غَادَرْتَنَا،
أَجِرَاحُ الرُّوحِ تَنْدَمِلُ؟
لَوْلَا تَأَخَّرَ عَنْكَ الْمَوْتُ يَا رَجُلُ
لَكِنَّهُ الْقَدَرُ الْمَوْقُوتُ،
لَيْسَ لَهُ
حِبٌّ يُجَامِلُهُ، إِنْ أَذَّنَ الْأَجَلُ
حَتْماً كَبُرْتَ عَلَى دُنْيَاكَ،
فَاخْتَبَأَتْ
مِنْكَ الْحَيَاةُ، وَلَمْ تُبْدِ الْأَسَى مُقَلُ
قَالُوا "رَحَلْتَ"،
وَقُلْنَا "كَاذِبُونَ"، فَكَمْ
مِنْ شَاعِرٍ قَتَلُوا مَيْناً.. وَمَا قَتَلُوا
وَدَّعْتَهُمْ..
أَتُرَاهُمْ - غَفْلَةً - حَسِبُوا
أَنْ وَدَّعُوكَ غَدَاةَ اسْتُنْفِذَ الْأَمَلُ؟
عُمْرٌ مَنَافِيكَ..
عُمْرٌ سَارِقُوهُ لَهُمْ
مَا نَاصَرُوا، وَعَلَيْهِمْ وِزْرُ مَا خَذَلُوا
يَا ابْنَ الْعِرَاقِ..
مَرَاثِينَا بِلَا لُغَةٍ
وَالصَّوْتُ – سَقْطُ مَتَاعِ الْحُزْنِ – لَا يَصِلُ
نَفْسِي فِدَاكَ،
فِدَا بَغْدَادَ، أَوْجَعَهَا
أَلَّا تَرُدَّ – وَقَدْ نَادَتْكَ "يَا جَبَلُ" –
آوِي إِلَيْكَ..
إِلَى حَيْثُ الثَّرَى وَطَنٌ
تَأْوِي إِلَيْهِ أَخِيراً.. وَالثَّرَى جَذِلُ
شُيِّعْتَ مِلْءَ دَمٍ
لَا عَيْنَ تَجْحَدُهُ،
وَالْقَلْبُ.. أَوْشَكَ هَذَا الْقَلْبُ يَشْتَعِلُ
وَالْمِلْحُ
وَثَّقَتِ الْفَقْدَ/الْخُوَاءَ عَلَى
حَدِّ الشِّفَاهِ الَّتِي فِي حَدِّهَا شَلَلُ
أَيْ آخِرَ الشُّعَرَاءِ الْغُرِّ
مَا فَتِئَتْ
مِنْ رَافِدَيْكَ حُرُوفُ الدُّرِّ تُحْتَمَلُ
كُنْتَ انْتُقِصْتَ عَلَى حِقْدٍ
يُوَحِّدُهُمْ
يَوْمَ انْتَصَرْتَ تَخَلَّوْا عَنْكَ وَانْفَصَلُوا
هَاهُمْ هُنَا،
وَعَلَى بُعْدَيْنِ تَسْمَعُهُمْ
يَتْلُونَ شِعْرَكَ نَعْياً بَعْضَ مَا انْتَحَلُوا
نَمْ فِي الْمَدَى
كَنَدىً يَغْفُو عَلَى حُلُمٍ
وَاتْلُ الْعِرَاقَ لِمَوْتَاهَا إِذَا وَجِلُوا
لَا شِعْرَ بَعْدَكَ،
مُذْ رَدَّدْتَهَا أَسِفاً:
"لَا تَطْرُقِ الْبَابَ.. تَدْرِي أَنَّهُمْ رَحَلُوا..."