أحدث المشاركات
صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 49

الموضوع: أنــأ البحــر ..

  1. #21
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صبر سالم مشاهدة المشاركة
    معان عميقة يتوقف القارئ امامها متأملا
    وصياغة فنية باهرة ليست غريبة من شاعر مقتدر
    شاعرنا القدير الاستاذ محمد
    طابت اوقاتك فرحا وشعرا
    محبتي وتحيتي

    طاب عيشك وعمرك ايها الحبيب
    مررت فرششت عطرا
    وتركت فتركت عطرا
    فلله انت وهذا الجمال
    مودتي

  2. #22
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد ذيب سليمان مشاهدة المشاركة


    أنــا البحــر


    تركتِ البحرَ من أجـل الوشـاةِ
    ليركب موجـه بعـض الهـواةَ؟

    فهـل أغنــاك رملٌ عن محــارٍ
    بـه المكنـون يزخـر بالهبـات؟

    طلبتِ الغــثَّ فــاحتفلي بغثّ
    وخلي البحر يغرق في الصلاة

    فما كانت سوى الأمواج سكرى
    ولمـــا رحــتِ أيقــن بالنجـــاة

    غمـوض البحــر يدركــه لبيب
    ومـن يهــواه يوغــل في أنـــاة

    ومن طلـب الـلآلئ من رمــال
    سـيقضى عمــره بين الرفــــاة

    وينتظـر احتفــال البحــر حتى
    إذا القـى ســيســعد بــالفتــات

    سـيبقى البحر في عينيك حلمـاً
    جميــلا تشــتهيه مـدى الحيــاة

    بــه الأمواج تغســل كل فجـر
    وفجــرك مـن بعيــد غيــر آت

    فنامي يــا عروس الحلــم حتى
    يفيــض الرمـل بالمـاء الفرات

    وغُطّى واسـبحي ودَعي يقينــا
    يروح مُعمَّـــدا بجنــون ذات

    فمـا زلـتُ اليقين جنـون بحـــرٍ
    بيَ الأمـواج من شـتى اللغـات

    تهيــم بـها النوارس كل فجـــر
    وعنــد الليل تســحرها صفاتي

    ســأحصضنها وأمنحها مــلاذا
    ففي صدري النقيّ أرى حياتي

    وفـي عمقي الــلآلئ دون قيــد
    ســأمنحها لمن يرجــو زكـاتي

    ومــا كان الهــوى إلا طريقــا
    يقود خطاي كي أعطي هبـاتي

    وإمـا ما عـدت للأمواج شــأن
    ســتمنحك الفتات مع الشـتات


    الوافر

    السلام عليكم
    قصيدةٌ ذكية في مبناها المعنوي يفيض فيها إبداع الشاعر القدير الأستاذ محمد ذيب سليمان
    في هذه القصيدة ثلاث أفكار محورية، تمثل ثلاثة أوتار فنية ، ينقر عليها الشاعر بأنامله الذكية ، ليبدع معزوفة ثلاثية الأنغام ؛ الفكرة الأولى : العتاب ، والثانية : العِقاب ، والثالثة: الانسحاب ؛

    تركتِ البحرَ من أجـل الوشـاةِ
    ليركب موجـه بعـض الهـواةَ؟

    في صدر البيت الأول عتاب : فالشاعر يعاتب المرأة التي تركت البحر ( وهو البحر ) ، لتأثّرها بأقوال الوشاة ، الذين حملوا لها ما ساء من الأخبار عنه ، فأنصتت إليهم ، واستمعت لهم ، وتركت البحر من أجلهم . والعقاب في عجز البيت : ليس سوى تلويح الشاعر بمن سيركب موج البحر مغامراً وهاوياً ، فهذه بطاقة حمراء يرفعها الشاعر في وجه المرأة التي تركته ، تحذيراً لها بأن امرأة أخرى ستعقبها في اصطحاب موج البحر وهي له هاوية محبة . فانظروا إلى شاعرنا كيف يحاول إثارة الغيرة في نفس المرأة التي تركته ، لتكون غيرتها عقاباً لها على تركه .
    ،
    فهـل أغنــاك رملٌ عن محــارٍ
    بـه المكنـون يزخـر بالهبـات؟

