أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قراءة في قصّة: (ذئب أهبل) للفرحان بو عزّة

  1. #1
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي قراءة في قصّة: (ذئب أهبل) للفرحان بو عزّة

    قراءة في قصّة (ذئب أهبل) للفرحان بو عزّة
    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=81197

    العنوان يوحي بالدّلالات المتعدّدة.. (ذئب) وقد جاءت الكلمة نكرة للتّعميم. من دلالاته: الغدر والخيانة ﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾، المذموم الذي يفسد دين المرء: "(( ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم )). ومن الدّلالات الإيجابيّة أنّه يرمز للبراءة، فهو الذي اتّهم بقتل يوسف، ولكنّه بريء منها، ولم تثبت عليه. ولعلّ هذا يزيح صفة الغدر العالقة في الذّهن عند سماع الكلمة، وكان الدّفاع عنه أقوى بإعطائه صفة الهبل! فالغدر يحتاج إلى الذّكاء، وليس إلى الهبل. فالأهبل فاقد العقل والإدراك. (وأهْبَلَ العَاشِقُ : فَقَدَ العَقْلَ وَالإدْرَاكَ )، وما تكشفه الأحداث أنّه عاشق قديم عاد لمعشوقته! وجاء العنوان قويّا ومدعّما للحدث فيما بعد.

    بدأ السّرد بعلامة الحذف ... وهذا يعني أنّ هناك أحداثا جرت قبل تسلله للبيت الذي وجد بابه مفتوحا، فلربّما كان قد غادره أحدهم قبل مجيئه ومن الفئة ذاتها، فلو كان حريصا أو ممّن يقلقون لها لأقفله بعد الخروج منه، ولربّما كان قد تركته الزّوجة مفتوحا.
    بداية تثير تساؤلات القارئ؟!
    الفعل تسلّل ( وهو رمز مسبق لما سيحصل لاحقا) يوحي أنّه لا يؤذن له بالدّخول، وغير متوقّع، وهذا ما أفزع البطلة التي نفثت ثلاثا، وكأنّها رأت عفريتا. نظراتها المصوّبة نحوه أفزعته ممّا أجبره على الابتعاد والاستناد على الجدار؛ مشيرا بذلك إلى حاجته للرّاحة والتّوازن، فالجدار رمز لحاجته لمَن يستند عليه، لكنّها لم تسمح له بذلك حين بدأت تصوّب رصاصات كلامها نحوه لتذكّره بدوره الذي انتهى.. فقد كان لفترة بمثابة شمعة، وهنا الدّلالة إيجابيّة، وتعكس أنّه كان معطاء ومضحيّا، لكنّه الآن لا شيء، بل مزعج ويوصف بالعدميّة، حيث رفضته الحياة فجاء ولا ترحيب يرضيه. والأسوأ أن حال من جاءها ليست بأحسن منه (ومن أنا الآن)، ويبدو أنّ هناك تحوّلا سلبيّا في حياتها تتّهمه بالمسبّب له.
    وللرّجل هنا دور ثنائيّ، فهو الشّمعة والسّواد في حياة المرأة المذكورة.. "ما أنت إلا كشمعة أضاءت زمنا في حياتي فاحترقت، حياتك كلها ثقوب سوداء".
    هو الحضور والغياب:" ، تلسعني أنفاس رائحتك في البيت، في الشارع، في المقهى". تركها لكنّ أنفاسه تطاردها أنّى توجّهت!
    ويستمرّ الحدث معطيا الفرصة له للاعتذار وكشف ما آل إليه وضعه البائس، وكأنّه جاء باحثا عن فرصة للتّوبة بعدما نهشته النّظرات، وأفزعته الأصوات!
    الاعتراف أثار الاستهزاء في نفس البطلة، فاستجمعت قواها للمواجهة عارضة أمامه ذلّ ماضيها وهي تبكي في انتظار عودته، وموجّهة له سهم الإدانة كونه خائنا يخون الأموات مع نسائهم! لا يعترض، بل يجيب بهدوء أنّه عاد ليعوّضها وينسيها ما كان. وتستمرّ الأحداث بسرد بارد رغم تحمل من وهج في طيّاتها، فتكمل المرأة حديثها وتخبره عن عملها، فيذهل ويزداد اندهاشه عندما يرى إطار الصّورة خاليا من صورته، أي لم يعد له وجود في حياتها، عندها يخرج مفتاح الباب الصدئ
    الشّاهد على طول مدّة غيابه، ولم يكن بحاجة إليه ليدخل بيتها، فقد كان مفتوحا، وتكون النّهاية برمي المفتاح أي بطرده إلى الأبد!
    وضع المفتاح على الطّاولة يعني استغناءه عنه، وإعلان بأنّه لن يعود، ولربّما كان انعدام الحاجة له كون الباب مشرعا دائما، واعترافها بالخروج للعمل دون الإفصاح عن نوع العمل هو رفع لواء الصدّ له، فتركه، ولكي تؤكّد له عدم رغبتها به، ورفضها لكلّ ما يذكّرها به رمت له بذاك المفتاح، واختيار الفعل (طوّحت) ضاعف من رغبتها في التّخلّص منه.
    نحن أمام قصّة تصوّر واقعا مأساويّا غير سويّ، واقع من التّشرذم والضّياع تعيشه شخصيّتا القصّة، والمتّهم به هو الرّجل، حيث أدّى سلوكه مع البطلة إلى تغيير في مجرى حياتها بعد استقرار أشعَرَها به وغادر. وبعودته لها لم يبدُ بحال أفضل منها.. عاد في الوقت غير المناسب، ولم يسعفه اعترافه وتوبته بالفوز بها ثانية.
    لم تعطَ الأسماء لشخصيّتي القصّة، وهذا يمنح القضيّة المعالجة التّعميم، حيث من الممكن أن تحدث في أمكنة وأزمنة مختلفة.
    قصّة هادفة ورائعة
    بوركت أخي الأستاذ الفرحان
    تقديري وتحيّتي

