أو شعر الحقيقة أو العشق الإلهي صلة بالتصوف الفلسفي ؟
    و قبل أن نحكم علينا أن نفصل في مفهموم التصوف و التصوف الفلسفي بما يساعدنا على إدارك الأمر
    فالتصوف أصله اللغوي يرجع في الصوف و لبسه ، و في أصله الاصطلاحي يرجع لكلمة ( صوفيا sophia ) اليونانية و التي تعني الفلسفة ، و التصوف الفلسفي قائمٌ على عقيدة ( وحدة الوجود) و لا علاقة له بالزهد و لا بالاجتهاد في عبادة الله وفق ما شرعه الله.
    فما هي وحدة الوجود؟

  3. #3
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    تعريف موجز:
    الفكر الصوفي هو فكر فلسفي انعقد على جملة من العقائد الباطنية الباطلة أهمها عقيدة ( وحدة الوجود)
    و كان لهذا الفكر نتاج و أتباع عبر العصور في شرق الدنيا و غربها، فلا يوجد صقع ألا و لهذا الفكر الفاسد داعية و كتاب يتلبس زي أهل عصره و ينطق بلسانهم في عرب الأمم و عجمها.

    و (و حدة الوجود ) تقول :
    لا موجود سوى الله ، و أن كلَّ شيء غير ذات الله هي تجليات لأسماء و صفات الله على الحقيقة فلا يبقى سوى فتراه مع الله لأن الكل هو الله، و يزعمون أن أهل الظاهر أي أهل الشريعة محجوبون و أهل الباطن أي المتصوفة مكشوف لهم الستر فيرون ما لم يره رسول و لا نبي بله عامة الناس .
    و ينبثق منها عقائد مثل:
    وحدة الشهود و عقيدة الحلول و الاتحاد.

  4. #4
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    أسماء أخرى لوحدة الوجود:*
    لقد استخدم الصوفية أسماء و مصطلحات كثيرة للدلالة على وحدة الوجود ، و منها ما يلي:
    1-التوحيد: إفراد الحق بالوجود في الأزل و الأبد .
    2- الفردانية: و هي انفراد الحق بالوجود بانطباق بحر الأحدية على الكلِّ بحيث لم يبقَ وجودٌ لغيره.
    3-المشاهدة: رؤية الحق في الأشياء.
    4-الشهود: رؤية الحق بالخلق.
    5-الفناء: و هو زوال الرسوم [أي:الأكوان] جميعاً بالكلية ، في عين الذات الأحدية ، مع ارتفاع الاثنينية.
    6- الحقيقة: و هي شهود الحق في تجليات المظاهر.
    7- التحقيق: و هو شهود الحق في صور أسمائه التي هي الأكوان.
    8-الجمع: و هو إشارة إلي حقٍّ بلا خلق.
    9- جمع الجمع: شهود الخلق قائماً بالحق.
    10- الإحسان: و هو شهود الله تعالى ، و الحضور معه في كل شيء ، و مشاهدة تجلّـيهِ في كلِّ شيء.

    ثمَّ إن الصوفية كما قالوا بـ(وحدة الوجود) ، قالوا _ أيضاً _ بـ (وحدة الموجود) *؛ لكونهم يرون أنَّ الوجود هُوَ الموجود ، سواءً بسواء.
    يقول ابن عربي : (فهو من حيثُ الوجود عينُ الموجودات).
    و يقول الغزالي: ( فالموجود وجهه فقط).
    و يقول على وفا : ( هو تعالى ذاتُ كلُّ موجود ، و كلُّ موجود صفته) .
    و يقول أيضاً : ( الوجود _ بالحقيقة _ هو الموجود ، و الموجود ليس إلاَّ هو الوجود ).
    و يقول ابن عجيبة: ( انفراد الحق بالوجود ، و ليس مع الله موجود) .
    و يقول أحمد المستغانمي : ( فالله سبحانه و تعالى يجب في حقه الوجود ، و الوجود هو عين الموجود).


    _____________
    * هذ ما لخصته من كتاب ( عقيدة الصوفية الخفية وحدة الوجود) لـ / د. أحمد بن عبدالعزيز القصير.

  5. #5
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    الخطوط العريضة للتصوف الفلسفي الوجودي :
    (1 . إنكارهم ثنائية الوجود:
    إنَّ مما يعلم بضرورة العقل و بديهته أنَّ الوجود ينقسم إلي قسمين: وجود واجب ، و وجود ممكن ،و لكن الصوفية ينكرون ثنائية الوجود هذه ، و يعتقدون أن الوجود واحد يقول النابلسي:
    ليس الوجود كما يقال اثنان **** حقٌّ و خلقٌ ، إذ هُما شيئانِ
    هذا المقالُ عليه قبْحُ عقيدةٍ **** عند المحقِّقِ ظاهر البُطْلانِ
    و يقول أيضاً : الوجود عندهم [أي عند الصوفية] حقيقة واحدة ).