    ثم إذا اعتبرنا تلك المرأة قد تركت البحر لتلقي بنفسها على الشاطئ ، فالشاعر الآن يعود لمعاتبتها على سوء فعلها ؛ فهل أغناها الرمل الذي سيحيط بها على الشاطئ عن المحار الذي يزخر باللؤلؤ ،وهو ما كانت ستحصل عليه من البحر ؟ ...وإنه لعتاب يفضي إلى تأنيب .
    طلبتِ الغــثَّ فــاحتفلي بغثّ
    وخلي البحر يغرق في الصلاة

    الغَثُّ : الرديءُ الفاسدُ من كُلّ شيء ، فأنتِ طلبت السيئ الرخيص ، فاحتفلي به واعتني به ، وأما البحر الذي تركتِه، فخلّيه يغرق في الصلاة . وأتساءل هنا : كيف أدخل الشاعر البحر في الصلاة وأغرقه فيها ؟ وليس ثمة من مقابلة بين ما طلبته المرأة من الغث ، وبين ما خلّته من غرق البحر في الصلاة . ولعل للشاعر في هذه الصورة البلاغية مخرجاً يجيز فيه هذه المقابلة . والمهم أن ننتبه إلى أن شاعرنا يعزف على وتر العقاب والعتاب معاً ، فتركيبه " فاحتفلي بغث" ما هو إلا تقريع للمرأة يبشّرها بالخيبة التي ستجنيها يداها وهي تواجه عاقبة تركها للبحر مقابل الحصول على الغث . تريدين الغثَّ ؟ إذن هاكِ الغث ، فاحتفلي به. والجزاء من جنس العمل .
    فما كانت سوى الأمواج سكرى
    ولمـــا رحــتِ أيقــن بالنجـــاة

    وهنا وتر الانسحاب يعزف عليه الشاعر ، فلمّا كانت المرأة في رفقة البحر كانت أمواجه سكرى بها . ولمّا فارقته وراحت استيقظ البحر من سكرة أمواجه ، واستعاد وعيه الذي يحتاجه لينجو بنفسه . لكن ممَ ينجو ؟ هل ينجو من الغرق مثلاً ؟ وكيف يغرق وهو بحر ؟ وما النجاة التي أيقن بها بعد مفارقة المرأة له ؟ نسأل الشاعر وننتظر جوابه . لكن نعود ونذكِّر بنغمة الانسحاب التي يفيدها المعنى العام لهذا البيت ، فالشاعر راضٍ بمفارقة المرأة له ، لأن مفارقتها جعلته يوقن بالنجاة . والنجاة ترضيه حتما .
    غمـوض البحــر يدركــه لبيب
    ومـن يهــواه يوغــل في أنـــاة

    وهذا عتاب ثمين يتضمن حكمة عميقة مفيدة لتلك المرأة فيما لو اعتنت بها ، ومعناها أن غموض البحر سرّ من أسرار الانجذاب إليه . فاللبيب هو ذلك الذي يصل إلى كنه المعنى ببصيرته ، ومن يحب إدراك ذلك الغموض سيوغل برفق في تلك المعاني التي ستصل به إلى سر الغموض . وهذا يعني أنك أيتها المرأة المفارقة للبحر ؛ لستِ لبيبة . ولستِ أهلاً لإدراك غموض البحر ، إذن فدعي إدراك الغموض لأهله . وهذا عتاب يفضي إلى تأنيب يفضي إلى عقاب .

    ومن طلـب الـلآلئ من رمــال
    سـيقضى عمــره بين الرفــــاة

    من سوء تقدير وسوء تصوّر هذه المرأة ، أنها طلبت اللآلئ من الرمال . فعقابها أن تقضي عمرها بين (الرفات ). وأظن الشاعر أراد (الرفات ) : وهي الفتات والحطام . وليس ( الرفاة ) وهي جمع (راف ) : الذي يصلح الثوب ويسد خرقه . و في هذه الصورة يضعنا الشاعر أمام العقاب مباشرة .

    وينتظـر احتفــال البحــر حتى
    إذا القـى ســيســعد بــالفتــات

    وفي هذا البيت استكمال وشرح لفكرة البيت السابق .

