2016م .. الحرب لم تنتهِ والعذاب السَرْمدى
فى فجر يوم 12 أكتوبر من عام 1492م وصل إلى شواطئ جزر البهاما " كريستوفر كلومبوس " وأعوانه ، وقاموا بزرع شجرة على شاطئ الجزيرة معلنين ملكيتهم لهذه الأرض التى بلا صاحب .. باسم ملك وملكة أسبانيا ، ولم يكن هذا التاريخ فى الواقع هو التاريخ الحقيقى لإكتشاف أمريكا – أى قبل ما يزيد عن خمسمائة عام - ، فقد ظهرت دراسات تؤكد أن المسلمين لا الأسبان ولا الأوربيين – هم أول من عرفوا أمريكا بعد أن قاموا برحلات انطلقت من قرطبة وشمال افريقيا وغرب إفريقيا ، وقد أشار المؤرخ المسعودى إلى قيام مثل هذه الرحلات عبر بحر الظلمات " المحيط الأطلسى " .
أمريكاهوس بالقوة والبطش إستمر لأكثر من خمسمائة عام ، إقترفت خلالها من الجرائم والآثام وتسببت فى آلام وأحزان على مسافة شاسعة من الأرض ومساحة واسعة من صفحات التاريخ الإنسانى ، كانت خلالها تطلق هلوسات السيادة والتفوق الحضارى واللونى والعرقى والإستعلاء على البشر وعلى الأجناس الأخرى .
يصف رونالد رايت فى كتاب " القارات المسروقة " المذابح التى شملت المدن والقرى التى هبط إليها المحتلون الجدد قائلاً : " بالإضافة إلى عمليات القتل المباشر والجماعى بالملايين من الهنود ، فقد نقل الأوربيون معهم عدة أمراض قضت على الغالبية من السكان الهنود ، وكان ضحاياهم من الموت الأسود – أى الطاعون – فى أوربا " !
رسالة قديمة لحكيم هندى أحمر من قبيلة المايا ، يصف فيها مأساة قومه قبل مئات الأعوام ، ولنقارن على ضوئها بين حال كوبا قبل التدخل الأمريكى وبعده ، وحال أفغانستان قبل التدخل الأمريكى وبعده وحال فيتنام قبل التدخل الأمريكى وبعده ، وحال العراق قبل التدخل الأمريكى وبعده وحال ليبيا قبل التدخل الأمريكى وبعده وحال الصومال قبل التدخل الأمريكى وبعده وحال السودان قبل التدخل الأمريكى وبعده وحتى حال الإتحاد السوفيتى قبل التدخل الأمريكى وحلف الأطلسى وبعده .. ثم حال سوريا والمنطقة كلها قبل التدخل الأمريكى وبعده .
يقول الحكيم الهندى الأحمر : " كان الخير عميماً ، بلا أمراض ولا خطايا ولا آثام ، كنا جميعاً نسير منتصبى القامة ، ثم جاء " الأسياد البيض " إلى بلادنا ، فعلمونا الخوف وعودونا على الذل والنهب ، ملوكهم مزيفون ، طغاة على عروشهم ، نهابون فى النهار ، منتهكون فى الليل ، إنهم قتلة العالم وهم بداية فقرنا .. بداية الإتاوة والسلب والإستجداء .. والحرب لم تنتهِ ، والعذاب السرمدى " !
الحرب لم تنهِ ، والعذاب السرمدى ، ليس الهنود الحمر فقط ، بل كل شعوب الأرض عانت من الظلم والإستعلاء والعنصرية الأمريكية ، وفى أستراليا وإيرلندا تكررت مآس شبيهة بمأساة الهنود الحمر ، فضلاً عما يحدث بفلسطين يومياً من إنتهاكات وجرائم برعاية ودعم كاملين من الولايات المتحدة .
تلك هى أمريكا التى يقع الاخوان وقادتهم وشركاؤهم والتنظيمات التى ترفع الشعارات الإسلامية فى فخاخها اليوم ، وتوظفهم بسهولة لمصالحها وتنفيذ إستراتيجياتها فى المنطقة .
أمريكا لم تتغير ولم تتطور إلا فى استخدام الأوراق وتنويع الوسائل والأدوات وصولاً لذات الغاية التى تحدث عنها ذلك الحكيم الهندى قبل مئات السنين ؛ فقد كان " الخير عميماً " فى بلادنا ، وكنا " نمشى منتصبى القامة مرفوعى الهامة موفورى الكرامة " فى أفغانستان وفلسطين والعراق وليبيا وسوريا والصومال وليبيا .. الخ ، إلى أن دخل " الأسياد " البلاد ، فكانوا بداية الفقر والفوضى والتدمير والخراب ، ولا تزال مساعى ومحاولات فرض الإرادة والسيطرة ونهب الثروات وفرض الإتاوات مع العرب جميعاً مستمرة ، لإلحاقهم بطابور الدول المصنفة كضحية " الحرب التى لم تنتهِ والعذاب السرمدى " – بحسب تعبير الحكيم الهندى - .
يأتى عام 2016م وفق تخطيط " الأسياد " لإدخال العرب فى أتون حروب مذهبية سوداء ليخرج وحده منتصراً على الجميع – ليس فقط الإرهاب – وليخضع الجميع لإرادته .
أفيقوا يا عرب .. دولاً وحكومات وشعوب ومؤسسات وجيوش ، ومسيحيين ومسلمين وسنة وشيعة ومدنيين ودينيين .. .. الخ ، فإما يكون 2016 م عام دخولكم نهائياً قفص العبودية الأمريكى ونظل على مدى عقود فى الذل والعذاب السرمدى ، أو أن يكون عام خروجكم وخلاصكم .
والبداية من هناك ؛ من سوريا ..