    2. اعتقادهم عدم الكائنات:
    يدَّعي الصوفية أنَّ الله تعالى هو الذي له الوجود وحده ، أمَّا الكائنات و المخلوقات فهي معدومة أزَلاً و أبداً ، و يرون أن عقول المحجوبين (غير الصوفية) تتوهم و تتخيل أن المخلوقات موجودة.
    يقول الجيلي:
    ليس الوجود سوى خيال عندَ مَنْ **** يدري الخيالَ بقدره المتعاظم
    و يقولُ شيخُ الصوفية الأكبر ابن عربي: (الكونُ خيال)
    و يقولُ داود القيصري : (الخلقُ موهومٌ ، لذلك يُسمى خلقاً ، فإنَّ الخلقَ في اللغة : الإفك) .

    3. اعتقادهم أنَّ الكائنات هي الله:
    لا يعني الصوفية بهذه الأقوال إنكار الأشياء المحسوسة ، و جحد الكائنات المشهودة ، كالبحار ، و الجبال ، و الأشجار ، و نحو ذلك ، و إنَّما مقصودهم إنكار كونها خلقاً ، لاعتقادهم أنَّ الكائنات _ كلّها _ هي الله تعالى.
    يقول القاشاني : ( كلّ خلقٍ تراهُ العيونُ فهو عين الحقِّ ، و لكنَّ الخيال َ المحجوب سمَّاه خلقاً ، لكونه مستوراً بصورة خلقية) .
    و يقول النابلسي: ( و ما هما [ أي : الخالق ة المخلوق ] اثنان ، بل عينٌ واحدة ) .

    4 . محاولتهم الجمع بين الكثرة والوحدة:
    يرى الصوفية أن هذا التعدد لا يتنافى مع الوحدة ، لأنه عندهم تعدد نسبي اعتباري ، لا تعدد حقيقي.
    يقول محمد الحفناوي: ( عند السادة الصوفية [ أي : للوجود ] مفهومان: عام ، و هو الأفراد الإضافية ، خاص ، و هو حقيقة واحدة مطلقة ، موجودة وجوداً حقيقياً واجبياً ، و أمَّا العام فأمر اعتباري لا وجود له إلاَّ تخيلاً ، و هو مظهر لحقيقة الوجود الحقّ الواحد ، و اختلاف أفراد هذا الوجود العام بحسب استعدادها ؛ فلا يوجب تغيراً و لا تكثراً في تلك الحقيقة ).

    5. اعتقادهم تجلي الله في صور المخلوقات:
    يعتقد الصوفية أنَّ الله تعالى يظهر و يتجلى في صور المخلوقات المختلفة ، فهو _ عندهم_ الظاهر في جميع المظاهر ، لا على معنى أنه يتحد ، أو يحل في مخلوق ، بل هم يرون ( أن الله ما يتجلى إلاَّ على نفسه ، و لكن تُسمى اللطيفة الإلهية عبداً باعتبار أنها عوض عن العبد ، و إلاَّ فلا عبد و لا رب ، إذ بانتفاء اسم المربوب انتفى اسم الرَّب ، فما ثَمَّ إلاَّ الله وحده) .
    أمَّا عن سبب ظهور الله في صور الكائنات _ عند أهل الوحدة_ فهو أن الله كان وجوداً مطلقاً ، ليس له اسم و لا صفة ، ثُمَّ أراد أن يرى نفسه في مرآة هذا الوجود ، و أن تظهر أسماؤه و صفاته ، فظهر في صور الكائنات المعدومة العين ، الثابتة في علمه تعالى.
    و إذا قال الصوفية: نحن لا نرى الأكوان ، فإنَّما يعنون أنهم لا يرونها خَلْقاً ، و لكنهم يرونها حقَّاً .
    و هذا ما كشفه لنا الصوفي المعاصر أحمد المستغانمي بقوله: ( العارف يرى واحداً في وجود اثنين ، أي : يرى الوجود من حيث ظاهره نقطة من طين ، و من حيث باطنه خليفة رب العالمين ، إن لم نقل هو هو ، و المعنى : أنه يرى الرحمن في صورة إنسان )
    و ادّعاء الصوفية رؤيتهم لله تعالى في الدنيا على الدوام ، و أنهم لم يُحجبوا عنه طرفة عين ، حقيقته اعتقادهم أنهم يرون الله في الأكوان ، بل يرونه في الأكوان .
    يقول شيخهم الأكبر ابن عربي : ( العارف من يرى الحقَّ في كلِّ شيء ، بل يراه عين كل شيء ) .


    6. اعتقادهم أنَّ كلّ شيء هو الله:
    و بناءً على عقيدة الوحدة فإن القوم يعتقدون أن الله تعالى هو كلّ ما يُرى ، بل و ما لا يُرى أيضاً .
    يقوا ابن سبعين: الله فقط ، هو الكلّ بالمطابقة .
    يقول الصوفي المعاصر علي اليَشْرُطي : ( الوجود هو الكتاب ، و الأنبياء سُوره ، و أكابر المسلمين و الكفار آياته ، و عامة الخلق كلامه ، و الوجود الناقص حروفه ، و المجموع هو الله ) .