    سـيبقى البحر في عينيك حلمـاً
    جميــلا تشــتهيه مـدى الحيــاة


    ويا لها من إرادة انتقام ! يدرك الشاعر أن المرأة ترى البحر جميلاً ، وقد مهّد لذلك بأنها إنما تركت البحر بتأثير الوشاة . ويدرك أنها بعد أن تثوب إلى رشدها ستندم على فعلتها ، وسيبقى البحر في عينيها حلماً تشتهيه مدى الحياة . إذن فما حقيقة شعور امرأة ترا البحر حلما، وستظل تشتهيه مدى حياتها ، سوى أنها تحبه بحق ؟ أم أن الشاعر يتمنى لها هذه اللوعة عقاباً لها وانتقاما منها ؟ ! هذا احتمال . خاصة وأن الشاعر يبشّرها بأن فجرها لن يأتي ، وسيظل فجرها بعيداً عن أمواج البحر التي ستغسل كل فجر بعدها .
    بــه الأمواج تغســل كل فجـر
    وفجــرك مـن بعيــد غيــر آت

    وبعيداً عن معاني العتاب والعقاب والانسحاب التي تجلت جميعها في هذا البيت ، لا بد لنا من وقفة جمالية مع هذه الصورة الشعرية الخلابة المبدعة التي صاغها الشاعر بكلمات بسيطة ، فأمواج البحر تغسل كل فجر: ونحن نتخيل كيف يقترب ضوء الفجر من شاطئ البحر عند مطلع الفجر، فترتفع أمواج البحر إلى الأعلى لترشق وجه الفجر وتغسله، فيزداد وجهه بياضا ًووضاءة شيئاً فشيئاً، مع كل رشقة مياه باتجاهه ، فيما تتناثر الموجة وتتساقط إلى لأسفل برذاذها الذي تناثر عن وجه الفجر . صورة شعرية خلابة للعقول وإبداع فريد ، يزيده الشاعر روعة بذلك المعنى العميق الذي ينفث الحسرة في روع تلك المرأة وهو يخبرها بأن البحر سيغسل كل فجر ، إلا فجرها البعيد الذي لن يأتي أبداً، فهي لن تطل عليه يوما ما ، على الرغم من كونها تراه حلماً وتشتهيه ، ويا له من عقاب !
    فنامي يــا عروس الحلــم حتى
    يفيــض الرمـل بالمـاء الفرات

    وغُطّى واسـبحي ودَعي يقينــا
    يروح مُعمَّـــدا بجنــون ذات


    فنامي يا عروس الحلم ! حلم من ؟ أتكون هذه العروس حلم الشاعر المكابر نفسه ؟ سؤال للشاعر
    فنامي حتى يفيض الرمل بالماء الفرات ، وما يظن الشاعر الرملَ فائضاً بالماء . فنومك طويل بلا أمل . ونومك يعني نسيانك من قبل الشاعر، ربما .



    فمـا زلـتُ اليقين جنـون بحـــرٍ
    بيَ الأمـواج من شـتى اللغـات

    تهيــم بـها النوارس كل فجـــر
    وعنــد الليل تســحرها صفاتي

    ســأحضنها وأمنحها مــلاذا
    ففي صدري النقيّ أرى حياتي

    وفـي عمقي الــلآلئ دون قيــد
    ســأمنحها لمن يرجــو زكـاتي

    ومــا كان الهــوى إلا طريقــا
    يقود خطاي كي (أعطيَ) هبـاتي

    وإمـا ما عـدت للأمواج شــأن
    ســتمنحك الفتات مع الشـتات

    لعله (وإمّـا عـدت للأمواج شــأن)
    ستة أبيات سخّرها الشاعر لفكرة اعتزاز البحر بنفسه ،و أنه سيهب هباته من اللآلئ لمن يستحقها . وأما المرأة فمصيرها الفتات والشتات .
    وينهي الشاعر قصيدته بكل قسوة ، مشيداً بذاته ، وبما في أعماقه من اللآلئ . غير أنه في معرض ذلك يشيد أيضاً بجنون البحر ، ولعل للبحر المزيد من صفات القسوة والعنف ، ولا نقول : القدرة على النبذ أو الغدر نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    قصيدة أمتعتني قراءتها ، وأثارت شفقتي على امرأة ضعيفة يهاجمها البحر بكل عنف .
    تحيتي للإبداع



  3. #23
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة


    السلام عليكم
    قصيدةٌ ذكية في مبناها المعنوي يفيض فيها إبداع الشاعر القدير الأستاذ محمد ذيب سليمان
    في هذه القصيدة ثلاث أفكار محورية، تمثل ثلاثة أوتار فنية ، ينقر عليها الشاعر بأنامله الذكية ، ليبدع معزوفة ثلاثية الأنغام ؛ الفكرة الأولى : العتاب ، والثانية : العِقاب ، والثالثة: الانسحاب ؛