  2. #2
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,366
    المواضيع : 199
    الردود : 2366
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    قراءة في قصّة (ذئب أهبل) للفرحان بو عزّة
    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=81197

    العنوان يوحي بالدّلالات المتعدّدة.. (ذئب) وقد جاءت الكلمة نكرة للتّعميم. من دلالاته: الغدر والخيانة ﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾، المذموم الذي يفسد دين المرء: "(( ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم )). ومن الدّلالات الإيجابيّة أنّه يرمز للبراءة، فهو الذي اتّهم بقتل يوسف، ولكنّه بريء منها، ولم تثبت عليه. ولعلّ هذا يزيح صفة الغدر العالقة في الذّهن عند سماع الكلمة، وكان الدّفاع عنه أقوى بإعطائه صفة الهبل! فالغدر يحتاج إلى الذّكاء، وليس إلى الهبل. فالأهبل فاقد العقل والإدراك. (وأهْبَلَ العَاشِقُ : فَقَدَ العَقْلَ وَالإدْرَاكَ )، وما تكشفه الأحداث أنّه عاشق قديم عاد لمعشوقته! وجاء العنوان قويّا ومدعّما للحدث فيما بعد.

    بدأ السّرد بعلامة الحذف ... وهذا يعني أنّ هناك أحداثا جرت قبل تسلله للبيت الذي وجد بابه مفتوحا، فلربّما كان قد غادره أحدهم قبل مجيئه ومن الفئة ذاتها، فلو كان حريصا أو ممّن يقلقون لها لأقفله بعد الخروج منه، ولربّما كان قد تركته الزّوجة مفتوحا.
    بداية تثير تساؤلات القارئ؟!
    الفعل تسلّل ( وهو رمز مسبق لما سيحصل لاحقا) يوحي أنّه لا يؤذن له بالدّخول، وغير متوقّع، وهذا ما أفزع البطلة التي نفثت ثلاثا، وكأنّها رأت عفريتا. نظراتها المصوّبة نحوه أفزعته ممّا أجبره على الابتعاد والاستناد على الجدار؛ مشيرا بذلك إلى حاجته للرّاحة والتّوازن، فالجدار رمز لحاجته لمَن يستند عليه، لكنّها لم تسمح له بذلك حين بدأت تصوّب رصاصات كلامها نحوه لتذكّره بدوره الذي انتهى.. فقد كان لفترة بمثابة شمعة، وهنا الدّلالة إيجابيّة، وتعكس أنّه كان معطاء ومضحيّا، لكنّه الآن لا شيء، بل مزعج ويوصف بالعدميّة، حيث رفضته الحياة فجاء ولا ترحيب يرضيه. والأسوأ أن حال من جاءها ليست بأحسن منه (ومن أنا الآن)، ويبدو أنّ هناك تحوّلا سلبيّا في حياتها تتّهمه بالمسبّب له.
    وللرّجل هنا دور ثنائيّ، فهو الشّمعة والسّواد في حياة المرأة المذكورة.. "ما أنت إلا كشمعة أضاءت زمنا في حياتي فاحترقت، حياتك كلها ثقوب سوداء".
    هو الحضور والغياب:" ، تلسعني أنفاس رائحتك في البيت، في الشارع، في المقهى". تركها لكنّ أنفاسه تطاردها أنّى توجّهت!
    ويستمرّ الحدث معطيا الفرصة له للاعتذار وكشف ما آل إليه وضعه البائس، وكأنّه جاء باحثا عن فرصة للتّوبة بعدما نهشته النّظرات، وأفزعته الأصوات!
    الاعتراف أثار الاستهزاء في نفس البطلة، فاستجمعت قواها للمواجهة عارضة أمامه ذلّ ماضيها وهي تبكي في انتظار عودته، وموجّهة له سهم الإدانة كونه خائنا يخون الأموات مع نسائهم! لا يعترض، بل يجيب بهدوء أنّه عاد ليعوّضها وينسيها ما كان. وتستمرّ الأحداث بسرد بارد رغم تحمل من وهج في طيّاتها، فتكمل المرأة حديثها وتخبره عن عملها، فيذهل ويزداد اندهاشه عندما يرى إطار الصّورة خاليا من صورته، أي لم يعد له وجود في حياتها، عندها يخرج مفتاح الباب الصدئ
    الشّاهد على طول مدّة غيابه، ولم يكن بحاجة إليه ليدخل بيتها، فقد كان مفتوحا، وتكون النّهاية برمي المفتاح أي بطرده إلى الأبد!