    7. ادعاؤهم بأنّ الكائنات الدنسة هي الله :
    يقولُ ابن سبعين:اختلط في الإحاطة الزَّوج مع الفردِ، و اتحد النجو معَ الورد.
    و الإحاطة هي من الاصطلاحات التي يستخدمها ابن سبعين حين يشير إلي وحدة الوجود.
    و يقول الشُّشْتري متغزلاً في الذات الإلهية:
    محبوبي قدْ عَمَّ الوجود
    و قد ظهَرَ في بيضٍ و سُود
    و في النَّصارى مع اليهود
    و في الخنازير مع القرود .
    و الشُشتري هذا من المشايخ المُعَظَّمين عند الصُّوفية ، يصفونه بأنَّه (الإمام الكبير ، و الصُّوفي الشهير) .
    و يقول شيخ الجامع الأزهر في وقته مصطفى العروسي : (الخبير اللطيف الظاهر في كلِّ المراتب ، الخسيس منها و الشريف).

    8. ادعاؤهم أن الله هو الموجودات و المعدومات و الممتنعات :
    يقول ابن عربي: ( العلي بنفسه: هو الذي يكونُ له الكمال الذي يستغرق جميع الأمور الوجودية و النِّسب العدمية ، بحيث لا يمكن أن يفوته نعت ٌ منها ، و سواء كانت محمودة عُرفاً و عقلاً و شرعاً ، أو مذمومة عُرفاً و عقلاً و شرعاً ، و ليس ذلك إلاَّ لمسمى (( الله )) خاصة)
    و يقول النابلسي عن الله تعالى : ( قَرُبَ و بَعُدَ ، و دنا و علا ، و جمَعَ بين المثلين ، و الضَّدين ِ ، و الخِلافين ، و النَّقِيضين). ) *





    ________________________________

    * المصدر السابق.