    تركتِ البحرَ من أجـل الوشـاةِ
    ليركب موجـه بعـض الهـواةَ؟

    في صدر البيت الأول عتاب : فالشاعر يعاتب المرأة التي تركت البحر ( وهو البحر ) ، لتأثّرها بأقوال الوشاة ، الذين حملوا لها ما ساء من الأخبار عنه ، فأنصتت إليهم ، واستمعت لهم ، وتركت البحر من أجلهم . والعقاب في عجز البيت : ليس سوى تلويح الشاعر بمن سيركب موج البحر مغامراً وهاوياً ، فهذه بطاقة حمراء يرفعها الشاعر في وجه المرأة التي تركته ، تحذيراً لها بأن امرأة أخرى ستعقبها في اصطحاب موج البحر وهي له هاوية محبة . فانظروا إلى شاعرنا كيف يحاول إثارة الغيرة في نفس المرأة التي تركته ، لتكون غيرتها عقاباً لها على تركه .
    ،
    فهـل أغنــاك رملٌ عن محــارٍ
    بـه المكنـون يزخـر بالهبـات؟

    ثم إذا اعتبرنا تلك المرأة قد تركت البحر لتلقي بنفسها على الشاطئ ، فالشاعر الآن يعود لمعاتبتها على سوء فعلها ؛ فهل أغناها الرمل الذي سيحيط بها على الشاطئ عن المحار الذي يزخر باللؤلؤ ،وهو ما كانت ستحصل عليه من البحر ؟ ...وإنه لعتاب يفضي إلى تأنيب .
    طلبتِ الغــثَّ فــاحتفلي بغثّ
    وخلي البحر يغرق في الصلاة

    الغَثُّ : الرديءُ الفاسدُ من كُلّ شيء ، فأنتِ طلبت السيئ الرخيص ، فاحتفلي به واعتني به ، وأما البحر الذي تركتِه، فخلّيه يغرق في الصلاة . وأتساءل هنا : كيف أدخل الشاعر البحر في الصلاة وأغرقه فيها ؟ وليس ثمة من مقابلة بين ما طلبته المرأة من الغث ، وبين ما خلّته من غرق البحر في الصلاة . ولعل للشاعر في هذه الصورة البلاغية مخرجاً يجيز فيه هذه المقابلة . والمهم أن ننتبه إلى أن شاعرنا يعزف على وتر العقاب والعتاب معاً ، فتركيبه " فاحتفلي بغث" ما هو إلا تقريع للمرأة يبشّرها بالخيبة التي ستجنيها يداها وهي تواجه عاقبة تركها للبحر مقابل الحصول على الغث . تريدين الغثَّ ؟ إذن هاكِ الغث ، فاحتفلي به. والجزاء من جنس العمل .
    فما كانت سوى الأمواج سكرى
    ولمـــا رحــتِ أيقــن بالنجـــاة

    وهنا وتر الانسحاب يعزف عليه الشاعر ، فلمّا كانت المرأة في رفقة البحر كانت أمواجه سكرى بها . ولمّا فارقته وراحت استيقظ البحر من سكرة أمواجه ، واستعاد وعيه الذي يحتاجه لينجو بنفسه . لكن ممَ ينجو ؟ هل ينجو من الغرق مثلاً ؟ وكيف يغرق وهو بحر ؟ وما النجاة التي أيقن بها بعد مفارقة المرأة له ؟ نسأل الشاعر وننتظر جوابه . لكن نعود ونذكِّر بنغمة الانسحاب التي يفيدها المعنى العام لهذا البيت ، فالشاعر راضٍ بمفارقة المرأة له ، لأن مفارقتها جعلته يوقن بالنجاة . والنجاة ترضيه حتما .
    غمـوض البحــر يدركــه لبيب
    ومـن يهــواه يوغــل في أنـــاة

    وهذا عتاب ثمين يتضمن حكمة عميقة مفيدة لتلك المرأة فيما لو اعتنت بها ، ومعناها أن غموض البحر سرّ من أسرار الانجذاب إليه . فاللبيب هو ذلك الذي يصل إلى كنه المعنى ببصيرته ، ومن يحب إدراك ذلك الغموض سيوغل برفق في تلك المعاني التي ستصل به إلى سر الغموض . وهذا يعني أنك أيتها المرأة المفارقة للبحر ؛ لستِ لبيبة . ولستِ أهلاً لإدراك غموض البحر ، إذن فدعي إدراك الغموض لأهله . وهذا عتاب يفضي إلى تأنيب يفضي إلى عقاب .