    وضع المفتاح على الطّاولة يعني استغناءه عنه، وإعلان بأنّه لن يعود، ولربّما كان انعدام الحاجة له كون الباب مشرعا دائما، واعترافها بالخروج للعمل دون الإفصاح عن نوع العمل هو رفع لواء الصدّ له، فتركه، ولكي تؤكّد له عدم رغبتها به، ورفضها لكلّ ما يذكّرها به رمت له بذاك المفتاح، واختيار الفعل (طوّحت) ضاعف من رغبتها في التّخلّص منه.
    نحن أمام قصّة تصوّر واقعا مأساويّا غير سويّ، واقع من التّشرذم والضّياع تعيشه شخصيّتا القصّة، والمتّهم به هو الرّجل، حيث أدّى سلوكه مع البطلة إلى تغيير في مجرى حياتها بعد استقرار أشعَرَها به وغادر. وبعودته لها لم يبدُ بحال أفضل منها.. عاد في الوقت غير المناسب، ولم يسعفه اعترافه وتوبته بالفوز بها ثانية.
    لم تعطَ الأسماء لشخصيّتي القصّة، وهذا يمنح القضيّة المعالجة التّعميم، حيث من الممكن أن تحدث في أمكنة وأزمنة مختلفة.
    قصّة هادفة ورائعة
    بوركت أخي الأستاذ الفرحان
    تقديري وتحيّتي
    سررت كثيرا بقراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ، قراءة هادفة ومركزة عملت على خلخلة النص عن طريق التحليل والتركيب والتقييم مما أعطى للنص قيمة أدبية ..
    قراءة جميلة ولدت إنتاج نص آخر جدير بالقراءة والمتابعة ، فالنص الأدبي لا يكسب حياته الأدبية إلا عن طريق القراءة الجادة .. شكرا على تشجيعك الدائم ،
    اهتمام أعتز به أختي المبدعة كاملة ..
    مودتي وتقديري

  3. #3
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفرحان بوعزة مشاهدة المشاركة
    سررت كثيرا بقراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ، قراءة هادفة ومركزة عملت على خلخلة النص عن طريق التحليل والتركيب والتقييم مما أعطى للنص قيمة أدبية ..
    قراءة جميلة ولدت إنتاج نص آخر جدير بالقراءة والمتابعة ، فالنص الأدبي لا يكسب حياته الأدبية إلا عن طريق القراءة الجادة .. شكرا على تشجيعك الدائم ،
    اهتمام أعتز به أختي المبدعة كاملة ..
    مودتي وتقديري
    نصوصك تستحث القارئ على الغوص في أعماق الحرف والفكرة أستاذنا
    الشّكر لك
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,099
    المواضيع : 317
    الردود : 21099
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قراءة جميلة تقوم على التحليل المنطقي لكل حرف في القصة
    قراءة قيمة وهادفة لقصة مبدعة وقد برعت في استخراج المعنى والدلالة
    فشكرا للكاتب وللناقدة ودام غبداعكما
    ولكما كل تقدير وإحترام.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. عالَم أهبل
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 10-11-2022, 05:52 PM
  2. بَوَّ الرَّمادِ
    بواسطة عبده فايز الزبيدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 07-11-2015, 08:36 PM
  3. قراءة فى قصة " لم أقل شيئاً لأبى " للأديب الفرحان بو عزة
    بواسطة هشام النجار في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 20-11-2014, 04:37 PM
  4. قراءةقوافي ذئب بشاير عبد الله
    بواسطة مكي النزال في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-05-2014, 11:52 AM
  5. ( آسف يا عزة .. أنا غلطان ) إعتذار لـ (عزة .. ادفو )
    بواسطة محمد محمود محمد شعبان في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 23-08-2012, 04:44 PM