  6. #6
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    مصادر وحدة الوجود

    الوَحْدَةُ: الانفرادُ. تقول: رأيته وحدَه ؛ الوَحدة مصدر ، أصله : وحَّد ، أي : جعله واحداً. أما الوجود : مصدر أصله وَجَد ؛ فالوجود هو الثبوت والحصول ومعناه مقابل للعدم . [1]
    و لفهم المقصود بعقيدة وحدة الوجود المراد ترويجها في زمننا الحالي لابد "أن نستعرض أبرز العقائد التي يُنادي بها في العالم اليوم بصورة موجزة ، وما يعنيننا منها لفهم موضوعنا هذا عقائد ثلاث :
    الأولى : العقيدة الصحيحة ، وهي أصل جميع الأديان السماوية، وتظهرها بوضوح نصوص الوحي في الرسالة الخاتمة، ومفادها أن للكون إله حق واحد، له وجود على الحقيقة وهو واجب الوجود، وهو متصف بالكمال والجلال، وأنه تعالى مباين لخلقه، ومازال هذا الأصل باق حتى بعد التحريف في الأديان السماوية برغم الكثير من الخلل الذي يكتنفه، أما في الدين الخاتم المحفوظ بحفظ الله فالعقيدة فيه أشد وضوحاً وبياناً، فللكون إله حق واحد لا إله إلا هو ، له ذات على الحقيقة لا تشبهها الذوات، وله صفات كمال تليق بجلاله وعظمته وهو منزه عن كل صفات النقص والعيب، وهو – سبحانه - مستو على عرشه، بائن عن خلقه، وأنه – عزّ شأنه - كان ولم يكن شيء قبله فهو الأول، وباق ولاشيء بعده فهو الآخر جل وعلا. والكون كله مخلوق بقدرته ومشيئته على تفصيل بينته النصوص، ولم ينتج عنه – جل شأنه - لا فيضاً ولا انبثاقاً ولا انقساماً. ولا تتحد به المخلوقات ولايحلّ بها - سبحانه ماقدروه حق قدره – ]ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيئ وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [ الأنعام ( 102 – 103 )
    الثانية : ماتسمى بعقيدة "تأليه الطبيعة" ، ومفادها تصور مبني على الاعتقاد بأن الوجود شيئ واحد (كلي واحد ) سواء كان "عقلا كلياً" أو "وعياً كاملا" أو "طاقة كونية" أو"قوة عظمى" ، وأن كل ماهو موجود إنما هو انطباع لذلك الكلي وتجلٍ له . وهي أصل فكر أديان الشرق بتلوناتها الكثيرة وبأسمائها المتنوعة التي من أشهرها ( عقيدة وحدة الوجود)، وهي ذات الفكر الذي تبناه كثير من فلاسفة اليونان والغنوصية .
    الثالثة : "عقائد سرية باطنية" نتجت من دمج عقيدة وحدة الوجود (التصور الثاني ) مع (التصور الأول) من قِبَل منتمين للديانات السماوية فأنتج ذلك الدمج "وحدة وجود باطنية" تستخدم الألفاظ والمصطلحات الدينية وأهمها الألوهية ( الله ) على التصورات الإلحادية في معتقدات الشرق والغنوصية . وقد يعتقدون تجزء الوحدة لمخلوق وخالق يتحدان وينفصلان ( عقيدة الحلول والاتحاد )، أو تتعدد صورها بمسميات وتصورات متنوعة ( "عقول عشرة" عند الفلاسفة من الإغريق ومن المنتسبين للإسلام، "سفاريت" عند قبالة اليهود، "جوديسات" عند غنوصية النصارى ومعتقدي الهونا ).
    وهذه الأخيرة ظهرت جلية بصور شتى تتناسب مع كل دين، لدى قبالة اليهود، وغنوصية المسيحية، وبعض فلاسفة المسلمين وغلاة المتصوفة، وشكّلت وتشكّل الخطر الأكبر على العقائد السماوية لما فيها من التلبيس بباطنيتها ."[2]
    و عقيدة وحدة الوجود يختلف معناها بحسب إختلاف حال من يعتقدها و يمكن تقسيمهم إلي قسمين اثنين:
    الأول : و هم من يعتقدوا بوجود إله:
    و هم في الغالب من ينتسبون إلي أديان سماوية مثل ( اليهودية – النصرانية – الإسلام ) حيث يعتقدون – رغم انتسابهم لإحد هذه الأديان السماوية – بأن الإله و هذا العالم شئ واحد؛ فالله – عندهم – هو الوجود الحق – " أما ما عداه فهي أعراض ومظاهر أو مجرد تجليات وفيوضات مستمدة منه [3] فالإله هو كل شيء وكل شيء هو الإله [4]" [5] ؛ و لقد تأثروا هؤلاء بمعتقدات الشرق و فلسفاتهم التي سبق الإشارة إليها؛ و لكن يبدوا أنه نظراً لرسوخ فكرة إله خالق لديهم في أديانهم السماوية استعاضوا بفكرة هذا ( الأول أو الكلي الأبدي ) كـ (براهمان ) أو (الطاو ) في الأديان الشرقية الوثنية فاستعاضوا عنها بلإله؛ و بالتالي فقد تأثروا بنفس العقائد القديمة المنحرفة و الفلسفات الباطلة فاعتقدوها كما هي إلا أنهم استبدلوا ( الطاو ) أو ( البراهمان ) بالإله في أديانهم السماوية " وفي الوقت ذاته يعتقدون فيه اعتقادات تناقض أبسط مبادئ الربوبية ".[6] بينما بقيت العقائد الأخري و التصورات كما هي دون تعديل يذكر .
    إن هذه العقيدة هي الكفر و الإلحاد بعينه، إذ يتعين علي من يعتقد بها أن يكون هذا الذي يراه من حوله و الأصوات التي يسمعها كذلك و تلك الكائنات من حوله المرئي منها و غير المرئي، هي الإله المعبود نفسه، بل يصبح هو ذاته جزء من هذا الإله المعبود؛ و حينئذ لا يكون هناك عابد و معبود و لا خالق و لا مخلوق، بل لا مكان لا زمان أصلاً إلا في ذات الإله . فتأمل عزيزي القارئ كيف " تحولت العقيدة في الإله من رب خالق معبود منـزه عن صفات المخلوقين مباين عن خلقه إلى وجود مطلق متجل في تلك المخلوقات ومتجسدٍ فيها.
    وقد تفرع عن هذا القول قولان :

    أن الموجود الحق هو الإله وأن العالم ليس إلا مظهراً لذلك الوجود .
    أن العالم هو الموجود الحق، وأن الإله ليس سوى مجموع الأشياء الموجودة في العالم . [7]