    ومن طلـب الـلآلئ من رمــال
    سـيقضى عمــره بين الرفــــاة

    من سوء تقدير وسوء تصوّر هذه المرأة ، أنها طلبت اللآلئ من الرمال . فعقابها أن تقضي عمرها بين (الرفات ). وأظن الشاعر أراد (الرفات ) : وهي الفتات والحطام . وليس ( الرفاة ) وهي جمع (راف ) : الذي يصلح الثوب ويسد خرقه . و في هذه الصورة يضعنا الشاعر أمام العقاب مباشرة .

    وينتظـر احتفــال البحــر حتى
    إذا القـى ســيســعد بــالفتــات

    وفي هذا البيت استكمال وشرح لفكرة البيت السابق .

    سـيبقى البحر في عينيك حلمـاً
    جميــلا تشــتهيه مـدى الحيــاة


    ويا لها من إرادة انتقام ! يدرك الشاعر أن المرأة ترى البحر جميلاً ، وقد مهّد لذلك بأنها إنما تركت البحر بتأثير الوشاة . ويدرك أنها بعد أن تثوب إلى رشدها ستندم على فعلتها ، وسيبقى البحر في عينيها حلماً تشتهيه مدى الحياة . إذن فما حقيقة شعور امرأة ترا البحر حلما، وستظل تشتهيه مدى حياتها ، سوى أنها تحبه بحق ؟ أم أن الشاعر يتمنى لها هذه اللوعة عقاباً لها وانتقاما منها ؟ ! هذا احتمال . خاصة وأن الشاعر يبشّرها بأن فجرها لن يأتي ، وسيظل فجرها بعيداً عن أمواج البحر التي ستغسل كل فجر بعدها .
    بــه الأمواج تغســل كل فجـر
    وفجــرك مـن بعيــد غيــر آت

    وبعيداً عن معاني العتاب والعقاب والانسحاب التي تجلت جميعها في هذا البيت ، لا بد لنا من وقفة جمالية مع هذه الصورة الشعرية الخلابة المبدعة التي صاغها الشاعر بكلمات بسيطة ، فأمواج البحر تغسل كل فجر: ونحن نتخيل كيف يقترب ضوء الفجر من شاطئ البحر عند مطلع الفجر، فترتفع أمواج البحر إلى الأعلى لترشق وجه الفجر وتغسله، فيزداد وجهه بياضا ًووضاءة شيئاً فشيئاً، مع كل رشقة مياه باتجاهه ، فيما تتناثر الموجة وتتساقط إلى لأسفل برذاذها الذي تناثر عن وجه الفجر . صورة شعرية خلابة للعقول وإبداع فريد ، يزيده الشاعر روعة بذلك المعنى العميق الذي ينفث الحسرة في روع تلك المرأة وهو يخبرها بأن البحر سيغسل كل فجر ، إلا فجرها البعيد الذي لن يأتي أبداً، فهي لن تطل عليه يوما ما ، على الرغم من كونها تراه حلماً وتشتهيه ، ويا له من عقاب !
    فنامي يــا عروس الحلــم حتى
    يفيــض الرمـل بالمـاء الفرات

    وغُطّى واسـبحي ودَعي يقينــا
    يروح مُعمَّـــدا بجنــون ذات


    فنامي يا عروس الحلم ! حلم من ؟ أتكون هذه العروس حلم الشاعر المكابر نفسه ؟ سؤال للشاعر
    فنامي حتى يفيض الرمل بالماء الفرات ، وما يظن الشاعر الرملَ فائضاً بالماء . فنومك طويل بلا أمل . ونومك يعني نسيانك من قبل الشاعر، ربما .



