"مع صديقي في مقهى"
أمام سحابة دخان رسمتها أنفاسي الفنانة في ارتشاف السيجارة , يقول لي صديق يجلس بالمقابل في مقهانا المعتاد , وعيناه تحلقان في أفق ليس أفقي:
لم أكن أدرك يا صديقي أن وجودي غير مكتمل الحضور....
نظرتُ إليه بدهشة ولسان حالي يقول"أيعقل جُنّ ؟"
أردف صديقي ساهماً :
لم أكن أتنبه لنقصٍ يعتري روحي إلا حين اكتشفتُ أي جزءٍ كان قد غاب منها/مني...
سألته مداعباً وفي ذاتي شكٌ بأن ثمة هلوسة اعترت عقل صديقي :
ما هو؟ ومن أين اشتريته؟
أجاب:
وجدته يا صديق حيث وجدت عجزاً لمطلع بيت شعر كنت بدأته...أنا لم أكتبه
"تنبهت حواسي"
حين وجدت نصفاً للوحة كنت شرعتُ برسمها ....أنا لم أرسمه....
حين اكتشفت مظلة تقيني من بلل المطر ...أنا لم أشرعها....
حين سمعت كلمة كنت شرعت بنطقها...أنا لم أنطقها.
حين اكتشفت ربيعاً دائم الخضرة ,كنت أنهل دوماً من شذاه لتنتعش روحي..ولم أكن أعرف مصدره.....أُهدِيَ إليّ مصدره.
مرة أخرى أرمي بثقل ظلي أمام هيامه الرقيق,وأبادرُ بسؤال فضوليّ كبر داخلي
فأسأله وفي غايتي الغمز واللمز بصديقي الهائم:
كأنك حوّلت تخصصك إلى فلسفة ؟ أو كأنك عاشق يا صديق؟
التفت إلي وعلى وجنتيه نبتت ابتسامة جميلة لم أرها من قبل , وفتح فاه عن إجابة لأسئلتي الساخرة فقال:
لا أنصحك بأن تبحر بعيدا في أوهامك يا عزيزي, عش كما أنت...
غير أني أدركت أن هناك ..في مكان ما ....
يوجد روحا تملأ كياني بكل إيجابية,
تكمل نقص حضوري,,
وتكسبه عطرا أخاذا تنعشني بقية يومي...
هي روح خلعتني من عالمي لأكمل باقة زهر بدأتها منذ أمد,
جعلتني أكتشف أنه لا زال في حقبة الأيام مزيدا من فرح مخبوء ينتظرني ...
لم أدرِ حينها كيف أكمل مع صديقي الفيلسوف الجميل ...كل ما أدريه حينها أني بدأت أحلق في فضاء آخر....
لحظة لحظة....
أيعقل أن وجودي غير مكتمل الحضور أيضا؟
هل بدأت أهذي؟