    ولا فرق بين هذا القول وبين قول من لا يقر بالإله، إلا أن هذا يستخدم لفظ " الإله " ليعبر عن معتقده الإلحادي . وهي محاولة فاشلة للتوفيق بين الدين الذي يعترف بإله والمذاهب المادية المنكرة له" [8]
    و لقد تأثر بعض صوفية المسلمين بهذا المعتقد فتجد عقائدهم قريبة جداً من هذه العقائد المنحرفة " وتصوف وحدة الوجود هو التصوف المبنى على القول بأن ثمة وجودا واحدا فقط هو وجود الله، أما التكثر المشاهد فى العالم فـهو وهم على التحقيق تحكم به العقول القاصرة، فالوجود إذن واحد لا كثرة فيه ." [9] و هذا ما دفع ابن عربي لقوله :" فيحمدنى وأحمده : ويعبدنى وأعبده؛ ففي حال أقربه، وفى الأعيان أجحده، فيعرفنى وأنكره وأعرفه فأشهده " و يقول في الفصوص :" فأنت عبد وأنت رب وأنت عبد لمن له فى الخطاب عهد" .." والحق أيضا عنده هو الهواء والماء والتراب والنار، التى منها تتركب سائر الموجودات، والأمر قسمة بينه وبين هذه العوالم التى هى مجال له يظهر فيها فكما أنها فقيرة ومحتاجة إليه لأنه هو جوهرها ووجودها الأصيل، فكذلك هو مفتقر إليها من أجل تعينه وظهوره فيها، كما تفتقر الروح فى ظهور آثارها للأبدان "[10] تأمل هذه الأأقوال ثم انظر مدي تشابهها مع قول هوانغ دي " لذلك ، فإن الـ (طاو) الأعظم لا يمكن استكشافه أو سبر أغواره . ورغم ظهوره الجلي ، إلا أنه لا يمكن تسميته ( تحديده ). هو في كل مكان، ومع ذلك فهو بلا شكل، كل الأشياء، السماء والأرض، الـ ( ين) والـ( يانغ) الفصول الأربعة ، الشمس والقمر والنجوم والسحاب و (كي) ، كل ما يمشي على رجلين وما يمشي على بطنه، وكل ما له جذر، كل أولئك يشتركون فيه عندما يظهرون إلى الوجود" إنها فلسفة واحدة مع اختلاف قائليها!!
    بل تجد كلام لأفلوطين السكندري يخرج من نفس هذا التصور المنحرف، سواء لصوفية المسلمين أو فلاسفة الصين و الهند فيقول " ( وقد حدث مرات عدة أن ارتفعت خارج جسدي بحيث دخلتُ في نفسي، كنت حينئذ أحيا، وأظفر باتحاد مع الإلهي ) و يقول أيضاً ( يجب على أن أدخل في نفسي، ومن هنا أستيقظ. وبهذه اليقظة أتحد بالله ) ... ( يجب عليَّ أن أحجب عن نفسي النور الخارجي لكي أحيا وحدي في النور الباطني ) و هذا الذي يزعمه أفلوطين إنما هو قائم علي "فلسفته التي تعتبر أن المعرفة مدركة بالمشاهدة في حال الغيبة عن النفس وعن العالم المحسوس" [11]
    تأمل هذا الكفر البواح و تأمل تلميحات و تصريحات المروجون للعلاج بالطاقه فتجدها متقاربه جداً مع اختلاف بسيط؛ فتجدهم يدندنون دوماً حول الإتصال بالوعي الداخلي؛ و يزعمون أنك أثناء التأمل meditation إنما تتأمل في ذاتك الداخلية؛ و عندما تصل بوعيك الداخلي للمستوي المطلوب؛ حينئذ تتطور قدراتك و تتلقي فيوضات كثيرة جداً من الطاقة الكونية ( التشي أو البرانا ) و التي تطهر مساراتك الطاقية و تزيد من وعيك؛ و أنك بكثرة تأملاتك تستطيع التلقي من الحكماء مباشرة؛ كما أنك تزيد من معارفك ؛– راجع الباب الثاني "التأمل Meditation "

    الفريق الثاني: من لا يعتقد بوجود إله:
    عقيدة وحدة الوجود في المعتقدات الشرقية ليست لإله معبود؛ له إرادة و علم و قدرة وله قدسيتة؛ بل هي لكلي أبدي أولي، غير متصف بالقدرة و الإرادة و لا بالقدسية؛ بل هو كائن أولي انبثق منه الكون؛ و تجزأ هو إلي أجزاء دخلت و حلت في كل الموجودات؛ و ذلك بغير إرادة منه و لا قدرة.
    إن عقائد الصوفية الحلولية و من علي شاكلتهم من غنوصية النصاري أو كابالا اليهود؛ و ما قاله لاوتزي عن ( الطاو ) أو ما اعتقده الهندوس في (البراهمان) يلتقيان و ينتجان القول بعقيدة وحدة الوجود، بينما يكمن الفارق بينهما أن من تأثر بالعقائد السماوية اعتقدوا بهذه الوحدة لإله خالق – و ذلك لتأثرهم بفكرة الإله في عقيدتهم؛ "إلا أن الإله الذي يعترف به القائلون بوحدة الوجود هذه – في المعتقدات الشرقية - لا يحمل المعنى الذهني المتبادر عند إطلاقه، فمفهومهم للإله مختلف عنه تماما، وعندما يقولون: الإله والكون واحد، فالمراد (بالإله) مبدأ متجاوز لا شخصي، وهو ليس ذاتاً مستقلة قائما بنفسه مباين لخلقة"..." وهؤلاء رغم اشتراكهم مع من ذكرنا في أساسيات المذهب، إلا أنهم لا يجعلون الموجودات صورا أو تجليات لـ " إله " ، فالإله يحمل من معاني القدسية والعبودية ما لا ينطبق على المطلق الكلي في المذاهب الإلحادية . ومع ذلك ، فإن الإله عند أولئك لا يكاد يختلف عن مطلق هؤلاء إلا في التسمية " [12]
    و خلاصة القول أن وحدة الوجود هو تعبير عن " أيِّ نظريةٍ تقول بوجود جوهر واحد فحسب، أو عالم واحد، أو أن الواقع الخارجي واحد بمعنى ما، أي أنه لا يتغير ولا ينقسم ولا يتمايز؛ فهو مذهب يشمل كل من يعتقد أن العالم ليس إلا حال أو جزء أو مظهر للواحد الكلي أو الكائن المطلق الذي ليس له وجود منفصل عنه .[13]
    ______________
    *http://www.sabeily.com/%D8%A7%D9%84%...AC%D9%88%D8%AF


  7. #7
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    من عقائد التصوف الفلسفي ، عقيدة ( وحدة الشهود):
    ( - تعريف وَحدة الشهود:
    الشهود في اللغة: حضور الشيء ، معَ إدراكه : إمَّا بالبصر و إمَّا بالبصيرة.
    الوَحدة هي الإنفراد.