    فمـا زلـتُ اليقين جنـون بحـــرٍ
    بيَ الأمـواج من شـتى اللغـات

    تهيــم بـها النوارس كل فجـــر
    وعنــد الليل تســحرها صفاتي

    ســأحضنها وأمنحها مــلاذا
    ففي صدري النقيّ أرى حياتي

    وفـي عمقي الــلآلئ دون قيــد
    ســأمنحها لمن يرجــو زكـاتي

    ومــا كان الهــوى إلا طريقــا
    يقود خطاي كي (أعطيَ) هبـاتي

    وإمـا ما عـدت للأمواج شــأن
    ســتمنحك الفتات مع الشـتات

    لعله (وإمّـا عـدت للأمواج شــأن)
    ستة أبيات سخّرها الشاعر لفكرة اعتزاز البحر بنفسه ،و أنه سيهب هباته من اللآلئ لمن يستحقها . وأما المرأة فمصيرها الفتات والشتات .
    وينهي الشاعر قصيدته بكل قسوة ، مشيداً بذاته ، وبما في أعماقه من اللآلئ . غير أنه في معرض ذلك يشيد أيضاً بجنون البحر ، ولعل للبحر المزيد من صفات القسوة والعنف ، ولا نقول : القدرة على النبذ أو الغدر نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    قصيدة أمتعتني قراءتها ، وأثارت شفقتي على امرأة ضعيفة يهاجمها البحر بكل عنف .
    تحيتي للإبداع




    أستسمح الأحبة أن يكون ردي بداية على أختنا الكريمة الرائعة ثناء صالح ..


    وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ايتها الكريمة الفاضلة

    لآ دري والله بم وكيف ابدأ بعد ان تفضلت بهذه القراءة التي أخذتني في كثير من المفاصل الى ابعد مما كنت انظر
    وهذا يدل على سعة صدرك وقريحتك الوثابة وامتداد نظرتك الى ما هو وراء الكلمات
    وأنني والله لمدين لمثل هذه القراءة بما هو اكبر حيث منحتني بها مكانة في نفسي كبيرة
    وانا الذي ما اعترفت بتنفسي شاعرا
    بل مجرد هاو للشعر وقد جعلته متنفسا لصدر حين يفرح وحين يضيق في كل ارتجاهات
    أخيتي الرائعة
    كانت قراءتك الرائعة صائبة جدا وقد دخلت الى داخلي بل واغضت فيها
    حتى وصلت الى ابعد مما استطعت التعبير عنه شعرا وقد اسعدني هذا وفي مواقع اخرى كنت اقدر مني كثيرا
    غي التعبير عن ما في داخلي وحتى استفساراتك فتحت في داخلي ابوابا للدخول الى عمق النص لاجدني احمل ما اشرت
    دون انة انتبه الى ذاتي
    ..

    وخلي البحر يغرق في الصلاة
    وهنا جاء استفسارا منك عن علاقة هذا بالشطر الاول الذي يقول :
    طلبت الغث فاحتفلي بغث
    وهنا جاءت الصلاة في معنى وعقل الشاعر ليست الصلاة المتعارف عليها " عبادة "
    وانما العمل الجميل الذي يريح الروح " اي عمل " اي ان ذهابك وابتعادك سيجعله اقدر على العمل الجميل
    وانت اذهبي الى السئ حسب فهمه للغث
    ثم
    فما كانت سوى الأمواج سكرى
    ولمـــا رحــتِ أيقــن بالنجـــاة
    هنا الامواج جزء أصيل وهو ربما الشوق الذي يحمل - فهي جزء من تكويته
    وكانت بقربك تجعله ربما من سكرته يتفلت او بترك واجبا في حياته ليبقى لصيقا
    وحينما غادرت انتبه لنفسه كما قلت في تحليلك وايقن باه ترك الكثير من اجلك وزلانه
    ابتعد صحا وعاد الى نفسه ناجيا من هفواته التي لازمته بوجودك

    ثم
    ان الكلام كان دائما عن اللآلئ التي تكون عادة في الاصداف الموجودة في عمق البحر
    وحينما تموت الصدفة يقذفها البحر الى رمال الشاطئ فتكون " رفاتا" لصدفةماتت ولا تحمل
    في داخلها الحياة ولا اللؤلؤ
    اذن المقصود بالرفات .. نعم هي ما بداخل الاصداف الميته على الشاطئ


    كثير ود وتقدير سيدتي لقراءتك التي اثرت النص وزادته قيمة الى فيمته ومنحته حياة وتألقا والوانا ناصعة
    شكرا من القلب ايتها الرائعة

  4. #24
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامي الحاج دحمان مشاهدة المشاركة
    شكرا لك يا بحر الواحة على هذه اللوحة الرائعة

