عن الرسول .. والإنبهار
لماذا إنبهر المفكر الغربى المرموق توماس كارليل بشخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ؟
قال : " الحقيقة الكبرى هى أنه رجل صادق ونبى مرسل " وينفى عنه الكذب قائلاً : " كلا .. ما محمد بالكاذب ولا المُلفِق " .
ويصفه بأنه " قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا هى شهاب قد أضاء العالم أجمع ، ذلك أمر الله ، وذلك فضل الله يُؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " .
إنبهر به لأميته وأنه لم يعلمه بشر ولم يقتبس من نور أى إنسان آخر ولم يغترف من مناهل غيره .
ولأنه صادق وأمين ويتصف منذ حداثته بالوفاء النادر وإخلاصه لعشرائه والمروءة والشرف .
ولإيثاره الصمت والبعد عن التكلف ، فإذا نطق قال الحكمة البالغة وفصل الخطاب بعيداً عن التلاعب بالأقوال والقضايا المنطقية والعبث بالحقائق .
ولأنه رجل راسخ المبدأ ، صارم العزم ، بعيد الهم ، كريماً براً ، رءوفاً تقياً ، فاضلاً حراً ، شديد الجد والإخلاص ، عظيم النفس ، وما كان بعابث قط ، ولا شاب شيئاً من قوله شائبة من لعب ولهو .
ولأنه لين الجانب ، جم البِشر والطلاقة ، حميد العشرة ، حلو الإيناس ، بل ربما مازح أصحابه وداعب أزواجه .
ولأنه جميل الوجه وضيئ الطلعة ، حسن القامة ، زاهى اللون ، له عينان سوداوان تتلألآن ، تضيئ وجهه إبتسامة مشرقة من فؤاد صادق .
ولأنه ذكى اللب ، شهم الفؤاد ، ممتلئاً نوراً وناراً ، رجل عظيم بفطرته ، لم تثقفه مدرسة ولا هذبه معلم وهو غنى عن ذلك .
ولأنه عادل صادق النية ، مملوء رحمة وحناناً وخيراً وبراً .
ولأنه متواضع فلم يكن متكبراً ولم يكن ذليلاً ، بل هو قائم فى ثوبه المرقع كما أوجده الله يخاطب بقوله الحر المبين قياصرة الروم وأكاسرة الفرس ويرشدهم إلى ما يجب عليهم عمله لهذه الحياة وللحياة الآخرة .
يقول كارليل : " وإنى لأحب محمداً لبراءة طبعه من الرياء والتصنع ولقد كان إبن القفار هذا رجلاً مستقل الرأى لا يعول إلا على نفسه ولا يدعى ما ليس فيه " .
ويقول الشاعر الفرنسى الشهير لا مارتين فى كتابه " السفر إلى الشرق " : " أترون أن محمداً كان صاحب خداع وتدليس وصاحب باطل وكذب ؟ .. كلا بعد ما وعينا تاريخه ودرسنا حياته " .
ويضيف فى نفس الكتاب : " إن محمداً فوق البشر ودون الإله فهو رسول بحكم العقل وإن اللغز الذى حله محمد فى دعوته فكشف فيه عن القيم الروحية ثم قدمها لأمته ديناً سماوياً سرعان ما إعتنقه .. هو أعلى ما رسمه الخالق لبنى البشر " .
ولذلك كان غضب الرسول ونفوره الشديد من أولئك النفر الفتنة الذين يبتدعون فى دينه ما ليس فيه ويشوهون صورة الإسلام بشخصيات وممارسات وسلوكيات تسيئ إليه ولتاريخه ودعوته ورسالته .
تبرأ منهم وأعلنها واضحة أنهم ليسو منه وليس منهم ، ليظل مسار التقييم والتعامل مع الأحداث والمعطيات حاضرها وماضيها منطقياً ؛ فتلك الفئة الشاذة موضع إزدراء واحتقار ، والرسول صلى الله عليه وسلم كما هو موضع تقدير واحترام .. ومثارَ إنبهار دائم .