    موقف الصوفية من وحدة الشهود:
    قَسَّم كثيرٌ من العلماء و الباحثين الوحدة قسمين:
    1. وحدة الشهود: و يعنون بها تلك الحالة النفسية التي تحصل لبعض العُبَّاد، حينما يذهلون عن العالم ، و لا يشعرون به ، وع اعتقاد أنه موجود وجوداً حقيقياً غير الله (1)
    2. وحدة الوجود: و هي اعتقاد أن وجود العالم عين وجود الله.
    و أرى أنَّ هذا التقسيم غير واردٍ على الصوفية، لأن الصوفية لا يعتقدون وحدة الشهود بهذا المعنى ، لتضمنها الاعتقاد بوجودين: وجود واجب قديم ، و وجود ممكن حادث ،بل يرون أن هذا الاعتقاد إنَّما هو للمحجوبين العوام ، أو على أحسن الأحوال للمبتدئين في سلوك طريق التصوف ، الذين لم يعفوا بعد الحقيقة.
    ولكن الصوفية قد استخدموا مصطلح (وحدة الشهود) في الدَّلالة على معتقدهم في الوجود، فحيثما ورد هذا المصطلح في كلام القوم فإنَّما يعنون به: استشعار الصوفي وحدة الوجود، و شهوده الدائم للوجود الإلهي في مظاهر الكون.
    يقول ابن البنا السرقسطي في منظومته (المباحث الأصلية ):
    ثُمَّ امتحى (2)في غاية الشّهود **** فأطْلَقَ القولَ : أنا معبود .
    و يقول محمد السمنودي: ( المشاهدة : هي رؤية الحقّ في كلِّ ذرة من ذرات الوجود ).
    و قد أشار أحد الصوفية المعاصرين (3)إلي التلازم بين وحدة الشهود و وحدة الوجود ، فقال: ( إذا قال الصوفي: لا أرى شيئاً غيرَ الله ، فهو في حال وَحدةِ شهود ، و إذا قال: لا أرى شيئاً إلا و أرى الله فيه ، فهو في حالة وجود).
    و يقول مؤسس الطريقة الشاذلية أبو الحسن الشاذلي: ( أبَى المحققون أن يشهدوا غير الله تعالى لِما حققهم به من شهود القيومية و إحاطة الديمومة).
    و قد علَّـقَ على هذه الجُملة شيخ الأزهر السابق عبدالحليم محمود بقوله : ( هذه الكلمة الحق، التي هي تفسير لما يقوله الصوفية في وحدة الوجود).

    و بهذا يتضح أن الصوفية لا يقصدون بوحدة الشهود إلا وحدة الوجود، و يؤكد هذا أمور ثلاثة:
    1. أن الصوفية كلهم مطبقون على التصريح بوحدة الشهود.
    2. أن أهل وحدة الشهود ، المدافعين عنها ، الداعين لها ، هم أهل وحدة الوجود.
    3. أن الصوفية مجمعون على التصريح بوحدة الشهود، و مع ذلك فهم يؤكدون أن هناك سرَّا لم يكشف ، و لا يجوز التصريح به (4) ، و لا شك أن هذا المعتقد المستور هو غير وحدة الوجود بتامعنى المشهور منها ، فليس هذا المستور إلا الاعتقاد بوحدة الوجود.)

    _________________________
    * (عقيدة الصوفية الخفية و حدة الوجود) لـ/ د. أحمدبن عبدالعزيز القصير .
    قلتُ :
    1. و هذا لا يقبله الصوفيون لأنه عين الاثنينية و هم ينفونها.
    2. المَحو نقيض الصحو ،وهو من مصطلحات الصوفية التي ابتدعوها تقيـَّة ،و يعني المحوالفناء أي :فناء وجود الصوفي في وجود الله ، و الصحو هو البقاء و المشاهدة .
    3. هو نهاد خياطة :كاتب سوري معاصر له إسهاماته في نشر المذهب الصوفي و الدفاع عنه.
    4. و لهذا السبب ترى الصوفية قديماً و حديثاً يكفرون الحلاج تقية ؛ لأنه كشف هذا السر و فضح المعتقد ، و بعضهم يعتذر له لأنه لم يطق كتمان السر ، و ممن كفر الحلاج الصوفي المعاصر محمد سعيد رمضان البوطي لذات السبب.