    و على هذه النسيمات العليلة التي أثملتنا

    لعلك تعود لهذين الموقعين لتزيل ما وقع فيهما أثناء النسخ

    ســأحصضنها وأمنحها مــلاذا

    وإمـا ما عـدت للأمواج شــأن

    محبتي و تقديري


    شكرا لك ايها الحبيب على الدخول والمداخلة
    والتنبيه ..
    خالص الود والتقدير
    مودتي

  5. #25
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 60
    المواضيع : 4
    الردود : 60
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    وماذا أقول أنا الغريقة في الكلماتِ
    وبحري ليس إلا منشفة أقطرها
    ورملي مجرد حصاة
    رااااائع أنت بما تحمله من مشاعر
    كنت هنا بين الحرف أتجول
    فأتى الغروب وتركت شكري
    وباقات الورود لك وللفاتنة ذات الصفات

  6. #26
    الصورة الرمزية شاهر حيدر الحربي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2015
    المشاركات : 1,685
    المواضيع : 197
    الردود : 1685
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    البحر شاعريتك نجلس على شاطئها مشدوهين بالموجات المتلاحقة وكل ما رأينا موجة قلنا هي الأعظم ولاتلبث أن تأتي أخرى أعظم منها وكذلك أبياتك العفوية كموج البحر دمت بحرا ياصديقي
    فتنةٌ تلبس سحرا أرهقت قلبيَ البكر وطارت فاستوى

  7. #27
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالستارالنعيمي مشاهدة المشاركة
    فمـا زلـتُ اليقين جنـون بحـــرٍ
    بيَ الأمـواج من شـتى اللغـات

    تهيــم بـها النوارس كل فجـــر
    وعنــد الليل تســحرها صفاتي

    ســأحصضنها وأمنحها مــلاذا
    ففي صدري النقيّ أرى حياتي


    الأستاذ محمد ذيب سليمان

    تحيتي لك يا منبع النقاء والصفاء
    ودمت للإبداع عنوانا
    مع التقدير

    مساؤك الفرح
    يزدان متصفحي باطلالتك
    شكرا لك
    مودتي

  8. #28
    الصورة الرمزية إيمان ربيعة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2014
    المشاركات : 527
    المواضيع : 38
    الردود : 527
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    أنت البحر أستاذي أبا الأمين قويّ في حرفك و شاعريّ في إحساسك
    قصيدة بديعة الألفاظ حكيمة..
    دمت متألقا و دام لك عنان الحرف.
    تحياتي و احترامي
    اللهم اشغل قلبي بحبّك..و لساني بذكرك
    و عقلي بالتفكر في خلقك..و بدني في طاعتك

  9. #29
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل العاني مشاهدة المشاركة

    مازلت أتمعن في هذا البحر و ما فيه من أسرار ... فقد أقفلت جميع جهاته بروائع الحكم و الأقوال المأثورة ...

    واخترت هذا البيت لما فيه من حكمة بليغة :

    ومن طلـب الـلآلئ من رمــال
    سـيقضى عمــره بين الرفــــاة

    قول مأثور ... بالرغم من أنه جاء متعلقا بالبحر , لكنه معبرٌ في كل مكان ... بالرغم من أن اللآلئ تنتج من ذرات رمل ,
    لكنها هنا جاءت ترميزا آخر ... كمن يبني قصر أحلامه من رمل الشاطئ , ويبحث في الرمل بحثا عن اللآلئ ظنا منه أنه سيجدها في أحضان الرمل,
    لا في أحضان المحار في أعماق البحار ... وسيبقى يقضي عمره هكذا ... حتى الممات.

    أما هنا :

    وفـي عمقي الــلآلئ دون قيــد
    ســأمنحها لمن يرجــو زكـاتي

    فاللآلئ أخذت معنى آخر ... فهو يعني بها الحب والعطاء والحنان ... وشتان بين لآلئ شاطئ البحر ( الوهمية ) ولآلي القلب المحب.

    أجدت وأحسنت الشعر والمشاعر والحكم.

    بارك الله فيك

    تحياتي وتقديري


    شكرا لك اخي عادل العاني وقد اثريت متصفحي
    بالجميل الجميل من قولك
    بساتين فرح لقلبك الجميل وهذه المداخلة النقية
    مودتي

  10. #30
    الصورة الرمزية مؤيد حجازي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    العمر : 44
    المشاركات : 614
    المواضيع : 68
    الردود : 614
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    وافر بحرك.. زاخر بالدر شعرك

    جميل

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة