اتخذت اسرائيل قرارها النهائى بتصفية ياسر عرفات أواخر عام 2003م .
وفى مساء الثانى عشر من أكتوبر 2004م أصابته وعكة صحية مفاجئة ، وشعر باضطراب فى أمعائه مصحوب باسهال بعد ساعات قليلة من تناوله عشائه بمقر المقاطعة المحاصر ، واستشهد الزعيم ياسر عرفات فى مستشفى فرنسى مسموماً فى مثل هذا اليوم 11 نوفمبر عام 2004م .
مشهد ياسر عرفات وهو محاصر فى المقاطعة برام الله لرفضه التنازل عن الثوابت والحقوق الفلسطينية ورفضه التنازل عن القدس وعن الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود الأرض المحتلة عام 67م ، ورفضه المساس بحق العودة للاجئين .
رمز وزعيم احترمه وأحبه والتف حوله الفلسطينيون جميعاً من كافة الفصائل والتيارات والانتماءات ، واستطاع لم شمل الفلسطينيين وحافظ حتى اللحظة الأخيرة على وحدتهم ، رغم الخلافات الكبيرة وتبعية كل فصيل لقوى خارجية متعددة وكل منها على خلاف وخصومة مع الأخرى .
لم يتخلَ عن سلاحه لحظة واحدة ، وظل مقاوماً حتى اللحظة الأخيرة ، ومع ذلك كان سياسياً بارعاً وعرف بأنه حرباء فى السياسة ، استطاع تحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية فى خضم واقع عربى مضطرب وأجواء عربية غير مواتية ، فضلاً عن شراسة التحديات الاسرائيلية والغربية ، وبرع فى الخروج من المغامرات السياسية الكبرى فى عصره بأقل قدر من الخسائر .
رفض عرفات التنازل عن القدس والأقصى وحقوق اللاجئين والأسرى .
وكان له موقف تاريخى مشهود مع الرئيس الأمريكى الأسبق كلينتون ، عندما ضغطت عليه الادارة الأمريكية وقتها ليتنازل – فى اطار التسوية السلمية – عن السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية وليتنازل عن عودة اللاجئين .
فقال له كلينتون : قدم لى مخرجا اذاً من هذه الأزمة .
فأجابه : سأقدم لك المخرج من هذه الأزمة : أغادر أنا الى القاهرة أو تونس بصفة نهائية ، وعلى باراك وعليكم أن تتدبروا أمركم مع شعبى !
وعندما هدده بيل كلينتون بالقتل .
رد عرفات على التهديد قائلاً : أنا وقعت طائرتى عام 1992م ولم أمت ، وعندما يأتى أجلى سأموت ، أنا لو وقعت لكم على القدس وعلى حق العودة للاجئين فسوف يقتلنى شعبى .
وقال عرفات عن محاولات اغتياله السابقة : " ليست هذه أول مرة يحاولون فيها اغتيالى ، لقد حاول شارون قتلى 18 مرة حتى الآن ، ولن يتوقف ، وسيستمر فى المحاولة " .
" شهيداً .. شهيداً .. شهيداً ، ستمنعون الشمس والهواء عنى ، لن أتنازل ، ستحجبون عنى الدواء والغذاء ، لن أتنازل ، الله خلقنى ولن ينسانى .. القدس مطلبى ، وركعة فى المسجد الأقصى المبارك غايتى التى لا تناظرها غاية .. شهيداً .. شهيداً .. شهيداً "
كلمات تليق بوداع زعيم سياسى كبير لدنيا التنازلات وواقع التجزئة والتقسيم وتسليم المقدسات والأوطان لأعدائها .
زعيم فضل أن يقتله أعداؤه ولا يقتله شعبه " أنا لو وقعت لكم على القدس وعلى حق العودة للاجئين فسوف يقتلنى شعبى " !