  8. #8
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    الحلول و الاتحاد* :
    عقيدتان نشأتا في بعض الأديان الوثنية ، و الفلسفات القديمة ، و ظهرتا بين النصارى(1) الذين حرّفوا دين المسيح عليه السلام ، حيث ادعوا حلول الله أو اتحاده به ، كما ظهرتا في العالم الإسلامي عند بعض غُلاة الطوائف ، و بخاصة الفرق المُظهرة للتشيع ، الذين زعموا حلول الله تعالى ، أو اتحاده بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أو ببعض ذريته.
    فالحلول عند من يعتقده : هو نزول الذات الإلهية في الذات البشرية .
    و الاتحاد عند من يعتقده : هو اختلاط و امتزاج الخالق بالمخلوق.

    موقف الصوفية من الحلول و الاتحاد:
    لقد نُسب القول بالحلول و الاتحاد إلي بعض الصوفية و الواقع أني لا أعرف طريقة من طرق التصوف ، و لا داعيةً من دعاته يؤمن حقيقة بالحلول أو الاتحاد لأن هاتين العقيدتين تخالفان أصلاً مُهماً عند الصوفية و هو (الوَحدة) ، فإن الحلول يستلزم حالاً و محلاً ، و الاتحاد يستلزم شيئين يحصُل اتحادهما ، و هذه اثنينية ، و هي منفية عندهم ‘ فإذا كان الوجود واحداً فلا حلول و لا اتحاد.
    قال ابن عربي: (واحذر من من الاتحاد في هذا الموضع ؛فإن الاتحاد لا يصح )
    و قال أبو حامد الغزالي: ( العارف الكامل كالمتحد بمذكوره، لستُ أقول: متحداً بالذات ، فلا تغفل و تغلط ، و تُسيء الظن)

    و الصوفية يرون أن القول بالحلول و الاتحاد شرك أو كفر (2)، أمَّا أنه شرك : فلأن مَن اعتقَدَهما قد جعل الله موجوداً آخر ، و أمَّا كفر : فلأنه قد أنكر وَحدة الوجود ، و جَحَدها.
    قال أحمد الفاروقي السرهندي: ( الحلو و الاتحاد كفر)
    و قال الحلاج:
    و الشرك إثبات غيرٍ **** و الشرك لا شكَّ جحد

    - و ليس هذا لصحة في طريق الصوفية ، و لا لاستقامة في عقيدتهم ، و إنَّما لأن الصوفية يعتقدون ما هو أسوأ من الحلول و الاتحاد ، و هو وَحدة الوجود.


    _______________________
    * عن كتاب ( عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية ) للدكتور أحمد بن عبدالعزيز القصير.

    (1) ذكر الدكتور سفر الحوالي في موقعه في مقالة(الخرقة عند الصوفية) من كتابه(نظرات في كتاب المختار لمحمد علوي مالكي) ما نصه: ( ننتقل الآن إلى قضيَّة مهمَّة عند الصوفية وهي قضية أنَّ أعلى سند عند الصوفية ينتهي إلى علي رضي الله عنه، يقولون: إنَّ علياً أخذ الخِرقة مِن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!! فهذه الخرقة يتناقلونها يداً عن يدٍ إلى علي رضيَ الله عنه، ويتعلق الصوفية بـعلي رضي الله عنه تعلُّقاً شديداً يشبه تعلُّقَ الرافضة . وبهذا تظهر لنا الصلة الوثيقة بين دين الشيعة الذي أسَّسه عبد الله بن سبأ وبين التصوف، فتأليه البشر، أو الحلول والاتحاد -الذي ادَّعاه عبد الله بن سبأ موجودٌ لدى الطائفتين جميعاً، وأصله -كما نعلم- مِن اليهود؛ لأنَّ عبد الله بن سبأ يهوديٌّ؛ فأصلُ هذا الحلول مِن اليهود، واليهودي بولس شاؤل هو الذي أوجد هذا الحلول في دين النَّصارى، وقال: إن الله -جلَّ وتعالى عن ذلك- حلَّ في عيسي عليه السلام، فهو مبدأ يهودي أدخله اليهود في هذه الأديان. ..) أ.هـ
    (2) مع كلِّ هذا التأكيد على كفران الصوفية بعقيدتي: الحلول ، و الاتحاد ، إلا أن بعض أئمتهم ورد في كلامه ما يدل على اتيانهم ما ينهون عنه كقول الحلاج:
    أنا من أهوى و من أهو أنا **** نحن روحانِ حللنا بدنا .
    و ابن الفارض يقول:
    و هامت به روحي بحيث تمازجا أتْــَّ ــحادا ، و لا جُرم تخلَّله جِرمُ
    -و يقول أحد شعراء وحدة الوجود المعاصرين و لا أسميه؛ لعلَّ الله يهديه:
    لو كان لي أمْرُ الوجودِ عِنايَةً**** لأَمَرْتُهُ بالحُبِّ أنْ يَتَزَوّدا
    وَلَعَلَّ أجْمَلَ ما يكونُ عِبادَةً **** قَلْبٌ .. تَوَحّدَ بالجَمالِ فَوَحّدا






  9. #9
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    و يشرح الصوفي المعاصر ( نهاد خياطة) الفرق بين وحدة الشهود و وحدة الوجود بقوله :
    ( إذا قال الصوفي: "لا أرى شيئًا غير الله"، فهو في حال وحدة شهود. وإذا قال: "لا أرى شيئًا إلا وأرى الله فيه"، فهو في حال وحدة وجود. ولعل هذا أوجز تبسيط ممكن لهذين الاصطلاحين اللذين يختزلان التجربة الصوفية في أبعادها كلِّها. فحال وحدة الشهود هي حال الفناء؛ وحال وحدة الوجود هي حال البقاء. والفناء والبقاء متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ وكذلك وحدة الشهود ووحدة الوجود: فإذا كنتَ فانيًا عن شيء، فأنت لا بدَّ باقٍ بغيره؛ أو إذا كنتَ باقيًا في شيء فأنت، لا محالة، فانٍ عن سواه. وهذا أمر طبيعي، بما أن الإنسان عاجز عن جمع همَّته، أو تسليط انتباهه، على أكثر من موضوع واحد في نفس اللحظة. هذه الورقة التي أكتب عليها، إن فكرت فيها (طولها، عرضها، لونها، إلخ)، تعذَّر عليَّ أن أكتب عليها؛ وإن فكرت في الكتابة أو فيما أكتب، تعذَّر عليَّ التفكير في الورقة. في الحالة الأولى، يقال في المصطلح الصوفي: أنا باقٍ بالورقة، فانٍ عن الكتابة؛ وفي الحالة الثانية، يقال: أنا فانٍ عن الورقة، باقٍ بالكتابة...)*

    ____________
    * نهاد خياطة ،التصوُّف الإسلامي بين وحدة الشهود ووحدة الوجود، موقع ديوان العرب ، بتأريخ21 أيار (مايو) ٢٠٠٦

  10. #10
    الصورة الرمزية عبده فايز الزبيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : القنفذة - وادي حلي بن يعقوب
    المشاركات : 2,853
    المواضيع : 208
    الردود : 2853
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    قد يسأل شخص فيقول هل لك أن تشرح لي حال الصوفي بين حاله مع وحدة الشهود و حاله مع وحدة الوجود!
    فالجواب:
    وحدة الشهود هي حالة الفناء التي يمر بها الصوفي ( المريد أو السالك) للوصل إلي حالة البقاء و هي وحدة الوجود، فهو يذهل و يغيب و يفنى عن كلِّ موجود فلا يرى فيها غير الله ، حتى إذا وصلت منزلته إلي حالة البقاء و هي الاتحاد بالذات الإلهية حيث يبقى متحدا مع ذات الله فينظر من هذه الحالة فيرى الأشياء تعبيرا عن ذات الله و عن ذات الصوفي المتحد مع الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً
    يقول نهاد خياطة:
    ( ...
    ما يهمنا، فيما نحن في صدده من قول ابن عجيبة، قولُه: "[الفناء] هو شهود حقٍّ بلا خلق، كما أن البقاء هو شهود خلق بحق...". بعبارة أخرى، إن الفناء، أو وحدة الشهود، امتصاص التجلِّيات في مبدئها – المبدأ يمتص تجلِّياته و"يشفطها" – أو هو اختزال الدائرة في نقطة المركز؛ بينما البقاء هو شيوع المبدأ في تجلِّياته، أو هو اندياح نقطة المركز في الدائرة. في الحالة الأولى، يغيب الخلق في الحق؛ وفي الثانية، يتجلَّى الحقُّ في الخلق. والخلق والحقُّ أبدًا ما بين غياب وتجلٍّ.
    والمثال الذي كثيرًا ما يسوقه الصوفية تبيانًا لحالي الفناء والبقاء جواب قيس ليلى عندما سئل "أين ليلى"، وقوله: "أنا ليلى!" فقيس، لما قال ما قال، كان فانيًا عن نفسه باقيًا بليلى.
    لكن خير مثال يوضح لنا حالي الفناء والبقاء، كونه منتزَعًا من حياتنا المعاصرة، مثال الممثل السينمائي أو المسرحي الذي يؤدي دورًا رَسَمَه له المخرج: الممثل في هذه الحالة يتكلَّم كلامًا غير كلامه هو، ويأتي أفعالاً ليست أفعاله هو، بل كلامه وأفعاله كلام وأفعال الشخصية التي يؤدي دورها. بالتعبير الصوفي نقول: إن الممثل فانٍ عن نفسه باق بدورهٍ.) *

    فوحدة الوجود ( البقاء) هي غاية الغايات و الطريق إليها وحدة الشهود أو مراحل الفناء.
    _____________
    *المصدر السابق.


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وحدة الوجود !
    بواسطة عبده فايز الزبيدي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 21-05-2013, 07:46 PM
  2. الخطاب الصوفي : هذا هو تصوفنا و تلك هي دعوتنا
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 01-03-2007, 12:26 AM
  3. مع الشاعرة حبيبة الصوفي
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-10-2003, 04:40 PM
  4. رحبوا معي بدرة الأصالة العربية الرائعة حبيبة الصوفي
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-12-2002, 03:49 PM